سحب الأسى
** إلى ثماري التي خشيت أن يسقطها ذبولي عنوة فتصبح يتيمة كأوراق الخريف تذروها الرياح العاتية , والى ساقيتي التي مافتئت تروينا بسر البقاء متناسية أني كالأشجار إن دهمني اليقين بقيت واقفا أبديا لأجل عينيها , والى روافد الروح الواهنة المستمدين ألقهم من فيئي الوارف بأنفاسهم الوفية.
سُحُبُ الأَسَىَ فِيْ يَقظَتِيْ وَمَنَامِيْ
عَزَفَتْ بِأَوْتَارِ الْجَوَىَ أسْقَامِي
وَدَنَتْ مِنَ الصَّبِّ العَلِيلِ وَرُوحُهُ
فِيْ لُجَّةِ الأَحْزَانِ وَالآَلاَمِ
وَفُؤَادُهُ مَابَينَ نُهْدَةِ عَاشِقٍ
يَشْكُوْ وَبَيْنَ سَعِيْرِهِ المُتَنَامِي
وَاللَّيلُ مِنْ زِقِّ السُهَادِ يَصُبُّ فِيْ
عَيْنَيْهِ نَخْبَ اليَأْسِ وَالإِحْجَامِ
وَبَقِيَّةُ الجَسَدِ الَّذِي يَجريْ بِهِ
فُلْكٌ يَخُوْضُ اللَّيْلَ كَالأَعْلاَمِ
يَجْرِيْ وَأشْرِعَةُُ النَّجَاةِ تَمَزَّقَتْ
بِمَخَالِبِ الأَصْحَابِ وَالأَرْحَامِ
يَقتَاتُ مِنْ ذِكْرَىَ بِرَائِحَةِ الهَوَىَ
عَبَقاً تُنَادِمُ صَبْوَتِيْ وَهَيَامِي
لِتَقُدَّ أَضْلاَعَ المُتَيَّمِ عُنْوَةً
وَتُريْقَ فِيْهِ مَرَارَةَ الأَيَّامِ
تَلْهُوْ بأنْفَاسِ الحَنِينِ وَمَا بَقَىَ
مِنْ عَاشِقٍ فِيْ رَوْضَةِ الأَحْلاَمِ
إِنْ جَدَّدَتْ شَفَتَاهُ بَسمَةَ مُدْنَفٍ
ذَبُلَتْ تُجَدِّدُ حُزْنَهُ المُتَرَامِي
وَإذَا غَدَا حَرَضاً وَشَمسُ غُرُوبِهِ
تَبْكِيهِ وَهْيَ تَلُوْحُ لَلأَيْتَامِ
جَاءَتْهُ بِالبُشْرَىَ لِيَحْيَا مُعْدَماً
بَيْنَ الشَّقََاءِ وَسَطْوَةِ الأَوْهَامِ
نَسَخَتْ عُهُوْدَ الوَصْلِ عَمْداً فَاسْتَوَىَ
قَلْبِيْ لِيَنْقُضَ فِيْ الْهَوَىَ أَحْكَامِي
يَا رَوْضَةَ الأَشْوَاكِ أَيْنَ رَبِيْعُ مَنْ
وَخَزَتْهُ فِيْكِ شَرِيْعَةُ الإِبْهَامِ
فَسَقَاكِ مِنْ دَمِهِ فَأقسَمَ جُرْحَُهُ
بِالْغُصْنِ بِالأَوْرَاقِ بِالأَكْمَامِ
بنَزِيفِ أزْهَارٍ تَمُوْتُ بِخِدْرِهَا
مَحْرُوْمَةً مِنْ قُبْلَةِ الأَنْسَامِ
بِشِتَائِهِ الدَّمَوِيِّ بالصَّيْفِ الَّذِيْ
جَفَّتْ بِبَاطِنِ كَفِّهِ أَقلاَمِي
وَبِلَحْنِ أُغْنِيَةٍ يَفِيْضُ بِهَا الأَسَىَ
بِالْعُوْدِ بالأَوْتَارِ بالأَنَغََامِ
ألاَّ يَعُوْدَ إِلَيْكِ مِنْ أَطْلاَلِهِ
إِلاَّ حُطَاماً فَانْعَمِيْ بِحُطَامِي
وَاسْتَعْصِمِيْ بِالرِّيْحِ مِنْ مَوْتَاكِ أَوْ
فَاسْتَقْسِمِيْ إِنْ شِئْتِ بِالأَزْلاَمِ
وَإذَا هَمَا غَيْثُ الهُمُوْمِ وَعَانَقَتْ
كَمَداً سُهُولَكِ حَسْرَةُ الآَكَامِ
فَحَذَارِ مِنْ ثَارَاتِ أفْئِدَةٍ طَوَتْ
جَمْراً تَوَّقَّّدَ فِيْكِ بِالأَعْوَامِ
وَحَذَارِ مِنْ صَمْتِ الأزقََّّّةِ إِنْ جَثَتْ
جُدْرَانُهَا تُصْغِيْ إلَىَ الأَقْدَامِ
وَاللَّيْلُ يَحْتَضِنُ الْخُطَىَ كَيْ لاَ تَرَىَ
أَحْجَارُهَا عَرْشَ السَّرَابِ الدَّامِي
وَرَمَتْ تَمَائِمَُكِ الْقَدِيْمَةُ نَفْسَهَا
كَيْ لاَ ُتُوَارِيْ سَوْءَةَ الأَصْنَامِ
فَهُنَاكَ يَسْقُطُ مَنْ تَوَسَّدَ ذَاتَهُ
تَذْرُوْهُ عَاصِفَةٌ مِنَ الآَثَامَ
يَا رَوْضَةَ الأَشْوَاكِ تَاهَ عَبيرُنَا
مِنَّا فَأخْفَقَ سَادُنُ الإلْهَامِ
وَقَضَتْ بِأَرْوِقَةِ المَتَاهَةِ نَحْبَهَا
عَيْنٌ تُعَاقِرُ نَظْرَةَ اللَّوَّامِ
إِنْ مَسَّهَا بِالنَّومِ طَيْفٌ أَعْرَضَتْ
وَنَأَتْ بِجَانِبِهَا عَنِ الأَحْلاَمِ
وَإِذَا غَزَاهَا السُّهْدُ فَاضَتْ وَاشْتَكَتْ
وَدَعَتْ ثُبُوْرَ الدَّمْعِ وَالأَسْقَامِ
فَاسْتَكْمِلِيْ دَرْبَ الشَّهَادَةِ وَارْحَلِيْ
وَدَعِيْ الْغُيُوْبَ لِحِكْمَةِ العَلاَّمِ
شعر/ نجيب الموادم (الباهووت)
5/يناير/2012