أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 14

الموضوع: وديعة...حين ينامون

  1. #1
    الصورة الرمزية رشدي مصطفى الصاري أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2009
    الدولة : الرياض المملكة العربية السعودية
    العمر : 57
    المشاركات : 164
    المواضيع : 16
    الردود : 164
    المعدل اليومي : 0.03

    وديعة...حين ينامون

    وديعة – حين ينامون
    المقت مرض هذا العصر--- اضطراب وضبابية في الرؤيا وعدم اتزان في تصرفاتي, وكأن أعراض هذا المرض قد تسللت إلي في ذلك الأسبوع؛ فبدأت
    أشك بقدرتي على تقييم الأشياء .
    الرابعة بعد منتصف الليل يد خفية أيقظتني صحوت من نومي، جلست حائراً لا أدري ماذا أفعل ؟
    ارتديت معطفأً خفيفاً ، وخرجت هائماً إلى شوارع مقفرة إلا من مرور قط خائف أو كلب جائع .
    مشيت لأكثر من ساعة على غير وجهة... وأخيراً ساقتني قدماي إلى المقبرة التي تمكث على هضبة اعتلت ناصية البلدة .
    السلام عليكم:
    تحية محفوفة بالمهابة والخوف المكبوت ,اتجهت نحو قبر أبي ؛ جلست بجانبه أقرأ –الفاتحة- وأصغي بحثا عن الصفاء، كنت أتوق إلى من أكنُّ إليه علّي أجد الصدق والإخلاص فلم أجد بُداً من الأبوة.
    كانت تباشير الفجرقد أدمغت وجه السماء بانشقاقها عن بعض من لحمتها الحمراء, ونسمات عليلة تلامس جبيني لتفضي هدوءًا وسكينة, صوبت النظر لآلف أمامي سلسلة من الجبال والوديان رابضة تضفي على المكان وحشة ورهبة .
    رفةُ رمش واحدة ارتد نظري بعدها باتجاه البلدة التي أقبع على ناصيتها,
    كانت تبدو رزينة هادئة .
    البيوت تصطف بجانب بعضها ؛ وكأن القائمين عليها كانوا يهدفون من اجتماعهم هو التعاون والتكاتف على الحياة .
    وديعة بمظهرها، جميلة، كل شيء ساكن, الرتابة والخضرة تكللها, وتزيدها أناقة.
    لبرهة انتابني هذا الشعور، وما لبث يغادرني عندما بدأت أحدق في ذلك الشبح الذي بدأت ظلاله تتحرك باتجاهي، وكأنه هائم مثلي يبحث عن خلٍ يكن إليه ؟
    لبرهة تجلى بسرواله القديم وتجاعيد وجهه الداكنة وقسماته البائسة,
    كان هرماً أخذت منه السنون، فانحنى ظهره وبدا تعبه وهروبه.
    السلام عليكم :
    جلس قبالتي مسترخياً على الأرض التي آثرها مقعدا بدلا من حجارة القبور ,
    قرأ -الفاتحة- بصوت خافت وما لبث أن أعقبها جهراً- سورة يس- وكأن صوته أضفى على المقبرة شيء من حزن مفقود وبينما يتلو وأنا أتباين آية وأخرى بشعور مختلف وأحاسيس عجيبة ....انتهى- صدق الله العظيم - .
    اقترب مني مددت يدي أبحث عن بعض النقود في أحد جيوبي ظنا مني بأنه من أولئك المقرئين إلا أن يدي تجلدت عندما بدأ متحدثا, وهو ينظر باتجاه تلك الجبال قائلاً:
    وهبته كل ما أملك ----أرضي ومالي حتى منزلي- الذي لم يعد لي مأوى سواه - سجلته باسمه توفيت أمه وهو صغير فكان وحيدي , بل كل دنياي .
    كنت أرقب عوده وهو يقسو, في كل يوم يكبر وسعادتي تكبر معه .........أنهى تحصيله الجامعي .. تزوج من زميلته، وما لبث أن فاجأني بأنه سيرحل إلى المدينة ....حزنت كثيرا لكنني تقبلت شريطة ألا ينقطع عن زيارتي في كل أسبوع، إلا أن زيارته بدأت متقطعة في بادئ الأمر إلى أن أصبحت بالمناسبات.
    وبعد غياب طويل!!!. ومنذ أسبوع تلقيته بأحضاني عندما طرق بابي في ذلك الصباح ظننته أنه الشوق إلى أبيه, كابرتُ دموعي التي أصرّت أن تتناثر لرؤيته.
    وبعد حين من وصوله طرح مال أتوقعه يوماً يريد أن يسكنني في المدينة قريباً منه..... غص ذلك الشبح, وسكت حيناً, وكأن الكلمات علقت في حنجرته!! وأرخى اللجام لذكرياته التي قادته عنوة إلى الماضي ثم ما لبث أن أردف قائلا: يريد أن يضعني في دار المسنين؛ لهفة منه على شيخوختي ووحدتي ؛ ووفاء منه على رعايتي له, طبعا رفضت وقاطعت ولدي, وأول البارحة طرق بابي أحدهم !! ليبلغني بأن أفرغ حاجياتي من الدار التي أقطنها لأن ولدي قد باع الدار ...وسكت العجوز طويلا!!! وما لبث أن تركني ---------.
    وراح يتجول بين القبور , وكأنه يبحث عن مسكن جديد ---------
    وارتد الطرف بي عائدا يشق طريقه عبر تلك الجبال والوديان و تساؤلات أرهقتني ؟ هل وجدت تشخيصا لهذا المقت, وكيف لا؟ والمقت فقدان للسعادة , ولا سعادة بلا رضا ء ، ورضا الذات يكمن في رضاء الله (( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية )) –صد ق الله العظيم - ومن رضاء الله رضا الوالدين , ومعظمنا في خصام دائم مع ذاتنا وإنسانيتنا, نحيا ملكاً لأنانيتنا, ورغباتنا , وأنى لنا؟ بلوغاً تلك السعادة--- وذلك الرضا
    وكأن السماء غضبت وهي تصغي لقصة هذا الطيب فبدأت تقشع غيومها السوداء علّ الفجر يشرق .
    فسارعت أناجيها أرجوك لا توقظيهم ....... دعيهم
    فكم أنت وديعة يا بلدي حين ينامون
    عيناك شاردتان ماذا تبغيان هل تبحثان عن الأليف
    ياحلم عينيك ورؤياهما ماتا مع الانسان والزمن الشريف

