** أوْرَاقُ امْــرأَةٍ ،،، تَـحْـتَـرِق **

*** مَقاماتْ / مَـقـامٌ آتْ ، و مَـقـامٌ مـاتْ ***

	أُفَتِّشُ في قُصاصاتِ تَاريخِ البَشَرِ عنْ صدى صَرْخَةِ توجُّعٍ ، يُضاهي صَدى تلك التي تُزَلْزِلُ فيّ أرْكاني ، و تَجْعَلُ كلِّي يئِنُّ و يَموجُ و يَتَلَفَّتُ في اتِّجاهات الأَعْيُنِ أسْألها : هلْ تَسْمَعُونَ ذاك الصَّدى الذي أسْمَع ؟؟ هَلْ يقعُ في تَصَدُّعات أرْواحِكُمْ ، مِثلي ؟؟ كل احْتِمالات كَسْرِ الصَّوتِ قدْ غُيِّبَتْ منْ عُروقي ، فهُوَ أقْوى منْ أنْ تَتَجاهلَهُ الأسْماع ، و أعْمَقُ منْ أنْ يكونَ حدثًا عابِرا. ذلك الفجر المُخَضَّبُ بالدِّماء ، كيْف يَمُرُّ بِرَجْفَتِهِ المُصَلُّون ؟؟ و يَعودونَ و قدْ تَنَفَّسَ الصُّبح فيهِ بُكاءً و أَنينا ورَحيلا !! ثُــمَّ يَؤُمُّونَ مضاجِعَهم ؟؟!! فَلْيَنْزِلْ عليهم سَخَطُ الكَوابيس ، يُمَزّقُ فيها أحْلامَهُمْ ، و يَشْنُقُ نَشَازَ مَقَامَاتِهِمْ ، و يُمَحّصَ بِها صلاتَهُم .؟؟ " فلا نامَتْ أَعْيُنُ الجُبَناء "

*** الــمِــرآة ***

	قَصَدَتْ حَكيمَ القَرْيَةِ تَسْأَلُهُ وَصْفَةٌ تُخَلِّصُها مِنْ شيْطانٍ يَقولونَ أنَّهُ يَسْكُنُها ، قالَ لها الحكيم : - أوَّلُ خُطْوَة هيَ رُؤْيَتُه . سأَلَتْهُ : - و كيفَ أراهُ وَ هُوَ لا يُرى .؟؟!! ردَّ عليها و هو يُشيرُ إلى مِرآةٍ كَبيرَةٍ مُعَلَّقَة على الجِدار : - سَـتَـرَيْـنَـهُ إذا نَظَرْتِ هُناك .

*** لكَ وحْدَك ***

	إلى أبْعَدِ مدًى أعْذُرُكْ ، و في مَرافِئ الذَّاتِ ترْسو بَسَماتُكَ لي ، و السُّحبُ في عَيْن السَّماء من كل وجْدٍ تَمْطِرُكْ . عُدْ فإنَّ مواعيدنا تُناديكَ و تَرْسُم طيفكَ على مَواجيدِ المَساء ، وعلى قارِعةِ الحَكايا تكتبُ البَلابل نشِيدَ الالتِياعِ ، فأذكُرُكْ . كل المَسافاتِ التي في القَلْبِ تفاقَمَتْ إلا الطَّريق إليْك كل العُروق في تَجاويفِ الكيان تشُدّني ، تَسْحَبُني ، و مِنْ يَدي تَمْتَدُّ لكْ . اُنظر إلى البَدْرِ الحزين على صَفْحةِ وجهِهِ الذي شَهِدَ مدامِع الوداعَ ، كَتَبْتَ لي : تَشْتاقُني و أنا كَتَبْتُ : أشْتاقُ لكْ .

كتبتها في ردود متتالية في " موضوع وخزات محب غاضب" للأستاذ مكي النزال ،
و ارتأيت جمعها و نقلها إلى هنا .

