أحدث المشاركات
صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 11 إلى 16 من 16

الموضوع: بعض أحكام الردة والمرتدين

  1. #11
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Feb 2011
    المشاركات : 570
    المواضيع : 222
    الردود : 570
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الاخوة الافاضل ان الله تعالى اعطى الانسان حية الاختيار والاعتقاد
    فاذا ما دخل الانسان في الاسلام طواعية دون اكراه وعن علم ومعرفة وهو مدرك لم يفعل
    فلا يجوز له باي حال ان يرجع الى غير الاسلام فان عاد ونقص على عقبية الى غير الاسلام
    فقد حق عليه القول بالقتل لمجرد الردة للادلة الواردة والتي ذكرها الاخوة في تعليقاتهم
    يعني ان الردة وحدها موجبة للقتل ولا حاجة لقرينة بها من معاداة او محاربة للمسلمين
    والله اعلم
    ابو احمد

  2. #12
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي

    حكم المرتد.. رؤية في ضوء المقاصد

    أ. وصفي عاشور أبو زيد

    من القضايا الشائكة التي تثير جدلا دائمًا، وتتنوع فيها أسباب الخلاف في الرأي والرؤى، ما بين أسباب علمية حقيقية، إلى أسباب يُخوَّن بها من يقول برأي مخالف لما استقر عليه الأمر لدى جمهور الفقهاء، وتوجَّه إليه تهم بالهزيمة النفسية، والعمالة أحيانًا، وغير ذلك، بالإضافة إلى أن قتل المرتد حدًّا أصبح مثار شبهة توجه للإسلام بأنه ضد حرية الاعتقاد رغم أن الإسلام ما جاء إلا ليكفل حرية الاعتقاد للجميع.
    وفي ظل الأجواء التي تحياها الأمة العربية والأحدث التي أجراها القدر عليها من ثورات في بلاد شتى برزت قضية الردة مرة أخرى، وهذا يجعلنا نتناول القضية من زاوية مقاصدية لنرى إلى أي جهة ستنتهي بنا المقاصد في هذه القضية المهمة.

    نقل الإجماع على قتل المرتد حدا
    بداية نقل النووي، وابن قدامة، وابن رشد الإجماع على أن حكم المرتد هو القتل حدًّا، واستدلوا بآيات قرآنية، منها: "وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة: 217). وقول النبي صلى الله عليه و سلم: "من بدل دينه فاقتلوه"، ولا خلاف في ذلك بين رجل وامرأة عندهم إلا الحنفية فقالوا لا تقتل المرأة، والجمهور اعتمدوا العموم الوارد في النصوص الشرعية.

    نصوص القرآن والسنة في المسألة
    وهذا يقتضي منا النظر في نصوص القرآن والسنة ثم نورد الرأي المختار، فالقرآن الكريم لم يورد عقوبة دنيوية على الردة، كل ما هنالك أنها توعدت بالعذاب الأليم في الآخرة، ولا توجد إلا آية واحدة ذكرت العذاب الأليم في الدنيا والآخرة، ولم تحدد ما هو هذا العذاب في قوله تعالى: "يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ" (التوبة: 74). ولهذا فإن الفقهاء الذين يستدلون بالقرآن على حد الردة لا يستدلون به بشكل أساسي، وإنما مستندهم الأكبر في نصوص السنة النبوية.

