(خاطرة فيسبوكية)
كم تبدو لي مشروطاً يا صديقي..كان يكفي ألا يتزوج والدك بأمك حتى لا تكون بيننا الآن! أليس هذا ما تعتقده؟. أكيد، فأنت تذكر حين تحررتَ من تلك الشروط، وذلك منذ بدأت تدرك ما تستطيع من مظاهر الطبيعة حولك، دون أن تعرف لماذا كنت تدركها، ولماذا ينبغي أن تتذكر بعض ملامحها فيما بعد. لكأن مشروطيتك تنفلت عن قصد من عقلك، لكأنها ترفض ألا تبدو لي ولك خاضعةً لمبدأ السببية. هل يعقل أن تكون الصدفة هي التي تنكر ت في ثوب السببية فجاءت بك إلى مجلسنا هذا؟ هل يعقل ألا يكون كل ما تدركه الآن وما تشعر به موجوداً لمجرد أن والدك رفض الزواج من والدتك، أو طلقها قبل أن تحملك في بطنها؟. دعنا من تاريخك الآن، وحاول أن تتصور لك ابناً غير مشروط! هل تدري أنك لا تملك إلا أن تتخذ ولداً بالتبني؟. وإلا فكيف تفسر لنا إنجاب زوجتك لذاك الابن بالتحديد وليس سواه؟. ألا تشعر كما لو أن هناك ترتيبات ما تمت بينك وبين روح ذلك الطفل قبل أن يولد، وأنك وافقت على تبنيه حالما يولد؟ لنفرض أنك لم توافق على أن تكون جسراً بيلوجياً لروح ابنك المفترض، فما الذي يؤكد لك بأنه لن يختار لنفسه أباً آخر ليتخذه جسراً من عالم الروح ما تحت الوعي إلى عالمنا هذا؟ إذا كنت أنت أو ابنك نتيجةً لتحقق الشرط الذي يبدو لي ولك هشاً للغاية، فكيف تصبح اللامشروطيتك البيولوجية (على الأقل) كذلك، بعد أن كنت مشروطاً؟ إن قوة اللامشروطية فيك لا يمكن إلا أن تكون نتيجة لواقع أشد منها تحرراً من الشروط. وهذا ما لا أستبعد أن يخلص بك إلا الافتراض بأنك لستَ إبناً لأحد، إلا على سبيل التبني، لأنك لا يمكن إلا أن تكون جاهزاً في عالم اللاشروط، لكي يتسنى لك أن تصبح غير مشروط بعد الولادة..تعالى لأهمس في أذنك: إنك لست مديناً لأحد على ما يبدو، لكن لا بأس من شكر أولائك الطيبين الذين اتخذوا منك ولداً.