الهجر وأنواعه

عن الهجرة و الشعور بالغربة .

ويح الغريب على الأشواك مضجعه

وخبزه من عجين الهم والتعب

يعيش عن ربعه بالجسم مغتربا

وقلبه وهواه غير مغترب

يستقبل الليل لا تغفو هواجسـه

ويوقظ الفجر في ليل من الكرب

وَدِّعْ هُـرَيْـرَةَ إِنَّ الـرَّكْـبَ مُرْتَحِـلُ

وهَـلْ تُطِيـقُ وَدَاعـاً أَيُّـهَا الـرَّجُـلُ

( الأعشى )

* * *

وَدَّعْتُـهَا لِفِـرَاقٍ فَاشْتَكَـتْ كَبِـدِي

وشَبَّكَـتْ يَدَهَـا مِنْ لَوْعَـةٍ بِيَـدِي

( ديك الجن )

* * *

يَا بَاكِياً فُرْقَـةَ الأَحْبَـابِ عَنْ شَحَـطٍ

هَـلاَّ بَكَيْـتَ فِـرَاقَ الرُّوحِ لِلْبَـدَنِ

( ابن الطفيل )
* * *

ولَقَـدْ قُلْـتُ إِذْ تَطَـاوَلَ هَجْـرِي

رَبِّ لا صَبْـرَ لِي عَلَى هَجْـرِ هِنْـدِ

رَبِّ قَـدْ شَفَّنِـي وأَوْهَـنَ عَظْـمِي

وبَـرَانِـي وزَادَنِـي فَـوْقَ جُهْـدِ

( عمر بن أبي ربيعة )
* * *

وكَـمْ يَمْضِـي الفِـرَاقُ بِـلا لِقَـاءٍ

ولَـكِـنْ لا لِـقَــاءَ بِـلا فِـرَاقِ

( ناصيف اليازجي )
* * *

والبَيْـنُ يَفْعَـلُ بِالعُشَّـاقِ مُحْتَكِـماً

مَا لَيْـسَ يَفْعَلُـهُ الهِنْـدِيُّ والأَسَـلُ

( البحتري )

هَلاَّ خَلَوْتَ بِعَذْلِي يَوْمَ تَنْصَحُنِي *** إِنَّ النَّصِـيحَةَ بَيْنَ الْقَوْمِ تَقْرِيْعُ
قَطَعْتَ حَبْلَ إِخَاءٍ كَـانَ مُتَّصِلاً *** وَكُلُّ مَنْ قَطَعَ الإِخْوَانَ مَقْطُوْعُ

وأنا أحسب أن الهجر أكثر من أربعة أنواع. فهناك أيضا هجر إباء وهجر جزاء وهجر اجتباء وهجر اقتفاء وهجر ابتلاء.

أما هجر الإباء فيكون حفظا للنفس من هوانها رغم تعلق العاطفة بمحبوب لا يقدر للحبيب قدره ويجترئ عليه ، وفي هذا قولي:

مَا كَانَ قَبْضِي القَلْبَ عَنْهُم مِنْ قِلَى لَــــــكِــــــنْ إِبَــــــائِــــــي يَــــــأَنَــــــفُ الـــنُـــكْـــرَانَـــا

وأما هجر الجزاء فيكون مفروضا على المحب بسبب هجر المحبوب أو تثاقله أو نفوره فيكون هجر بهجر ، وفي هذا قولي:

أَنَــــا لَــسْـــتُ ذَا بَــطَـــرٍ وَلا أَنَـــــا بِــالـــذِي بَـــــــــــدَأَ الــــــصُّــــــدُودَ وَآثَــــــــــــرَ الـــهِـــجْـــرَانَـــا

ومنها قولي:

عَـــفَـــا الــرَّحْــمَــنُ عَــنْــهُـــمْ إِنَّ عَــيــنِـــي عَـلَـى هَـجْـرِ الأَحِـبَّـةِ فِــي انْـسِـجَـامِ

وأما هجر الاجتباء فيكون من باب الحرص على الحبيب وعدم الإثقال عليه متى بدا منه ملل أو كلل أو نفور ، فيكون الهجر من باب الحرص على راحة الحبيب والأمل بعودته حين صفاء ، وفي هذا قولي:

مَــا كُــلُّ مَــنْ فَــارَقَ الأَحْـبَـابَ مُـفْـتَـرِقٌ بَــعْــضُ الــفِـــرَاقِ يَــزِيْـــدُ الــحُـــبَّ تَـمْـكِـيـنَـا

ومنه قولي:

أَشْــــكُــــو إِلَــــيْــــهِ بَــــــــأنَّ الــهَـــجْـــرَ يَــهْــصِــرُنِـــي وَالــصَّـــبْـــرُ عَــــــــزَّ وَدَاعِـــــــــي الــــشَّـــــوْقِ أَرْدَاهُ فَــــــإِنْ تَـــوَلَّـــى أَعَــــــادَ الـــــــرُّوحَ فِـــــــي جَـــسَــــدٍ وَإِنْ تَــــــــــوَلَّــــــــــى فَــــــعَـــــــيْـــــــنُ اللهِ تَــــــــــرْعَـــــــــــاهُ

ومنه قولي:

طَالَ شَوْقُ القَلْبِ هَلْ مِنْ عَودَةٍ؟ إِنَّ حَـرْقَ الشَّـوْقِ مِـنْ حَــرِّ الـفِـرَاقِ

