تأتيني الذكرى تراودني عن نومي ،مبعثرة الملامح ،نرجسية ،سيامية،فيها من كل شيء اثنين ،تحوي النقيضين بوشاح مخملي ، حوراء ،مسبلة العينين ،ترمقني بنظرتين ،واحدة ذابلة و أخرى كإبصار اليمامة مسيرة يومين ،جريئة ، قاسية الجوارح ، هيفاء،صبية في العشرين ،شقية كطفلة في الخامسة، شمائلها طفولية ،
و دمعتها لؤلؤ منثور على أكف السراب ،ضحكتها تسحرني ،تأسرني ،تذهلني فأنتصب أمامها تمثالا ،يذهل الخلق في ثباتي ،ذاهلة نفسي عن سواي ،
تذكرني بالذي كان بيننا .فتلدغني عقارب الحنين، أنتفض هاربة منها ،أحمل بعضا منّي بكفي وأترك شقــا مني خلفي ،نصف هي منك و نصف مني،فأقبض الذي منك ألملمه بأهدابي ،أصنع من أصدافه ما يشبه نصفي،فأبسطه على أديم بؤبئي،أطبق الجفن علّني أكسره،أعصره ،لأرتاح من طيفك الذي يسكنني،
أجدني أركض فـي محيط مغلقـة كل منافذه،زواياه متواطئة مع الصدى ،إليك تردّني ،بين يديك تسقطني ، أقفز في داخلي بين الذكـرى و الذكرى ،
تمسكني أنت.أفر من وجهك صوب اللامدى،مهرولة،أسابق ظلي،تتعثر أنفاسي ،تتثاقل خطواتي،تجرّني ذكرياتي إليك.فأعود إليك بأشواقي ..أكثر مما مضى ..
محمّلة بالحنين مفرغة من العتاب ،أحطم ما كان بيننا من غياب ،أعبر جسر البعد محلقة لأحطّ على كفك فراشة؛تأبى الاحتراق إلا بين يديك.