|
أَرِيقِي بَرِيقَ الوَدْقِ قَبْلَ التَّفَرِّقِ |
وَرِقِّي لِدَمْعٍ سَحَّ مِنْ عَيْنِ مُطْرِقِ |
وَلا تَلْطِمِي خَدَّ الـحِكَايَاتِ إِنَّهَا |
تَرَاتِيلُ مَكْلُومٍ وَآيَةُ مُشْفِقِ |
لَئِنْ ضَاقَ مِنْكِ الصَّدْرُ مِنْ غَيرِ عِلَّةٍ |
فَإِنَّ فُؤَادِي لمْ يَضِقْ مِنْكِ مَا سُقِي |
مَضَيتِ لِدَرْبِ الـهَجْرِ فِي نَزَقِ الـهَوَى |
وَمَزَّقْتِ مَا أَبْرَمْتُ شَرَّ مُمَزَّقِ |
وَكُنَّا تَعَاهَدْنَا وَفَاءً وَذِمَّةً |
فَآثَرْتِ طَعْنَ العَهْدِ فِي قَلْبِ مُرْهَقِ |
تَمُوجُ اللَيَالِي بَينَ نَوْءٍ وَفَتْرَةٍ |
وَحِضْنُكِ فِيهَا حِضْنُ يَمٍّ لِزَوْرَقِ |
إِذَا رَقَّ هَمْسُ الرِّيحِ يُرْخِي شِرَاعَهُ |
وَإِنْ هَبَّ عَصْفُ الوَهْمِ بِالذَّنْبِ يَغْرَقِ |
وَكُنْتُ عَلَى الـحَالَينِ أُغْضِي وَأَجْتَبِي |
وَمَا ذَاكَ إِلا مِنْ شَدِيدِ التَّعَلُّقِ |
وَكُنْتُ إِذَا مَا القَلْبُ بِالشَّوْقِ شَفَّنِي |
أَوَدُّ لَوَ انَّ القَلْبَ لَمْ يَتَشَوَّقِ |
أَكَادُ بِمَا يُمْلِيهِ مِنْ لَـهْفَةِ الـجَوَى |
أَمُوتُ كَصَقْرٍ ثُمَّ أَحْيَا كَخِرْنِقِ |
وَإِنِّي عَزِيزُ الـجَنْبِ أَسْمُو عَنِ الـخَنَا |
وَتَأْنَفُ نَفْسِي كُلَّ قَولٍ مُلَفَّقِ |
أَنَاهِزُ تِلكَ الرُّوحَ فِي عُمْقِ كَوْنِهَا |
وَلِلقِمَّةِ القَعْسَاءَ أَسْعَى وَأَرْتَقِي |
أَنَا الكَوْكَبُ الدُّرِيُّ فِي عَتْمَةِ الرُّؤَى |
أَعِيشُ غَرِيبًا بِاجْتِهَادِي وَمَنْطِقِي |
أُحِبُّ نِدَاءَ القَلْبِ فِي ثَوبِ فَارِسٍ |
يَمُوتُ لِيَحْيَا الـحَقُّ فِي كُلِّ مُتَّقِي |
فَإِنْ نَاجَزَتْنِي البِيدُ عَنْ جَنَّةِ الـهَوَى |
فَمَا عَتَبٌ يَسْقِي الـحَبِيبَ وَلا يَقِي |
وَكُلُّ فُؤَادٍ فِي يَدِ الغَيبِ جَدُّهُ |
وَمَا يَعْلَمُ المَرْءُ السَّعِيدَ مِنَ الشَّقِي |
فَيَا وَاحَةَ الأُنْسِ التِي طَابَ نَشْرُهَا |
وَيَا رَاحَةَ النَّفْسِ التِي لَمْ تَرَقْرَقِ |
مَقَامُكِ فِي قَلْبِي مُنِيفٌ مُقَدَّمٌ |
وَقَدْرُكِ عِنْدِي فِي الوَرَى تَاجُ مَفْرِقِ |
