عَانِقِينِي قَبْلَ أَنْ تَأْسَى السُّنُونْ
وَاسْبُقِي بِالـحُبِّ إِشْفَاقَ الـمَنُونْ
وَسَمَ الدَّهْرُ حَيَاتِي بِالأَسَى
يَا أَمَانِي العُمْرِ يَا سِحْرَ العُيُونْ
إِنَّنِي مَا زِلْتُ طِفْلًا ظَامِئًا
لابْتِسَامِ الثَّغْرِ ، لِلصِّدْرِ الـحَنُونْ
أَيُّ رُوحٍ ، أَيُّ قَلْبٍ حَائِرٍ
أَيُّ إِحْسَاسٍ تَنَاهَى لِلـجُنُونْ
أَسْرِجِي شَوْقِي وَحُضِّي بَهْجَتِي
حَرِّرِينِي مِنْ سَرَادِيبِ السُّكُونْ
.
.
عَانِقِينِي يَا فَرَاشَاتِ الـحُبُورْ
وَامْلَئِي الوُجْدَانَ مِنْ طُهْرٍ وَنُورْ
رَوْضُ أَحْلامِي كَئِيبٌ شَاحِبٌ
ذَابِلُ الأَوْرَاقِ وَحْشِىُّ الزُّهُورْ
كُلَّمَا لاحَتْ مِنَ الفَجْرِ الرُّؤَى
ضَاقَتِ الأَنْسَامُ وَاسْتَعْلَى السُّرُورْ
نَازَعَتْنِي مُهْجَةٌ تَشْكُو الْهَوَى
وَاحْتَوَانِي مِنْهُمَا قَلْبٌ وَقُورْ
لَسْتُ أَدْرِي أَيُّ إِنْسَانٍ أَنَا
بَيْنَ إِقْدَامٍ وَإِحْجَامٍ أَدُورْ
.
.
كُنْتِ نَجْمًا فِي خَيَالِي وَمَضَا
مَلأَ النَّفْسَ حَنِينًا وَمَضَى
أَيْقَظَ الذِّكْرَى وَأَطْيَافَ الْمُنَى
وَشَكَا القَلْبَ خَصِيمًا وَقَضَى
صَفَّقَ الوَجْدُ عَلَى لَحْنِ الـجَوَى
ثُمَّ غَالَى فِي أَنِينٍ عَرَضَا
لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ نَحْيَا إِنْ جَفَا
كَيْفَ لِلــرُّوحِ صَفَاءٌ وَرِضَا
هَمْسُهُ الـحَانِي يُنَاجِي مُهْجَتِى
فَاقَ عِنْدِي كُلَّ شِعْرٍ قُرِضَا
.
.
يَا لَذِكْرَي أَرْهَفَتْ ذَا مِرَّةِ
تَمْزُجُ الشَّهْدَ بِكَأْسٍ مُرَّةِ
قَدْ بَكَى المِصْبَاحُ نُورًا وَاجِفًا
يَتَوَارَى فِي مَرَايَا عِزَّتِي
وَأَنَا أَغْرَقُ فِي بَحْرِ الـجَوَى
ضَاعَ مِجْدَافِي وَخَارَتْ قُوَّتِي
لا يَدٌ تَأْسُو تَبَارِيحَ الضَنَى
لا غَدٌ يَرْسُو عَلَى شَطِّ التِي
لَوْعَتِي تَكْتُبُ أَحْزَانِي عَلَى
لَوْحِ أَحْلامِي وَتَتْلُو مُقْلَتِي
.
.
هُوَ قَلْبٌ قَدْ تَرَدَّى مِنْ شَجَنْ
كَتَبَ الشَّوْقُ سُطُورًا وَالزَّمَنْ
كُلُّ مَا حَوْلِي سَرَابٌ مُوحِشٌ
كُلُّ مَنْ حَوْلِي وُجُوهٌ مِنْ وَسَنْ
أَيْنَ مِنِّي سَاعَةٌ أَلْقَى بِهَا
تَوْأَمَ الرُّوحِ وَعُنْوَانَ السَّكَنْ
إِنَّنِي مَا زِلْتُ أَرْجُو وَالرَّدَى
مِنْ رَجَائِي حَاكَ مَا يَحْكِي الكَفَنْ
غُرْبَةٌ طَالَتْ وَمَا زَالَتْ بِنَا
نَزْعَةٌ لِلْحُبِّ شَوْقٌ لِلْوَطَنْ