|
الشَّعبُ إنْ نامَ طال اللَّيلُ بالظُّلَمِ |
لا يطلعُ الصُّبحُ والخُذْلانُ لم يَنَمِ |
ولا يكونُ انتصارٌ دُونَ تَضْحِيَةٍ |
ولا سبيلٌ إلى التّحريرِ دونَ دَمِ |
يا أهلَ مِصرَ رُقِّيتُمْ لِمَنْزِلَةٍ |
غَارتْ بِكُمْ تَحْتَ سَوْطِ الظّالمِ الغَشِمِ |
الحاملِ الحُسْنَ رَغْمَ القُبْحِ في خُلقٍ |
ومَنْ تَبَرَّكَ فوقَ العَرْشِ كالصّنمِ |
الخائنِ الأهلَ شعبًا كانَ ناصرَهُ |
الخادمِ الهُودَ فَخْرًا غيرَ مُحْتَشِمِ |
تَجَمَّعَتْ حولهُ الأدرانُ مَزْبَلَةً |
ما عيفَ مِنْ خُلُقٍ تَلقاهُ في الهَرِمِ |
مَا يَسَّرَ الدَّهْرَ شيئًا غيرَ واحِدَةٍ |
قدْ جادَ يومًا على الهَجَّاءِ بالكَرَمِ |
إذا نَعَتَّ هِجاءً باسمهِ أَحَدًا |
فقدْ رَمَيْتَ بأمْضَى اللَّفظِ في الكَلِمِ |
وقدْ كُفيتَ بِبَيْتٍ دونَ أُلْفِيَةٍ |
بِبابِهِ اصْطَفَّتِ اللآفاتُ في زَحَمِ |
هُوَ الشَّقِيُّ عَصِيٌّ كاذبٌ سَمِجٌ |
هو المنافقُ شرُّ الخلقِ كُلِّهِمِ |
تَرى البهائمَ ترعى حَقَّ جِلْدَتِها |
والحاكمُ الخِبُّ ألْقى الذِّئبَ في الحُرَمِ |
كَمْ مِنْ دماءٍ أُريقَتْ تَحْتَ سَطْوَتِهِ |
كَمْ مِنْ كريمٍ قَضَى الأعوامَ في الظُّلَمِ |
كمْ مِنْ بريءٍ أضاعُوا حَقَّهُ هَدَرًا |
وكمْ وَكَمْ ، كمْ مِنَ الكَمَّاتِ يا قَلَمي |
أبا جَمال هَلَكْتَ الأمْس حينَ كَوَتَ |
يُمناكَ بالغَدْرِ جَارَ الدِّينِ والرَّحِمِ |
جَعْلْتَ غزَّةَ إسْطَبلاً بِمَزْرَعِةٍ |
وأَطْهَرَ الناسِ قُطْعانًا مِنَ الغَنَمِ |
تُقَتِّلُونَ فِراخًا دونَ مَرْحَمَةٍ |
تُحاصرونَهُمُو بالجوعِ والسَّقَمِ |
أما دَرَيْتُم بأنَّ اللهَ مُمْهِلُكُمْ |
ذوقوا خسارًا إذن مِنْ كأسِ مُنتَقمِ |
يا شعب مصر ويا أهْلاً لِمفْخَرِةٍ |
شرفتمونا وتاريخًا مِنَ القِدَمِ |
إنَّ العروبةَ في فَخْرٍ تُقاسِمكُمْ |
طُعمَ التّحرُّرِ من قيدٍ ومِنْ عَجَمِ |
بوركتمو بوركَ الأبطالُ في بلدٍ |
صُنْتُمْ كنانتَهُ مِن أخْبَثِ الوَرَمِ |
أكْرِمْ بِكُمْ مثلاً في كُلِّ تضحيةٍ |
أكرِمْ بثورتكم في الصَّبْرِ والحِكَمِ |
أنتُم وتونُسَ علَّمْتُمْ تَقَهْقُرَنا |
أنَّ القرارَ بأيدي الشعبِ لا الحَكَمِ |
إذا الشعوبُ أرادتْ كانَ ما طلبتْ |
فالظُّلمُ مِن حِطَمٍ والشعبُ كالحِمَمِ |
هيَّا إلى المجدِ لا خوفٌ ولا وَهَنٌ |
رُصُّوا البناءَ حصينًا غيرَ مُنْهَدِمِ |
هذي انْطِلاقَتُنا فامْضوا بها قُدُمًا |
لا تَتْرُكوها فَراغاتٍ بلا تَمَمِ |
فقد مَلَلْنا رقاعًا دونَ تَكْمِلةٍ |
ومِنْ سرورِ ثَوَانٍ نحنُ في سَأَمِ |