أخى عاودتنى فيك الظنون
أخى عاودتنى فيك الظنونُ
وجالتْ بعينى طيوفُ الريبْ
وأوجستُ خوفاً عليك ومنك
وحدثتُ نفسى بأنِّى تَعِبْ
أخى إن ترامى إلى مسمعى
نذيرُك حَلَّ عَلَىَّ الوصب
وعللتُ نفسى بأنك غِرٌ
إلى أن عَرَتْنِى عليك النُّوبْ
أخى أنت دمى أخى أنت همى
أخى أنت روحٌ بجسمى تُحَبْ
أيا بضعةً من ضميرى تُسَامُ
فبالله ثَمَّ النُّهَى والأربْ
أيا قطعةً من جسمى تُضَامُ
فبالله ثَمَّ الحمى والحَرَبْ
أخى لا تكن كابن نوحٍ تمادى
وأزرى بنصحٍ وعق بأب
إذ الأرضُ صارت عيوناً تفيضُ
من الماء يهمى كقِدْرٍ يَخِبْ
وأصغت سماءٌ لأمرٍ جليلٍ
فأبوابُها عنْدَ أخرى سبب
وحُمِلَ الهُدَاةُ على متن فلْكٍ
ونودى بعداً لآلِ الكذب
ونادى نوحٌ بُنَىَّ تعالى
طوقَ النجاةِ إلحقْ بركب
فقال سآوى إلى مكمنٍ
تقينى الجبالُ شرورَ السحب
فقال الوقايةُ لا تبتغى
سوى إن أراد الإلهُ الوهب
وحال الموجُ نجاةَ الغريقِ
فَحَرَّقَ قلْباً وطارَ بِلُبْ
وقيل ابلعى يا أرضُ الميـاهَ
ومُزْنَ السماءِ كفاكِ وحسب
ونادى نوحٌ إلهى بُنَىَّ
طواه الردى بين تلك اللُجب
فناده نوحٌ لا تبتئس
صنيعُ المفاسدِ لا يُنْتَحَبْ
فهذا مَآلُ العصاةِ وتلكَ
نهايةُ مَنْ لم تُفِدْه الكتب
أُخَىَّ انتصاحاً بأمرِ الإلهِ
أُخَىَّ إليك مثالُ النُجُب
فهلا ذكرتَ امتثالَ الذبيحِ
وصنعَ الخليلِ وفعلَ العجب
رأى فى المنام الوحىَ ابتلاءً
فصدقَ دون احتمالِ الكذب
وناجى بُنَىَّ رأيتُ كأنِّى
أُريقُ الدماءَ بجيدِ العَصَب
فما قال ويحك خَرَفُ العقولِ
وما قال تلك صروفُ الشِيَب
وما قال إنِّى وحيدُك أَنَّى
تسوغُ الحياةُ بعارٍ وذنب
وجئتُك بعد انقطاعِ الرجاءِ
وجدَّدتُ عمرَك بعدَ العَطَب
ولَكِنْ قولةَ بَرٍ حنيفٍ
أُمِرْتَ فَلَبِّ وصبرٌ وجب
فلما أطاعا وصدا رجيما
ومُدَّتْ يدٌ لا تُبيحُ النَّكَب
آتاه البشيرُ بذبحٍ عظيمٍ
فداءَ العزيزِ وتفريجُ كرب
فهلا وعيتَ احتمالَ الخطوبِ
وهلا دريتَ استباقَ الرتب
أَخِى هاكَ قولى وفِىَّ احتراقٌ
ويجلو النفيسَ أوارُ اللهب
بها المكرماتُ تَقَرُّ العيونُ
وتَأْسِرُ كُلَّ القلوبِ السحب
فكُنْ للمعالى وودِّع أديماً
فَدُونَ المعالى كنوزُ الذهب
القاهرة 20/10/2001