أحدث المشاركات

برق الخاطر ... قسم جديد لأعضاء واحة الخير» بقلم د. سمير العمري » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الثعبان الأقرع يداهمني في المنام بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» بعض الحزن موت وبعضه ميلاد.» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» الغاية لا تبرر الوسيلة» بقلم جلال دشيشة » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» أمات العربُ؟» بقلم غلام الله بن صالح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» غار النصر في غزة» بقلم احمد المعطي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» رواية قنابل الثقوب السوداء .. مسلسلة. التالي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» الموشحات الكشكية 1'2'3» بقلم محمد محمد أبو كشك » آخر مشاركة: محمد محمد أبو كشك »»»»» في شارع واحد» بقلم عبدالحليم الطيطي » آخر مشاركة: عبدالحليم الطيطي »»»»» يغمس خبزة بالماء» بقلم عبدالحليم الطيطي » آخر مشاركة: عبدالحليم الطيطي »»»»»

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: سمير العمري: التشكيل بالصوت والصمت

  1. #1
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Mar 2011
    المشاركات : 76
    المواضيع : 13
    الردود : 76
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي سمير العمري: التشكيل بالصوت والصمت

    سمير العمري: التشكيل بالصمت والصوت
    د . رمضان الحضري.

    إِنَاؤُكَ مِنْ قَمْحِ الفَجِيعَةِ قَدْ أَجْفَى وَمَاؤُكَ مِنْ قرْحِ الوَجِيعَةِ قَدْ جَفَّا
    وَوَجْدُكَ مِنْ رِيحِ الذَّرِيعَةِ جَمْرَةٌ وَغَيثُكَ مِنْ رُوحِ الشَّرِيعَةِ قَدْ أَطْفَا


    هذه مقدمة الربيع في قصيدة الشاعر سمير العمري والمعنونة ب "برزخ الحفظ " وتحاول الدراسة استجلاء النص من جهتين :
    الأولى: - التشكيل بالعوامل اللفظية المكونة للصوت في النص الشعري وذلك من خلال تناول النص بنظرية أدبية عربية جديدة هي نظرية العلاقة النصية وتشرف الدراسة بتناول نص شاعرنا العربي الكبير سمير العمري من هذا المنظور التجديدي.
    الثانية: - التشكيل بالصمت وهذا ما تحرص الدراسة على تقديمه كتقنية خاصة بنصوص العمري.

    ويأتي حرص الدارس على تناول نصوص العمري لأسباب عدة أهمها أن العمري صاحب موقف محدد في المجتمع العربي فهناك مناطق مقدسة في حياته وفي أرضه لا تقبل المناقشة ولا المفاوضة ولا المراهنة ، ومن هذا الاتجاه ينطلق أدبه وفنه وخاصة شعره فالعمري لا تخلو قصيدة من الهم الفلسطيني ولا تمر مناسبة دون إبراز هويته العربية وعرضها أمام غير العرب في أسى الصورة القائمة وظلام يخرج فيه يده فلا يكاد يراها ، وانشغاله بالعرب مجتمعا ونصوصا. كل هذا جعله يقف في منطقة التماس بين الفعل والعمل فإذا قال فعليه أن يفعل لأنه يؤمن أن القول لا يصح بدون فعل والفعل لا يصح بدون نية وفكر والنية والفكر لا تصح بدون اتباع لمنهج صحيح وهذا ما جعله يحرص على إسلامه قبل عروبته وعلى عروبته قبل أرضه وعلى أرضه قبل ذاته.

    وقد كان سبقني الأديب المبدع محمد الشحات محمد في تناول هذا النص وهو صاحب فكر مقدم فهو صاحب الجنس الأدبي الجديد القصة الشاعرة وقد رأى في النص رؤى متعددة جميعها هامة وان كانت قد لجأت للنقد القديم في تناول النص وبيان الجماليات فيه ؛ فمثلا أبرز كيف يمكننا عرض الاحتمالات غير المعدودة في تناولنا للعنوان والمفردات والصور جاءت دراسة الشحات للنص محللة القيم المؤكدة لإبداع العمري في خطابه الشعري المتميز.

