أحدث المشاركات
صفحة 1 من 7 1234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 65

الموضوع: ودفعت الثمن عمري ... وأشياء أخرى !

  1. #1
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 391
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.14

    افتراضي ودفعت الثمن عمري ... وأشياء أخرى !

    أَتَدَاجَى فِرَارًا مِنْ قَسْوَتِهَا ...
    لاأَحْسِبُ الْزَمَنَ , وَكَمْ مَرَّتْ مِنْ سَنَوَاتِ عُمْرٍ مُهْتَرِئٍ غَيْرَ شُعُورِي بِكُهُولَةٍ مُبَكِّرَةٍ, وأنَا دُونَ الثَّمَانِيَة عَشْرَ رَبِيعَاً .
    لاأعْرِفُ مِنَ الْحَيَاةِ إلَّا كِتَابَاً ومِقْعَدًا دِرَاسِيَّا تُصَفِّدُنِي عَلَيْهِما كَآلَةٍ تَتَحَرَّك وِفْقَاً لإشَارَاتِهَا بِالْإصْبَعِ فَأَهْرَعُ لِتَلْبِيةِ مَاتُرِيدُ؛ كَيْ أحْظَى مِنْهَا بِنَظْرَةٍ يَبِيسَةٍ لارُوحَ فِيهَا
    رَغْمَ أنِّي أَرَى أُخْتِي الَّتِي تَكْبُرُنِي بِعَامٍ وَاحِدٍ تَحْظَى بِالْكَثِيرِ مِنَ الْاهْتِمَامِ والْرِعَايَةِ ونَوْعٍ جَيِّدٍ مِنَ الْصَدَاقَةِ, وأخِي الْوَحِيد الَّذِي يَصْغُرُنِي بِعَامَيْنِ كَانَ الْعَيْنَ, والْقَلْبَ, والْجَيْبَ .. وكَفَى .
    والِدِي رَحِمَهُ اللهُ كَانَ يُحِتُّ مِنْ هَيْبَتِهِ أَمَامَهَا فَيُرْدِي جَافلاً مَابَيْنَ غَمْغَمَةٍ, ووَعْوَعَةٍ تَعِجُّ, ودَمْدَمَةٍ تَؤُجُّ .
    انْطَلَقْتُ مُتَحَرِّرَةً مِنْ قُيُودٍ خَنَقَتْ رُوحِي, وحَظَيَ بِالْمُوَافَقَةِ مَنْ كَلَّ مَتْنُهُ الْوَحِيدُ, ولَا أدْرِي أنِّي كُنْتُ أهْرَبُ مِنْ جَحِيمِهَا لِأَرْتَمِي فِي أحْضَانِ الْلَظَى .
    وَعَدَنَي ... أَنْ يَكُونَ لِي الدُّنْيَا, وأنْ أكُونَ لَهُ اليَد الأُخْرَى؛ فَكُنْتُ يَدَيْهِ وقَدَمَيْهِ أَتَمَرَّغُ عِنْدَ أعْتَابِ رِضَاه ,
    سَمَعَاً وطَاعَةً ! سَلَبَنِي بِهَا جُلَّ إرَادَتِي, بَلْ وتَفْكِرِي حَتَّى اعْتَشْتُ أتَنَفَّسُ كُلَّ تَفَاصِيلِه ,
    حَارَبَ مِنْ أجْلِ أنْ يَسْلُبَنِي دِرَاسَتِي الَّتِي كَانَتْ انْتِصَارًا لَهَا فِي مُوَاجَهَةِ نَظَرَاتٍ تَقْتُلُهَا, وأفْوَاهٍ تَتَشَدَّقُ غَمْزًا لأُمِّيَّتهَا, وكَانَتْ هِيَ الْفَائِزُ بِمِهْرَجَانِ خَيْبَتِي .
    ادَّعَى أنَّهُ لَمْ يَعْرِفُ فَتَاةً قَط مِنْ قَبْلٍ, ولِعُقْدَةٍ مَا كَرِهَ كُلَّ نِسَاءِ الأَرْضِ .
    صَدَّقْتُهُ .. رَغْمَ مَاقِرَعَ مَسَامِعِي مِنْ مُغَامَرَاتٍ, وعِلاقَاتٍ, وأَفْوَاهٍ تَتَلَوَّى اسْتِنْكَارًا مِنْ قَبُولِي الزَّوَاجَ بِهِ, ومَعَ ذَلِكَ أسْلَمْتُهُ قَلْبِي ؛ فَسَلِبَنِي كُلِّي لأَكُونَ لَهُ فَقَط انْتِقَامَاً مِنْهَا ... بَعْدَمَا هَدَّدَتْهُ بِتَطْلِيقِي مِنْه ؛ فَكَانَ اغْتِصَابَا حَلاَلاً .
    ادَّعَى الثَّرَاءَ وتَحَدَّثَ بِلُغَةِ أَهْلِهِ, رَغْمَ أَنَّنِي لا أطْمَعُ سِوَى فِي ذِرَاعَيْنِ يُلَمْلِمَانِ شِتَاتِي, وصَدْرٍ يَحْتَوِي خَوْفِي, ولُقَيْمَةٍ تَسُدُّ رُمْقِي,
    فَحَصُلْتُ عَلَى مَاكُنْتُ أتَمَنَّى , ويَزِيدُ ... ويَزِيدُ !؟
    وبَعْدَ حِينٍ انْتَقَلْنَا لِقَفْرٍ خالٍ مِنَ الدِّفْءِ, فَارِغِ مِنَ الأمَلِ , يَفْتَقِرُ الرُّوحَ ... البَسْمَةَ ... الحُبَّ !
    حَتَّى المَالَ الَّذِي ادَّعَى .
    خَتَلَتْنِي لَوَامِعاً يَرُفُّ بَرِيقُهَا الزَّائِفُ ازْدَانَتْ بِهَا بِدَايَاتِ حَيَاةٍ مُمْتَهِنَةٍ؛
    فَجَاءَ الذَّرَاعَانِ وَاحِدًا .. ورَضَيْتُ, والصَّدْرُ ظَهْرًا .. وظَلَلْتُ والْلُقَيْمَةُ مَسْمُومَةُ بالهُمُومِ .. وقَضَمْتُ .

