ثائرة
**
قصة قصيرة / نبيل مصيلحي
أخذت الصغيرة بنت الـ 12 عاماً تجذب بيمناها الصبي الصعيدي بائع البالونات من ياقة جلبابه بعنف شديد ..
ماتت يدها اليسرى علي " أرنوب " من المشمع منتفخاً بالهواء تشده .. تصرخ في وجه الصبي الذي أصبح ليمونة صفراء فاقع
لونها لا تسر الناظرين .. يتحرك في يديها يميناً ويساراً كدمية كبيرة من البلاستيك الطري .. لعلهما اختلفا على ثمن " الأرنوب" أو ثمن الكرة المشمع أو البالون .. أو أي شيء مما يبيعه ..
التف حولهما الناس .. يحاول البعض فك الاشتباك ..
كانت البنت تلبس " الشابونيز "وقد بان بض ذراعها مختلطاً بالحمرة .. تصرخ كلما ازداد الناس استعطافها ترك الصعيدي ..
ـ ما انتو مش عارفين عمل إيه .. ثم ترميه بسهام الشتائم ..
ـ يا بن الكلب يا قليل الأدب .. تشده أكثر وتعنفه ..
رغم ثورة الفتاة , لم يستر غضبها تقاطيع وجهها الجميل ..
آلمني وجه الصعيدي الذي أخذ يبتلع الكلام .. زاغت عيناه تبحث عن أحد ينقذه من يد الفتاة .. باءت محاولات المنقذون بالفشل . وأمام تمسك الفتاة بحق القصاص من الصبي , ومحاولات الناس
إنقاذ " الأرنوب " من يدها .. علت الأصوات ..
ـ حرام عليكي ح تخسريه..
ـ أنا عايزاه يخسر .. يستاهل ..
تأمر أختها الأصغر منها بصوت عال ..
ـ روحي نادي " أيمن " ..
أشفقت على الصعيدي , مندهشاً بإصرار الصبية .. منتظراً معرفة ما وراءهما من سر أشعل هذه المعركة الساخنة ..
ومع إلحاح المخلِّصين لمعرفة السبب الذي جعل الفتاة الصغيرة تقاتل بشراسة , وإصرارها على تأديب الصبي جزاء فعلته التي أفشت به .. ثارت كبركان ..
ـ بيقول لي تعالي نظبَّط مع بعض .. نظبَّط إيه .. !!
مست الدهشة وجوه الناس , ورموا الصعيدي بوابل من التوبيخ ,
حتى لانت الفتاة تاركة إياه يرحل إلى حال سبيله .
***