مواقف طريفة لا تنسى

مواقف طريفة لا تنسى
دكتور عثمان قدري مكانسي

كنت أشرح للتلاميذ البيت الأول من قصيدة المعري
غير مجد في ملتي واعتقادي ..... نوح باك ولا ترنّم شاد
رفع أحد الطلاب " النشامى " يده يريد أن يبدأ الشرح - فتعجبت منه.. فهو منذ أن عرفته والكرسي سواء لا يتكلم ولا يشارك ، فهو في واد ورفاقه في واد آخر
قلت نغتنم الفرصة ونسمعه لأول مرة ، لعل الله تعالى أنطقه !
قال بلهجته العامية :الدبوية – نسبة إلإلى مدينة دبي -.
" مجدي يبي يغير ملتي واعتقادي !، وانْهُ ما يقدر . لكن " نوح " ما يعرف إني ريّالاً زين ثابت على اعتقادي ، ما بَـدّل أبدْ ، فهو يخاف إني أغير ملتي فيبكي وايد ... لكن شادي يعرف من آني ، فهو مطمئن على ثباتي ويترنم فرحان . "
فقلت له : ما شاء الله ، ذكاء نادر ومعنى لم أنتبه له سنين طويلة ، لك على هذا المعنى النادر خمس درجات ، وصفق التلاميذ له.
وقد فهم تلميذنا النجيب من البيت أن مجدي حاول تغيير ديني ومعتقداتي – وهو لا يقدر على ذلك لثبات الإيمان في قلبي – ولأن نوحاً لا يعرفني ظن أنني قد أتغير فبكى ، أما شادي فقد ضحك من محاولة مجدي اليائسة لأنه يعرف إيماني وصلابة موقفي .
***

في درس البلاغة أفهمت الطلاب أن أركان التشبيه أربعة : هي المشبه والمشبه به وأداة التشبيه ووجه الشبه
وبدأ الطلاب يؤلفون جملاً تدل على استيعاب ما أخذوه .
أحد التلاميذ - وكان عبقرياً يقارب الزمخشري في الذكاء - وليس من عادته المشاركة في الدرس لاستغنائه - بفهمه - عن الدروس رفع يده ، ومد أصبعه ، ومط جسمه حتى كاد يصل إليّ ، وهو يصيح أنا يا أستاذ أنا ..
عجيب أمره يرفع يده ويقوم ويرغب في الإجابة وهو البليد الذي ينام الكرسيُّ عليه - عفواً أقصد أنه نائم على الكرسي ، وقد ينصرف الكرسي إلى بعض الـدورالبعيدة قبل أن يتحرك الطالب من الغرفة .. نعم يا سعيد ، هات يا ولدي مما أفهمك المولى . فقال : أنت كالحمار في الصبر ...نعم جاء بأركان التشبيه الأربعة كلها ...
سكت الصف وهدأوا كأن على رؤوسهم الطير ، وخافوا أن أفعل به الأفاعيل .. لما عرفوا من شدة بأسي وعقابي ..
نظر الطالب حوله لا يدري لم سكت رفاقه وهدأ الصف !، وأنا أنظر إليه فأراه يجلس خائفاً مستغرباً أن يكون أخطأ ، أو أن خطأه كان عظيماً .
إنه لم يقصد ما قال : إنما أراد أن يشارك ، ويشارك فقط ...
ابتسمت أسرّي عنه ، والتفتّ إلى التلاميذ أقول لهم :
دخل الشاعر البدوي "عليُّ بن الجهْم " على الخليفة يمدحه فقال :
أنت كالكلب في حفظك للود ..م .. وكالتيس في قراعك للخطوب
قامت قائمة الحاضرين يسفـّهـونه ، وكادوا يضربونه لولا خوفـُهم من الخليفة الذي بادر قائلاً : دعوه .. دعوه ، فما قال إلا ما تعلمه في بيئته البدوية ، فهل كان يعيش إلا مع الكلاب والماعز والإبل ... ووو؟... والإنسان ابن بيئته . خذوه عاماً يعيش في القصور الفارهة ، وعلموه الحضارة ، فإذا ذاق الحياة الحضرية ، وعاش بين أهل المدينة فسيكون شعره شيئاً آخر ...
بعد سنة وقف هذا الشاعر البدويّ " المتحضّر " بين يدي الخليفة في العاصمة العراقية أم الدنيا في ذلك الوقت حماها الله ، يقول :
عيون المها بين الرصافة فالجسر ...... جلبْنَ الهوى من حيث أدري ولا أدري
ضحك الطلاب ..... ولكن التلميذ لم يدر لمَ كان سكوتهم وتوجسهم أولاً ، ولا سبب ضحكهم ثانياً !..