    حَبَانِي اللهُ مِنَ الأزَاهِيرِ اثْنَتَيْنِ , ومِنَ الْبَرَاعِمِ اثْنَيْنِ سَكَنُوا حُشَاشَتِي .. تَنْظُرُنِي عَلَيْهِمْ أُخْتِي الَّتِي تَعَدَّدَتْ زِيجَاتِهَا بِسَبَبِ الإنْجَابِ حَتَّى وَهَبَهَا الْبَارِي بَعْدَ سَنَوَاتٍ طِفْلاً أَوْلَقَاً, وأَخِي الَّذِي لَمْ يُنْجِبُ إلَّا بَعْدَ زِيجَتَيْنِ, ولِذَاتِ الْسَبَب حَتَّى حَبَاهُ اللهُ مِنْ زَوْجَتِهِ الثَّالِثَةِ والَّتِي كَانَتْ تَتَمَتَّعُ بِقَدْرٍ وَفِيرٍ مِنْ بَذَاءَةِ الْلِسَانِ والْجَّهْلِ .

    بَدَتْ لِي الْحَيَاةُ جَمِيلَةً بِهِم .. تُرَفْرِفُ رُوحِي لِكَلِمَةِ أُمِّي إذَا مَانَادَانِي بِهَا أَيُّهُم؛ فَأظَلُّ أُدَاعِبُهُم وأُهَامِسُهُم الضَّحِكَ , وأُشَاطِرُهُم الْحَيَاةَ وأدْفَعُهُم للاسْتِذْكَارِ والنَّجَاحِ بِتَفَوُّقٍ , ولا أَسْتَفِيقُ إلَّا عَلَى سَوْطِ صَوْتِه يَشُولُ؛ فَيُرْعِبُهُم .. وَيُرْهِبُنِي :
    - أنْتُمْ لاتَشْعُرُونَ بِمُعَانَاتِي وآلامِي الَّتِي أعِيشُهَا !
    أيُّ آلامٍ وأنَا أسْمَعُ صَوْتَ قَهْقَهَاتِه لاتَنْطَلِقُ إلَّا خَارِجَ الْبَيْتِ ؟ فَأُظِلُّ أبْنَائِي الْحَائِمِينَ بَسْمَةً أُرْوِيهُمْ بِهَا؛ لِيَمْرِئُوا مِنْ حَالَةِ خَصَاصَةٍ لِأُبُوَّةٍ اعْتَقَلَهَا, ولَوَاهَا عَنْهُم لِيَمْنَحَهَا لآخَرَين .

    ذَاتَ مَرَّةٍ آبَ إلَى الْبَيْتِ, يَتَطَايَرُ الشَّرَرُ مِنْ عَيْنَيْهِ يَضْرِبُ هَذَا, ويَلْتَقِفُ ذَاكَ, ويَنْدُبُ حَظَّهُ؛ فَقَدْ أَعْجَزَهُ أَحَدَ الْعُمَلاءِ؛ عِنْدَمَا أحْضَرَ إلَيْهِ تَصْمِيمَاً عَلَى وُرَيْقَةٍ مِنْ دِفْتَرٍ, مُطَالِبَاً تَنْفِيذَهُ عَلَى خَامَاتٍ بِالْحَجْمِ الْكَبِيرِ ُمقَابِلَ مِبْلَغٍ مِنَ الْمَالِ لا بَأْسَ بِهِ, فِي حِين كَانَ الْحَالُ عَسِيرًا, والْجَلْبَةُ وَفِيرَةً .
    - كَيْفَ وأنَا ......؟
    هَدّأْتُ مِنْ رَوْعِهِ, وَأَبْدَيْتُ لَهُ سُهُولَةَ الْأمْرِ .
    فَقَطْ .. اِحْضِرْ لِي وَرَقَاً مِنَ الْحَجْمِ الْكَبِيرِ, وَمَايَلْزَمُ مِنْ أَدَوَاتٍ, وسَأقُومُ بِتَخْطِيطِ مَاطُلِبَ مِنْكَ بِاسْتِخْدَامِ مِقْيَاسَ الرَّسْمِ البِدَائِي الَّذِي تَعَلَّمْتُ أثْنَاءَ الدَّرَاسَةِ , وسَيَسْهُلُ عَلَيْكَ التَّنْفِيذُ بَعْدَهَا .
    حَاوَلَ أَنْ يَطْبَعَ فَشَلَهُ عَلَى إرَادَتِي, ولَكِنِّي أفْشَلْتُهُ بِنَجَاحِي , وكَانَتْ بِدَايَةً لِوَصْلٍ مِنْ نَوْعٍ جَدِيدٍ بَيْنَنَا لايَخْرُجُ عَنْ نِطَاقِ عَمَلٍ للْتَرْقِيحِ !.



    يتبع



    التعديل لوضع الجزء الثاني من النصهنا
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    التعديل الأخير تم بواسطة آمال المصري ; 12-11-2012 الساعة 03:49 AM

  2. #2
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 391
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.14

    افتراضي ودفعت الثمن عمري ... وأشياء أخرى !

    " 2 "

    لَوْ امْتَطَى الْفَقْرُ صَارُوخَاً لَنْ يَلْتَحِق بِي ...
    هَكَذَا وَصَلْت بِه !؟