*** لا تـسـألـنـي ***

	سلِ الأطيارَ عنّي ، كَمْ شَدَوْتُ باسمِكَ أعْمارا ، و اسْأل الصَّباح كمْ كتَبْتُ على وَجْنَتَيْهِ رسائِل اشْتياقي ، و اسْألِ القَمَر ، مازال يحْفظُ دَواوينَ التياعي لا تَسْألْني أنا. فالكلمات في قاموسي ماعادَتْ تَعْرِفُ سوى مُشْتقاتِ الغَضَب و ما عُدْتُ أمْلِكُ أنْ أخْتَرِعَ لكَ أعذارا ، تَعِبْتُ منْ تواتُرِ جِدالِكَ و انفِصامِكَ و انْتِحالِكَ و اخْتِفائِك و ... و .... و ..... لا تسألني أنا فماهِيَةُ الأشْياءِ عِنْدَكَ مُسْتَحيلَة و أَرْصِفَةُ النَّوى تُتْقِنُ مَدَّها ، و حمائِمُ مرْسَمِنا ، تُحِبّها ، حَزينَة هاهِيَ أصْواتُ تَحْناني تُراقِبُ قَسْوَةَ سَطْوتِكـ ، اسِأَلْها كَمْ كانتْ تَرْتَجِفُ و تَعْبُرُ داخلي و تُمَزِّعُه ، لا تسألني أنا أتُراكَ تقْتاتُ على حُطامِ الأَماني ، حينَ تسْقُطُ في وِجْداني ، تَكْسِرُ فيه كلَّ بارِقَةِ ابْتِسام ؟؟ أمْ أنَّكَ تَرى بِصَوْلَتِك التي يَشِعُّ منْها بَهْرَج الغُرور و زُخْرُف التَّعالي ، فَيَبْدو لَكَ الكلُّ يَسْبَحُ في فَلَكِكَ صاغِرا ، لِتَسْحَقَهُ بِقُوَّة الزَّيْف .؟؟ وتَسْأَلُني عَنْ سِرِّ هجْرَةِ الطيورِ و نَضْبِ العُيون و قَفْرِ الكُتُب !!!! لا تَسْأَلْني أَنا فقَدْ دَمَّرْتَ فيّ جذورَ الكَلام ، و جعَلْتَ مَرافِئ الذّاتِ موحِشَة . أَتَسْأَُل أطْلالَ انْثِيالي و لَمْ يَبْقَ مِنْها إلَّا رُكام ؟؟ أتَسْأَلُني وَ لَمْ أعُدْ في مُحيطاتِ جَبَروتِك سوى خَيالَ إِنْسان ؟؟ لا تَسْأَلْني أَنا أيُّها العابِثُ بمساءاتي التّي غَربَتْ في اتّجاه اللاّ شيْء ، لَقَدْ بَدَّدْتَ في عِباراتي كلَّ الكلمات ، و لمْ يعُدْ عندي غير سُؤال : لِماذا أَنا ؟؟

*** مواسم الياسمين ***

	سافرتُ إلى المُدُنِ البَعيدة لأبْحَثَ عَنْك في دُروبِ صَمْتِها وَ غُرْبَتِها ، وَرأَيْتُ منْ نَخْلاتِ رُوحِك ظِلالَها ، وَسَمِعْتُ مِنْ جِنانِ بَوْحِكَ أَصْداءَها . أيْنَ أنتَ أيُّها الكوكبيُُّ الكلماتِ ، قَمَرِيّ الهَوى ؟؟ أيْنَْ أنْتَ يا منْ تَكْتُبُ في سمائي بِلُغَةِ الورودِ قَصيدَةً تَأْسِرُني ، تَسْكُنُني ، تَغْمُرُني .. كلّي اشْتِياقٌ لِرُؤْياك ، و كُلي حَنينٌ للُقْياك ، فَمَتى تَزورني الأطْيافُ تُبَشِّرُني بمَواسِم الياسَمين ؟؟

