|
ألا هل علمتمْ بالذي قد جرى لِيَا |
وهل وصفوا في حالة البعد حاليا |
وهل أشعلت ذكرى القتيلين غُصَّةً |
تحرك بالعهد القديم المآقيا |
سألتكمُ بالله هل جاء قاصدا |
رسولي بأخباري وقد صرتُ نائيا |
حنيني إلى لقياكمُ صار حرفتي |
وشوقي إلى رؤياكمُ زاد ما بيا |
أدواي جراحي بالسهاد فهل تَرَوْ |
نَ حزنا براني في الحشاشة جاثيا |
أهب إذا ماالليل أدلى بدلوه |
أمارس في لحدي طقوسا بواليا |
أذود عن الآهات في وجه عاذلي |
وأحمي بِصَمْتِ الليل قيلي وقاليا |
وألقي تعاويذي على الليل كلما |
أطل عليه الفجر بالنور ماحيا |
وأستقبل الضيف الذي لا يروق لي |
فيأتي بإخفاقي يصوغ المراثيا |
ليخفي من الأفراح ماليس ظاهرا |
ويبدي من الأحزان ماكان خافيا |
ويستعبد الروح التي طال أسرها |
ويسفع بالكرب العظيمِ النواصيا |
فترقص مأساتي على لحن علتي |
إذا مارأت سهدي بعيني لاهيا |
يجالد أحلامي لتشهد إن سرت |
نزاعا عتيقا بين جفني باقيا |
فتلقى على أعتاب ليلي حتوفها |
وتقسم أجفاني بألا تلاقيا |
لأنسى بقايا فرحة ماعرفتها |
وأذكر مأساتي وما كنت ناسيا |
وأصحو لألقى الهم مازال ماثلا |
أمامي بآلامي وما كنت غافيا |
أشقُّ لها ثوب الأنين لعلها |
ترى دنفا في ذلك القلب ثاويا |
وتعتق روحي إن كفتها مذلتي |
وتفرج عن صب قضى العمر شاكيا |
ولكنها تأبى طقوسي وتدعي |
بأني لها أصبحت مذ صرت فانيا |
ألم يكفِ أَنَّ الليلَ إن صنتُ سِرَّهُ |
يبوح بأسراري ويرتدُّ واشيا |
يجوسُ خلالَ الدارِ تحدوهُ ريبة |
وشكٌ فهل أمسى عن الحب ناهيا؟ |
ويوحي إلى الأشباح ألا تفارقي |
له دوحة حتى وإن بات واهيا |
فآثرت أن أُبْقِي قَتِيْلَيَّ في الدجى |
على أن يراني حاطب الليل عاريا |
لحى الله ليلاً لا يجير متيما |
ولا يستحي أن يُقْبِلَ الفجرُ ناعيا |
ولا يستر العورات عن عين لائم |
ولا ينفع المضنى إذا بات داعيا |
أنا عاشق مالي سوى الحب قُرْبَة |
ودمع على خَديَّ ولهانَ ساحيا |
ونظرة معشوق إِلَيَّ إذا رنا |
بخير يعود الزهر في الروض زاهيا |
وإن أعرضت فالويل للنفس حينها |
إذا جاءها حادي المنية ساعيا |
ومن ذا يجيب العبد في الليل إنْ دعا |
سوى عين رب لا ينام اللياليا |
وما ضرني أني عشقت وإنما |
أرتني صروف الدهر فيه الدواهيا |
وضيما من الدنيا ومن بعض أهلها |
يدكُ إذا حل الجبال الرواسيا |
فهذا على درب الشماتة مقبلٌ |
يدق بكف العذل واللوم بابيا |
ليروي بإسناد الجهالة حالتي |
وينكر عمدا ما عَلَيَّ وما ليا |
وتلك عجوز قد محا الدهر حسنها |
فجاءت تُمَنِّيْ النفس فيَّ الأمانيا |
إذا المرء لم ينظر بعين حقيقة |
تنير له الآفاق وافاك لاغيا |
يحض على إطعام من ليس يشتكي |
طوىً وعلى المحتاج يشتد قاسيا |
ومن لم يذق من كف مولاه قطرة |
تقيه هجير النفس أبقته عاصيا |
ومن ينكر الشمس المنيرة عامدا |
يكن قلبه كالليل أسود داجيا |
ومن هام كالأنعام يحيا حياتها |
ومن ضل لن يلقى على الدرب هاديا |
رويت حديث العشق فيكم وقد سرت |
إلى روضكمْ روحي بما كنت راويا |
تلاها فؤادٌ لا محالة هالكٌ |
إذا عادَ منْ نبعِ الأحبة خاليا |
فإن يكن استشرى بيَ الداء سادتي |
وكان أنِ استعصى فأنتم دوائيا |
تقادم عهدي واعتلى الشيب هامتي |
وحالُ الذي يهواكمُ مثلما هيا |
فجودوا بما لا أستحق فأنتمُ |
لذلك أهلٌ إن قبلتم رجائيا |
فأنتم أولوا أمري وحرزي وموئلي |
وفي قربكم أغدو من الوهم ناجيا |
أيمم وجهي حيث كنتم وشطركم |
أوَلـِّيْ بأشعار المديح القوافيا |
عسى اللهُ إنْ عَنِّيْ رَضِيْتُمْ وَكُنْتُمُ |
شفيعا لمن يهواكمُ كان راضيا |