    وتجيء دراستي لتتبني موقفا مغايرا وليس مخالفا حيث سأحول كشف النص بعرضه على النظرية الأدبية العربية الجديدة حيث الكلمة واللفظ عامل نصي وحيث الجملة متوالية نصية وحيث الإيقاع الموجي ينظم شبكة العلاقات الموسيقية داخل النص الشعري لن أبحث على المعنى لأنه سيصبح درسا للشرح يقترب من اللغة اكثر من النقد ولن أبحث في المبنى لأنه سيصبح درسا فى الصرف والنحو أكثر من النقد سأحاول أن يكون النص أدبيا شعريا فالعمل النصي يأتي محددا بارعة زوايا والحدد بأربعة زوايا لا يقبل التأويل كثيرا لأن العامل سيصبح موجها. واللفظ سهم صائب يخرج من بين زواياه الأربعة ليبلغ هدفا معينا ويمكن الرجوع لرباعية الكلمة في الدراسة المنشورة حول القصة الشاعرة في هذا الملتقى فحينما يعنون العمري نصه ببرزخ الحفظ فالبرزخ منطقة فاصلة بين ماض ومستقبل فالكلمة محددة هنا زمنيا كما أنها محددة حدثيا بين أفعال سابقة وأفعال منتظرة ومحددة مكانيا بمواقع الحدث أما ما يمكن ان نتفهمه من هذه المحدودية فهو طلب الانتقال من الحالة الواقعية الراهنة والآنية الى الحالة الممكنة والمطلوبة فالشاعر يقول إننا في منطقة مكانية ولحظة زمنية وفعل حدثي وأرى ان نخرج من الزمان والمكان والحدث وطلبه تغيير الزمان والمكان والحدث إنما هو طلب المستقبل الصحيح أما كلمة الحفظ فهو يقصد بها عدم التهاوي لأكثر من ذلك أو التهافت في مقاصد مغرضة ومفاهيم مشوشة.

    من هذا الفهم يأتي نصه متناولا عوامل نصية تحرص على التعالق بينها بشكل كمن يلحم الحديد فالبيت الأول يشير الى الأزمنة الثلاثة زمن كان رغدا والقمح علامة وزمن البرزخ وقد أجفى الاناء وزمن ينتظره وهو المستقبل المأمول والعلاقة بين العوامل النصية فالأساس قمح والماء والغيث علاقة تلازم وعلاقة الماء والقمح علاقة سببية وعلاقة القمح والماء بالوجد علاقات نتيجة ، وعلاقة الماء والقمح والوجد بالشريعة علاقات هدف إذ إن نزول الغيث بالماء على الأرض يخرج خيرها من القمح وغيره فيحدث الشبع والري ، فيطمئن الوجدان ، فيعبد الناس ربهم مطمئنين ، فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف. فالخوف والجوع يثيران الحفيظة والشبع والأمن يريحان الوجدان ويمنح الله عباده الطعام والأمان لكي يعبدوه سبحانه وتعالى ولله المثل الأعلى وله الثناء الحسن والشكر الجميل. ويستخدم العمري فهمه للشريعة وللدين الاسلامي العظيم .. ليؤصل للمتواليات في النص الشعري فيستخدم ضمائر الخطاب ولفتنا إلى ضمائر الغياب وهو المتكلم فيحتمل النص ثلاثة أزمنة للضمائر كما تحمل ثلاثة أزمنة للحدث وللمكان وهذا ما يجعلني أرى أنه يعي ما يقول ويقول ما يعي إشارة الشاعر للقمح هي من قبيل الإشارة للأساس في العيش الماء والقمح وإشارته للوجد والعبادة هي إشارة للوعي بأن العبادة دون اتصال بالله تصبح عادة لا عبادة وأن العبادة لابد أن تشتمل على منتهى الذل ومنتهى المحبة ولكنها تكون لله فقط لا لغيره أبدا. وقد جاء البيت الثالث لينادي ربما يجد سامعا وهو يرى أن الناس في ظلمة فالساري هو من يسير ليلا والسرى السير ليلا ومنها قول مولانا جل في علاه سبحان الذي أسرى بعبده ليلا والاستدلال بالآية هنا إنما هو استدلال فلسطيني بحت فالعبادة بين المسجد الحرام في مكة والساري تجاه المسجد الأقصى في فلسطين يجعلك ترى أن العمري مهندس للعوامل اللفظية في نصه الشعري.

