.
هو وأنا
هُوَ مِنْ سَرِيرِ الإِرْثِ الصَّدِئِ تَمَطَّى أَحْمَقَ الخُطَى مُدَجَّجًا بِشَظَايَا الْلُؤْمِ يَحْبُو عَلَى رُكَامٍ جَاهِزٍ بَعْدَ أَنْ اتَّخَذَ مِنْ نَفْسِهِ إِلهًا يُقِيمُ لَهَا الفُرُوضَ وَتُوجِبُ عَلَيْهِ النَّوَافِل ، وَأَنَا بِمَوْرُوثِ سَرِيرَتِي مِنْ سُلَالَةِ مَعْدَنِ الأَنْبِيَاءِ أَتَيْتُ . أَسْلَمْتُ أَمْرِي إِلَى مَنْ اتَّخَذْتُهُ مَلَاذِي وَوَلِيَّ عَزْمِي وَفَتَحْتُ صَدْرِي مُنْتَصِبَ الْهَامَةِ مَصْقُولَ الْهِمَّةِ أَعْزَلَ سِوَى مِنْ رَغْبَتِي بِدَحْرِ كُفْرِهِ بِوُجُودِي .
هُوَ يَبْنِي كُلَّ يَوْمٍ دَمًا مِنْ رَصِيفٍ تَبُوحُ بِهِ شَاشَةٌ أَمَامَ عَيْنَيْهِ أَخْضَرَ مِنْ نَيْسَانَ وَيُقَهْقِهَ عَلَى مَوَائِدِ الْعُهْرِ . يَسْتَعِينُ بِضَلَالَتِهِ وًيًعَفِّرُ وَجْهَهُ الْمُعْتَلَّ بِالْأَرْجَاسِ غُبَارُ النَّازِحِينَ عَنْ تُرْبَتِهِمْ ، وَأَنَا أَرْفَعُ مَا تَخَثَّرَ مِنْ فُوَّهَةِ جُرْحِي لِأُعَاوِدَ النَّزِيفَ وَأُدَمِّثَ لِلدَّمْعِ مُضْطّجَعًا عَلَى خَدٍّ تَصَلَّبَ لَطْمًا وَلَمْ يَنْكَفِئْ ، لِأَنَّنِي أَسْتَعِينُ بِهَدْيِ مَنْ أَرْخَى لِلْبَاطِلِ اسْتِدْرَاجًا وَبَثَّ بِي يَقِينَ الْفَجْرِ وَطَلَى رُوحِي بِحَلَاوَةِ احْتِسَابِي عِنْدَه .
هُوَ كَالْوَعْلِ يُنَاطِحُ صَخْرِي وَيَحْسَبُ أَنَّهُ كَادَ أَنْ يَفُتَّ مِنْ عَضُدِ قَسَاوَتِي ، يَمْتَطِي رَاحِلَةَ الْغَبَاءِ وَيَلُوِّحُ بِرُمْحِ الْجَهْلِ ، وَأَنَا تَشْهَدُ أَنْوَارُ طَعَنَاتِي عَلَى تَفَتُّتِ قُرُونِ ظَلَامِهِ وَفَنَاءِ سِنَانِ رُمْحِهِ، يَطِيرُ بِي بُرَاقُ الأَمَلِ وَأَرْشُقَ حَقْلِي بِبُذُورِ رَبِيع .
هُوَ يَزْرَعُ سَنَابِلَ الْوَهْمِ وَيَحْصُدُهَا بِمَنَاجِلِ الْخَيْبَةِ وَيَرْقُصُ طَرَبًا عَلَى قَدَمَيْهِ الْلَتَيْنِ تَغْتَسِلَانِ بِالْوَحْلِ ، وَأَنَا أَسْتَوْدِعُ عِجَافِي سَبْعًا مُوغِلَاتٍ بِالْحَصَادِ كِدْنَ أَنْ يُشْرِفْنَ عَلَى بَيَادِرِ الْغَد بِمَوَاسِمِ الْوَعْد.
هُوَ يَمْضِي رُعُونَةَ مَجْرًى تَلَطَّخَ بِخَطَايَا دَمِي ، وَأَنَا أَظَلُّ غَيْمَةً تُنَسِّقُ سَمْتَهَا لِانْهِمَارٍ قَرِيْبٍ سَدِيد .
هُوَ وَأَنَا وَاللهُ شَاهِدٌ فَوْقَنَا