    وأنَا أنْكَفِئُ عَلَى أَرْبَعٍ أجُوبُ رُدْهَةَ البَيْتِ فَوْقَ الأوْرَاقِ, أخُطُّ عَلَيْهَا تَقَاسِيمَاً, أُسَافِرُ مَعَ كُلِّ انْحِنَاءَةٍ بِهَا لِذِكْرَيَاتٍ غَابِرَةٍ لاتَنْمَحِي .. هُجُوم ضار .. مُوَاجَهَاتٌ لِحُشُودٍ تَغْدُو وتَرُوحُ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ؛ مُعَلِّلينَ رَفْضَهُم واسْتِنْكَارَاتِهِم لِمُخَامَرَتِي الَّتِي فَعَلْت, أَنَّ كُلَّ ذِي عَاهَةٍ جَبَّار, وأَنَّهُ لا بُدَّ أنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ أَرْفَعُ فِيهِ رَايَةَ عِصْيَانِي عَلَى الْفَقْر
    جَابَهْتُهُم جَمِيعَاً مُتَشَبِّثَة بِدَيْمُومَتِي؛ أَدْرَأُ عَنْهَا مَايَؤُودُهَا .
    فَجَاءَ الْضَّرْبُ مُبْرِحَاً, والتَّعْذِيبُ بَلَغَ مِنَ الشِّدَةِ مَدَاهُ؛ فَأرْدَانِي طَرِيحَةَ الفِرَاشِ لاأقوَى عَلَى الحِرَاكِ كَمَنْ وَلَجَتْ مِنْ حَلَبَةِ مُصَارَعَةٍ : مَسْدُودَة العَيْنَيْنِ بِكُتْلَتَيْنِ مِنْ لَحْمٍ أَزْرَقٍ مُدَمَّمٍ, وشَعْرٍ قَدْ نُتِفَ مُعْظَمُهُ؛ فَبَدَتْ فَرْوَةُ الرَّأْسِ مِنْ بَيْن مِسَاحَاتِهِ كَقَرْعَاءٍ جَرْبَاءٍ .. وجَسَدٍ أبْدَعَتْ فِي تَشْكِيلِ خَارِطَةٍ جَدِيدَةٍ لَهُ بِتَضَارِيسٍ وألْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ.. وعَقْلٍ رَسَمَتْ اللَكَزَاتُ مَعَالِمَ مُمَيَّزَة؛ فَجَعَلَتْهُ يُسَارِعُ للْخَلاص .

    رَغْمَ ثُبُوتِ الرُّؤْيَةِ بَعْدَ عِدَّةِ سَنَوَاتٍ, ونَيْفٍ مِنَ الأبْنَاءِ, ازْدَدْتُ إصْرَارًا عَلَى اسْتِبْدَالِ نَظْرَةٍ كَادَتْ تَغْتَالنِي؛ اقْتَرَبَتْ بِهَا لِسَحْبِ بِسَاطَ النَّجَاحِ مِنْ تَحْتِ قَدَمَاي,
    أوْ رَبَّمَا اشْتَقْتُ لِنَظْرَةِ رِضَاً حَتَّى لَوْ ابْتَعْتَهَا مِنْهَا؟! , رَغْمَ ثَرَائِهَا سَتَنَال الثَّمَنَ وتَمْنَحَنِيهَا
    عَقَدْت العَزْمَ عَلَى المُضِيِّ قُدُمَاً, ومَاكَانَ مِنْهُ سِوَى الإنَاطَة بِأَمَلٍ ارْتَآهُ وَاهِيَ النَّسْجِ, ولَكِنْ لِمَ لا وأنَا مَنْ فَرَدَتْ كَفَّيْهَا للْسَّعْي ؟.
    أحْضَرَ مَاطَلَبْته وانْطَلَقْتُ أَفْنِي كُلِّي فِي تَحْضِيرِ التَّصَامِيمِ
    كُنْتُ أَرْعَى أطْفَالِي نَهَارًا حَتَّى إذَا أخْلَدُوا للْنَّومِ, وأَخَذَ كُلٌ مِنْهُم مُتَّكَأً, أَزِيحُ فُرُوشَاتِ الأرْضِ لِيَبْدُو بَلاط المَنْزِلِ, وأَظَلُّ جَاثِيَةً عَلَى رُكْبَتَيّ طَوَالَ الليْلِ أتَأَنَّق
    ورَأْسِي بِجِوَارِ قَدَمَيْه ...
    تَذَكَّرْتُ حِينَهَا عِنْدَمَا اشْتَقْتُ كَكُلِّ النِّسَاءِ أوْ بَعْضِهِنَّ لإصْبَعٍ مِنْ أحْمَرِ الشَّفَاةِ لأتَزَيَّنَ لَه فَكَانَ الرَّفْضُ يَسْبِقُ الرَّجَاءَ, تَطَاوَلْتُ عَلَى بِنْطَالِهِ .. سَطَوْتُ عَلَى بَعْضِ الْجُنَيْهَاتِ وأشْتَرَيْتُ مَا اشْتَقْتهُ, وتَزَيَّنْت ...
    - وقَذَ جَوَانِحِي مُوَبِّخَاً : وَهَلْ تُعِدِّي نَفْسَكِ أُنْثَى ؟ عِنْدَمَا أدْفَعُ ثَمَنَه سَيَكُونُ لِزَوْجَةٍ جَدِيدَة !
    ثرْتُ لأنُوثَتِي .. أوْ رُبَّمَا لكَرَامَتِي أمَامَ أبْنَائِي مُطَالبَةً بِالطَّلاقِ
    - مَنْ تَطْلُب الانْفِصَالَ هِي امْرَأَة فَاسِقَة مُومِـ ... !؟
    - لاتَتَلَفَّظ, ولا تُكْمِل .. كَفَى ورَبّكَ ..
    - بَلْ يَعُدُّهَا القَانُون نَاشِزًا, وعَلَيْهِ فَلتَتَنَازَلِي عَنْ كُلِّ مُسْتَحَقَّاتك وأبْنَاءكِ ولتَرْحَلِي .
    صَفَعْتَهُ صَفْعَةً كَانَتْ كَلِمَاتُهُ اللاعِجَةُ أشَدَّ وَقْعَاً عَلَى نَفْسِي مِنْهَا ألْفَاً ..
    تَدَخَّلَتْ بَيْنَنَا بَعْدَمَا اسْتَحَالَت الحَيَاةُ؛ فَتَوَجَّسْتُ وهُوَ يُحَاوِرُهَا مُطَالِبَا أَنْ أُقَبّلَ قَدَمَيْهِ أمَامَ عَائِلَتِهِ .. وأَبْنَائِي !.
    وخَفَتَ الصَّوْتُ بَعْدَمَا احْتَدَمَ بَيْنَهُمَا نِقَاشٌ؛ فَهَاجَمَتْهُ بِشِدَّةٍ لاتِّفَاقٍ آخَرٍ, خَرَجَ عَلَى إثْرِهِ يَتَنَاوَبُ عَلَى وَجْهِي الصَّفَعَات .. وهِيَ .. تَقِفُ وابْتِسَامَة عَرِيضَة تَغْزُو وَجْهَهَا : الآنَ نِلْتَ مِنْهَا فَاهْدَأْ وطِبْ خَاطِرًا !.
    كَرِهْتُ جَسَدِي الَّذِي يَلْتَصِقُ بِهِ, وآثَرْت الاسْتِلْقَاءَ عَلَى أرْضِ الْحُجْرَةِ؛
    بَعْدمَا كَانَ يَنْزِغُ اصْبَعَهُ بِقِوَّةٍ فِي جَسَدِي لِيُوقِظني ِوَجِلَةً, ويَسْتَنْكِرُ إذَا مَاوَاجَهْتُه مُعَلِّلا أنَّنِي مُصَابَةٌ بِنَوْعٍ مِنَ الألَسِ يَسْتَوْجِب العِلاجَ, وأنَّهُ قَدْ تَحَمَّلَ مَالا يَقْدِر عَلَى تَحَمُّلِهِ بَشَرٌ , وتَكَرَّرَتْ تلْكَ الفَعْلَة الَّتِي كَادَتْ أنْ تَصْنَعَ مَنِّي أَوْلَقَةً .. كُنْتُ أسْتَيْقِظُ عَلَى تَفْلٍ يَلْصِقُهُ بِوَجْهِي أوْ بِجِوَارِ فَيِّ, فَأَسْرِع مُتَقَيِّأةً مَافِي جَوْفِي
    فَيُوقِظُنِي لَكْزًا بِقَدَمِهِ؛ لِيُعَلِّمنِي كَيْفَ أُقَدّم فَرَائِضَ الطَّاعَةِ الَّتِي يَرْجُو, حَتَّى وإنْ بَالَ أوْ تَغَوَّطَ عَلَى وَجْهِي عَمْدًا .
    كَرِهْتُ الْمَكَانَ الَّذِي يَحْتَوِي عَرَقه .. عِطْره, وأَنْفَاسه الَّتِي كَادَتْ تَخْنِقُ رُوحِي, واتَّخَذْتُ لنَفْسِي رُكْنَاً بَعِيدًا لايُوجَد بِه سِوَاي .