*** احتراق شمعة ***

	في سُكونِ فَجْرِكَ اليَقِظِ لمَحْتُ بَريقَ الأسى يَشِعُّ مِنْ عَيْنيكَ ، و يَهْمي دَمْعا صامِتا على وَرَقِكَ الذي أَعْدَدْتَهُ لِتَخُطَّ عليه الهَدايا ، وتَرسُمَ في بياضِهِ أحْلامَ الصِّبا ، أدْرَكْتُ وقتَها أنَني لا يَجْدُرُ بي الاقْتِرابُ مِنْ حُزْنِكَ أكْثَر ... رأيتكَ و الهُمومُ تُراوِدُ حُشاشَةَ نَفْسِكَ عَنْ صَبْرِهِا ، فأَطْرَقْتُ أَرْقُبُ مِنْ بَعيدٍ حَيْرَتَك ، وَ أُنْصِتُ لأَزيزِ وجْدانِك . كَوْكَبٌ أنْتَ ، و غَيْماتُ نَداكَ لَها مَساراتٌ من نورٍ ، تَعْشَقُها تُرْبَةٌ أتْعَبَها الجَدْبُ، فَكُنْتَ لها الغَيْث. تَأَمَّلْتُكَ وَأنْتَ تُغالبُ زَفرَةً تَجيشُ فيكَ ، ألقَاها بصَدْركَ وابلُ النُّكران و الجُحود ، و مَضَيْتَ تَكْتُبُ منْ بثِّ نَفْسِكَ مَواثيق آمَنتَ بِها، و رَسَمْتَ من نزيف الرّوحِ جَنَّةً ، يَأوي إليْها المُتَعَطِّشُونَ إلى رَقْراقِ الحُلْمِ البَعيد ، فَتَبْسُطُ لَهمْ في الأفْقِ أيادِيكَ ، بيْضاءَ للسّائِلِين . في مُدُنِكَ الحالِمَةِ بالحُبِّ و العِطْرِ و الهَمَسَات ، ها أنْتَ مِنْ نَبْعِ القَوافي وَنهَرِ الحُروفِ تَعالجُ بماءِ الودّ ما رَسَبَ في قَعْرِ النُّفوسِ مِنْ كَدَر ، وَ تَشْهَدُ ابْتِسامَ الكَوْن، وقَلْبُكَ الحَزين يُخْفِي عَبْرَةً كَتَمْتَها عَنِ العالَمين . سَابِلٌ قَطْرُ عَطائِك ، و قَدَرُ السّحابِ أنْ يُشَتِّتَ شَمْلُهُ لِيُخْرِجَ نَبْتَةً تَتعَهّدُها فُيوضِ انْهِمارِهِ ، حَتى تَغْدو ذاتَ أَفْنانٍ تَخْتَالُ زَهْوا وفَخْرا . وَطَنٌ أنْتَ وَسِرٌّ من أَسْرارِ الوُجُود، لا يُدْرِكُ كُنْهَكَ إلا سابحٌ في عَوالِمِك ، تَشْهَدُ صبَاحَاتُكَ اليَتيمَةُ مِيلادَ آلافَ الأفْكار ، وتَحْيا بِسُقْيا فَهْمِكَ ملايين الأزهار ، وحِينَ تُرَفْرِفُ أَطْيارُ التَّجَلي في حَضْرَتِك ، تَلْمَعُ من مُقْلَتَيْكَ ابْتِسامَةٌ حانيَة تَمْسَحُ عَن روحِكَ آثارَ غُصّة نَفَثَها طَعّان . لا تَكْتَرِثْ بِالصَّدِّ فَهُوَ آخرُ جُهْدِ الحاسِد، و اصْرِفْ نظركَ إلى عُيونِ المُحِبّين، تَجِد فيها مَغْنَما ، و تَكشِفُ للمُشْتاقِ أسْرارَ العارفين ... لَهَبُ احْتِراقِكَ جَذْوَةٌ ، مِنْها سَتسْطعُ شَمْسٌ بَلْ شُموسٌ مِنْ يَقين . .

** ورد وأشياء أخرى **

	ما أكْذَبَكَ أيُّها الوَرْد !!، تُظْهِرُ لها الرِّقَةَ و تُغْريها بالعِطْر ، وَما إِنْ تَمْتَدّ إِلَيْكَ أَجْنِحَتُها حَتَّى تَنْقَضَّ عليْها تَسْلُبُها رَحِيق روحِها . كاذبٌ أنتَ حينَ تَـنْـشُرُ في رَعْشَتِها أرائِجَ الآمالِِ مَعْسولَة ، فَتَتَغَلْغَلُ في مَسامِّها ، حتى تُصْبٍحَ و مَلامِحُها مُهَددةٌ بالمَحْوِ في غَياهِبِ شَرَكِك . ما أفْقَرَكَ وأَنْتَ تَحْسَبُ الجَنْيَ رَديفاً يُلوّنُ ظِلّك !! وما أقْبَحَ ما تَصْبُغُ بِهِ أوْراقَك ، وَما أَمْكَرَ مَلْمَسَك !! أظَنَنْتَ أَنَّكَ بَالِغٌ أَمْرَكَ ، وأنَّكَ سَوْفَ تَسْحَتُ بِجَبَروتِكَ كِبْرياءَها ؟؟ يا أَنْتَ ، في هَذهِ الدُّنيا ، لا تُحاوِل مُراوَغَةَ فراشَةٍ تَرى بِنُورِ مَنْ سَوّاها .

** السّـجـيـنـة **

	رأيتَ طيفا على صفحات يومك يَخطّ بحروفك النور رسائل للقمر ، فَعَرَفتني .. وشاهدتَ تعلّقي بخيوط شمسك، وبطيور الوصل المسافرة إلى مداراتك ، وسمعتَ ما في سكنات النرجس من همس ، وفي حقولها ، لمحتني .. وعلمت ما بالنوارس من لواعج ، وقرأت في عين الصباح لهفة للسير في قوافل ملّت سجن السطور، عرفتَ أنّ المنتهى إليك ، فأغلقت الكتاب .. يا وجعي ، قتلتَني ..

*** إلى أبعد مدى ***

	نامي على رموشي يا معذّبتي ، واذرفيني على وجنتيك ندى آفل الآهات ، وكوني في أغنيات ليلي لحنا يبارك ألمي والسهر، وظل خوف في سواد العين ، وازرعي فيه ما شئت من بذور الفجيعة. أيكفيك هذا يا معذبتي لترحلي عني ، إلى قدر ؟؟

*** حزن الغيمات ***

	حزني عليك كحزن غيماتٍ رحلت بُعيد الهطل ، خاوية ،إلى مدن الحرائق ، تَعصر دمعها وتغوي جذوة النّار كي تطفئها ، لا النار انفطأت ولا الغيمات عادت إلى الوطن .