    وكل ما ورد في السنة النبوية للاستدلال على ذلك ثلاثة أحاديث هي:
    أ - حديث المحاربين من عكل وعرينة، وقد رواه البخاري ومسلم وغيرهما، روى مسلم بسنده عن أنس أن نفرًا من عكل ثمانية قدموا على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فبايعوه على الإسلام فاستوخموا الأرض وسقمت أجسامهم فشكوا ذلك إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها فقالوا بلى فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها فصحوا فقتلوا الراعي وطردوا الإبل فبلغ ذلك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فبعث في آثارهم فأدركوا فجيء بهم فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا".
    ب - والحديث الذي رواه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما: "من بدل دينه فاقتلوه"، وقد سبق تخريجه.
    جـ - والحديث الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة".
    ففي الحديث الأول لم تكن الردة وحدها هي السبب فيما أوقعه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهم، وإنما لأنهم "قتلوا الراعي، وطردوا الإبل"، وهذا يمثل محاربة، أو كما قال ابن تيمية: "وأما ابن سرح وابن خطل ومقيس بن صبابة فإنه كانت لهم جرائم زائدة على الردة، وكذلك العرنيون، فإن أكثر هؤلاء قتلوا مع الردة وأخذوا الأموال فصاروا قطاع الطريق محاربين لله ورسوله، وفيهم من كان يؤذي بلسانه أذى صار به من جنس المحاربين".
    وقال في موضع آخر: "قوله: "التارك لدينه المفارق للجماعة" قد يفسر بالمحارب قاطع الطريق كذلك رواه أبو داود في سننه مفسرا عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث: رجل زنى بعد إحصان فإنه يرجم ورجل خرج محاربا لله ورسوله فإنه يقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض أو يقتل نفسا فيقتل بها" فهذا المستثنى هنا هو المذكور في قوله: "التارك لدينه المفارق للجماعة" ولهذا وصفه بفراق الجماعة وإنما يكون هذا بالمحاربة". ومن هنا فإن الاستدلال بهذا الحديث على أن القتل هو حد للمرتدين لمجرد الردة غير مسلم.
    وأما الحديث الثاني فهو أقوى الأدلة عند من يقول إن قتل المرتد هو حد لمجرد الردة؛ وهذا متعارض مع قوله تعالى: "لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" (البقرة: 256). وهي آية محكمة؛ لأنها كلية خلافًا لما ذهب إليه بعض المفسرين، فإن السنة لا تنسخ القرآن. وقوله تعالى: "وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ" (الكهف: 29). وقوله تعالى: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ". (يونس: 99). فلم يبق إلا أن نفهم الحديث فهمًا آخر.
    وهو ما يرشدنا إليه الحديث الثالث الذي ذكر الأسباب المبيحة لدم المسلم، وذكر منها: "والمارق من الدين التارك للجماعة"، وعند أبي داود عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إلـه إلا الله وأن محمدا رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: رجل زنى بعد إحصان فإنه يرجم، ورجل خرج محاربا لله ورسوله، فإنه يُقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض، أو يَقتل نفسا فيُقتل بها".
    ومن خلال جمع الأحاديث في الموضوع الواحد ـ وهو منهج معتبر ومتبع في فهم نصوص السنة النبوية، بل لا يصح فهم السنة بدونه ـ يتبين لنا أن مجرد الردة ليس موجبًا للقتل، وإنما اقتران الردة بالحرابة والخروج، ومفارقة الجماعة هو الموجب لذلك، ويمكن حمل الإطلاق في حديث ابن عباس على التقييد المذكور في حديث ابن مسعود وحديث عائشة.