ومنها قولي:

يَــــكَــــادُ حَــنِــيْــنِــي يَــسْـــفِـــكُ الــبَـــيْـــنُ زَفْـــــــــرَهُ فَـيَــا بُـــؤْسَ قَـلْـبِـي كَــــمْ يَــحِــنُّ وَكَــــمْ يَــدْمَــى

وأما هجر الاقتفاء فهو الهجر الذي يوجبه اقتفاء الرزق أو العلم أو الحاجة فيكون الفراق قسريا موجعا ولكن إلى حين ، وفي هذا قولي:

وَلَـكِـنْ طِــلابُ الـمَـجْـدِ خَـيــرٌ مِـــنَ الـجَــوَى عَـــلَـــى هَـــجْـــرِ أَوطَــــــانٍ وَدَمْــــــعِ حَــبَــائِــبِ

ومنه قولي:

وَلا تَـــــــــــزَالُ عُــــــيُــــــونُ الــــبَــــيــــنِ شَــــاخِــــصَــــةً تَــهْــمِـــي بِــــدَمْــــعٍ مَــــــــعَ الـتَّـسْــلِــيــمِ مُــتَّـــصِـــلِ

ومنه قولي:

يَـا لَـوْعَـةَ البَـيْـنِ هَــلا غِـبْـتِ عَــنْ أُفُـقِـي غِـــلْــــتِ الـــفُــــؤَادَ وَقَــطَّــعْـــتِ الـشَّـرَايِــيــنَــا

ومنه قولي:

إِنِّــــي أَمُـــــوْتُ بِــهَـــذَا الـبَــيْــنِ فَـاجْـتَـهِــدِي أَنْ لا أَمُــــــوْتَ بَــعِــيْــدًا عَـــــــنْ أَرَاضِــيــنَـــا

ومنه قولي:

يَــكَـــادُ لِــطُـــولِ الـبَــيــنِ يَـبْــكِــي حِـمَـامُـهَــا عَـلَـيـهَـا وَيَــجْــرِي فِـــــي صُـــــدُورِ الـحَـمَـائِــمِ

وأما هجر الابتلاء فيكون من باب اختبار الحبيب وصدق عاطفته وهل حبه حب تعود أم حب تعلق ، وفي هذا قولي:

هُـوَ القَـدَرُ الـذِي فِـي الـدَّهْـرِ يَمْـضِـي وَيَـمْـتَــحِــنُ الــــــوَرَى وَصْـــــــلا وَهَـــجْــــرَا

وغير هذا من شعري كثير.


شكرا على موضوعك الجميل.


تحياتي

وأنا أحسب أن الهجر أكثر من أربعة أنواع. فهناك أيضا هجر إباء وهجر جزاء وهجر اجتباء وهجر اقتفاء وهجر ابتلاء.

==============

لا يغادر التفرد و التميز مداخلاتك يا دكتور سمير العمري .

استفدت كثيرا . زادك الله فهما و علما .

تحية للأستاذ أحمد

و دمتما للواحة .

إلى متى منكمُ هجري وإقصائي
ويلي وجدتُ أحِبّائِي كأعْدائِي

هُمْ أظمأُونِ إلى ماء اللّمى ظمأً
ترحلَ الريّ بي منهُ عنِ الماء

يا مُعرِضاً عَنّي وَلَم أَجِن ما
يوجِبُ إِعراضاً وَلا هَجرا

قَد طالَ لَيلُ الهَجرِ فاِجعَل لَنا
بالوَصلِ في آخرِهِ فَجرا

لَجّ الفُؤادُ فَما عَسى أَن يَصنَعا = وَلَقَد نُصحتُ فَلَم أَرِد أَن أَسمَعا

أَسفي أَوَدُّ وَلا أَوَدُّ وَأغتَدي = وَأَروحُ أحفَظُ عَهدَ مَن قَد ضَيَّعا

ما كانَ ظَنّي أن أَجودَ بِمُهجَتي = حُبّا وَأقنَعَ بِالسَلامِ فأمنَعا

يا هاجرينَ قَد اشتَفَيتُم فارفَقوا = وَهَبوا لِعَثرَةِ عاشِقٍ لَكُم لعا

رُدّوا بِرَدِّكُمُ السَلامَ حُشاشَةً = لَم تَبقَ لَولا أَنَّ فيكُمُ مَطمَعا

لَقَلبي لِبُعدك عَنّي عَليلُ = فَشَوقي صَحيحٌ وَجِسمي عَليلُ

وَوُدّي عَلى حسب ما تَعلَمينَ = تَزولُ الجِبالُ وَما إِن يَزولُ

فَلا تَستَحيلي لِبُعد الديار = فَإِنّي مَعَ البُعد لا أَستَحيلُ

وَلَما التَقينا للوَداع غُدَيَّةً=وَقَد خَفَقَت في ساحَة القَصر راياتُ

وَقُربَتِ الجُردُ العِتاقُ وَصُفِّقت=طُبولٌ وَلاحَت لِلفِراق عَلاماتُ

بَكَينا دَماً حَتّى كأنَّ عُيونَنا=لجري الدُموع الحُمر مِنها جِراحاتُ

وَكُنّا نُرَجّي الأوبَ بَعدَ ثَلاثَةٍ=فَكَيفَ وَقَد طالَت عَلَيها زياداتُ