قرقمني العز
قال الأصمعي: قلت لغلام أعرابي:
مالي أراك ضعيفاً نحيفاً وصغير الحجم قليلاً مهزولاً؟!
قال: قرقمني العز
وهذه مقولة طيبة....
فقد يكون الأعرابي شختاً مهزولاً ومقرقماً ضئيلاً،
فيجعل ذلك دليلاً على كرم أعراقه وشرف ولادته.
والعجب في قولهم: العز يقرقم، لأن الأعرابي حين ابتلي بالدمامة والعلة ثقل عليه أن يقر بالذل والضعف، فاحتج لذلك، وأحال الناس على معنى لا يدركونه بالمشاهدة،
وهذا من ذكائه ودهائه...
فبهذه النفوس - حفظك الله - حفظوا أنسابهم، وتذاكروا مآثرهم، وقيدوا لأنفسهم بالأشعار مناقبهم وحاربوا أعداءهم،
وطالبوا بطوائلهم، وعلموا للشرف حقاً لم يره سواهم،
فمنهم بشار بن برد يفتخر بالعمى إذ يقول:
إذا ولد المولود أعمى وجدته ... وجدك أهدى من بصير وأحولا
عميت جنيناً والذكاء من العمى ... فجئت عجيب الظن للعلم معقلا
وغاض ضياء العين للعلم رافد ... وقلب إذا ما ضيع الناس حصلا
وشعر كنور الروض لاءمت بينه ... بقول إذا ما أحزن الشعر أسهلا
وقال قصير منهم يفتحر:
إذا كنت في القوم الطوال فضلتهم ... بعارفة حتى يقال طويل