    آراء للفقهاء المعاصرين
    ولهذا يقول الشيخ محمود شلتوت في حكم المرتد: "وقد يتغير وجه النظر في المسألة إذا لوحظ أن كثيرا من العلماء يرى أن الحدود لا تثبُت بحديث الآحاد، وأن الكفر بنفسه ليس مبيحا للدم، وإنما المبيح هو محاربة المسلمين والعدوان عليهم ومحاولة فتنتهم عن دينهم، وأن ظواهر القرآن الكريم في كثير من الآيات تأبى الإكراه في الدين".
    ويقول د. يوسف القرضاوي: "والذي أراه أن العلماء فرقوا في أمر البدعة بين المغلظة والمخففة، كما فرقوا في المبتدعين بين الداعية وغير الداعية، وكذلك يجب أن نفرق في أمر الردة الغليظة والخفيفة، وفي أمر المرتدين بين الداعية وغير الداعية، فما كان من الردة مغلظًا كردة سلمان رشدي، وكان المرتد داعية إلى بدعته بلسانه أو بقلمه، فالأولى في مثله التغليظ في العقوبة، والأخذ بقول جمهور الأمة وظاهر الأحاديث؛ استئصالا للشر، وسدا لباب الفتنة، وإلا فيمكن الأخذ بقول النخعي والثوري، وهو ما رُوي عن الفاروق عمر، إن المرتد الداعية إلى الردة ليس مجرد كافر بالإسلام، بل هو حرب عليه وعلى أمته، فهو مندرج ضمن الذين يحاربون الله ورسوله، ويسعون في الأرض فسادًا".
    وفي اتفاق مع هذه الآراء يقول أستاذنا الدكتور محمد بلتاجي حسن: "وليست هي ـ يعني الردة ـ فيما يبدوا لي ـ مناط العقاب؛ إنما مناطه أقوال وأفعال يظهرها المرتد بقصد مفارقة جماعة المسلمين، والعمل على هدم مقومات حياتهم؛ فهي أشبه ما تكون بجريمة الخيانة العظمى في التشريعات الوضعية، أما مجرد أن يعتقد الإنسان بما يكفره شرعًا دون قول أو فعل منه يهدم مقومات المجتمع المسلم فليس مناط التجريم، فيما يبدو لي؛ لأن الاعتقاد أمر باطني لا يعلمه إلا الله تعالى، وهو مناط الحساب في الآخرة".
    وهو نفس ما أفتى به المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث، قال: "ذهب جماعة من السلف والأئمة إلي أنه ليس كل مرتد يقتل، وإنما يقتل من كان مجاهرًا بردته أو داعيًا إلي فتنة أو معلنًا بأذى الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمؤمنين، وقتله من أجل حماية الدين والمجتمع من فساده، وليس ذلك من مصادرة الحريات لما في فعله من التعدي علي حق غيره، ومصلحةُ الدولة والمجتمع مقدمتان علي المصلحة الفردية الذاتية، وهذه القضية في الحقيقة شبيهة بما يصطلح عليه في القوانين المعاصرة بـ (الخيانة العظمى) بسبب ما يترتب علي ذلك من الضرر العام".
    ويقول د. أحمد الريسوني: "فالحديث ـ يعني حديث عبد الله بن مسعود ـ لم يقتصر على المروق من الدين (وهي الردة)، بل أضاف إليه ترك الجماعة، أو مفارقة الجماعة، أو الخروج من الجماعة، كما في روايات أخرى. وهي إضافة لا يمكن أن تكون بدون فائدة إضافية وبدون أثر في موجب الحكم. ومفارقة الجماعة، أو الخروج عن الجماعة، كانت تعني التمرد والعصيان والمحاربة، وربما الانضمام إلى العدو المحارِب. وهذا ما جاء صريحا في روايات أخرى لهذا الحديث... وبهذا يظهر أن موجبات قتل المرتد، هي ما يقترن بالردة من خروج عن الجماعة وحمل للسيف عليها، كما يظهر أن القتل ليس هو العقوبة الوحيدة الممكنة لمثل هذه الحالة.
    ويخلص الريسوني إلى أن القول بأن القتل يكون للردة وحدها ولا شيء معها أو سواها، يتنافى تنافيًا واضحًا مع قاعدة "لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" فتعين رده وعدم التسليم به. بعد ذلك؛ فإن هذه الأخبار والآثار الدالة على قتل المرتد، يمكن أن تفهم على أنها:
    ـ إما متعلقة بعقوبة تعزيرية، تراعى في اعتمادها الملابسات والمخاطر التي كانت تشكلها حركة الردة على الكيان الإسلامي الناشئ؛ خاصة ونحن نعرف من خلال القرآن الكريم، ومن سياق الأحداث والوقائع يومئذ، أن كثيرا من حالات الدخول في الإسلام، ثم الخروج منه ، كانت عملا تآمريًّا مبيَّتا ينطوي على الخيانة والغدر.
    ـ وإما متعلقة بما يقترن عادة مع الردة، من جرائم، أو التحاق بصف العدو أو نحوها من الأفعال الموجبة للعقوبة".
    أما الدكتور محمد سليم العوا فيضيف لنا بعدًا أصوليًّا جديدًا في النظر لحديث ابن عباس، وهو أقوى حديث للاستدلال في قتل المرتد حدًّا؛ حيث رأى أن الأمر في قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "فاقتلوه" ليس للوجوب، وإنما هو للإباحة لوجود قرائن صارفة للأمر من الوجوب إلى الإباحة، ومن ثم تكون العقوبة تعزيرية موكولة إلى الإمام، ومن هذه القرائن:

    الأمر الأول: أن الأحاديث التي ورد فيها أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قتل مرتدًّا أو مرتدة أو أمر بأيهما أن يُقتل، كلها لا تصحُّ من حيث السند؛ ومن ثم فإنه لا يثبت أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عاقب على الردة بالقتل.
    الأمر الثاني: ما رواه البخاري ومسلم من أن "أعرابيًّا بايع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة، فأتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: يا محمد أقلني بيعتي. فأبى ثم جاءه قال: يا محمد أقلني بيعتي؛ فأبى؛ فخرج الأعرابي، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها"، وقد ذكر الحافظ ابن حجر، والإمام النووي نقلاً عن القاضي عياض أن الأعرابي كان يطلب من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إقالته من الإسلام، فهي حالة ردة ظاهرة، ومع ذلك لم يعاقب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الرجل ولا أمر بعقابه، بل تركه يخرج من المدينة دون أن يعرض له أحد.
    الأمر الثالث: ما رواه البخاري عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: "كان رجل نصرانيًّا فأسلم، وقرأ البقرة وآل عمران. فكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، فعاد نصرانيًّا، فكان يقول ما يدري محمد إلا ما كتبت له، فأماته الله فدفنوه، فأصبح وقد لفظته الأرض…" الحديث، ففي هذا الحديث أن الرجل تنصر بعد أن أسلم وتعلم سورتي البقرة وآل عمران، ومع ذلك فلم يعاقبه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على ردته.
    الأمر الرابع: هو ما وردت حكايته في القرآن الكريم عن اليهود الذين كانوا يترددون بين الإسلام والكفر ليفتنوا المؤمنين عن دينهم ويردوهم عن الإسلام، قال تعالى: "وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" (آل عمران: 72). وقد كانت هذه الردة الجماعية في المدينة والدولة الإسلامية قائمة، ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حاكمها، ومع ذلك لم يُعاقب هؤلاء المرتدين الذين يرمون ـ بنص القرآن الكريم ـ إلى فتنة المؤمنين في دينهم وصدهم عنه.
    وليس من اليسير علينا أن نسلم مع وجود هذه الوقائع المتعددة للردة، ومع عدم عقاب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ للمرتدين في أي منها، بأن عقوبة المرتد هي القتل حدًّا؛ إذ من خصائص الحدود ـ كما قدمنا ـ وجوب تطبيقها كلما ثبت ارتكاب الجريمة الموجبة لها.
    وإذ كان حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه" حديثًا صحيحًا من حيث السند، فإننا نقول: إن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنما أراد بهذا الحديث ـ والله أعلم ـ أن يبيح لأمته قتل المرتد تعزيرًا"(17). ا.هـ.

