الولاء للأقوياء
(أثناء ضباب ما بعد ثورة 25 يناير)
حملنــا على الأيــّـام ما لا تـَــودُّه
وكل تمـادى كلمـا طــاق جُـهْـدُهُ
فصـرنا على عصـر عجيبٍ كأنّهُ
يسير بلا وجـه..إلى أين قصدُهُ ؟!
ورحنـا على أصل التليـد نَحُسُّـهُ
نُـفَكِّك فيمـا قد تمـاسك عِقْـــدهُ
عَدوْنا على النهر الذي كان صافيا
بكـلِّ غـــريبٍ جــائرِ النَّــبْـعِ وِرْدهُ
وقفنا على جُـرْفٍ من الخُلْف موبقٍ
وكل فريــق قــــد تَــنَــافر حَشْـــدُهُ
ولما مضى فرعـون حق لنا الهدى
ولكـن رأيت العجــل يُـنْـشَد وِرْدُهُ
كأن شـقـاق الـمُـرجِفيـن ركامــــهُ
يُهَـــــال على حلـــم تَقَـــرّر وَأْدُهُ
لمـــاذا تَـنَـكَّرْنـا لحلـم وجــــودنــا
سعينــا له دهرا وأُكِّـــــد فقــــــدُهُ
بذلنـا لــه من بعـــد حـرّ دمائنـا
فلما دَنَا ارتَبْنَــــا وقمنــا نصُــدُّهُ
الِفْنَـا التردِّي في المهـــانة حقبةً
وإذ لاح باب العِــزِّ رحنـــا نَسُدُّهُ
وصرنــا شظــايا بعـد جَـمْـعٍ كأنّـه
على أفُـــقِ التــاريخ مـا لاح نِـــدُّهُ
نبثُّ سـمــومًـا في وريد صمودنــا
وكـــلٌ لـــه جــزء بـنــاب يشـــدُّهُ
وتعمل فـينـــا للعـــدو دســـائسٌ
أضـــرّ وأنكى من قتـــال يُكِـــــدُّهُ
تخبّطـت الآراء في شَـــطَطِ الرؤى
فســـاد ضــــلال لا دليــــل يَـــرُدُّه
وأكبر مغبــونٍ هـو الوطـن الذي
نقول بنا يُـفْـــدى ونحـن نـهــدُّهُ
نخـاصم فيمـا ليس يجدي نَـوَالـه
ونغفل عمــا جـــلَّ أو جــدَّ جــدُّهُ
ونـهدم ركنــا في نــزاع لعــارض
مباح ولا يرجى و يُـحْفَل رَصْـــدُهُ
وإن طريقـًـــا ينشد الحـــق جــامعٌ
لـــه من معيــن الله نــــور يُمِـــــدُّهُ
يشُنُ علينـا كل من شــاء غــارة
ونحن له فيهـــا كمـا شــاء جُنْـدُهُ
كفينـاه أن تعدو علينــا سيوفنــا
ويرعـى بأيدينــا ويُكْــلأُ بَــنـْــدُهُ
إذا ما سمعنا بعض آيــات مجدهِ
سجدنـا له فيهـــا بمـــا لا يَعـُـدُّه
بـَهَـتْـنا شعـاع الشمس خلف بريقهِ
ورُحْنــا نَـفُــضُّ الغيـم إذ رنّ رعْدُهُ
وما كـل برق كلمـا ارتجَّ مُـغْــدِقٌ
ولا كلّ ضـوء آمـنٌ بعــــد قصْـدُهُ
أسأنـا إلى التـاريخ حتى نَبَــا بِنـــا
برئنــا من الآبـــاء فالأب وَعْــــدُهُ
نًبَشْـــنـا له زلفى قبــور جُدودِنــــا
ليهْــدَأ نَـفْـسًـــا كلمـا زاد حِـقْــــدُهُ
صَلَبْـنـا على عُـقْم السلام كفـاحنـا
وما حفظـوا العهـد الذي تم عَـقْـدُهُ
وكل أبي قـــــام فينــــا منــــاضــــلًا
تصـــدى له منَّــــا غريـــم يصُــــدُّهُ
فيـا أيهــا المشـدود خلف سرابــه
أمــــازال معقــودًا بقلبـك وجْــــدُهُ
تلونت حتى صرت بعض دمـائـه
تنصلت ممن نسج جلدك جـــــلدُهُ
أخــوك بِـفُـجْــرٍ تُسْــتَـبَــاح دمـاؤه
وهذا لهيب الغدر قد زاد وَقْـــــدُهُ
أتــأمـن لو تبقى مَهِيضًـا مسـالمـًــا
فَيَهْـتِك في عُنْفٍ سـتارك حَشْدُهُ