حقيقة مقالة مميزة وطريفة


ونص تم حبكه بطريقة سلسة ومرنة






شكراً جزيلاً لك

للمدرس مع تلاميذه مواقف ظريفة فعلاً ولعل بعض الإخوة يتحفنا بمثل هذه المواقف
شكراً لمرورك الطيب أخي الفاضل ياسر

السلام عليكم أخي العزيز د عثمان
ما أحلى هذة الطُرف,,جميلة ممتعة مسلية ومضحكة
" مجدي يبي يغير ملتي واعتقادي !، وانْهُ ما يقدر . لكن " نوح " ما يعرف إني ريّالاً زين ثابت على اعتقادي ، ما بَـدّل أبدْ ، فهو يخاف إني أغير ملتي فيبكي وايد ... لكن شادي يعرف من آني ، فهو مطمئن على ثباتي ويترنم فرحان . "
قرات هنا ,,في البداية لم أفهمها ,حتى استدركت الأمر أخي مشكورا وترجمتها ,,فكان أن أغرقت في الضحك
نحن نحتاج فعلا هذة الروايات الصغيرة المسلية
لغتك قوية طيّعة ,,وسردك رائع ,,ننتظر المزيد
ماسة

من هذه القصص يا أخت فاطمة أن بعض صف الضباط في عجمان كانوا يدرسون في مدارس مسائية ، يتعلمون القراءة والكتابة عام 1984 ليتحسن وضعهم في الدولة الفتية إذ ذاك ، وكان أحد المدرسين يراقبهم في أداء الامتحان ولا يسمح لهم بالغش .
وكان بينهم شاب يبدو أنه أكثرهم فهماً ، فهم يحاولون أن يأخذوا منه بعض الأجابات ، لكن المراقب كان لهم بالمرصاد ..
وحين أزف موعد انتهاء زمن الإجابات انتبه صاحبي أن الكثير منهم لم يكتبوا شيئاً فقرر التغاضي عنهم ، وتنحّى جانباً ليسمح لهم بالغش ، فسمع أحدهم يسأل هذا الشاب ( الذكي الأريب ) قائلاً له : اعطني اسم نبي من الأنبياء .... فما كان منه إلا أن همس : قريش ، قريش....
يقول صاحبي لما علمت أن أذكاهم لا يعرف من الأنبياء سوى ( قريش )! تركت لهم المجال ليستفيدوا من إجابات هذا الطالب المجد !! وانشغلت بشرب الشاي ......

مواقف طريفة وماتعة مع النفع من شاعر أديب ناقد حصيف ، جزاك الله خيرا د. مكانسي ..
روى لي أحدهم هذل الموقف الذي حصل معهم في جامعة حلب ، وفي امتحان اللغة الأجنبية ، وكان طلابنا في سورية لايحبذون تعلم لغة المستعمر ! ودفعوا ثمن هذا الإعراض كثيرا ، والموضوع يطول ..
نعود إلى موضوع طالبنا النبيه الذي لم يقرأ مادة اللغة الإنكليزية وجاء وقت الامتحان ودخل الطلاب القاعة وأخذ كل طالب مكانه ، فما كان من طالبنا النبيه هذا إلا أن اتجه نحو الطالب الذي أمامه وقال له : لظروف قاهرة لم أحضر الدرس نهائيا فلا بد من أن أستفيد منك .. ووزعوا أوراق الامتحان ، وبعد فترة قال طالبنا النبيه لصديقه وسع لي المجال لنقل الأجوبة منك ، وكان له ما أراد .. والمفاجأة كانت عندما قال مراقب القاعة ليسلم طلاب اللغة الفرنسية أوراق الأجوبة .. فقام الطالب الذي أمام طالبنا النبيه بتسليم ورقته .. تصورا ماموقف صاحبنا النبيه وقتها !! صرخ في وجه المراقب بجنون قائلا : هذ الطالب كذاب يا أستاذ فلغته إنكليزية وليست فرنسية ..طبعا القائمون على الامتحان قرروا أن يضعوا طلاب اللغة الأجنبية بهذا الترتيب تفاديا للغش..
مع عاطر تحيتي ،

شكراً أخي محمود الغنام على دخولك هذه الصفحة ، وإليك موقفاً آخر :
- وأعود بذاكرتي إلى عام 1980 حين نزلت عمّان عاصمة الأردن بعد حوادث حلب السورية التي شنّع فيها نظام حافظ أسد .. ونزل في بيتي الأخ حسن وأسرته الصغيرة آنذاك ضيفاً عزيزاً ريثما نهيئ له بيتاً يستقل فيه .