    الترجيح في ضوء مقصد الحكم وبيان دوره في الاستدلال
    ولكي ندرك حقيقة كلام الفقهاء الذين أوردنا آراءهم ـ شلتوت والقرضاوي والبلتاجي والمجلس الأوربي والريسوني والعوا ـ وكذلك حقيقة الرأي الآخر، وهو رأي السواد الغالب من الفقهاء على مر العصور، لابد من البحث عن مقصد الحكم، والوقوف عليه وبيان أثره في الاستدلال على هذا الحكم بشكل يجمع النصوص ولا يجعل بعضها يعارض بعضًا، بل يعمل على انسجام النصوص بعضها مع بعض، بإرجاع متشابهها إلى محكمها، وحمل مطلقها على مقيدها؛ ولكي نقف على المقصد ينبغي أن نبحث عن السياق الحكم صدر فيه، والسياق أحد أهم مسالك الكشف عن المقصد الجزئي للحكم الشرعي الفرعي العملي.
    وندع العلامة محمد رشيد رضا يبين لنا هذا السياق في قوله: "كان المرتد من مشركي العرب يعود إلى محاربة المسلمين وإيذائهم، فمشروعية قتله أظهر من مشروعية قتال جميع المشركين المحادين للإسلام، وكان بعض اليهود ينفر الناس من الإسلام بإظهار الدخول فيه، ثم بإظهار الارتداد عنه ليقل قوله بالطعن فيه قال تعالى: "وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" (آل عمران: 72). فإذا هدد أمثال هؤلاء بقتل من يؤمن ثم يرتد، فإنهم يرجعون عن كيدهم هذا؛ فالظاهر أن الأمر بقتل المرتد كان لمنع شر المشركين، وكيد الماكرين من اليهود؛ فهو لأسباب قضت بها سياسة ذلك العصر، التي تسمى في عرف أهل عصر سياسة عرفية عسكرية، لا لاضطهاد الناس في دينهم، ألم تر أن بعض المسلمين أرادوا أن يُكرِهوا أولادهم المتهودين على الإسلام، فمنعهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بوحي من الله عن ذلك، حتى عند جلاء بني النضير، والإسلام في أوج قوته، وفي ذلك نزلت آية: "لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" (البقرة: 256).
    وهذا كلام كاشف عن المقصد وموضح لطبيعة الحكم من خلال استعراض سياقه الذي شرع فيه ونزل له، وهو "لمنع شر المشركين، وكيد الماكرين من اليهود؛ فهو لأسباب قضت بها سياسة ذلك العصر، التي تسمى في عرف أهل عصر سياسةً عرفية عسكرية، لا لاضطهاد الناس في دينهم".
    وهذا الكلام لا يعني أن الحكم سيختلف مع اختلاف سياسة كل عصر، وإنما هو بيان للمقصد من تشريعه لنأخذ إضاءة وكشفًا عن سبب تشريع الحكم؛ ليكون تعاملنا معه تعاملاً صحيحًا؛ مدركًا لحقيقته وطبيعته، ويكون اجتهادنا في تكييفه وتطبيقه في عصور أخرى وظروف أخرى صحيًّا وصحيحًا؛ بحيث يدور مع علته أو مقصده وجودًا وعدمًا، فمتى كانت الردة غير مزعزعة للأمن فلا قتل، ومتى كانت مهددة له جاز.
    أما مقصد هذا الحكم، والذي اتضح لنا من خلال سياق تشريعه، فهو: منع الفتنة والهدمِ والتفريقِ والمحاربةِ والخروجِ على جماعة المسلمين وإيقاعِ الضرر بهم، والحيلولةُ دون زعزعة النظام الاجتماعي للدولة؛ فمصلحة الدولة والجماعة والأمة مقدمة على مصلحة الفرد.
    وهذه المقاصد مجتمعة تصب في مقصد واحد هو تحقيق الأمن الاجتماعي لجماعة المسلمين، وهذا المقصد لم يختلف فيه أحد سواء من ذهب للقول بأن قتل المرتد حدٌّ، أو من قال بأنه سياسة تعزيرية مرتبطة بالخروج على المسلمين ومناصبتهم العداء، واتضح هذا جدًّا في النصوص التي سبق ذكرها.
    وهذا المقصد يكشف لنا تكييف الحكم، ويجعل لنا فرقانًا في إدراك مناطه، ومعرفة تحقيق ذلك المناط، ويُعلِّمنا متى يُقتل المرتد، ومتى لا يقتل، ويحمل بكل اطمئنان على القول بأن عقوبة المرتد بالقتل تكون على المُجاهر، الذي يدعو الآخرين للردة ـ سياسة وتعزيرًا نوطًا بالحاكم أو من يقوم مقامه في مؤسسات الدولة ـ لأن المرتد في هذه الحالة يشكل خطرًا على المجتمع وأمنه واستقراره، وليس لمجرد تغيير دينه؛ لأن الإسلام كفل الحرية في هذا، ومنَع الإكراه؛ إذ الإكراه على الدين لا يجدي نفعًا، ولا ينتج إلا ضررًا.
    أما الذي لا يجاهر بردته فيكفيه عقوبة الآخرة، والتي قال الله فيها: "وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُو كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة: 217)؛ فيتحقق فيه الوعيد بالعذاب الشديد وإحباط العمل يوم الحساب.
    وبهذا لا تتعارض النصوص والروايات والوقائع، ويتناغم بعضها مع بعض، دون الحاجة للقول بالنسخ، وبخاصة في آية كلية هي من قواعد ومقررات الإسلام: "لا إكراه في الدين"، ويظهر وجه الإسلام المشرق بتعاليمه الإنسانية، ومقاصد تشريعه، ومعقولية أحكامه.
    .............................................
    من موقع الدكتور صلاح سلطان .

    لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

  3. #13
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    الدولة : خارج التغطية
    العمر : 44
    المشاركات : 5,087
    المواضيع : 206
    الردود : 5087
    المعدل اليومي : 1.09

    افتراضي

    السؤال : استمعت لعالم قال إن عقوبة القتل للردة كانت مقتصرة على زمان النبي صلى الله عليه وسلم فقط ، وأنها لا تطبق على من ارتد في زماننا هذا . وقال إنها طبقت على اليهود الذين قالوا ندخل الإسلام ثم نتركه لنضعفه. فما قولكم في هذا؟

    الجواب :

    الحمد لله

    عقوبة قتل المرتد ثابتة بالنصوص الصريحة الصحيحة التي لا مجال لإنكارها ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (14231) .

    إلا أن كثيراً من المنهزمين فكرياً من أبناء هذه الأمة يحاولون التنصل من هذا الحكم الشرعي الصريح ، وإيجاد المبررات التي قد تبدو منطقية ومقبولة لدى الغرب .

    ومن ذلك زعم بعضهم : أن قتل المرتد إنما شُرع رداً على سياسة اليهود الذين أرادوا زعزعة هذا الدين والتشكيك فيه عن طريق الدخول في الإسلام ثم الخروج منه ، مما يورث شبهة وشكاً عند أتباعه ، وليس هو حكماً عاماً يشمل كل من خرج من دين الإسلام .

    وعضدوا قولهم هذا بما أخبر الله عنه من سياسة اليهود : (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) آل عمران/72 .

    وهذا القول باطل ، لا نعلم أحداً قاله من علماء الإسلام وفقهائه المعتبرين ، وليس في النصوص الشرعية ما يؤيده أو يدل عليه .

    وليس في الآية المذكورة دليل على أن عقوبة المرتد (وهي القتل) كان بسبب هؤلاء اليهود ، ولا أنها خاصة بهم أو بزمن الرسول صلى الله عليه وسلم .

    وقصارى ما في الآية الإخبار عن مكيدة يهودية أرادوا بها أن يلبسوا على الضعفاء من الناس ، بأن يظهروا الإيمان أول النهار ويصلوا مع المسلمين ، فإذا جاء آخر النهار ارتدوا إلى دينهم ، ليقول الناس : إنما رَدّهم إلى دينهم اطّلاعهُم على نقيصة وعيب في دين المسلمين. ينظر : "تفسير ابن كثير" (2/59) .

    وليس في هذه الآية ولا غيرها من النصوص الشرعية ما يدل أو يشير إلى أن مشروعية قتل المرتد كان بسبب هذه المؤامرة ، فضلا ًعلى أن تكون خاصة بهم .

    ومن الأدلة على بطلان هذا القول :

    أولا : عموم قوله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) رواه البخاري (2794) .

    و"مَنْ" اسم شرط ، ومن المقرر عند علماء الأصول أن اسم الشرط يفيد العموم ، فهذا الحكم عام في كل من ارتد عن دين الإسلام في كل زمان ومكان ، ومن رام تخصيصه في زمن معين فيلزمه الدليل الشرعي الواضح على هذا التخصيص .



    ثانياً : جريان عمل الأمة الإسلامية على تطبيق "عقوبة الردة" من بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم في العصور كافةً من غير نكير من أحد من أهل العلم .