وَحِسُّكِ دِفْءُ الرُّوحِ فِي رَجْفَةِ الـمَدَى |
وَحُسْنُكِ يُنْبُوعِي الذِي مِنْهُ أَسْتَقِي |
وَمَنْحُكِ أَنْدَى النَّفْسَ مِنْ غَيرِ مِنَّةٍ |
وَبَوْحُكِ نَفْحُ الوَرْدِ فِي دَوْحِ جِلَّقِ |
فَيَا لِطَرِيحٍ قَلْبُهُ فِي زُجَاجَةٍ |
وَيَا لِضَرِيحٍ لِلذِي لَمْ يُصَدِّقِ |
أَبُثُّ إِلَى الأَيَّامِ وَجْدِي وَلَوْعَتِي |
وَأَنْفُثُ فِي الأَوْهَامِ إِلْهَامَ مُـخْفِقِ |
وَأَبْحَثُ فِي الأَحْلامِ عَنْ صَفْوِ بَهْجَةٍ |
وَمَا كُنْتُ أَلْقَاهَا إِلَى حِين نَلْتَقِي |
رَضِيتُ لَكِ السُّكْنَى بِغَيرِ مَنَازِلِي |
وَإِنْ كَانَ فِيهَا مِنْ هَلاكٍ مُحَقَّقِ |
فَمَنْ لِي بِصَبْرٍ عَنْ وِدَادِكِ سَائِغًا |
إِذَا خَارَ إِصْرَارِي أَوِ انْهَارَ خَنْدَقِي |
إِذَا غِبْتِ يَوْمًا فَالأَمَانِيُّ فِي أَسَى |
وَكُلُّ ابْتِسَامٍ إِن بَدَا لِلتَّمَلُّقِ |
وَكُنَّا تَنَازَعْنَا هَوَانَا تَفَكُّهًا |
نُحَلِّقُ شَوْقًا أَيُّنَا ذُو التَّفَوُّقِ |
فَطِرْنَا حَنِينًا فِي رَبِيعٍ مِنَ الرِّضَا |
وَعُدْنَا سُكَارَى مِنْ حَنَانٍ مُعَتَّقِ |
إِذَا هَانَ فِيكِ الـحُبُّ وَاسْتَنْكَفَ الهَوَى |
فَدُعِّي غَرَامِي كَيفَ شِئْتِ وَأَهْرِقِي |
وَلا تُشْفِقِي إِنْ حَمْحَمَ الصَّدْرُ بِالأَسَى |
وَلا تَصْفِقِي بَابَ الـحَدِيثِ الـمُنَمَّقِ |
سَأَطْوِي كِتَابَ الشَّوْقِ مَا اسْطَاعَ خَافِقِي |
وَأَحْفَظُ بِالذِّكْرَى عَلَى الدَّهْرِ مَوْثِقِي |
وَدَاعًا بِطَعْمِ الجُرْحِ يَا بَلْسَمَ النَّدَى |
يَئِنُّ لَهُ نَوْحُ الحَمَامِ الـمُطَوَّقِ |
وَدَاعًا وَمَا فِي النَّفْسِ إِلا صَبَابَةٌ |
وَدَعْوَةُ مَلْهُوفٍ بِعَيْشٍ مُوَفَّقِ |
فَإِنَّ الذِي يَهْوَى يُضَحَّي بسَعْدِهِ |
وَيَدْفَعُ عَنْهَا الهَمَّ فِي كُلِّ مَأْزَقِ |
وِمَنْ يَطْرُقِ اللذَّاتِ يَصْخَبْ إِذَا مَضَتْ |
وَمَنْ يَصْدُقِ الإِحْسَاسَ يُكْرِمْ ويَرْفُقِ |
وَمَا السَّعْدُ إِلا فِي الفَرَاغِ مِنَ الـهَوَى |
إِذَا كَانَ قَلْبٌ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ بَقِي |