صُحبةٌ .. ولكن..!
على مدار بضعةِ أيام كُنتُ بصحبةِ أحدهم وبيننا التواصلُ مستمرٌ إما بالهاتف أو بزياراتٍ بين الفينةِ والأُخرى ..
فشغلتنا الحياة وابتعدنا قليلاً ؛ لكنا نسرق منها رسالة تواصل قدر ما نستطيع ..
وفي مساءِ ذات يوم خطرَ لي أن أتصل بهِ فحال بيننا الوقت إذ كان متأخراً
قلت : إنهُ مشغول بالقراءة والبحث أو ربما هو يعدُ بحثاً جديداً في الطرحِ والمضمون فهذا سحره الساحر كما هو شُغلُه ...
فعدتُ لمكتبتي وبعضاً من وريقاتِ التي بها أجدُ ربيع نفسي وريعان شبابها ..
أفقتُ مع الفجرِ وكعادتي رأيتُ جدول أعمالي و حسب الأولويات أعيدُ تدوينُها..
وفي إحدى ساعات الذِروة اتصلتُ بذاك الصاحب فهللَ بي ورَحَب فهذهِ شمائلهُ
دعاني لوجبة الغداء فتعذرتُ لكثرة انشغالي حينها قطعنا موعد لقاء بمساء اليوم عندها أنهيت الاتصال ، فتبين لي أنهُ كان نائماً فعجبتُ من أمرهِ فالوقت بذروة حيويتهِ ...!
فقلتُ : ربما لكثرةِ ما يطيلُ السهر و الاعتكاف على قراءةِ الكتاب تلو الكتاب...
ورغم هذا أنا أُعزرُ نفسي لتقصيرها الشديد في هذا المجال و أغبطهُ على ما هو عليهِ فهنأتُ نفسي بصحبتهِ والأمة الإسلامية لوجود مثل هكذا شباب فلا زالت على الخير..
قضيتُ الساعات على أحر من الجمر ما أرهقني حينها هو أنني أُفكر فيما سنخطط لهُ و ما سنفعلهُ في المستقبل القريب ..
جاء الموعد فاتصلتُ بهِ فدعاني نحو بيتهِ ليسألني إن كان بإمكاني البقاء لوقتٍ أطول ؟
ففرحتُ من أعماق قلبي فقلت : نعم هيا بنا علنا نجد ما لم نجدهُ بين صفحاتِ ما قراناه فنخرجُ بمادةٍ فيها فائدة لهذهِ الأمة الإسلامية التي هي بين الرجاء بأمل العودة لشبابها .
قطعنا الطريق سيراً على الأقدام حيثُ لم يتكلم منا أحد!
ونحنُ نمشي توقف فجأةً متجهاً نحو اليمين فدخلنا والكلُ يرحب بهِ منهم من أعرفهُ والذي زاد استغرابي هو ما الذي جمعَ هذا مع هذا ؟ وما الروابط و الصفات المشتركة التي بينهم ؟
فقلت : ربما دخل يدعو شخصاً ومن ثَم نُكملُ المسير إلى حيثُ الوجهة المطلوبةَ !
جلس وطلب لِكلينا الشاي فبعدما كادت أنفاسي تنقطع من هذا الجو الملوث بهذهِ السموم والروائح القذرة التي تخرج من عمق الأراكيل ودخان سجائرها فسألتهُ : أين أصدقائُكَ الجدد الذي وعدتني أن أراهم ؟ ربما قد ذهبوا نحو المكان المطلوب الذي يجب أن نكون فيهِ .؟!
فتبسمَ قائلاً : هؤلاء هم أصدقائي وهذا المكان هو المجتمع الجديد الذي نتجمع ونفترق لشيءٍ واحد ألا وهي السِجارة ..
قلت : وما المواضيع التي تصل بكم حد الجدل ...؟
فقال : لغة القوم بأحاديثِ الساعة وعن السجائر أيهما أخف وطأةً على الصحة وبعضاً مما يقولهُ الساسة ؛ وأضيف لك أننا نبقى لساعةٍ متأخرة هنا وهذا كلُ شيء..
فسألتهُ : أجلُ وقتك تقضيهِ في هذهِ الأشياء ..؟
فأجابني وهو يقهقهُ ضحكاً ملأَ فيهِ : جُلَ وقتي إن كان الوقتُ لي. .
فخرجتُ وكأن السماءُ انطبقت على الأرض فكادت أن تنهار قِواي فلم يكن مني إلا أن أبثُ شكواي داعياً وراجياً منهُ عز وجل أن يهديهم سواء السبيل رغم ذرف الدموع على هذا الواقع لضياع شبابهِ بين المقاهي والنوادي الدنيئة . واللهُ المستعان..