    يَطُلُّ الصَّبَاحُ وأنَا ماتَمَضْمَضَتْ مُقْلَتَيَ بَكَرَى, أسْتَأْنِفُ العَمَلَ حَتَّى أسْتَنْجِزهُ؛ ليَأْخُذهُ ويَخْرُجُ لِحَيِّزِ التَّنْفِيذِ ..
    يا إلَهِي ... لَقَدْ نَجَحَتْ المُهِمَّة وحَازَتْ القبُولَ واسْتَلَمَ أوَّلَ دُفْعَةٍ نَقْدِيَّةٍ بَعْدَ عَنَاءٍ وَجَهْدٍ .
    كَانَ يَرْقُصُ وتَرْقُصُ حَوْلَه الزُّهُورُ فَرَحَاً
    وتَمُرُّ السِّنُون فِي كَدٍّ وكَمَدٍ وعَمَلٍ خَزَعَ مِنْ عَافِيَتِي الكَثِير, ونَالَ مِنْ عُمْرِي زَهْوَهُ وزُهُورَهُ الَّتِي ذَبُلَتْ عَلَى أَرْضِهِ الجَدْبَاءِ
    وهُوَ .. يَسْتَبْحِرُ حَدَّ الارْتِوَاءِ الَّذِي لِمْ يَرْوِهِ, ..
    كَانَ كَدُودًا .. يَرْمِي لِيَ الفُتَاتَ أَجْرَاً, وأنَا أرِيدُ أنْ أشْتَرَي حُبَّهَا باِلشَّقَاءِ,
    أنَزعُ لنَظْرَةِ وِدٍّ مِنْهَا, فَأسْرِع إلَيْهَا أُصَافِيهَا رَاضِيَةً سَعِيدَةً وهِيَ تُطَالِبُ المَزِيدَ , وأنَا أزِيدُ حَتَّى تَمْرَأ .. ولَمْ تُمْرِئ !

    ولَكِنْ دَائِمَاً لايَدُومُ حَال ... قَدْ أعْيَانِي الجهدُ, وأصَابَنِي الوَصْبُ؛ فَقَرَّرَ الأطِبَّاءُ عَلَى إثْرِه إجْرَاء َجِرَاحَةٍ عَاجِلَةٍ, وإعْفَائِي مِنْ أيّ جهْدٍ أوْ حِرَاكٍ بَاتَ يُمَثِّلُ خَطَرًا يُهَدِّدُ حَيَاتِي .




    يتبع
    التعديل الأخير تم بواسطة آمال المصري ; 08-08-2013 الساعة 10:16 AM

  3. #3
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 391
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.14

    افتراضي ودفعت الثمن عمري ... وأشياء أخرى !

    " 3 "

    نَتَسَاقَطُ تِبَاعَا مِنْ لَوْحَةٍ مُطَرَّزَةٍ بِالأوْهَامِ, ويَظَلُّ وَحْدهُ مُعَلَّقَا بِهَا, تَنْتَفِخُ أوْدَاجُهُ بِالغرُورِ, وَيَبْصِقُ عَلَيْنَا خَيْبَاتَهُ .!

