السلاسل الذهبية !!
وحتى في عهد النبي عليه الصلاة والسلام لم يُكتب القرآن كله ولا السنة كلها
بل كان نقل الوحي يأتي عبر سلسلة ذهبية من رب العالمين إلى أعظم ملك إلى أعظم نبي إلى أعظم بشر بعد الأنبياء عليهم السلام
سلسلة ذهبية لم يرَ العالَم لها مثيلاً ولن يرى لها مثيلاً
وعلى هذا الأمر سارت الأمور
قرآنٌ ينزل ونبي يقرأ وصحابة يسمعون وينقلون ، كابراً عن كابر
سنةٌ تُقال وتُرى وصحابة ينقلون ما يرون ويسمعون
كان أغلب نقل القرآن الكريم والسنة النبوية يتم عن طريق المشافهة
وكان الصحابة رضي الله عنهم لا يحتاجون إلى نقل الإسناد ، لأن المسنَد عنه – عليه الصلاة والسلام – أمامهم ينقلون منه مباشرة
ونقلها الصحابة لمن بعدهم من التابعين ، ونقلها التابعون لمن بعدهم ، ومن بعدهم نقلها لمن بعدهم
سلاسل ذهبية من أئمة العلم والدين
سمُّوا لنا رجالكم !!
وما ظهر علم الإسناد إلا عندما ظهرت الفتنة وأطلّت بقرنها
قال محمد بن سيرين :
( لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة – أي فتن الصحابة –
قالوا : سَمُّوا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم ) ،
أثر ثابتٌ صحيح ، أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه !!
وابن سيرين ولد في خلافة عثمان رضي الله عنه سنة 33 هـ وتوفي سنة 110 هـ
من هنا بدأ ظهور علم الإسناد !!
عندما ظهرت الفتنة ظهر التمييز بين الرجال
ومن هذه اللحظة بدأت أحكام العلماء على رواة الأحاديث والآثار
فحتى القرآن الكريم الذي تواتر عن المسلمين أصبح لا يُقبل إلا بالأسانيد الصحيحة المتواترة
بخلاف الكتب المقدسة التي ظهرت قبل الإسلام من التوراة والإنجيل ، فقد كانت تتناقلها الأيدي بلا حفظ لها ،
مما عرضها لكثير من التحريف والتغيير والتبديل !!
أما القرآن والسنة فقد حفظتهما الصدور قبل السطور !!
الإسناد سلاح المؤمن !!
وأصبحت الرواية بالأسانيد عُرفاً عند المحدثين ومن خصائص المسلمين فيما يتناقلونه من العلم والدين
قال سفيان الثوري :
( الإسناد سلاح المؤمن ) ، المصدر : مقدمة صحيح مسلم
نعم
( لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء )
كلمة عظيمة لمحمد بن سيرين تُكتب بماء الذهب
وهل نثبت أقوال الرجال إلا بالأسانيد ؟؟؟
ولم يمنع ذلك من الكتابة للكتاب والسنة ، وإنْ ظهرت في عهد النبوة وما بعدها بعض الصحائف القرآنية والسنية
ومع حدوث الفتن حدثت المحدثات ، وظهرت أسباب التحريف والوضع في الأحاديث النبوية
قال النبي عليه الصلاة والسلام :
( من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار )
حديث صحيح متواتر نقله أكثر من ستين صحابياً
قال العلماء :
إن تواتر هذا الحديث ليدل دلالة قاطعة على أن النبي عليه الصلاة والسلام يعلم أن أحاديثه
ستُروى وسيدخل فيها الغث والسمين من الكذبة والوضاعين ،
فجاء التنبيه من خاتم النبيين على ضرورة التحري والتثبت واليقين
تعيش لها الجهابذة !!
وقد ظهر الكذب في السنة النبوية ، ولكن انبرى لها عباقرة علماء المسلمين
وعندما ظهرت الأحاديث الموضوعة :
جاء بها رجل إلى عبد الله بن المبارك رحمه الله ، فقال له : هذه الأحاديث الموضوعة ،
ما نصنع بها ، فقال : تعيش لها الجهابذة ، وتلا قوله تعالى : { إنا نحن نزّلنا له الذكر وإنا لحافظون }
وقد عاشت لها الجهابذة
هذه الكلمة التاريخية من عبد الله بن المبارك لم تأتي عبثاً ، بل جاءت بفراسة هذا الإمام المجاهد
نعم ، عاشت لها الجهابذة !!
وتظافرت جهود هؤلاء الجهابذة في تتبع الأحاديث النبوية ورواتها
عملاً بالمبدأ القرآني والهدي النبوي
يقول الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق :
( ولا شك أن الناظر في علم الإسناد، وكيف وضع علماء السنة ضوابط النقد للرجال،
وكيف تتبعوهم وأحصوهم، وكيف ضبطوا هذا العلم ضبطاً فائقاً وكيف أن الله سبحانه وتعالى قد هيأ له جهابذة من الرجال
كانت لهم ملكات عظمية في الحفظ والملاحظة والدقة مع الدين والتقى مما مكنهم من تمييز ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
مما حاول الزنادقة والملحدون، وأهل الأهواء أن يدخلوه على الإسلام مما هو ليس منه في شيء..
وهذه معجزة من معجزات هذا الدين... فكما حفظ الله القرآن الكريم بأسباب عظيمة توافرت وتضافرت على حفظه
من أن يتطرق إليه أدنى خلل، حفظ الله كذلك سنة رسوله صلى الله عليه وسلم )
المصدر : الثوابت الإسلامية في الإسلام : xxxx(موقع إلكتروني)
أسانيد مركبة !!
ظهر الكذابون والزنادقة في محاولات شرسة لمحاربة الدين الإسلامي وإفساده من الداخل
فقاموا بوضع الأحاديث ، وعندما تصدى لها الجهابذة وأصبح الإسناد شرطاً في قبول الأحاديث
قام الكذابون بوضع الأسانيد وتركيبها ، لإيهام الناس بصحة الرواية :
قال سفيان الثوري : عندما اخترع الكذابون أسانيد كاذبة استخدمنا ضدهم تاريخ الرواة
وهكذا نشأ علم الوفيات ، وألف الجهابذة فيه كتباً عديدة ،
كـ ( تاريخ مولد العلماء ووفياتهم ) لابن زبر الربعي ( ت 379 هـ )
وكتب الطبقات كـ ( الطبقات الكبرى ) لابن سعد وكتب التواريخ الرجالية كـ ( التاريخ الكبير ) للبخاري وغيرها !!
وأصبح بالإمكان حصر مواليد ووفيات الرواة لمعرفة المنقطع والمركب من الأسانيد !!