قال : أود أن أبدل شهادة قيادة السيارات السورية بأخرى أردنية ، فهل نذهب معاً إلى مؤسسة عمّان الحكومية نفعل ذلك ؟

قلت له: أذهب معك دون أن أبدّل رخصتي ، وكنت أظنّ أننا عائدون إلى بلادنا بعد أسابيع أو أشهر على الأكثر ، ولم أكن أدري أنني سأبتعد عن وطني أكثر من ثلاثة وثلاثين عاماً ، ولعلنا بعد انتصار الثورة المباركة في سورية هذه الأيام – بإذن الله – لو بقي لنا من العمر شيء أن نعود إلى بلادنا الحبيبة .
ولما وصلنا إلى تلك الدائرة ودخل صاحبي يجري فحصاً نظريا يؤهله استبدال رخصة القيادة السورية بأخرى أردنية انتظرت خارج هذه الغرفة ، ثم قلت في نفسي : إن رسم التبديل لا يكلف سوى خنسة دنانير ( وارتفعت الرسوم في هذه الأيام – 2011 للميلاد إلى مئة وخمسين ديناراً ناهيك عن حسن السلوك الذي لا يُنال إلى بالواسطة ، فإجراءات تسهيل الأمور في البلاد العربية للعرب المقيمين فيها واضحة المعالم جداً !) ، وأنا أنتظر فلماذا لا أستغل فرصة وجودي وأفعل ما يفعله صاحبي؟ .. وتبعته إلى مكان الامتحان فإذا بي أدخل غرفة صف كبيرة ، يجلس فيها المتقدمون لنيل شهادة القيادة إلى طاولات وينهمكون في الإجابة ، دخلت ، وسلمني شرطي ورقة الأسئلة ، ولم يمض ربع ساعة حتى أوقف الشرطي الإجابات وأخذ الأوراق ، وبدأ ينادي أصحابها واحداً واحداً ويصوب الإجابة ، فمن نال تسعين درجة نجح ، ومن نال أقل من ذلك اضطر إلى التدرب في أحد مراكز السياقة .. ويبدو أن على أغلب المتقدمين أن يتدربوا ، فللشرطي فائدة مالية ينالها من هذه المراكز وكان دليلي على ذلك ماجرى حين وقفت أمامه يصوّب ورقة إجابتي .
ما إن وقفت أمامه حتى قلت بعفوية : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) وفي هذه اللحظة دخل شرطي فكلمه دقائق وانطلق ، ونظر الشرطي إليّ ومرر يده بسرعة في ورقتي ، وقال معتذراً لتأخيري : نلت ثلاثاً وثمانين درجة ، وسأعطيك ثلاثاً وتسعين و( سلم على عبد الرحيم)
.. ويبدو أن صاحبنا الشرطي سمع ( بسم الله الرحمن الرحيم ) هكذا: ( يسلم عليك عبد الرحيم ) . ونلت رخصة القيادة الأردنية . أما صاحبي حسن فلم ينقل له السلام من عبد الرحيم !! فاضطر أن يدفع عشرة دنانير لأحد مراكز التدريب لينجح في المرة القادمة ...

آنسك الباري دكتورنا المفضال على هذه المواقف ، ذكرتني حكايتك الطريفة بالحديث كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أجذم..
وسلام لك من حسيب الوكيل ، فحسبنا الله ونعم الوكيل .

مع عاطر تحياتي ،

مواقف طريفة

امتعتنا بها أخي

بوركت

موقف طريف آخر قاله أحد العوام من حينا حين سمع حديثاً في صباح يوم جمعة - وكان قد أعجبه حديث الشيخ ...
قال العامي بلهجته المحليّة " هذا من زمان الأواول ، من زمان هارون الرشاد ، لما إخوته زتّوه في الجب ، وإجاه الندا من العلا ، يا نار كوني برداً وسلاماً على عيسى بن أبي طالب" .
فقد خلط عباساً بدباس وشرّق وغرّب حين أراد إظهار فهمه لما سمع " هذا الأمر حصل في قديم الزمان .. من زمن هارون الرشيد حين ألقاه إخوته في الجب فأنقذه الله حين أمر النار أن تكون برداً وسلاماً على عيسى بن أبي طالب!!! " .
وضحك السامعون لمقاله