    فقاتل أبو بكر المرتدين عن دين الإسلام ، وتبعه الصحابة على ذلك ولم يخالفه منهم أحد .

    وأمر عمر بن الخطاب بقتل جماعة من المرتدين كما رواه عبد الرزاق في " المصنف" (10/168) عن عبد الله بن عتبة قال : أخذ ابن مسعود قوماً ارتدوا عن الإسلام من أهل العراق ، فكتب فيهم إلى عمر .

    فكتب إليه : (أن اعرض عليهم دين الحق وشهادة أن لا إله إلا الله ، فإن قبلوها فخل عنهم ، وإن لم يقبلوها فاقتلهم) .

    فقبلها بعضهم فتركه ، ولم يقبلها بعضهم فقتله .

    وكذلك قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه جماعة من المرتدين ، وأقره على قتلهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، كما ثبت ذلك في صحيح البخاري (6922) .

    وفي " المصنف" لعبد الرزاق (10/170) عن أبي عمرو الشيباني : أن المستورد العجلي تنصر بعد إسلامه ، فبعث به عتبة بن فرقد إلى علي ، فاستتابه فلم يتب ، فقتله .

    وقتل أبو موسى الأشعري ومعاذ رضي الله عنهما يهودياً أسلم ثم ارتد .

    ففي البخاري (7157) ومسلم (1824) عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ ، فَأَتَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ عِنْدَ أَبِي مُوسَى ، فَقَالَ : مَا لِهَذَا؟

    قَالَ: أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ .

    قَالَ معاذ : لَا أَجْلِسُ حَتَّى أَقْتُلَهُ ، قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

    وحوادث قتل المرتين وشواهده في التاريخ كثيرة جداً ، لا يمكن حصرها .

    ثالثاً : لم يقل أحد من علماء الإسلام في تاريخ هذه الأمة على مدار أربعة عشر قرناً أن "عقوبة المرتد " خاصة بزمن النبي صلى الله عليه وسلم ، فكيف يخفى الحق في هذه المسألة الهامة على علماء الأمة على مدار هذه الأزمان حتى يأتي في هذا الزمن من يبينه لهم !!.

    قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى : " وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ , وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ , وَعَلِيٍّ , وَمُعَاذٍ , وَأَبِي مُوسَى , وَابْنِ عَبَّاسٍ , وَخَالِدٍ , وَغَيْرِهِمْ , وَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ , فَكَانَ إجْمَاعًا ". انتهى " المغني" (9/16) .

    والردة ليست مجرد موقف عقلي ، بل هي تغيير للولاء ، وتبديل للهوية ، وتحويل للانتماء ، فالمرتد ينقل ولاءه ، وانتماءه من أمة إلى أمة أخرى ، فهو يخلع نفسه من أمة الإسلام التي كان عضواً في جسدها ، وينضم بعقله وقلبه وإرادته إلى خصومها .

    ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : الثَّيِّبُ الزَّانِي ، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ) ، رواه البخاري (6878) ، ومسلم (1676) .

    فكلمة (المفارق للجماعة) وصف كاشف ؛ لأن كل مرتد عن دينه هو مفارق للجماعة .

    وإن التهاون في عقوبة المرتد يعرض المجتمع كله للخطر ، ويفتح عليه باب فتنة لا يعلم عواقبها إلا الله سبحانه وتعالى ، فلا يلبث المرتد أن يغرر بغيره ، وخصوصاً الضعفاء والبسطاء من الناس .

    وللوقوف على حكمة قتل المرتد ينظر جواب السؤال (12406) ، (20327).

    الإسلام سؤال وجواب
    أنــــا لا أعترض إذاً أنا موجود ....!!

  4. #14
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    الدولة : خارج التغطية
    العمر : 44
    المشاركات : 5,087
    المواضيع : 206
    الردود : 5087
    المعدل اليومي : 1.09

    افتراضي

    لماذا يقتل من كفر بعد إسلامه ؟

    عقوبة المرتد هو القتل ، فلماذا هذا التشدد ؟.

    الحمد لله

    عقوبة المرتد عن دين الإسلام هي القتل ، قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة/217 ، وثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( من بدّل دينه فاقتلوه ) رواه البخاري في صحيحه ، ومعنى الحديث : من انتقل عن دين الإسلام إلى غيره واستمر على ذلك ولم يتب فإنه يقتل ، وثبت أيضاً عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيّب الزاني ، المارق من الدين التارك للجماعة ) رواه البخاري ومسلم .

    وهذا التشديد في عقوبة المرتد لأمور عديدة منها :

    1. أن هذه العقوبة زجر لمن يريد الدخول في الإسلام مصانعة أو نفاقاً ، وباعث له على التثبت في الأمر فلا يقدم إلا على بصيرة وعلم بعواقب ذلك في الدنيا والآخرة ، فإن من أعلن إسلامه فقد وافق على التزامه بكل أحكام الإسلام برضاه واختياره ، ومن ذلك أن يعاقب بالقتل إذا ارتد عنه .

