بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه
الكرام الطيبين وسلم تسليماً كثيراً
قبل الإفطار ( 25 )
أما بعد
كنا اليوم نشيع جنازة أحد الأصدقاء توفاه الله ..قبض روحه إليه في أيام فاضلة
مات فجأة ..نعوذ بالله من موت الفجاءة .
هو شاب في أوسط العمر ، رزقه الله قبل أسبوع طفله الرابع.
فبينما كان ينتظر ضيوفه الذين دعاهم لتميمة مولوده ذلك الطفل الجميل
سقط على الأرض قبيل أذان المغرب بوقت قصير .
نقلوه إلى المستشفى ، مكث فيها يوما أو بعض يوم
ثم كان أمر الله تعالى الذي لا يرد
مات صاحبنافي لمح البصر
صلينا عليه .. تبعنا جنازته إلى المقابر
وهناك ..في ذلك المكان المقفر البعيد دُفن صاحبنا ،
واراه التراب.
وقفت برهة في ذهول وصمت تام وحالة من الوجوم تعتلي وجهي
(شأني في ذلك شأن العديدين غيري )
وسقطت من عيني دمعة و أنا أحدث نفسي ، سبحان الله ..
في لحظات سينقضي كل شئ ويرجع الجميع لبيوتهم ، أعمالهم ،
حياتهم اليومية
وستمضي عجلة الحياة من جديد .
أما صاحبنا هذا فسيبقى في هذا المكان الموحش
لا خل يؤانسه
لا صاحب لكي يخفف عنه
لا ابن ، لا زوج
لن يبقى معه إلا عمله فإن كان صالحا فلنفسه
وإن كان غير ذلك فعليها .
فإذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث :
صدقة جارية ،
أو علم ينتفع به ،
أو ولد صالح يدعو له
إنه الموت يا إخواني
كأس وكل الناس شاربه فلم يهرب منه حتى الأنبياء
صلوات ربي وسلامه عليهم .
وهل فجعت الأمة في امرأ كما فجعت في خير الأنبياء وأفضل
خلق الله على الإطلاق
قال الشاعر
هو الموت لا منجى من الموت والذي نحاذر بعد الموت أدهى و أفظع
و قلت :
و الموتُ آتٍ لا يفرق سيفهُ بين الصبيِّ و ذلك المتصابي
إنه الموت أحبائي .. الحقيقة الوحيدة في الحياة
وصدق الله تعالى إذ يقول في محكم التنزيل :
( كل نفس ذائقة الموت )
وقال سبحانه وتعالى :
( كل من عليها فان ، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )
فمن أراد أن يتعظ فالموت يكفيه .
اللهم أحسن خواتيمنا ونسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلي
أن تغفر لموتى المسلمين جميعا
وأن تلحقنا بهم مع النبيين والصديقين والشهداء في جنات النعيم
وحسن أولئك رفيقا
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وأرجو التماس العذر أحبائي على هذا الموضوع الصعب ولكنها حالة من الحزن
عشتها فأردت أن تشاركوني إياها وأسالكم الدعاء
ولعلي ذكرتها أيضا للتذكرة لي ولكم ولعامة المسلمين
وإلى اللقاء
مع تحياتي
د. جمال مرسي