    جَاءَتْ تَعْلِيمَاتُ الأطِبَّاءِ عَلَى غَيْرِ مَاكَانَت التَوَقُّعَات, والَّتِي أَوْدَت بِمَا تَبَقَّى مِنْ قُوَّةٍ قَدْ خَارَتْ, واسْتَوْطَنَ مَكَانُهَا الهَشْيمُ؛ حَتَّى بَاتَ حَالِي يَشْحُذُ مِنْهُ الشَّفَقَةَ .. لاأَعْرِفُ مَا جَرِيرَتِي ؟, ولَمْ أحْسُبْ صَدَىً اغْتَالَ وَهْمَ سَنَوَاتِ الشَّقَاءِ,
    عِنْدَمَا جَذَبَنِي مِنْ مَجْمَعِي مُحَاوِلًا أنْ يُرْدِينِي أَرْضَا, لاتَنْفَكُ مَلامِحُهُ قَاطِبَةً, فِي حِين تُنَاشِدُ لَفَائِفِي ووَهَنِي عَدَمَ الْحَرَكَةِ حَتَّى أرْأَمَ, وبِصَوْتٍ جَهْوَرِيٍّ :
    ارْحَلِي لِأهْلِك فَقَدْ انْخَزَعَ نَفْعُكِ بِالْبَيْتِ .
    تَذَكَّرَتُ حِينَهَا عِنْدَمَا حَاوَلَ ذَاتَ مَرَّةٍ أَنْ يُبْصِرَنِي مَتْنَهُ, ويَتَرَقَّبُ تَقَاسِيمَ وَجْهِي الَّذِي أشَحْتُ بِهِ بَعِيدًا حَتَّى لاتَجْرَحهُ الطَّوَاِرفُ, وابْتَسَمْتُ حَسْرَةً والدُّمُوعُ مُنْهَمِرَةً .. تَتَوَسَّلُ عَيْنَايَ جُمُودَ وَجْهِهِ الْعَبُوسِ ..
    أَيْنَ أذْهَبُ ؟ ولِمَنْ؟, وكَيْفَ لِي حَتَّى القِيَامُ مِنْ مَرْقَدِي الَّذِي أتَوَسَّدُهُ مَسْلُوبَةَ الْمُنَّةِ ؟
    لَمْ يَكُنْ بِوسْعِي إلا أَنْ أتَقَلَّبَ عَلَى القَتَادِ .. حَامِلَة الضَيْمِ أمَامَ جَلافَتِهِ حَتَّى لاأَعُود إلَيْهَا ..
    يَمُرُّ أمَامِي شَرِيطُ الأحْدَاثِ حِينَمَا قَرَّرَ الطَّبِيبُ وُلُوجِي حُجْرَةَ الجِّرَاحَةِ عَلَى عَجَلٍ, كَانَ يُجَاهِدُ العُزُوفَ عَنْ إجْرَائِهَا رَغْمَ التَّصْرِيحِ بِأنَّهَا فَقَط إنْقَاذ للْحَيَاةِ, ولَمْ يُفَكِّرْ فِي النَّتَائِجِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا
    وتَمُرُّ عَجَلَةُ الأيَّامِ, وأتَمَاثَلُ لِشِفَاءٍ يَجْعَلُنِي أُبَاشِرُ بَعْضَ الأُمُورِ البَسِيطَةِ ..
    كَانَ مَايُسَيْطِرُ عَلَى تَفْكِيرِي هُوَ أنْ أُخَلِّصَ الفَتَاتَيْنِ مِنْ قَبْضَتِهِ طَالَمَا مَازِلْتُ أَتَمَتَّعُ بِشَهْقَةِ هَوَاءٍ؛ فقد وَجَدْتُها فِيِه بِكُلِّ تَفَاصِيلِهَا, لايُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا سِوَى مَعَالِمِ الوَجْهِ .
    كَانَ قَاسِيًا .. عَنِيفًا .. كَدُودًا عَلَيْهِمَا
    حَتَّى اشْتَاقَتْ كَلُّ مِنْهُمَا الْخَلاصَ كَمَا تَمَنَّيْتُهُ فِي المَاضِي؛

    قُمْتُ بِتَجْهِيزِهِمَا رَغْمَ تَهْدِيدِه بالانْفِصَالِ إذَا ما أقْدَمْت عَلى ذَلِكَ, أتْمَمْتهُ مُسْتَعِينَةً بِبَعْضِ مَاانْكَفَأْت بِهِ عَلَى رُكْبَتَيَّ وادَّخَرْتُهُ مُعِينَا لِي عَلَى زَمَنٍ أجْهَلُ مَعَالِمَهُ ...
    , وكَانَ الانْعِتَاقُ حَلِيفَهُمَا
    تَحَرَّرَتَا .. رَغْمًا عَنْهُ؛ فأَعْلَنَ عَلَى إثْرِ ذَلِكَ ضَارِيَ الحَرْبِ, واتَّهَمَنِي بِأنِّي أفْقَدْتُهُ أحَدَ أرْكَانِ المَنْزِلِ بِفَقْدِهِمَا؛ وأَضْرَمَ نَارَ الحَرْبِ لأُسَلِّمُ ... ولَمْ أسْتَسْلِم ...
    .
    لَمْ يَجِدْ وسِيلَةً سِوَى أنْ يَسْلُبَنِي مَاتَبَقَّى مَعِي حَتَّى لاأُقْدِمُ عَلَى خُطْوَةٍ أُخْرَى كَانَ يَخْشَاهَا, وقَدْ حَارَبَ مِنْ أجْلِهَا بِكُلِّ مَا أُوتِيَ مِنْ قُوَّةٍ - زَوَاجُ ابْنِهِ الأكَبْر - والَّذِي دَفَعَهُ بِجَهَالَةٍ لِطَرِيقِ الفَشَلِ فِي دِرَاسَتِهِ بِحُجَّةِ مَسِيرَةٍ أبَتْ إلَّا أنْ تَعْنَقَ نَحْوَ الثَّرَاءِ بِصُحْبَتِهِ, ومَا إنْ أَشَاحَ بِوَجْهِهِ عَنْ مُسْتَقْبَلِهِ, وتَعَلَّقَ بِأَذْيَالِ أمَلٍ وَهْمٍ حَتَّى لَفِظَهُ بَعِيدًا عَنْهُ .

    كَانَتْ المُطَارَدَاتُ عَنِيفَةً عَنِيدَةً, والأنْفَاسُ تَلْهَثُ بَيْنَ مُتَصَيِّدٍ ضَبَّتْ لِثَاتُهُ, وفَرِيسَةٍ تُحَاوِلُ الفِرَارَ مِنْ بَيْن بَرَاثِنِه المَسْمُومَةِ؛ فلَمْ أَجِد وسِيلَةً إلَّا أنْ أحُّطَ بِمَا حَمِلْتُ لأخْتِي الَّتِي كَانَتْ تَنْتَظِرُ يَوْمًا تَرُدُّ لِي مَاأوْدَعْتهُ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ إيثَارٍ ووِدَادٍ .