    2. من أعلن إسلامه فقد دخل في جماعة المسلمين ، ومن دخل في جماعة المسلمين فهو مطالب بالولاء التام لها ونصرتها ودرء كل ما من شأنه أن يكون سبباً في فتنتها أو هدمها أو تفريق وحدتها ، والردة عن الإسلام خروج عن جماعة المسلمين ونظامها الإلهي وجلب للآثار الضارة إليها والقتل أعظم الزواجر لصرف الناس عن هذه الجريمة ومنع ارتكابها .

    3. أن المرتد قد يرى فيه ضعفاء الإيمان من المسلمين وغيرهم من المخالفين للإسلام أنه ما ترك الإسلام إلا عن معرفة بحقيقته وتفصيلاته ، فلو كان حقاً لما تحوّل عنه ، فيتلقون عنه حينئذ كل ما ينسبه إليه من شكوك وكذب وخرافات بقصد إطفاء نور الإسلام وتنفير القلوب منه ، فقتل المرتد إذاً هو الواجب ؛ حماية للدين الحق من تشويه الأفّاكين ، وحفظاً لإيمان المنتمين إليه وإماطة للأذى عن طريق الداخلين فيه .

    4. ونقول أيضاً : إذا كانت عقوبة القتل موجودة في قوانين البشر المعاصرة حماية للنظام من الاختلال في بعض الأحوال ومنعاً للمجتمع من الانسياق في بعض الجرائم التي تفتك به ، كالمخدرات وغيرها ، فإذا وُجد هذا لحماية قوانين البشر فدين الله الحق الذي لا يأيته الباطل من بين يديه ولا من خلفه والذي كله خير وسعادة وهناء في الدنيا والآخرة أولى وأحرى بأن يُعاقب من يعتدي عليه ، ويطمس نوره ، ويشوه نضارته ، ويختلق الأكاذيب نحوه لتسويغ ردته وانتكاسه في ضلالته .

    فتاوى اللجنة الدائمة (21/231-234) .

    الإسلام سؤال وجواب

  5. #15
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    الدولة : خارج التغطية
    العمر : 44
    المشاركات : 5,087
    المواضيع : 206
    الردود : 5087
    المعدل اليومي : 1.09

    افتراضي

    رغم أني غير مسلم ، إلا إنني من المغرمين جدًا بعقيدتكم. لكن من الصعب فهم الداعي إلى الحكم بالموت على رجل بسبب كلام قاله فقط ، أعني سلمان رشدي . أعتقد أننا بصفتنا بشر ليس من حقنا إصدار مثل هذه القرارات، فقط الله هو الذي يحكم في مثلها ؟

    الحمد لله

    نشكر لك ثقتك لإرسال هذا السؤال ، وغرامك بعقيدتنا ، وحرصك على معرفة الجواب ، فأهلاً بك زائراً وقارئاً ومستفيداً .

    أيها السائل : إن مما استوقفنا كثيراً في رسالتك هو تصريحك بالإعجاب بدين الإسلام ، وهذه بشارة خير لنا ولك ، أما من جهتنا فإننا نسعد بوصول ديننا إلى أمثالك ممن يبحث عن الحق ، وهو ما أخبرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم من أن هذا الدين سيبلغ كل مكان على هذه الأرض فعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلَامَ وَذُلا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ " رواه أحمد (16344) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (3) .

    وأما بالنسبة لك فإن إعجابك بهذا الدين سيكون دافعاً لك للإطلاع على ما جاء به هذا الدين الحنيف ، من موافقته للفِطَر السليمة ، والعقول المُستَقِيمة ، فننصحك بالتجرد الكامل من كل مؤثر ، والقراءة المتأنية لتعاليم دين الإسلام ، ولعلك أن تقرأ ما يتعلق بالإسلام في هذا الموقع مثل الأسئلة (219)،(21613)،(20756)،(10590) .

    أما قولك : " من الصعب فهم الداعي إلى الحكم بالموت على رجل بسبب كلام قاله فقط .... أعتقد أننا بصفتنا بشر ليس من حقنا إصدار مثل هذه القرارات ، فقط الله هو الذي يحكم في مثلها " فكلامك صحيح ، إذ ليس لأحد أن يحكم على شخص بالقتل بدون دليل من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .

    والحكم بالقتل من أجل كلمة يسمى عند علماء المسلمين بـ" الردة " ، فما هي الردة ؟ بماذا تكون الردة ؟

    وما هو حكم المرتد ؟

    أولاً : الردة ... هي الكفر بعد الإسلام .

    ثانياً : بماذا تكون الردة ...