    وحينما استخدم الشاعر بحر الطويل فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن تتك تك - تتك تك تك - تتك تك - تتك تتك في كل شطرة يمكنك أن تشعر بطبيعة الإيقاع الإصراري المتحجر الثائر الذي يحمل الجبال وينازعها البقاء وعند نطقك للعلامات الإيقاعية دون المفردات يمكنك الإحساس بكم الألم والضيق والإصرار على الاستمرار في التوجه مهما كانت المضايقات.
    وتأتي المتواليات النصية في البيتين السابقين كعلامة فارقة في كتابة الشعر العربي بتشكيل جديد من خلال استخدام الأقمشة السابقة ويتضح الصوت في التشكيل كما يتضح الصمت أكثر وسوف أتناول في اللقاء القادم المتواليات والصمت في التشكيل إن شاء الله تعالى.

  2. #2
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Mar 2011
    المشاركات : 76
    المواضيع : 13
    الردود : 76
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي سمير العمري : المتواليات .. وتشكيل الصمت...د.رمضان الحضري

    سمير العمري : المتواليات النصية وتشكيل الصمت.
    د. رمضان الحضري

    عَجِبتُ مِن الأَيَّامِ مَا انْفَكَّ دَأْبُهَا يَدُورُ عَلَى ذَاتِ الوَتِيرَةِ لا يَغْفَى
    أَفِي اليَومِ مَا فِي الأَمْسِ وَالأَمْسِ فِي غَدٍ وَمَا عَرِفَتْ إِلا الغَيَاهِبَ وَالعَصْفَا
    تَدُورُ بِذَاتِ الكَأْسِ مَا بَينَ نَاقِمٍ وَبَينَ ظُنُونٍ قَدْ شَقَقْنَ لَنَا جَوْفَا
    كَأَنَّ العُلا لَمَّا تَسَاقَى مُدَامَتِي سَقَى أَلْفَ نَفْسٍ مِنْ تَمَيُّزِهَا زَعْفَا


    لم أشأ أن أرد على حبيبي المبدع وشاعرنا الكبير محمد الشحات في تعليقه على ما كتبته عن العامل النصي عند سمير العمري في الدراسة السابقة لأن دراستي هذه سوف ترد عليه لأنه غالبا لا يرضى برد الود الا أن يكون علما خالصا حيث تفقدنا المجاملات كثيرا من حميمية العلوم والآداب هذا بالإضافة الى ان محمد الشحات - كمبدع - هو من عرفني بشاعرية الشاعر العربي الكبير سمير العمري ولا غضاضة في ذلك عندي فمساحة المعروض في الاعلام ممن يدعون الشعر تجعل مثلي يعرض أحيانا من شدة الألم عن سماع ما يسمى شعرا وهو ليس بشعر.
    وقد وصل الأمر الى ان البعض ممن يدعون الشعر يلفقون كلمات وأوزان لغيرهم كما هو الحال في بعض المنتديات التي كنت أكتب فيها ولما وصلني الخبر وتيقنت منه أعرضت عنهم ولما قرأ لي المبدع محمد الشحات بعضا من شعر المبدع سمير العمري قلت له:
    - لمَ تنتفض قنوات الأدب والثقافة والتي تملأ عالمنا العربي الكبير وتسهر ليل نهار مبرزة الغث قدر استطاعتها وتاركة الأدب الحقيقي - كذلك - قدر استطاعتها؟؟
    - لمن يكذبون ولا تنفض لمن يكتبون كتابة حقيقية تؤرخ للواقع العربي الراهن؟؟؟