    ماتَبَقَّى مَعِي كَانَ كَافِيًا لِدَفْعِ مُقَدَّمِ سَيَّارَةٍ ابْتَعْتُهَا بِقَنَاعَةٍ مِنْهَا, حَيْثُ فَازَتْ بِنَصْبِ حَبَائِلِهَا عِنْدَمَا ألَحَّتْ بِالفِكْرَةِ لأعْتَاشَ مِنْهَا, فَقَدْ أَبَى إلَّا أنْ أَبِيتَ عَلَى الطَّوَى ,
    وكَضَامِنٍ لِي فِي تِلْكَ الصَّفْقَةِ الرَّابِحَةِ .. أجْبَرَتْنِي وابْنِي بِالتَّوْقِيعِ لَهَا عَلَى مَبْلَغٍ يُكَافِئُ ثَمَنَ السيَّارَةِ باعْتِبَارِهِ أمَانَةً أوْدَعَتْهَا بِحَوْزَتِنَا
    لِحِينِ سَدَاد الأقْسَاطِ البَنْكِيَّةِ, وعَنْ قَنَاعَةٍ بَعْدَمَا اسْتَنْجَزَتْ مُهِمَّتَهَا, أوْجَدَتْ لِي الشَّخْصَ الَّذِي ارْتَأَتْهُ أمِينًا عَلَى إدَارَتِهَا, وأسْلَمَتْهَا لَهُ .
    ولضَعفِ حِيلَتِي وقِلَّةِ خِبْرَتِي وَافَقْتُهَا رَغْمًا .
    لَمْ يَمُرّ شَهْرَانِ إلَّا وقَدْ فَقَدْتهَا, بَعْدَمَا أصْبَحْتُ خَاوِيَةَ الوِفَاضِ,
    واخْتَفَى السَّارِقُ بِمَا سَرَقَ .!


    يتبع
    التعديل الأخير تم بواسطة آمال المصري ; 08-08-2013 الساعة 10:16 AM

  4. #4
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 391
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.14

    افتراضي ودفعت الثمن عمري ... وأشياء أخرى !

    " 4 "

    كانَت هي المرَّة الأُولى منذُ أنْ تزوَّجْت الَّتي عزَمْتُ فيها على زِيارتِها؛ أدْعُوها لحضُورِ حفْلِ زِفافِ ابْنتي الصُّغْرى,

    كانَ لي فيها حُوبَةٌ, رفِيعةَ السناءِ باذِخةَ الذّرَى هِي .. لكنَّها كالحِجَارةِ أشدّ منْها قسْوَةً؛ ممَّا دَفَع أبْنَاءها للانْفِضاضِ مِنْ حَوْلِها, تارِكين السَّاحةَ خاوِيةً إلَّا منْها وزوْجَها الدِرْدَح وشيْبًا ذَرَأَ على ما تَبَّقى من أيامِها, وثرْوةً كبيرةً تناسَلتْ منَ الرَّبْط على بطنيْهِما .

    بدَعْوةٍ هاتِفيَّةٍ منْها كانَتْ زِياراتي المُتكرِّرةُ, حيْثُ اسْترْسَلَت إليَّ بأنْسِها, رُوَيْدًا .. تَمَازَجَ الحُضُورُ باسْتشَاراتٍ في أُمورٍ حياتِيَّةٍ, ثُمَّ مالبثتْ أنْ تحَوَّلتْ لمُساعداتٍ منزليةٍ, وخَجلًا منِّي وافقتُ على مضَضٍ .
    كانَتْ بدايةَ اقْتِحامِ حياةٍ استَمرَّت ثلاثينَ عامًا وَقَّرْتُها وجَلَّلتُها بالغُمُوضِ ..
    توغَّلَتْ في تَفَاصِيلي, فأخْلَدْتُ إليْها بثِقتي !... أشْعَرَتْنِي بالاحْتِوَاءِ الَّذي أفْتَقِد, فَوَارَيْتُ أوْجَاعي بِثَرَاها .. ولمْ أحْسَبْ أنَّني بذَلِك قدْ فتحْتُ بابًا لايُغْلقُ, فباتَتْ تَرْسُمُ لي مسَارَاتٍ وطرقًا أسلُكُها؛ لتُغْنيني بها عنْ انْتِظارِ فتاتٍ أو لقيمةٍ منْه تحُييني .

    وتَمَرُّ الأيامُ ...
    يَرنَّ الهاتفُ لأسْمَعَها جَاهِشةً ناشِجةً بأنَّ زوْجَها فاظَتْ نفْسُه أمامَها, يسْتَغيثُ عجْزُها بِليِّنِ مِعْجَمي .. فالأبناءُ تُشتِّتُهم الغربةُ؛ أسرعْتُ إليْها, لأجِدها ترْتَجفُ ودُموعُها تسْتَدِّر منِّي الكلِمات :
    * لا تقْلقِي لنْ أترُكَك أنَا لكِ كمَا ترِيدِين !
    " كمَا تُرِيدِين " ؟ ويَالها من كلِمَةٍ تفوَّهْت بِها ! آااه لوْ كُنْتُ أعْلمُ ماتُريد ؟
    تَمَّتْ مرَاسِمُ التأْبينِ وانْفضَّ الجميعُ منْ حوْلِها لتَجُوبَ جدْرانَ المنْزلِ بعيْنيْها تائِهةً في بيْداءِ الفكْر, ثُمَّ ترْمِيني بطَوارفِها تنْتَظِرُ الجَواب : لنْ أتَخَلَّى كمَا وعدْتُ
    كانَتْ على يقينٍ منْ حاجَتِي بعدَما سُرِقَت سيارَتي وأصْبَحتُ خاويةَ الوِفَاضِ إلَّا منْ بَعْضِ ما يَجْلُبه لي ابْني منْ مبلغٍ زهيدٍ لايكْفي لأتَمِّمَ الأقْساطَ الشهْريةَ ... وأحْصُلُ على قُوتِي ..
    أنْتِ ابْنتِي ... أصْرَفَتْ بها وصِيفَتَها
    أنْتِ ابْنَتِي ... أعْفَت بها منْ يَتَسَوَّق لهَا
    أنْتِ ابْنَتِي ... لمْ أتَنَاولْ طعامًا منْ أيدٍ غيْر يديْك قَبْلَ اليَوْمِ
    .. نعَمْ مَاذَقَتْنِي في الوُدِّ...وقدْ فَلَجَ سَهْمُها, وفَازَ قِدْحُها .
    وبِحَصَافةٍ وكِياسَةٍ قبَضَتْ على مسَاعِيَّ في محاوَلةِ إيجادِ حُلولٍ قضَائِيَّةٍ لاسترْدادِ ما سُرِق مني؛
    فلَجأتْ لأحدِ مَعارفِها ليَتَبنَّى قضِيَّتي وحضَّضَنِي بأنَّها ستكُونُ خاصَّتَه حتَّى ينَالَنِي حقِّي كاملًا دونَ سعْيٍ منِّي, وبدوْرِها نَمَّقَت ويرْقَشَتْ ليَ البُهْتانَ, صَدَّقْتُ وتَعَلَّقْتُ منْها بهُدْبِ أملٍ؟
    بذَلْتُ لها طَاعَتِي وألْقيتُ إليْها رِبْقَتي, كانتُ لا تَصْحو إلَّا بحُضُوري .. ولا تَنْهَمُ وتَمْرَأُ إلَّا ممَّا أصْنَعُه بيديَّ .. ولا تثِقُ إلَّا بِما أبْتَاعُهُ لها, قالتْ لي كثيرًا : أنتِ منْ تُشْعِرُني بالحياةِ .. أنْتِ ابْنتي بحقٍ .. رُبَّما لمْ أسمَعْها منْ قبْل فجَاءَتْ بَلْسَمًا يَمْسَحُ بعضَ الكَمدِ رَغْمَ ما أعَانِيهِ منْ مَشَقَّةِ عَمَلٍ لا أتَذوَّقُ فيه للدَعةِ طعمًا يوميًا حتَّى أغادِرَها بعْدَما يقْتَاتُ التَّعبُ منِّي ويرْتَوِي ..
    أذْهبُ لمُتَّكئي جَسَدًا ميِّتًا تعْبثُ بِه الرُّوحُ .. يُلْقِي نَظْرةً لاذِعةً, ثُمَّ يرْميني بِعَوْراءِ القَوْلِ أن الآتي أشدَّ وأقْسى وما ارْتَأيْته منْ ذُلٍّ وكَمَدٍ ماهو إلَّا تمْهيدًا للمَزِيدِ : سَتُجْهزُ على ما تَبَقَّى منْ كرامةٍ فيكِ .. سَتتلمَّظُك متلذِّذةً بمذلتِك ثمَّ تَمُجُّكِ على يسَارِها

