أميرُ الشّعرِ


(هدية متواضعة خجولة للدكتور سمير حاولتُ جاهدا أن ترقى لقدره
ولكن لازمني العجز وباتَ التأخّرُ يؤرّقني وفي القلب الكثير فكان لزاما أن أضعها كما هي بتواضعها وصغرِ حجمها)

-------------------------

أميرُ الّشّعرِ قدْ فقْتَ اعتقادي
بكسبِكَ للمحبـّةِ والودادِ
منَ الخلاّنِ إذْ أهدوكَ حبـّـًا
كما الأنهارِ يعظمُ باضطرادِ
ولوْ نطقتْ لقالتها وربـّـي
على الأشهادِ ألسنةُ الجّمادِ
بأنـّـكَ يا جميلَ الوجهِ قيسٌ
بحبـّـكَ للحروفِ وللمدادِ
تحطُّ على القصائدِ مثلَ نحلٍ
وتنثرُ شهدَها في كلِّ وادي
همُ الخلاّنُ هبـّـوا في وفاءٍ
وما انتظروا نداءَكَ كيْ تنادي
وهذا ما حرثتَ بكلِّ أرضٍ
وقدْ حانتْ سويعاتُ الحصادِ
لأنَّ الخيرَ والمعروفَ ديـْنٌ
وطوقٌ حولَ أعناقِ العبادِ
بدأتَ بهِ فكانَ الردُّ أوْلى
وكانوا في التّسابقِ كالجّوادِ
وها همْ في السّدادِ وأنتَ تأبى
فلمْ تفعلْ لتحصيلِ السّدادِ
سميرُ الحبِّ يا عـُـمَرَيّ إنـّي
أطيرُ إليكَ يسبقني فؤادي
أمدُّ يدًا وأتبعها بأخرى
ولاءً باليقينِ وبالرشادِ
وقلبي اليومَ منحازٌ ويعدو
وتتبعهُ إليكَ خطى حيادي
لأنّكَ نجمةٌ في الودِّ تسري
ونوركَ في سماءِ اللطفِ بادي
رقيقُ الطـّبعِ لمْ تغللْ بيومٍ
ولمْ تبخلْ بصادٍ أوْ بضادِ
وأكثرتَ الوفاءَ فكنتَ نهرًا
وزدتَ به فسارَ إلى النـّـجادِ
وأسبغتَ العطاءَ الحلوَ حتّى
نمَتْ فيهِ الأناملُ والأيادي
وسُقتَ الشّعرَ غيمًا فوقَ ترْبٍ
رويتَ بهِ الأحبّةَ والأعادي
وأعجبُ أنَّ غيركَ جفَّ غيثًـا
وغيثكَ في ازديادٍ وازديادِ
فحرفكَ يانعٌ والبوحُ سحرٌ
وصوتكَ صادحٌ مَـلأ البوادي
وسهلـُـكَ مغدِقٌ والأفقُ صافٍ
وبرّكَ مونِقٌ والبحرُ هادي
وشِرْبُكَ سائغٌ والماءُ عذبٌ
وغصنُكَ أخضرٌ والعودُ نادي
كأنـّكَ ثالثُ العُمرينِ حِلمًا
وصبرًا في مسيركِ للمرادِ
أميرَ الشّعرِ ليسَ يضيرُ عتمٌ
تَغـَـنّـيَ بلبلٍ في الجوِّ شادي
وإنّ البدرَ تظهرهُ سماءٌ
إذا اشتدّتْ بها سحبُ السّوادِ
ويكفي يوسفُ المظلومُ ذكرى
بما نعتوهُ لجًا في العنادِ
فكانَ اللهُ في التّدبيرِ أقوى
فأورثهُ مفاتيحَ البلادِ
وقدْ أصحرتَ عذرًا واعتذارًا
فما هدأتْ شراراتُ الوِقادِ
كذا الأهواءُ والفتنُ احتراقٌ
يُسعّرُ نارَها فيحُ الفسادِ
لحاها الله أطماعًا أتتنا
تراءتْ في حبالٍ منْ مسادِ
فلا بأسٌ عليكَ وأنتَ ليثٌ
زئيركَ غالبٌ صوتَ التّمادي
وإنْ دُقّتْ طبولُ الحربِ جيشٌ
يـَـملُّ عدوُّهُ ثوبَ الحدادِ
وإنّكَ فارسٌ مسلولُ حرفٍ
وغيرُكَ سيفُهُ سيفُ الزُّبادِ
(أليسَ الحزمُ يأتي حينَ يأتي
على قدرِ الرّجالِ بلا اقتصادِ)
(ومثلُ الرّيحِ تضربُ ذا شموخٍ
ويأمنُ ضربها أهلُ الرُّقادِ)
أقولُ الحقَّ لستُ لهُ كتومًا
ولستُ بمنْ يضلـّـلُني انقيادي
سميرُ الحبِّ مصداقٌ صدوقٌ
صديقٌ بالنّوازلِ والشّدادِ
وليسَ لدارهِ البيضاءِ بابٌ
وبينَ النـّاسِ مرفوعُ العمادِ
وللضيفانِ طولَ اليومِ عينٌ
وأخرى في الليالي كالوِسادِ
حماهُ اللهُ منْ حسدٍ ومكرٍ
ومنْ وعثاءِ كبواتِ الجّيادِ
وأصلحَ بالَهُ ورعاهُ حتّى
ينالَ بعونهِ كلَّ المرادِ
لعلَّ النارَ تخمدُ في ثراها
وتمسي تحتَ أقدامِ الرّمادِ


..
بقلم : مهندس رفعت زيتون
15 \ 7 \2010
القدس