أتعــــدو إلى من رام قلبك سـهْمُــهُ
وتخـذل من قد ظـل يحمـيك زنـْـدُهُ
أما كنت في نور من الحق والهدى
ومـازال منقوشًــــا بقلبك عهــــــدُهُ
وإن سراج الحـق مازال ســاطعـًــا
جليًّـا ويعمى عـنه من زاغ رشْـدُهُ
فمن كـان في تيه من الرَّيْـب سادرًا
فــإن الذي أقصـاه في التيــه بُـعْــدُهُ
أنيبوا إلى ما جـاء من سـنَن الهـدى
ففيهـــا لنيــل العــــزِّ ما نَسْـــتَمِــدُّهُ
ولا تــدَّعــوا أن السـياســة عالـــم
بعيـد عـن الديـّان فالمـجــد مَـجْـدُهُ
فماذا إذا أُقْصيت واحتجت عــونَـه
فمن ذا الذي يعطيك والكون رِفْـدُهُ
مـحيــطٌ بـمـا يـجـري ويـنـفــذ أمــره
بـحكمـة عــــلام ويصــدق وعْـــــدُهُ
بـُهِتُّ وقــد ألْفَـيْـتُ رمحــك ناكِسًــــا
وسيفَك مغمــــودا وقلبــك غِمْـــــدُهُ
يُبيــِّـت في لــقـيـــاك كــــل بــليـَّـــــهٍ
ليلقــــــــاك منهــــا كل مـــــا لا تَـردُّه
ومـــا اخترع الإرهــاب إلا لخطــــةٍ
وبغي على التـاريخ قد طال سَـــرْدُهُ
أرانــــا دويــلات حصــــاد لقائـنــــا
لهيب تَـجَــافينــا وللنـــاس بــَــرْدُهُ
بربــك يا غــازيَّ هل أنت صــادق
وربـّك قد أغْرى بـمن أنت ضِــدُّهُ
يقــول أبيـــدوا كل شيء ودمِّـروا
ولا تضعــــوا حدا لـفَـتْــك يَحــــدُّهُ
تُـقَــــرِّرُ ما أوحـى الضــلال كأنـــه
يــؤول إلى وحــي السمــاء مَــرَدُّه
وأنت مـريبٌ منـــذ أن كنت نــاكـثٌ
وسيفك هــــــذا كل يــــــوم تُـحِــدُهُ
تـحــرم فينـا بعضَ بأس نـعـيـــــدهُ
وعنـــدك أطنـــان لــويـــلٍ تُـعِــــدُّهُ
أمــا كنت في ظلي تلــوذ و تحتمي
أُبـدِّد عنــك الجهل أشقـــاك قَــيـْـدُهُ
فـإن الذي تَــنْــفـيــهِ آواك عدلـــه
وإن الذي تُـرْديـــه أحيـــاك جَـــدُّهُ
وتلقي عليـنــا بـالشروط كســيــدٍ
يوجــه أمـــرًا قد تلقــــاه عبــــدُهُ
أتقصـــد أني لا أكــــون مـخربـًـــا
أقــدِّم رأسـي راضيــًــــا وتَـقُـــــدُّهُ
وذلك عرضي لو تشاء تلوكـــــه
وبعد فمــــاذا أي شـيءٍ تـَـــــودُّهُ
خسـئت فــإني ذلك القِــــرْن والذي
يموت ويبقى في مدى الحَمْد حمـدُهُ
إليــك وإنّي لــن أبـيــع مبـادئي
سـأصمد حتى تسكن الغيل أسْدُهُ
كفـانا فإن البعـــد قد شطّ بُـعْـدُه
وماذا فإن الكيْــدَ قد ضجّ كيْــدُهُ
لقد قـالت الأعراب مـا لك ما لنـا
وكــلٌ لــه قــدر إذا زاد نَـقْـــدُه
وكم قد قضى قارون في جمع مالــه
فهل كان في الأمـوال من بَـعْـدُ سَعدُهُ
ويَهْـلَك قــارونٌ ويُـبْعَـث غَـيْرُهُ
وكـلٌ لــه وجـــه يحـاكيــــه نـِــــدُّهُ
وماذا إذا أوْدَى بنا العمـر وانقضى
أيَـنفعُ مـــالٌ مـن إلـى الله أَوْدُهُ
وما تحفـظ الأموال ثَـغْـرًا ولم تكن
قلـوب بـهـا الإيمـان دومًا تَسُــدُّهُ
وقد لا يُشين المرءَ أن قـلّ مــاله
وقد لا يضير المـرءَ إن زاد نقـدهُ