    كانَ الصِّراعُ عنيفًا بينَها وبيْنَ أبنائِها على ماتَرَكَه الوالدُ منْ إرثٍ, وازْدادَ الهجران واتَّسَعَت كُوَّتُه, فتَمَزَّع الحَنَقُ بيْنهم كما ازْدادَت هي تَسَعُّرًا وتَلَعُّجًا, وكنتُ مجردَ شاهدٍ صامتٍ لا تعْنِيني الأحداثَ رغْم أنَّها كانتْ ترْمي في بئْري مالا يرتفع له حِجَابُ سمْعي .

    عُدْتُ يَوْمًا خَائِرَةَ القُوى ... وما إنْ آوَيْت لمُضَّجِعي ليَرِنَّ الهاتِفُ وتَكُون صاعِقة جدِيدة أنْ ابِني قدْ تعرَّضَ أثْنَاء عوْدتِه منَ الصَّلاةِ لاعتداءٍ وحشيٍ أصَابه بكسرٍ في الرأسِ انْتقلَ على إثرهِ إلى المشْفَى ....



    يتبع
    التعديل الأخير تم بواسطة آمال المصري ; 08-10-2014 الساعة 01:26 AM

  5. #5
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 391
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.14

    افتراضي ودفعت الثمن عمري ... وأشياء أخرى !

    " 5 "

    على الفورِ ركضتُ إليه لأجده مستلقيًّا على ظهرهِ مكبلًا بقيدٍ حديديّ طرفه الآخر بيدِ شرطيٍّ أبَى أنْ يفكَه.

    لفقتْ له زوجُ خالِه تهمةَ تعدٍّ عليها وابنيْها قبيل أنْ يشرعوا في قتلِه, ثم سارعوا بشكايتِه, وماأن أفضى من صلاةِ المغربِ, وانصرفَ متوجِّهًا إلى عملِه, انهالوا على رأسِه بآلةٍ من الحديدِ ليردوه على الأرضِ مضرجًا في دمائِه, أحدُ المارةِ يأخذه إلى قسمِ الشرطةِ بسيارتِه, يُصعقُ من تحريرِ محضرٍ مسبقٍ ضده وبدلًا من نجدته تقيد يداه.
    ثارتْ ثائرتي عندما رأيته يترنحُ ..لا يعي ما حوله .. تجري دماؤه تحتَ قدميه؛ أنهرُ المحققَ الذي يتهكم ساخرا .. أطالبه فكَّ قيدِه في محاولة لاسعافه ... يأمرُ بتحويلِه تحتَ حراسةٍ مشددةٍ, وتقومُ المشفى بتحويلِه إلى طوارئ الحالاتِ الحرجةِ القاطنةِ في مدينةٍ أخرى؛لافتقارِهم التشخيصِ الدقيقِ للحالة !.

    تقلنا عربةُ إسعافٍ انتهى عندها مهمة القيدِ الحديدي؛ لتتلقفه أيادي الأطباء مابين فحوصٍ وصورٍ مقطعية لحالةِ الدماغ ... تأتي النتائج أنه مصابٌ بكسرٍ مضاعف في عظامِ الجمجمة ونزفٍ في المخ حيث انتقل على الفورِ إلى غرفةِ الجراحة التي تَوارى خلفَ بابِها كل أملٍ في عودته بعدما أقرَّ أحدُ الأطباءِ أن سويعات ويفقدُ حياتَه إنْ لمْ يتم انقاذه سريعًا ..

    يمرُّ أمامي شريطٌ أسود الأحداث تسببت لي فيه منذُ نعومةِ أظفاري, كانت نهايتَه هذا اليوم المشؤوم, ولا أدري حينها هل هي نهايته حقًّا أم أنه مازال هناك بقايا وجعٍ ؟؟

    تذكرتُ استدراجها له ذاتَ مرَّةٍ تحفِّزُه على العملِ وأعطته دكانًا في عقارٍ لها, فاعترضْتُ بشدةٍ ليقيني بما سيواجهه من مشكلاتٍ مع ابنها وزوجِه وأولادِه القانطين به !

    شهرٌ مضى كأعوامٍ توقعتُ فيه أكثرَ مما حدثَ .. عندما جرحت زوجُه نفسَها جرحًا غائرًا ونسجتْ حوله خيوطَ قضيةٍ هو منها براءة؛ لاستيائِه من اقتحامٍ متكررٍ لدكانه ونهب مابه من مشغولاتٍ وأدوات؛ فسارعَ بتركِ المكان, والانتقال لآخر .
    لم يتركوه بل كادُوا له عندما افتضحَ أمرهَم وباتت الأيامُ لاتخلوا من تهديدٍ ووعيد, بيَّتوا له النوايا الخبيثة وانتظروا عودته من الصلاةِ وكان ماحدث.

