انبعاثوأنا قاب قوسين أو أدنى من الغرق، تمتد إلي تربتكِ بحرا من الأمل يغمر كل كلماتي الشريدة المقيمة دون بطاقة معنى على حواشي أوراقي المكتوية بحمم براكين اللجوء والتيه.
تشرق علي ملامحك شمسا دافئة من زمن ولى ، يعزف شعاعها على أعماق الروح القابعة في قعر الوحدة والانتظار، فيتشكل اللحن قاربَ نجاة بشراع من سكينة ومجداف من وهج الوصل.
وأنا قاب قوسين أو أدنى من امتطاء اليأس نحو وجهة مجهولة ، ألوح بعزيمتي المنهوكة للغيب ، وأستنزف ما تبقى في رئتي من هواء العيش في مقاومة جاذبية الإقامة على راحة الموت . يسير إلي كفك الأخضر حبل نجاة ، ويمتد نسيمكِ قوسا مثقلا بعمق الحياة وعبقها بين غروب شمس حزمت خيوطها في عجل مقتفية أثرك وفجر غدٍ يزف قدومك على بساط من الشفق الأبيض. تتلألأ ألوانه الراقصة بفرح ربيعي لتبدد عتمة قصائدي المعلبة في قوالب المكان والحرمان. ينزع عنها وشاحها الرمادي القاتم البارد بإحساس الغياب ، الحارق بجمر الشوق، ليغرد شِعرها خارج قوافي الصمت ، وينساب شَعرها خارج قيد الظفيرة طويلا طويلا، كماءِ ينفلت بعد طول انحباس في جوف غيمة تركب أجنحة الريح لتفلت من السقوط. كنهر يستعيد طعم الخطى ويتفقد أحجاره العطشى.
يعانق النهر خطاه وتتسارع خطوات التعاسة التي تجرعتْها أزهار شرفتي أمداً بطول غيابك. تتسلل هاربة عبر تصدعات النفس وانكسارات الحلم ، محملة بما غنمته من أيامي وشظايا القلب.
لا أحقد عليها ، لم يعد في ساعتي متسع لعقرب الحقد. لا ألاحقها ، فلتهنأ بما غنمت ولتترك لي بقايا عمري ، ألملمها ، أغسلها من بقايا سمها ، أنقيها من شوائب اليأس . أزرعها في ثنايا تربتك الغنية بكريات البقاء . لا أسقيها بالعبرات المختنقة بملح الانكسار، بل بملح العرق المتصبب من جبين الانتصار على جاذبية الموت. فالأرض لا تهوى الدموع وغمامة الصيف لا تروي الشجر العاري.
أمضي فاتحا عينَيَ ملء الوجود لأشعل شهب الحياة احتفالا بلحظة الانبعاث، الانفلات من رحم الغرق. وأستصدر شهادة ميلاد جديدة وفق التقويم الزمني لفصولك.