    تنقسم الأمور التي تحصل بها الردة إلى أربعة أقسام :

    أ*- ردة بالاعتقاد ، كالشرك بالله أو جحده أو نفي صفةٍ ثابتة من صفاته أو إثبات الولد لله فمن اعتقد ذلك فهو مرتد كافر .

    ب*-ردة بالأقوال ، كسب الله تعالى أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم .

    ج- ردة بالأفعال ، كإلقاء المصحف في محلٍ قذر ؛ لأن فعل ذلك استخفاف بكلام الله تعالى ، فهو أمارة عدم التصديق ، وكذلك السجود لصنم أو للشمس أو للقمر .

    د- الردة بالترك ، كترك جميع شعائر الدين ، والأعراض الكلي عن العمل به .
    ثالثاً : ما هو حكم المرتد ؟

    إذا ارتد مسلمٌ ، وكان مستوفياً لشروط الردة – بحيث كان عاقلاً بالغاً مختاراً - أُهدر دمه ، ويقتله الإمام – حاكم المسلمين – أو نائبه – كالقاضي – ولا يُغسَّل ولا يُصلى عليه ولا يُدفن مع المسلمين .

    ودليل قتل المرتد هو قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من بدل دينه فاقتلوه " رواه البخاري (2794) . والمقصود بدينه أي الإسلام .


    وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والتارك لدينه المفارق للجماعة " رواه البخاري 6878 ومسلم 1676
    أنظر الموسوعة الفقهية 22/180


    وبهذا يتبين لك أيها السائل أن قتل المرتد حاصلٌ بأمر الله سبحانه حيث أمرنا بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : { وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } ، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقتل المرتد كما تقدم بقوله : " من بدل دينه فاقتلوه " .

    وقد تحتاج هذه المسألة منك إلى وقت للاقتناع ، وإلى تأملٍ فيها ، ولعلك تفكر في مسألة أن الإنسان إذا اتبع الحق ودخل فيه واعتنق هذا الدين الوحيد الصحيح الذي أوجب الله ، ثم نجيز له أن يتركه بكل سهولة في أي وقت يشاء وينطق بعبارة الكفر التي تُخرج منه ، فيكفر بالله ورسوله وكتابه ودينه ثم لا تحدث العقوبة الرادعة له ، كيف سيكون تأثير ذلك عليه وعلى الداخلين الآخرين في الدين .

    ألا ترى أن ذلك يجعل الدين الصحيح الواجب اتباعه كأنه محل أو دكان يدخل فيه الشخص متى شاء ويخرج متى شاء وربما يُشجع غيره على ترك الحق .

    ثم هذا ليس شخصاً لم يعرف الحق ولم يمارس ويتعبد ، وإنما شخص عرف ومارس وأدى شعائر العبادة ، فليست العقوبة أكبر مما يستحق وإنما مثل هذا الحكم القوي لم يُوضع إلا لشخص لم تعد لحياته فائدة لأنه عرف الحق واتبع الدين ، ثم تركه وتخلى عنه ، فأي نفس أسوأ من نفس هذا الشخص .

    وخلاصة الجواب أن الله الذي أنزل هذا الدين وفرضه هو الذي حكم بقتل من دخل فيه ثم تخلى عنه ، وليس هذا الحكم من أفكار المسلمين واقتراحاتهم واجتهاداتهم ، وما دام الأمر كذلك فلابد من إتباع حكم الله ما دمنا ارتضيناه رباً وإلهاً .

    والله يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى ، ونشكرك مرة أخرى

    والسلام على من اتبع الهدى .

    الإسلام سؤال وجواب
    الشيخ محمد صالح المنجد

  6. #16
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    موضوع قتل المرتد شغل بالي كثيراً
    وكنت دائماً ابحث عن أجواء علمية رصينة نظيفة للنقاش حوله
    وعندما طرح الاخ الحبيب ربيع الموضوع قلت آن أوانه

    فهل نبدأ ؟




صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

المواضيع المتشابهه

  1. بعض أحكام أضحية العيد
    بواسطة علال المديني في المنتدى مُنْتدَى رَمَضَان والحَجِّ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 22-07-2020, 07:53 PM
  2. الردة والغفران
    بواسطة خالد ابو امل في المنتدى مَدْرَسَةُ الوَاحَةِ الأَدَبِيَّةِ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 27-04-2011, 11:42 PM
  3. إلى النذل سيف الردة ابن... الـ........قذافي وما تبقى من عهر.
    بواسطة محمدسليمان العلوني في المنتدى الأَدَبُ السَّاخِرُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 18-03-2011, 03:16 AM
  4. تأثير بعض المعاملات على خواص بعض المنتجات اللبنية
    بواسطة محمود سلامة الهايشة في المنتدى عُلُومٌ وَتِّقْنِيَةٌ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-02-2009, 08:53 PM
  5. الردة والمرتد في الشريعة الإسلامية
    بواسطة خليل حلاوجي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 17-09-2008, 09:13 AM