    أقفُ عندَ بوابةٍ خارجيةٍ أتسولُ شفقةَ المارةِ علَّ أحدهم يطمئنني أنه مازالَ على قيدِ الحياة .. وإذا بهاتفي يرنُّ .. أسمعُ جمودَ صوتِها يئد بقايا ودٍّ كنتُ أحمله لها وهي تبرئُ الجناةَ وتعنِّفُني بالقولِ.

    خرجَ تركضُ حوله ملائكةُ الرحمةِ إلى غرفةِ العنايةِ الفائقةِ .. يلحقهم الطبيبُ معربًا عن خطورةِ الحالة.. وأنا أُجمِّلُ الألمَ بأماني كاذبةٍ وآمالٍ تنتحب,
    حتى كتبَ اللهُ له النجاةَ, وإن كان سيواجه حياةً جديدةً تحرمُ عليه ما أُحِلّ لأقرانه.

    يتبع
    التعديل الأخير تم بواسطة آمال المصري ; 21-07-2016 الساعة 02:20 PM

  6. #6
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.72

    افتراضي

    هل نحن في الحلقة الأولى من رواية جديدة؟
    ولعلي بهذه العراقة في اللغة أقول جديدة في مجمل الخط الروائي ببساطة لغته ومباشرة القول في معظمه
    نص أراه مثيرا لتساؤلات كبيرة حول قابلية المتلقي لهذا النسق، وأراه أيضا طبقا رائعا على موائد النخب الأدبية

    بانتظار التتمة نبقى

    مع التحية
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  7. #7
    الصورة الرمزية مصطفى حمزة شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    الدولة : سوريا - الإمارات
    المشاركات : 4,424
    المواضيع : 168
    الردود : 4424
    المعدل اليومي : 1.01

    افتراضي

    أختي العزيزة ، الأستاذة آمال
    أسعد الله أوقاتك
    قرأتُ نصّاً سرديّاً مؤثّراً ، ذكّرني بأيّام طه حسين ، وآلام فارتر ..
    بوحٌ ملؤه الأسى ممزوجاً بالحب المُعاقـَب بالجحود !
    لزمتِ أختي الفاضلة ما لا يلزم حين حرصتِ على الضبط الكامل لكلمات هذا الجزء من القصّة ، فوقع من الأخطاء الكثير !
    - أحسِبُ = أحسُبُ
    - مِقْعَداً = مَقعَداً
    - فأهرَعُ = فأُهرَعُ ( بضم الهمزة )
    - أهرَبُ = أهرُبُ
    - قَرِعَ = قَرَعَ
    - شِتاتي = شَتاتي
    وغيرها ...
    أرجو أن تتقبلي استدراكي ، ونصيحتي بعدم الضبط الكامل
    تحياتي وتقديري
    اللهمّ لا تُحكّمْ بنا مَنْ لا يخافُكَ ولا يرحمُنا

  8. #8
    مشرف قسم القصة
    مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : May 2011
    المشاركات : 7,009
    المواضيع : 130
    الردود : 7009
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي ودفعت الثمن عمري

    الاخت الفاضلة امال
    نص جميل ينبئ عن حبكة قصصية تشد من قراها ان يتتبع سلسلتها..لا يعيب النص ابدا جزالة لفظه..ولكنني تمنيت ان تيسر الالفاظ على من يقراها اكثر لأن الموضوع يمس قطاعا من النساء عانين الظلم و ضحين باحلامهن ليكون الفرار من سيء الى اسوأ.. وصدق رسول الله : استوصوا بالنساء خيرا
    تقولين في النص :ختلتني لوامعا يرف بريقها ..ولكنها لوامع بالضم..
    دمت مبدعة ونترقب ما بعد ذلك

  9. #9
    الصورة الرمزية عصام ميره شاعر عامية
    تاريخ التسجيل : Jan 2012
    المشاركات : 987
    المواضيع : 41
    الردود : 987
    المعدل اليومي : 0.22

    افتراضي


    أ . آمال المصري ..
    قرأت القصة وسرحت بخيالي بعيدا ..
    كم مر علينا من مآس لنساء تعانين من مشكلات متعددة ..
    يشعرن بالظلم ..
    يمنحن كل مالديهن من حنان وحب ..
    ويُقابل ذلك منهن بالجحود والنكران ..
    ويدفعن الثمن فعلا من عمرهن ..
    عسى الله أن يجازيهن عن صبرهن جنات لاظلم فيها ولاجحود ..
    تحيتي لك

  10. #10
    الصورة الرمزية عبد المجيد برزاني أديب
    تاريخ التسجيل : Dec 2010
    الدولة : فاس المغرب
    المشاركات : 607
    المواضيع : 63
    الردود : 607
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي


    المبدعة القديرة أمال :
    عندنا في المغرب مثل جميل يقول تقريبا ما معناه :
    "نساء كثيرات لم يحضين برجال .. ورجال كثيرون لم يحضون بنساء.."
    والحب المجازى بالنكران والجحود ليس قصرا لا على المرأة ولا على الرجل.
    نص استمتعت بصياغته ولغته وحبكته،،،، شكرا لك.
    تحيتي الخالصة وكل التقدير.

صفحة 1 من 7 1234567 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. للحب وأشياء أخرى
    بواسطة أحمد حسين أحمد في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 22-06-2010, 04:39 PM
  2. حزنٌ وأشياء أخرى
    بواسطة حنان الاغا في المنتدى مُنتَدَى الرَّاحِلَةِ حَنَانِ الأَغَا
    مشاركات: 27
    آخر مشاركة: 06-04-2010, 12:11 AM
  3. زجاجة العطر وأشياء أخرى !!
    بواسطة هبة الأغا في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 03-04-2007, 03:12 PM
  4. العيد ..وصدّام ..وأشياء أخرى ..!!
    بواسطة يوسف الديك في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 03-01-2007, 03:18 PM
  5. الإضراب والرواتب وأشياء أخرى - بقلم : د . محمد أيوب
    بواسطة د . محمد أيوب في المنتدى نُصْرَةُ فِلِسْطِين وَالقُدْسِ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 28-10-2006, 12:22 PM