دقت الساعة وعقربها يصفع الثانية عشر مساءً
هاهو فحيحها يقترب ، أقبلت أفعى مترنِّحة تجرُّ ذيلها بعد سهرة للمومسات ، هاهي تتهيأ لقذف سمها وأنا أتساءل ذعرا :
ياترى أهو آخر طرد أستلمه الليلة ؟!
أم أنَّ إغداقي بكرمهم سيطول ؟!
ياللوجع ..
الألم يُشوى من حرارة آهتي ، ألن يُخلُّوا سبيلي ؟ ألا يكفي وجع الغربة ؟
وقفت تُحدِّق بي طويلا ، تبدو ماكرة عكس صويحباتها اللاتي تغلبتُ عليهنَّ ، زحفت بمهل وتعلوها ابتسامة خبيثة ، لم تُزغ نظراتها ، تصلَّبتُ بمكاني والارتباك يغزوني ثم تقهقرتُ للخلف دون إبدائي لأدنى مقاومة حتى التصق ظهري بالحائط فقد كنتُ منهكًا ، وهي تتلوَّى حتى تسارع زحفها وانطلقت كالصاروخ تحاول مسِّي ، حاولتُ تفاديها لكن لاجدوى اعترضتني من كلِّ جانب حتى شعرتُ باختناق ودوار .
تمكَّنتْ مني في غمضة عين ، في حالة ضعف ووضعي الرثَّ وولَّت منتصرة .
ساقاي النحيلتان ذاقتا وبال الارتعاش ، وبنى الأنين في حجيرات قلبي عشَّه ، وطالت إطراقتي
حتى أنني لم أَعِرْ الخنزير اهتماما وهو يركلني كلعبة طفل غاضب يرميها بكلِّ زاوية .
قادني ذاك الخنزير الأقرع وصليل السلاسل يقلق أذني ، فتخنقني عبرة انكسار ، وغصة ذلٍّ ،وصرخة اغتراب تقف عالة على صدري ، قذفني بغرفة مظلمة ، خلتُ حينها أنني في قمة أحد الجبال من شدة البرودة العالية .
هاهو الماء الساقط من السقف يمارس طقوسه ويستمتع بترانيم وقع قطراته على قحف رأسي .
ورحلتُ من بيتٍ معدم توارت ألوانه القزحية إلى زنزانة الظلام .
.
.
.
في اليوم الثاني :
خنزير آخر كان يقرأ خبرا في الصحيفة : " مسلم إرهابي يراود أفعى عن نفسها"
بقلم / وريف الجودي
سبق أن نشرتُ النص تحت لقبي ( النظرة الثاقبة ) في منتديات أخرى
ونتقبل ملاحظاتكم بصدر رحب
شكرا