عَلَى بِسَاطِ الكلمةِ العَذْبةِ شَيَّدَا أحْلامهما ، وبين غُرفِ السعادةِ غَرَّدَتْ طُيُور الوِدِّ بينهما ، كانت أمانيهما تُسَابِقُ الزمنَ ، وتَرْفضُ الخُنوعَ والخضوعَ لمعايير العقل ، فقد تَعَلَّما أن لغةَ القلوبِ تُغايرُ كلَّ المعايير ، وتتهاوَى أمامها كل النظريات .
كانَا حُلماً جميلاً يَعِدُ بواقعٍ أجْمَلَ ، واقعٍ لَطَالما رَسَمَا خطوطَهُ العريضةَ وَشَيَّداهُ لَبِنَة لَبِنَة ..
كان لها كما شَهريار سيدُ الحِكاية ِوعزيزُ الرواية ِ، إنْ نطق أطْرَقَتْ حواسُها له إجْلالاً وإكبارًا ، وإن صمتَ ارْتَعدتْ فرائِسُها من هوْلِ ما يعقب هذا السكون .
في هُدُوئِه تسْتبيحُ الغَوْصَ في أعْمَاقِهِ ، وتُغْرِيهَا السباحةُ في مَكْنُونَاتِ نفسِهِ العَزِيزَةِ الأبِيَّةِ . وفي غَضَبِهِ تَهَابُ الدُّنُوَ من حياضِهِ ، فكأنه ليثٌ حين يغضبُ .
تاهتْ بين كلامِهِ وصمتِهِ ، وهدوئِه ِوصَخَبِهِ ، ورِقَّتِهِ وقَسْوتِهِ .بَيْدَ أنَّها مَا اسْتَطَاعَت يَوْمًا أنْ تُنَاصِبَهُ العَدَاءَ ،بَلْ ظلتْ في قرارة نفسها تُجلُّهُ وتقدره وتُمَنِّي النفسَ به كل حينِ .
كانتْ تَتمنَّى أن تكونَ له شهرزاد ، تُشَنِّفُ سَمْعهُ كلَّ يومٍ بِحكايةٍ ، لكنَّ العجزَ كانَ يَسكُنُهَا ، ولا يكادُ لِسانُها ينطقُ بما في نفسها ،
يُلجِمُها ضعفها ، وتأسرها ظروفُ الحياةِ القاهرةِ التي كانت تهددها دوما بالخُسْرانِ المبينِ .
ما كان يبدد حُلْكةَ ليلها سوى يقينُها أنه عَشِق فيها كل الصفاتِ ، وما كان يُزيلُ العَتمة الجاثمةَ على صدرها سوى اعُتِرافُهُ ذات مرات أنَّ لها في القلبِ مقامًا راسخاً رسوخَ الجبالِ .
كانت تَطُربُ عند سماع هذه العبارة لأنها تعلمُ أن الجبال ثابتة ، لا تؤثر فيها الحوداث والنوائبُ ، شامخة لا تخِرُّ ولا تلين .
لكن يبدو أن هندسة الأحلام لا تخضع للواقع دوما فالجبال أحيانا تؤول إلى زوالٍ .