    إنني أشكر للشحات تعريفي بشاعرنا المكرم سمير العمري ، وقد فتح الباب لي أمام تناول نص شعري حقيقي من أدبنا العربي الحديث وعرضه علي نظريتي الجديدة في النقد الأدبي وهي نظرية العلاقة النصية ويأتي العامل النصي فيها بديلا عن الكلمة فالكلمة مسمى لمنطوق خارج النص الأدبي أما حينما تصبح الكلمة لبنة في تشكيل النص فلابد أن تأخذ مسمى آخر وهو ما اصطلحته بالعامل النصي وهذا يمكننا من التفريق بين وضع الكلمة في المعجم اللغوي وبين الكلمة في النص الأدبي فكلمة المعجم لغوية وكلمة النص عامل نصي أظن أن الأمر يتجلى شيئا فشيئا ولأن الجملة اللغوية استنتجت من درس النحو فكان لابد من التفريق بين الجملة العربية كدرس نحوي والجملة كتكوين نصي ويحتاج الامر الى بسط رقيق لننتقل من التنظير للتطبيق ولنأخذ الجملة من شذور الذهب والجملة من النص الشعري لشاعرنا العمري.

    الجملة الأولى : المرأتان كلتاهما قائمة والمرأتان كلتاهما قائمتان فكلمة المرأتان مبتدأ ولكنها في الجملة الأولى مبتدأ أول وكلتاهما مبتدأ ثان وقائمة خبر للمبتدأ الثاني وجملة كلتاهما قائمة خبر للمبتدأ الأول المرأتان أما المرأتان في الجملة الثانية مبتدأ وكلتاهما توكيد وقائمتان خبر للمرأتين هذا من ناحية الإعراب أما من ناحية الجماليات فلن أجد ومن ناحية الايقاع كذلك فهذه جملة لغوية يقصد بها درس النحو ولا يمكنني أن أجعل الجملة النحوية مثل الجملة النصية وفي نفس الوقت لا تعجز لغتنا عن إيجاد مسميات جديدة ولذا فقد اصطلحت لها اسم المتوالية النصية وهذا الاصطلاح يقدم لنا العلاقة بين الجمل وبعضها في نسقها الموجودة فيه داخل النص وبعبارة أخرى المتوالية النصية تتراكب مع سابقتها ولاحقتها تراكبا لا يصلح معه التبديل في الأماكن وجاء اختيار متوالية باعتبارها وسطا بين متواليتين وهذا ما يجعل النقد يرى النص والشاعر قبل لحظة الكتابة من خلال الجملة الأولى فالشاعر لا يبدأ - أبدا - من فراغ فكري أو من بداية الكلمة في النص بل إنه يبدأ قبل المتوالية الأولى بمتواليات عدة أو متوالية واحدة وهذا يجعل الجملة الأولى متوالية لجملة غير منطوقة وهذا ما يسمى الصمت الأول.

    وحينما يقول سمير العمري:
    إناؤك من قمح الفجيعة قد أجفى **** وماؤك من قرح الوجيعة قد جفا
    فهذه ليست الجملة الأولى أعني المتوالية الأولى في النص الشعري فقد سبقها أكثر من متوالية استفهامية ؛ ماذا حدث ؟؟ وما تقول فيما حدث ؟؟ صور لنا الواقعة كيف ترى وضعنا الراهن ؟؟
    ويجيء النص للرد في شبه كمال اتصال ، فيأتي النص الشعري كإجابة من المبدع للمتلقي .وحينما نفرق بين الجملة في النحو والمتوالية في النص سيتضح ان المقصود بالجملة النحوية شرح المعنى وبيان مواقع الكلمات وهي تقدم لهذا الغرض وتخلو الجملة من الجماليات غالبا.

