أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: تأملات في كتاب العبودية

  1. #1
    عضو مخالف
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    المشاركات : 38
    المواضيع : 14
    الردود : 38
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي تأملات في كتاب العبودية

    لعل من نافلة القول أن أعرف بمؤلف الكتاب : بشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ؛ فهو أشهر من أن يعرف به رحمه الله , وبين يدي الموضوع لي أن أشير إلى بعض ما تميز به رحمه الله فشيخ الإسلام عالم جليل نافح عن عقيدة السلف الصالح وجاهد لإحياء السنة وإماتة البدعة تصدى للرد على أهل الزيغ والضلال من المبتدعة على شتى مشاربهم ومعتقداتهم , فكان علما في تأصيل العقيدة الصحيحة , خط لأتباعه منهجا مؤصلا في تقييم الآراء وتصويبها أخذا وردا ؛ وذلك وفق معاير ثابتة وأسس مستقرة من الكتاب والسنة, فكان رحمه الله أمة اقتفى أثره كل المجددين المتمسكين بهدي السلف من بعده ,
    وسأقف هنا وقفة يسيرة استشف بها معان عظيمة , وفوائد جمة على أحد مؤلفاته القيمة الشاملة التي نفع الله بها جما غفيرا من أهل الإسلام وهو كتاب العبودية ؛ إذ يعد هذا المؤلف الموجز المختصر من المؤلفات القيمة جدا في تحرير حقيقة العبودية , ولا تعجب أخي القارى فالكثير ممن يدعون الولاية والمحبة تاهوا في هذه المعاني والإرادات ؛ أرادوا الوصول.. ولما ؛ فضلوا وأضلوا .
    ويتلخص الهدف من هذا المؤلف في بيان حقيقة العبودية من المنظور الشرعي على جهة التأصيل والتنظير المنهجي ؛ حيث يعرف شيخ الإسلام العبادة , مبينا حقيقتها السنية في ضوء الكتاب والسنة , ومن هذا المنطلق يتدرج بالقارئ خطا متتالية مسددة ليصل به إلى أن العبد الحقيقي الذي ارتقى سلم العبودية الموصل إلى ولاية الله تعالى ورضوانه ؛ هو من التزم مراضي الرب الشرعية وتقلب في محابه وموافقة أمره تعالى ؛ ففاز بذلك بدرجات الفضل , فحقيقة القرب منه تعالى إنما تتحقق للعبد عند بلوغه أعلى درجات الذل والتنسك لله تعالى , {أقرب ما يكون العبد لله وهو ساجد}.
    وهنا يفرق رحمه الله بين العبودية القدرية والعبودية الشرعية , فالأولى ثابتة في حق كل ما سوى الله تعالى , سواء أقر بها العبد أم لم يقر , إذ الرب واحد وكل ما سواه فهو مربوب مقهور له تعالى لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه , وهو بهذا يؤكد على أن النجاة لا تكون إلا بتحقيق الثانية لأنها هي المرادة من إرسال الرسل وإنزال الكتب فهي حقيقة توحيد الله تعالى بإفراده جل شأنه بالإرادة والقصد .
    وشيخ الإسلام رحمه الله في هذا المؤلف النافع يصحح المفاهيم ويجلو الغايات في ضوء ما ورد في الكتاب العظيم والسنة المطهرة , كل ذلك حتى يصل إلى ما ابتدأه من التأكيد على حقيقة العبودية الشرعية ؛ فيؤكد من أجل ذلك على حقيقة الفرق بين العبد والرب , وأنه كلما ازداد العبد علما بهذا الفرق كلما تحقق منه الالتزام المنبغي بواجبات العبودية الشرعية التي أنيط بها الفوز والثواب بالدرجات العلى والنعيم المقيم , وهذا الأصل مبني على أساس مهم ؛ وهو أن التصور السليم أساس الصدق في الاعتقاد , بمعنى أن صحة المقدمات برهان على سلامة النتيجة .
    فمعرفة الله تعالى معرفة صحيحة؛ تحفظ اعتقاد العبد من درن الالتفات إلى غيره تعالى , فتبقي على الثوابت التي على أساسها تتحقق العبودية المرادة في الشرع المطهر .
    يتضح هذا المعنى إذا علم أن حقيقة الانحراف الحاصل في العبادة إنما كان بسبب الضلال في معرفة الرب تعالى , لذا كان الأصل المعتمد في تصحيح المفاهيم حول العبودية الشرعية هو الكشف عن هذه الحقيقة الفطرية ودفع الأوهام الباطلة التي تعلقت بها مع انطماس البصيرة الإيمانية وسط الأهواء المضللة والأفكار الملحدة , وهذا ما نجده كثيرا في القرآن الكريم , قال تعالى في أعظم آية :{الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم }فقد أبطلت هذه الآية كل المفاهيم التي على أساسها تم الانحراف في العبادة والتوجه , فأثبتت جميع صفات الكمال لله تعالى : فالعلم الشامل والقدرة التامة والإحاطة والقيومية والشفاعة ما هي إلا لله تعالى , فأين هي مزاعم المشركين في آلهتهم التي عبدوها واعتقدوا فيها القربة والشفاعة , فخرجوا عن العبودية الشرعية إلى متاهات الكفر والإشراك بالله تعالى .
    ويأتي شيخ الإسلام رحمه الله إلى أوهام الصوفية في علاقة العبد بربه والخلط الذي ضلل الأفهام وأطبق عليها من اعتقاد الحلول والفناء مفندا إياها وفق هذا الأصل العظيم ؛ فالله تعالى رب واحد متصف بكل صفات العظمة والكبرباء , لا مثيل له في ذاته ولا صفاته {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}
    ومع هذا فهو رحمه الله يؤكد على أن معرفة الله تعالى المعرفة الصحيحة المرادة هي التي يترتب عليها تعظيم الباري وتوحيده بالإرادة والقصد , فهذا هو العلم الذي ينفع صاحبه , أما ما خلا ذلك فهي دعاوى تفتقر إلى برهان , فليس لأحد أن يحتج بأفعال الربوبية على صحة العبودية , لأن الأمر موقوف على موافقة الشرع والمراد المحبوب , وقد أتم المولى النعمة بثبوت الحجة وإرسال الرسل {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}.

  2. #2
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    الدولة : (بيتنا بطحاء مكه)
    المشاركات : 1,808
    المواضيع : 128
    الردود : 1808
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله



    الأخت الفاضلة قلم أثابك الله على هذا الجهد القيم خير الثواب

    ورحم الله الأمام أبن تيمية وجزاه الله عن الأمة خير الجزاء


    رعاك الله وسدد خطاكِ

المواضيع المتشابهه

  1. تأملات صوتية في كتاب الله .
    بواسطة أ د خديجة إيكر في المنتدى عُلُومٌ وَمَبَاحِثُ لُغَوِيَّةٌ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 26-01-2014, 04:30 PM
  2. توحيد الربوبية و توحيد العبودية .
    بواسطة أ د خديجة إيكر في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 09-08-2012, 02:38 AM
  3. العبودية طريق السيادة
    بواسطة د. عمر جلال الدين هزاع في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 21-02-2007, 02:05 AM
  4. معنى العبودية
    بواسطة اسكندرية في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 01-12-2004, 11:34 PM
  5. حظ الجوارح والحواس من العبودية لله ...!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 26-01-2003, 08:33 PM