في رحلة طويلة تقودها قافلة ليس لها مثيل في التاريخ
سأقف برهة من الوقت ؛ أحاول أن أوقفها معي كي نتأمل معا المسير والمصير
ولكن هيهات هيهات فإن القافلة تسير لا تأبه لمن يريد الوقوف فروادها
وعشاق مقاعدها كثر , فمع تفاوت الأعمار والأقدار والآجال والأرزاق إلا أنهم لا يرغبون في مغادرتها سوى عدد يسير ملوا ركوبها أو تاقوا للوصول
فالقافلة تزود الركاب بأنواع المتع والملاذ التي تمكنهم من البقاء فيها مدة ركوبهم إنها تزهو بالألوان والألحان والأوطان والوديان والخلان والركبان .
إنها تريح الركاب من عناء التزود لها فهي مؤهلة بكافة مقومات الدعة والهناء , إلا أنها تعلن بين الفينة والأخرى أنها لا توفر المتاع والزاد لمن وصل , فهي ترهبهم من الطمأنينة لمتاعها المعرض للفناء وترغبهم في الانشغال لجمع الزاد الحقيقي الذي ينفعهم عند الوصول إلى نهاية البداية
وتؤكد ذلك بأنها لا تقف إلا عند المحطة الأخيرة حيث لا ظل ولا مأوى إلا لمن قدم لها بالزاد والعتاد والاستعداد ولم تشغله متع القافلة وزادها عن ذلك التأهب والاهتمام .....
وتستمر المحاولة ولكن القافلة لا تأبه لتلك الأمنية الضئيلة بالرغم من كونها لا تساوي شيئا أمام الزمن الذي تسير فيه القافلة....
وبالرغم من ذلك التحدي فإني سأقف يسيرا مع هذه القافلة !!!!
نعم سأقف لأتفكر في وقفة تقف فيها هذه القافلة التي لا تأبه لركوب أحد أو نزوله فهي ملأى ملأى بأنفاس البشر , وأجسادهم المتزاحمة ...
نعم ستأتي لحظة تقف فيها هذه القافلة وتؤذن الركاب بالوصول , وبالوقف المؤبد ........
القافلة نفذ منها الوقود وانتهت منها الحياة...
فلم تعد قادرة على المواصلة إنها تعلن حالة الموت والفناء
كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام
هذه هي نهاية قافلة الحياة تلك التي تقل عمر الإنسان
نعم عمره الفاني بأنفاسه المعدودة وحركاته المحدودة
فللتعبر أيها اللبيب ولتحمل نفسك على ما ينفعها .
إياك أن تغتر بتلك الألحان
وتترك كلام الرحمن
فإن فيه الزاد والامتنان
وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ..........
حذار حذار أن تخنع لغثاء الأمم الكافرة
ويهولك لمعان ركامها فإنه بريق الزبد ولمعان السراب ما يلبث أن يجليه معاينة الحقيقة والصواب...
حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده
فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض
إذا كنت ممن يعشق الجمال
فتعال إلى تأمل صفات من أبدع الجمال
{الا بذكر الله تطمئن القلوب}
وإذا استرعاك بريق النقود
فهاك البنوك التي تضاعفها لك أضعافا كثيرة بلا حسرة أو نفود
{من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة}
وإذا كنت ممن تستهويه الآداب والفنون فهاك كلام علام الغيوب لا تنقضي عجائبه و لا تنفذ غرائبه تحدى به الجن والأنس فعجزوا أن يأتوا بمثل سورة منه
فأخلق بمن بغى عزا ومجدا
ورام علياء وحمدا
أن يكون من أهله وخاصته
وأن يشغل نفسه به قراءة وحفظا وفهما وتفسيرا
أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها
ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق
يا من تريد النصر هاك كتاب الله
يا من تريد العز والمجد هاك كتاب الله
يا من تريد الأدب ورزانة الألفاظ والألباب
هاك كتاب الله
فأين نحن عن الزاد والهدى والرشاد
إياك أن تضل بك الطريق
فتبعد عن المنال
وقد تكون من عشاقه
فقد وعد الرحمن وأوعد
فالجنة لا تدخل إلا بالزاد
والزاد هو التقوى
وتقوى الله هي العمل بالتنزيل والرضى بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل
وهاهو الحبيب المصطفى
يأمر وينهى حبا وقربى
بغشيان مجالس العلماء وأهل الذكر
مدارج الرحمة والغفران والخير
مواقد الإيمان والنصر
مجازر العصيان والكفر
ألا بذكر الله تطمئن القلوب
ألا بذكر الله تطمئن القلوب
ألا بذكر الله تطمئن القلوب