وجاء العيد لأشتم من أول بزوغ فجره رائحة ثوبك الجديد، وأستجمعه بكفيَّ كأنما أستنشقه ماضي الأعياد قبل أن يكون للدنيا قبلك عيد يا كل أعيادي أنتِ. لله كم تتأصل جدة الثوب المفرع على طولك، الموزع على ضفتي متنك، تغازله لمسات الخصرين بأرق ما خلق الرحمن من ألطاف الألطاف، ونواعم مشارف تلك الضفاف.. ويْلها روحي إلامَ ستصبر على تلاعب فرعك الموصول بها والعيد يكتب في صفحة صبحه الأولى أنك عيدي والأقمار في تزاحمها، وأنك أنا.. طفلان يعبثان برونق العقلاء الكبار وهم يكبّرون للعيد لدى تدفق جموعه إلى المصلى من الدقائق الأولى.
خلتك حينها وأنا أمشي بينهم معقد الصبا العابث اللاهي، أشبك يدي في يديك التربتين من وحل الطريق، وكنت تسبقينني إلى الحصاة التي قذفناها أمامنا لنرى أينا السابق إليها، فسبقتني، حتى إذا ما آلمني غرورك الصغير شددت العزم على سبقك فسبقتك..فمالها يا حبيبتي ضاعت الملاعب ولم ينته بعدُ تحدي الغرور بين خطانا.
وبدأ العيد بكمالياته المتكلفة من الكبار، وأنا وأنتِ هناك في بعد عن الكبار، لا نعرف تعقلهم، ولا نرتب ترتيبهم، ولا نعد إعداداتهم، سوى أننا لو تألمنا مما لا مناص منه استغثنا بهم لا لنهرع إلى تعقلهم، بل لنعود إلى ممارسة جنوننا على قارعة طريقهم المتزن.
وما عيّدنا حتى رسمنا العيد عبرة للعمر الآتي إذا حن إلى كسر قيود العقل بصيرورة طفلين إلى ما لا كنْه له سوى هدم منازل أقدامهم الصغيرة المحفورة في الأرض ولا سقف سوى السماء..كل عام وأنت أنا يا رفيقة العبث الجميل.
تعالي لنشَرق بفرحة العيد معاً! هل رأيت العيد مرسوماً إلا في صفحة وجودك في وجودي يا حبيبتي؟ ألا لا كانت الليالي مالم تزفنا أقمارها قاطبة بين دوح هالتها غريبين نفاهما الوجود في ضحكة قمر ، وبين رمشي نجمة..ثم اصطفاهما القفر المتعمق من بطن الإنسانية حيث لا صوت إنس، ولا دفء أنيس.
تعالي نملأ ليالي العيد الخالية كل جديد حب، وكل حديث غرام، وكل مبتكر لقاء يبدأ من قبلة نشوة العيد، ولا ينتهي..وقولي لي وأنا مغروس بين شقي صدرك يقلني شموخهما عن مستوى حضيض الغواني، ويستفزني تصلب وسطيهما لمعركة قد أكون الرابح فيها لولا تشربي بإغراءاتهما حداً يخدرني عن غيرهما فيهما.. فيهما يا حبيبتي، فأقول لطفكما لطفكما!
أغمضي عينيك قليلاً.. ثم افتحيهما فإذا بي أمامك أقدم رجلاً، وأرجع بأخرى خشية أن يخدعني احتواء ذراعي لوسطك الجبار فأهزمه كلية في يدي ليقول لي: لطفك، لطفك بي.