|
يا شِعْرُ بلّغ للجميع مقالي |
وأذع عليهم محنة (الصومالِ) |
قوم جياع بالفيافي أقفرت |
ما بين صخر جامد ورمالِ |
وصراخ أطفال بصوت خافت |
من فرط وهن مطبق بنكالِ |
وجلود أجسام تشكَّل سمتها |
كخريطة إنسية الأميالِ |
وشخوص أشباح لخلقٍ أصبحوا |
في قبضة جهرية الأغلالِ |
بعراء عوز مفجع آلامه |
نادت بجوف في المجاعة خالِ |
حل الهلاك فلا مغيث بنكبة |
نكبتهمُ بفظاعة الأهوالِ |
شح الغذاء وإن صدقت فلا غذا |
لهمُ ولا ماءٌ بجوف قلالِ |
جفت مراعيهم فمات قطيعهم |
بين الدروب توشحت بكلالِ |
والروضة الغناء أضحت مرتعا |
للدود ينهش من مضى لزوالِ |
والطير ولَّى من مراتع بلدة |
صار خرابات بلا إظلالِ |
ما عاد يهوى بالغناء مرابعا |
كانت بروض مثمر وظلالِ |
والحرب بثت بالضعاف سعيرها |
ما بين فقر مدقع وقتالِ |
فكأنهم أسرى بقيد خصومهم |
شدوهمُ في هولهم بحبالِ ! |
ما بين سندان المجاعة حوصروا |
بمطارق شتى من الأعطالِ |
حتى تهاوى صرحهم في لجة |
أودت بهم بمساوئ الأحوالِ |
نهبت معايشهم معاول هدمهم |
لكيان (صومال) هوى بمهالِ |
وتفرقت أركان دولتهم عوت |
فيها ذئاب الحزن والبلبالِ |
وتخاصم الأهل الذين تسلحوا |
بالعجز والتخريب والإهمالِ |
يا ويح من غرسوا الحراب .. حقولهم |
غلَّت حروبا في نماء خبالِ ! |
تلك المآسي أقبلت بأوارها |
بلظى سعير حارق الأرتالِ |
بئس التناحر للزعامة ويحكم |
عودوا لرشدكمُ بغير جدالِ |
وكفاكمُ الجوع المميت لشعبكم |
نشبت أظافره بقلب عيالِ |
وتمكنت من جسم شعب صابر |
بالكدح يحيا في حمى الأطلالِ |
كانت لديكم بالرخاء حضارةٌ |
بادت وولت في بعيد منالِ |
والآن مأساة الهلاك تجذرت |
فيكم كهم راسخ كجبالِ |
ما عدت أقدر أن أنام وأنتمٌ |
بالجوع جال بأبشع التجوالِ |
هل يهنئ العيش اللذيذ وأخوة |
في الدين في هول ببؤس مآل ؟! |
هل يأكل الإنسان حلوى عيده |
وهمُ بــ(صومال) بغير غلالِ ؟! |
هل يضحك الضاحي بملأ لهاته |
والدمع يملأ أعين الأطفالِ ؟! |
ماتوا بصومال المجاعة جهرة |
ولهم أنين صارخ بسؤالِ |
أين الكرام المسلمون وغوثهم |
أين الأيادي أقبلت بالمالِ ؟! |
أين الغذاءُ مع الدواء وأين ما |
جبلوا عليه برحمة ووصالِ ؟! |
أين المنابر بالخطابة ذكرت |
قومي بحق واجب الإرسالِ ؟! |
أين الذين لهم ثراء بالغنى |
ولهم رصيد ذاخر الأموالِ ؟! |
أين القوافل بالإغاثة أنقذت |
من كان حيا في رؤوس جبالِ ؟! |
أو بالسهول تحجرت ذراتها |
بعد الجفاف بوفرة الأسمالِ |
بالله قوموا محسنين إليهمُ |
مدوا إليهم عونكم في الحالِ |
كونوا الأطبة بالحنانة طببوا |
لهمُ الجراح بأحسن استقبالِ |
كونوا طهاة مطعمين بطونهم |
فـ(الجوع كافر) يا أولي الأعمالِ ! |
يا من جعلتم بالحياة قصوركم |
أبهى الزخارف في أتم نوال |
يا من حسبتم للسبائك وزنها |
تبرا تكاثر بينكم بحلالِ |
يا من ضربتم في التكافل للورى |
بالبذل أجمل أسوة ومثالِ |
يا من أغثتم بالإغاثة مسلما |
يهفو إليكم يا أحن رجالِ ! |
هيا إليهم مسرعين فإنهم |
أضحوا بناب الجوع كالغربالِ |
بئس الضجيع ضجيعهم في بؤسهم |
فقر الجياع بأثقل الأثقالِ |
وتنوعت فيهم شدائد كربة |
تسري بداء في العظام عضالِ |
هل تتركوهم للفناء ؟! وإن يكن |
سيكون عارا في نهى الأجيالِ |
ومراحل التاريخ تشهد أننا |
أهل التكافل معشر الأبطالِ |
لأخوة الإسلام حق ملزم |
بزكاتكم للمعسر الميَّالِ |
للمحسن الزاكي الهصور المعتني |
نضر السماحة ذي الندى المفضالِ |
يا شعر حرَّك في القلوب عناية |
بهم بنص صادق الأقوالِ |
وأذع لكل الناس نبض قصيدة |
لامية بـ(الكامل) المنوالِ |
فلعل قومي باستماعٍ منصت |
لحروف شعر دامع الموالِ |
ولعلنا جمعا نهب بنجدة |
لهم بعزم مسرع متوالِ |
وجزاكمُ الله المهيمن فضله |
يا من بذلتم واسع الأفضالِ |
صلى الإله على النبي المصطفى |
طه (محمد) (أحمدٍ) والآلِ |
والصحب والأزواج ما هبت صبا |
بعطاء ربي الواحد المتعالِ ! |