    أما المتوالية في النص فهي تبين العلاقات بين العوامل النصية الممثلة في الكلمة من الجهة النحوية والعلاقات بين المتوالات المتراكبة ولن يكون التناول هنا نحويا بالمرة بل سيصبح بحثا في العلاقات بين العوامل من جهة وبين المتواليات في المرحلة التالية لذلك.
    والمتواليات النصية في نص سمير العمري جاءت متراكبة على النظام العربي القديم وهذا يبرر لنا أن العمري يحاول - جادا - التأصيل للوجود العربي ويعني خوف الشاعر علي فقدان العرب لهويتهم العربية والاسلامية مما يجعله يغوص في سلفية التشكيل إن صح أخذ المصطلح الديني.
    فحينما يقول العمري:
    عجبت من الأيام ما انفك دأبها **** يدور على ذات الوتيرة لا يغفى
    فإن المتوالية النصية هنا تتراكب من مجموعة العوامل الأتية : عجب وهي مفردة نحوية تدل على فعل مضى تاء الفاعل ضمير للتكلم يفترض وجود مخاطب مستمع أو قارئ حتى لو كان المخاطب هو الذات من حرف يتضح معناه في المتوالية ولا يقدم معنى في نفسه. الأيام هنا اسم بعد الحرف نحويا وهو الفاعل للعجب في ذات الشاعر على الرغم أنه مجرور بالحرف وما انفك فعل ناقص ينقصه الحدث ولا يتم معناه بدون خبر عنه دأبها اسم لما انفك متصل بضمير يتعلق بالأيام يدور مضارع يكون جملة نحوية ولا يكون متوالية نصية والجملة النحوية يدور تقع خبرا لما انفك وكلمة على حرف لا معنى له بذاته بينما كعامل في النص يقدم سيطرة النظام القائم المرفوض على الواقع والشاعر.

    ويشرح تداخل الذات في الموضوع وواقعية الآني وسيطرته ورفض الذات له ذات الوتيرة متهم متسع التفصيل سبق تقديم الشاعر له بندرة الماء والقمح ومرض الوجدان ويأتي تفصيل لذات الوتيرة بعد ذلك. ولذا فان العامل ذات الوتيرة يصلح لكي يكون عنوانا للنص مثل برزخ الحفظ وان كانت بزخ الحفظ أقوى واكثر دلالة.
    وجملة لا يغفى جملة حالية لذات الوتيرة وللعجب من الأيام أظن يتضح الآن الفرق بين التناول النحوي ونظرية العلاقة في النص ؛ فجملة المرأتان كلتاهما قائمة أو قائمتان جملة نحوية ، وعجبت من الأيام ما انفك دأبها يدور على ذات الوتيرة لا يغفى متوالية نصية تسبقها المتوالية "وكل إناء من هوى النفس ناضح فصب من الأبريق أعذبه رشفا" وتلحقها المتوالية " أفي اليوم ما في الأمس والأمس في غد وما عرفت الا الغياهب والعصفا" فالمتوالية التي تبدأ بـ عجبت وتنتهي بـ لا يغفى تتصل بما بعدها أكثر من اتصالها بما قبلها ويرجع السبب في ذلك إلى حرص الشاعر على الاستقبال لا العودة إلى الماضي وهذا نوع جديد من الفهم لماهية النص الشعري فحينما يسيطر الماضي على النص تجد الترابط بين المتواليات ترابطا استرجاعيا ، وحينما يكون المستقبل مسيطرا على الشاعر - كما هو الحال عند شاعرنا العربي سمير العمري - وهنا يكون الترابط النصي ترابطا استباقيا يعنى مستقبليا وهذا لا يكون في القصة الشاعرة على وجه التحديد ولكنه في الأجناس الأدبية الأخرى كالشعر العمودي والرواية والنص المسرحي وغيرها أما القصة الشاعرة فإن العوامل والمتواليات يصبح لها تناولا خاصا سبق بيانه في تناولنا لها.

