سحقت كلماته ذاك المساء كل ليالي الأنس الجميلة ، وأبت إلا أن تدثرها بالسواد .
ضاقت بها الأماني وتكسرت أشرعتها ،وأعلنت كل السفن العصيان ، وتاهت النفس في لجة صراع مرير مع الواقع .. كست سحب الكآبة سماءها ..وارتعدت النفس من هول الأزمات
تخنق فيها كل فرحة وتلبسها ثوب العزاء. تكسر روحا شفيفة تسامت في الأفق البعيد
معانقة كل سراب . كان وجعها شديداً ، وبأس كلماته العنيدة يغتال كل أفراحها المكسورة فاضمحلت كل الأماني تذروها الرياح .
قلة ذات اليد تأبى أن تبقي الأيدي ممدودة ، وأنياب الفقر تنهش كل صفحات الأحلام فتمزقها إربا إربا ، لا تبقي ولا تذر رياحه المحملة بالسموم ، المثقلة بالأوجاع بصيص أمل ينفس بعض الكرب.
سمعا وطاعة سيدي ..وقسرا لقرار الفراق أذعن وأخضع .
سأقيم حفل تأبيننا ، وأرتل كل أنشودات الوداع ، وأحكي للناعين عن ذاك الجنين الذي اغتيل على عين غرة قبل أن يبصر نور الحياة . عن ابتساماتنا النابعة من صميم الفؤاد ، عن مخططاتنا المرسومة بلهفة الأشواق ، عن آهات فراقنا المكتومة ، وزفرات مشاعرنا المكلومة ، عن وعود وقفت على شفا جرف هار ، وقبل أن نعانقها تهاوت تترى دون استئذان .