الأرنب الخامس
ياأيها الراكضُ.. يا أرنبي
مالكَ مسروعاً, ألـــــــمْ تتعَبِ..؟
كأنَّــــــــــــــما خلفك نهرٌ من
الخوفِ ,وألفُ طارِدٍ مُرْعِبِ
ما لكَ مثلُ سابــــــقيكَ الألى
ظنّــوا بأنَّ النَّيلَ في المَهْرَبِ
مَهْلاً.. فُدِيتَ بالذي جِئــــــــــتَهُ
مستسقياً ..قِفْ لحظةً, وآشرَبِ
دَمعاً تُريدُ, أمْ ندىً,أم دَمــــــــاً؟
مِسْكاً تريدُ,أم شَـــــذىً..؟ فَاطْلُبِ
فَقَــــــــــــــــــــط ْ أُريدُ وَقفَةً لحظةً
تَسْــــــــخو ببعض المهلِ للمُتْعَبِ
لا تُوقِــــــــــــظِ الخامِسَ يا سيدي
ودَعْ جَنـــــــــــــــيناً بَعْدُ لم يُنْجَبِ
دَعِ الرَّديفَ الكَهلَ فـــــــــــي نومهِ
ما زالَ لآحتِضــــــانِكَ الشوقُ بي
كم عَلَّقَت روحيَ آمــــــــــــــالها
عليك ..رغمَ النُـــــــــــوَبِ الخُلَّبِ
مَهلاً فَخيــــــــطي غيرُ مُستَوثَقٍ
بعضُ تخاريفِ يــــــــــدِ العَنكَبِ
يا أرنبي..مهـــــــلاً ففي داخلي
ألفُ مسيحٍ بعدُ لم يُــــــــصْلَبِ
أبغي مــــــــن الزمان لي حَيِّزاً
كأنْ حـــــــليبُ طائرٍ مَطلبي..!
كلُّ الوطـــــــــــــاويطِ لها حَيِّزٌ
وفي الخــــــوابي بلبلٌ مُخْتَبي
مُكَلَّلٌ بالقـــــــــــــــــيدِ منقارهُ
يُكابِدُ الأفـــــــــعى مع العقرَبِ
يستنشِقُ الذُّلَّ على صَــــــمْتِهِ
في رئتـــــــــــيه أعيُنُ المَرقَبِ
غير الهديلِ العَذْبِ لم يَحْتَرِفْ
وغير بَثِّ الحُـــــــبِّ لم يذنبِ
صــدى النعيقِ رددتْهُ الرُّبى
ولا صــــــدىً للبلبلِ المُطرِبِ
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
إنّي وعدتُ الحقلَ بالمُلتـــــقى
ومِعْوَلٍ شـــــــــــــادٍ,وزندٍ أبي
وعدت بالقـــــــــطر نبات الفلاِ
والعشبَ في كلِّ مـــدىً مُعشِبِ
وأن أعـــــــــــــودَ مُثقلاً بالندى
مُضَمَّخا بالدَيـــــــــــــمِ للأجدبِ
وعَـــدت بالرحيق زهر الربى
أنعِــــــــمْ به يُسقى بِكَفِّ الأبِ
وعـــــــــــــدت كل ناظرٍ حالمٍ
بالحُـــــــلُمِ الأبهى وبالأعذَبِ
وعَدْت بالكـــحل عيون المها
وبالأمـــــــاني كل قلبٍ صبي
وعَـــــــدت كل أنجمي بالسنا
وعدت بالنورِ هُوى الغيهَـبِ
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
قد كان لي كوخٌ على ضيــــــــــــقه
يبدو بعيني كالفضــــــــــا الأرحـبِ
في دَعـــــةٍ تشدو عصـــــــــافيرُهُ
لم تنتفِضْ يومــــــــاً على مِخلَبِ
تناثرت حلوى أزاهــــــــــــــــيرهِ
على الروابي الخُضْرِ والسَبسَبِ
مثل الدمــــــوعِ مـــــــــاءُ غُدرانهِ
ما دنَّسَـــــــــــــــــتْ هُ وَلْغَةُ الأجربِ
وكان حــــــــقلي وافر المُجتنى
بكلِّ ما نَـــــــهفو لـــه.. يَحتبي
يحتارُ مَنْ يختارُ مِــــــــن خيرِهِ
مِن عُجْبِهِ، مِن أيِّهِ يجـــــــــتبي
نغــــــــفو، نطوفُ في فضاءاتِهِ
مـــــــــن كوكبٍ سامٍ إلى كوكبِ
نصحو على صـــوت حماماتهِ
نستقبل الطَــــــــــــيِّبَ بالأطيَبِ
ودارت الأيامُ دورَ الرَّحـــــى
وغارَتِ الأمــــــواجُ بالمَركَبِ
وآبتلعَ الفــــــــــــناءُ نخلاتِنا
وآنتفضَ البلاءُ فـــــي الملعَبِ
قدارُ جــــــــــــاءَ عاقراً ناقتي
وحقدُ هولاكو آحتوى مكتبي
وقاتل السِّـــــــبطِ يُصلّي بنا
على بساطٍ جيءَ من يثرِبِ
وصـــــار حقلي غابةً من أذىً
ومرْتَـــــــــــعاً للذئبِ والثَّعلبِ
للكوخ أمسى الأجنبي صاحباً
وصاحب الكوخ هو الأجــنبي
وصادروا,بل غَرَّبوا شمسنا
وشمســـنا من قبل لم تَغْرُبِ
وصَــــــــيَّروا رصاصنا خُلَّباً
ولَــــــن يُناشَ الذِّئبُ بالخُلّبِ
قد جفَّت الأشجارُمن يأسِها
لكنَّ نبــع البُؤسِ لم ينضُبِ
وآنتحرَ القيثارُ في عَــرشِهِ
حُزناً على أدمُعِــــنا السُكَّبِ
وكـــــــلُّ هذا الظلمِ يمتصُّنا
أمام أنظــــــــارِ بني يعرُبِ