لِلْيَمِّ مَهْمَا تَمَادَى النَّوْءُ شُطْآنُ
وَلِلسَّفِينَةِ مَهْمَا مَادَ رُبَّانُ
وَلِلحَيَاةِ نَوَامِيسٌ تَقُومُ عَلَى
أَنَّ التَّعَلُّلَ بِالأَسْبَابِ مِيزَانُ
تَجْرِي الصُّرُوفُ بِهَا تَتْرَى مُمَحِّصَةً
طَرَائِقَ الخَلْقِ مَنْ عَزُّوا وَمَنْ هَانُوا
لا يَرْفَعُ الدَّهْرُ قَومًا دُونَ تَضْحِيَةٍ
وَلا يَقُومُ بِغَيْرِ الجهْدِ بُنْيَانُ
وَمَا عَلَى المَرْءِ إِلا أَنْ يَمُدَّ يَدًا
وَأَنْ يَكُونَ لَهُ بِرٌّ وَإِحْسَانُ
مَنْ قَامَ يَطْلُبُ لِلأَوْطَانِ عِزَّتَهَا
فَمَا تُعَزُّ بِغَيرِ البَذْلِ أَوْطَانُ
وَأَكْرَمُ البَذْلِ مَنْ جَادُوا بِأَنْفُسِهِمْ
لِيَرْفَعُوا البَنْدَ حُرًّا بِالذِي دَانُوا
إِذ بَدَّدُوا الوَهْمَ فِيمَا لَو تَكَبَّدَهُ
لَكَادَ يَعْجَزُ عَنْهُ الإِنْسُ وَالجَانُ
تَجَاوزُوا الرُّهْبَ وَاجْتَاحُوا حُصُونَهُمُ
وَخَلَّفُوهُمْ جُذَاذًا مِثْلَمَا كَانُوا
وُجُودُهُمْ وَسَرَابُ البِيدِ مُشْتَبِهٌ
وَعِيدُهُمْ وَفَحِيحُ الضَّبِّ سِيَّانُ
يَا حَبَّذَا القَوْمُ نَجْنِي اليَوْمَ مَا غَرَسُوا
بِالتَّضْحِيَاتِ وَنَبْنِي كُلَّ مَا صَانُوا
وَحَبَّذَا اليَومُ وَالأَسْرَى قَدِ انْطَلَقُوا
مثْلَ الصُّقُورِ لَهَا الآفَاقُ مَيدَانُ
غُرًّا أُبَاةً أَثَابُوا المَجْدَ مَنْزِلَةً
فَالدَّهْرُ يَفْخَرُ وَالتَّارِيخُ يَزْدَانُ
أَهْلا بِكُمْ يَا لُيُوثَ الدَّارِ يَجْمَعُكُمْ
عَلَى الطَّرِيقَةِ إِنْجِيلٌ وَقُرْآنُ
أَهْلا بِكُمْ فِي نُفُوسٍ تَحْتَفِي بِكُمُ
وَتَنْثُرُ الشَّوْقَ دَمْعًا وَهْوَ جَذْلانُ
أَنْتُمْ بُدُورُ اللَيَالِي لِلعُلا قِمَمٌ
وَلِلرُّؤُوسِ أَكَالِيلٌ وَتِيجَانُ
وَغَيثُكُمْ أَنْبَتَ الآمَالَ فَهْيَ بِهِ
نَخْلٌ وَلَوْزٌ وَزَيْتُونٌ وَرُمَّانُ
يَكْفِي الأَسِيرَ فَخَارًا أَنْ يَعِزَّ بِهِ
وَأَنْ يُعَدَّ سَجِينًا وَهْوَ سَجَّانُ
كَمْ بَاتَ فِي الحَبْسِ فَرْدًا لا أَنِيسَ لَهُ
وَكَمْ طَوَتْهُ مَعَ الحِرْمَانِ أَحْزَانُ
لا الرُّوحُ ذَلَّتْ لأَسْرٍ سَامَهَا عَسَفًا
وَلا اسْتَكَانَتْ لِرَسْفِ القَيْدِ أَبْدَانُ
إِنْ كَانَ شَالِيطُ مِفْتَاحًا لِسِجْنِهِمُ
فَفِي مَفَاتِيحِ رَبِّ النَّاسِ حِسْبَانُ
وَلَيسَ أَوْثَقُ عَهْدًا مِنْ أُولِي ذِمَمٍ
يَحُضُّهُمْ فِي سَبِيلِ الحَقِّ إِيمَانُ
يَا مَنْ تَأَوَّلَ دَحْضَ الرَّأْيِ مَحْضَ هُدَى
أَمْسِكْ فَرَأْيُكَ شَانٌ وَالهُدَى شَانُ
مَا لَلسَّنَابِلِ إِلا قَمْحُهَا وَلَنَا
إِلَى السَّنَابِلِ مِقْدَادٌ وَلُقْمَانُ
كُلُّ البُنُودِ هُنَا فِي غَزَّةَ انْتَصَرَتْ
وَعَادَ بِالخِزْيِ وَالخُسْرَانِ طُغْيَانُ
وَإِنْ أَتَتْنَا لِتِلكَ الحَرْبِ تَذْكِرَةٌ
فَإِنَّهَا فَي ضَمِيرِ الدَّهْرِ فُرْقَانُ
وَإِنَّهَا عَبْرَةٌ فِي الرُّوحِ مُلْهِمَةٌ
وَعِبْرَةٌ لِبَنِي الدُّنْيَا وَبُرْهَانُ
يَا صَاحِبَ الحُكْمِ دَعْ لِلشَّعْبَ لُقْمَتَهُ
لا يَحْمَدُ الحُكْمَ شَعْبٌ وَهْوَ جَوْعَانُ
إِنْ كَانَ ثَمَّةَ إِعْسَارٍ فَإِنَّ لَكُمْ
فِي ذِمَّةِ الشَّعْبِ أَنْصَارٌ وَأَعْوَانُ
لَكِنَّ لِلضَّيمِ طَعْمَ المُرِّ يَأْنَفُهُ
مَنْ فِيكَ ظَنَّ بِأَنَّ العَدْلَ عِنْوَانُ
كُلُّ المَعَانِي مِن الأَخْلاقِ فَاسِدَةٌ
إِذَا تَغَوَّلَ بِاسْمِ الدِّينِ إِنْسَانُ