    وهكذا تأتي المتوالية النصية عند العمري في هذا النص متوالية استباقية مستقبلية تدفع النص للأمام لتجعل المتواليات متراكبة على الزمن المستقبل وهذا يتضح في المتوالية التالية التي تبدأ بـ "أفي اليوم" وتنتهي بـ "والعصفا" فاليوم مستقبل للأمس ولكن الشاعر يبدأ باليوم وهو حاضر البرزخ ويذكر بعد ذلك غد وهو مستقبل للأمس واليوم فالإشارة إلى جميع الأزمنة هي إشارة دفع للمستقبل وحينما يذكر اليوم وغد يذكرهما على التحديد والتعريف بمعنى أن كلمة الأمس والغد من الكلمات النحوية التي اذا عرفت نكرت واذا نكرت عرفت فكلمة الأمس تعني كل الزمن قبل اليوم أما أمس فتعني اليوم السابق لهذا اليوم وكذا كلمة غد تعني اليوم التالي مباشرة أما الغد فتعني جميع الأيام التالية وهذا يبين سر التراكب في المتوالية من خلال تداخل العوامل في إبراز نسق المتوالية النصية وتصبح هذه النقطة أساسا في تناولنا للشعر العمودي لتتضح لنا أن رؤية الشاعر لنصه أحادية صائدة صائبة فيأتي التنويع العاملي أو ما يسمى بالتنويع اللفظي لتحديد جهة النص وجهة النص هنا المستقبل وهذا ما يجعلنا نتناول النصوص الشعرية من خلال البحث في الجهة فذلك سيوضح لنا إلى أي اتجاه يريد الشاعر أن نسير معه او ما الاتجاه الذي يحدده لنا أو لنصه وكذلك سيبرز لنا موقع النص في الزمن وموقع المتلقي في التناول وسوف يبقى لنا إبراز كيفية تناول النص من الناحية الجمالية وهذا ما ترفضه النظرية الأدبية الجديدة نظرية العلاقة النصية لأنها ترى أن تناول النص جماليا يعنى تناول أجزاء وترك الأخرى وإنارة مناطق وإظلام أخرى وتحديد عوامل أو متواليات وحذف المتروك.

    إن الحالة التي يكتب الشاعر فيها نصه هي حالة من الإيقاع المختلف عن الإيقاع اليومي للحياة الطبيعية وبالتالي فلابد أن يكون التناول لجماليات النص من خلال ما أسميناه بالإيقاع الموجي أو الإيقاع النصي لنتمكن من إبراز عدد النغمات والتشكيلات الجمالية والنصية والانتظام وعدمه في النص الأدبي وهذا ما سوف نتناوله في اللقاء القادم ان شاء الله تعالى وقدر.

    د. رمضان الحضري

المواضيع المتشابهه

  1. سمير العمري :التشكيل بالصوت والصمت ... د. رمضان الحضري.
    بواسطة د. رمضان الحضري في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 15-04-2011, 09:09 AM
  2. لا عدمناكَ يا سميرُ سميرا ! إبتهاجاً بعودة الدكتور سمير العُمري
    بواسطة ماجد الغامدي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 14-07-2010, 01:26 AM
  3. [ اْلبَوْحُ يُعْجِزُنِيْ وَاْلصَّمْتُ يَكْوِيْنِيْ ~~
    بواسطة زياد بن خالد الناهض في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 02-01-2008, 02:32 AM
  4. ..أنا والصمت..
    بواسطة بنت الموسوي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 30-11-2003, 07:35 PM