  2. #2
    الصورة الرمزية د. نجلاء طمان أديبة وناقدة
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : في عالمٍ آخر... لا أستطيع التعبير عنه
    المشاركات : 4,224
    المواضيع : 71
    الردود : 4224
    المعدل اليومي : 0.68

    افتراضي

    وديعة حين ينامون, قصة اعتمدت السردالمباشر, وكان الخيط الحبكي مشدودًا بقوة موازية للسرد خلال الحكاء الذي امتد من البداية وحتى النهاية. البعد النفسي يعبر عن نفسه بقوة في القصة وخاصة في نفسية البطل الموازي للحاكي. البداية طالت بلا داعٍ وكان يمكن الاستغناء عنها لتبدأ القصة من " الرابعة....", والتدرج في الحكاء كان متناسبًا مع الحالة الشعورية. القفلة النهائية ابتدأت منذ " ارتد الطرف..." وكانت تحتاج مزيدًا من الاشتغال, فقد دخلت في مناجاة نفسية أساءت للخاتمة القصية, وأدخلتها في خط الخاطرة.

    تقديري
    الناس أمواتٌ نيامٌ.. إذا ماتوا انتبهوا !!!

  3. #3
    الصورة الرمزية رشدي مصطفى الصاري أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2009
    الدولة : الرياض المملكة العربية السعودية
    العمر : 57
    المشاركات : 164
    المواضيع : 16
    الردود : 164
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    الفاضلة د.نجلاء

    بداية أشكر لك طيب المتابعة والاهتمام

    لكنني قد اختلف معك في الرأي مع جُلّ الود والاحترام

    سيدتي الفاضلة

    المقت آفة من آفات العصر وهو السبب الذي وضعني في حالة من القلق وعدم القدرة على النوم

    إن هذه المقدمة التي عبرتُ من خلالها الى قصتي هي متلازمة تفسر المرض الذي يعاني منه الكثير والذي هو جوهر

    موضوعي , ولو أنني بدأت من الرابعة بعد منتصف الليل لأظنني أضعت جوهر ما أريد

    وكم أعشق (جبران خليل جبران )عندما يحلق في عوالم لايمكن للقارئ أن يصل إليها إلا عندما ينطق بحكمة أو فلسفة

    تفسر ما وراء سطوره

    لو تمعنّا سيدتي الفاضلة قليلاً لوجدت ترابطاً عنيفاً ما بين ما بدأت فيه وماانتهيت إليه .

    باستثناء بعض الوقفات التأملية لبطل القصة والتي تحتوي على بعد روحي عميق لا أظنه قد أساء للقصة بشيء

    حيث أنني لم أخرج عن السرد الحكائي ,إنما أضفيت صدى روحياً لآثام انسانية تقترف في كل لحظة

    أخيراً أيتها الأديبة أنحني أمام هامتك الأدبية ولنطلق العنان لأرواحنا علّها تحلق في عوالمنا السخية

    ودمتم ------------------------------------- د. رشدي

  4. #4
    الصورة الرمزية مازن لبابيدي شاعر
    هيئة تحرير المجلة

    تاريخ التسجيل : Mar 2008
    الدولة : أبو ظبي
    العمر : 64
    المشاركات : 8,888
    المواضيع : 157
    الردود : 8888
    المعدل اليومي : 1.51

    افتراضي

    الأخ الأديب (وأظنك طبيباً) رشدي الصاري
    تقديري الكبير لقصتك الرائعة أخي .
    إن العقيدة الصحيحة وحسن التوكل على الله تعالى والرضا بقضائه والسعي لإرضائه هي مفتاح السعادة الحقيقية في الدارين بإذن الله .
    يا شام إني والأقدار مبرمة /// ما لي سواك قبيل الموت منقلب

  5. #5

  6. #6
    الصورة الرمزية رشدي مصطفى الصاري أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2009
    الدولة : الرياض المملكة العربية السعودية
    العمر : 57
    المشاركات : 164
    المواضيع : 16
    الردود : 164
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مازن لبابيدي مشاهدة المشاركة
    الأخ الأديب (وأظنك طبيباً) رشدي الصاري
    تقديري الكبير لقصتك الرائعة أخي .
    إن العقيدة الصحيحة وحسن التوكل على الله تعالى والرضا بقضائه والسعي لإرضائه هي مفتاح السعادة الحقيقية في الدارين بإذن الله .


    الفاضل د. مازن لبابيدي
    اشكر مرورك الغالي ---
    سيدي الفاضل
    بمثل قراءاتكم تبلغ الغايات أهدافها ,,وأظنكم لامستم شغاف ما أصبو إليه بعميق إحساسكم
    صفحتي إزدانت وضاء ت بقلمكم
    د. رشدي

  7. #7
    الصورة الرمزية رشدي مصطفى الصاري أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2009
    الدولة : الرياض المملكة العربية السعودية
    العمر : 57
    المشاركات : 164
    المواضيع : 16
    الردود : 164
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدكتور ماجد قاروط مشاهدة المشاركة
    أنت تملك بحق أيها الأديب الكبير الكثير من مقومات الإبداع ،
    فأنا لم أشعر بلحظة ملل واحدة و أنا أقرأ النص السابق
    ، و يدل ذلك على أننا أمام أديب كبير يعرف كيف يتناول لغته الفنية
    .





    الدكتور الكبير ماجد قاروط
    سيدي الفاضل
    إحساسي يغرف من البحر وبلاغتكم كنقش في الصخر
    أسعدتني كلماتك أ يها الفاضل ,لأنها صدرت من قلبكم الكبير النقي
    ودمتم-----وليبقى قلمك منارة للإبداع

  8. #8
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 391
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.14

    افتراضي

    وديعة ... حين ينامون ..!
    قصة تحمل عظة وعبرة بعيدة العمق .
    بين طياتها المتراصفة في ورودها ..
    المترابطة في كلماتها وتمكنها .
    أستاذي الفاضل /الدكتور رشدي
    لاشك أنك أبدعت في حبك خيوط السرد ,
    وقدمت لنا هذه الوجبة بشكل شهي لانمل من تناوله
    كنت هنا ودهشت كيف فاتتني هذه الدرة السنية .
    مساؤك عبهري ندي















    مال أتوقعه - مالم أتوقعه

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #9
    الصورة الرمزية رشدي مصطفى الصاري أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2009
    الدولة : الرياض المملكة العربية السعودية
    العمر : 57
    المشاركات : 164
    المواضيع : 16
    الردود : 164
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    أختي رنيم
    هاأنا أراك كاالفراشة البيضاء تتنقل من زهرة الى زهرة في حديقة الأدب هذه فتنعشي ذبول تلك الورود
    بندي كلماتك العذبة وصفاؤك المعهود
    خالص ودي أيتها الفاضلة

  10. #10
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.72

    افتراضي

    شائق سردك شدني للنص وأغرقني في عمق حسه وثقيل محموله الانساني
    قصة ماتعة طابت لي قراءتها

    دمت بألق

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. سلام عليك حين ترحل حين تعود
    بواسطة هائل سعيد الصرمي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 09-08-2017, 12:49 AM
  2. وديعةٌ
    بواسطة هبه عبد الوهاب في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 26-05-2012, 08:03 PM
  3. وديعةُ الطهر
    بواسطة محمد إبراهيم الحريري في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 35
    آخر مشاركة: 12-06-2010, 11:27 AM
  4. حين يظلمك الحبيب
    بواسطة نسرين في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 25-07-2003, 12:12 PM
  5. لدجلة حين يرنو للمدى
    بواسطة منذر ابو حلتم في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 02-02-2003, 04:28 PM