المواقف التعليمية المباشرة في الحصص الدراسية
كلامي لا يستهدف ذلك المدرس الذي يتفنن في إهدار وقت الحصة في أمور لا تتصل بالعلم ولا التعليم، كاستعمال الهاتف المحمول، أو الانشغال بالحاسوب المحمول، أو التدخين و"الدردشة" مع الطلاب، أو ... إلخ.
وكلامي لا يقصد من يفعلون ولا يفعلون.
كيف؟
هناك فئة من المدرسين يكون التعليم عندهم ملء السبورة بالكتابة من دون تفاعل مع الطلاب، فهؤلاء أفضل من السابقين لكن ليس لهم تأثير وليسوا معلمين، إنما هم شاغلو الطلاب عن الضجيج فقط.
وكلامي لا يقصد المدرسين النمطيين.
من هم؟
إنهم من صنفوا تلاميذهم إلى مستوياتهم، وعزلوا الضعفاء في كهوف ضعفهم لا يسألونهم ولا يحاولون إخراجهم ولو لحظات، فيؤدي ذلك إلى زيادة انعزالهم عن أنفسهم وعن زملائهم لا عن مدرسيهم فقط.
كلامي هنا ليس لهؤلاء، بل للمعلمين الذين يرون وقت الحصة مواقف تعليمية مباشرة مع كل الطلاب والتلاميذ، وليس مواقف تعليمية عامة غير مباشرة.
كيف؟
لو وقف المعلم وشرح، وطلب من الطلاب والتلاميذ التكرار وكرروا- فإن هذا التعليم ليس تعليما مباشرا، بل هو تعليم عام وغير مباشر.
لماذا؟
لأن التعليم المباشر هو ذلك التعليم الذي يكون للمعلم موقف أو أكثر مع كل طالب أو تلميذ على حدة، موقف يجمع بينهما فقط، من دون التعلل بعدد الطلاب ولا وقت الحصة ولا طول المناهج.
لماذا؟
لأن وقت المعلم مع طلابه يمتد سنة دراسية كاملة يستطيع فيها لو رغب أن يصنع مواقف تعليمية مع كل طلابه بكل مستوياتهم، ولن يصبح الوقت ولا المقرر وطوله ذريعة لما يدعيه.
كيف؟
المتميزون سيضطرونه إلى تلك المواقف بتميزهم، لكن الضعفاء لن يجتذبوه إلا إذا كان مربيا يهمه التعليم والتأثير في طلابه.
متى يفعل ذلك؟
إذا لم يرهم قضايا منتهية ولا حيلة معهم ولا أمل فيهم، وإذا لم يُثبِّت ذلك في نفوسهم ونفوس زملائهم.
كيف؟
أن يسألهم على الرغم من كونه يعلم أنهم لن يجيبوا ويجيب عنهم ثم يجعلهم يرددون، أو يجيب معهم، أو يجعل متميزا يجيب والضعيف يردد وراءه، أو ... أو ... إلخ.
ولا يقتصر ذلك على الناحية الشفهية فقط، بل يمتد إلى الأعمال التحريرية فيمكن المعلم وهو يصصح كراساتهم أن يوجههم ويقوّمهم؛ فإن هذه اللفتات لها أهمية لا يدركها إلا الغرقى الذي يرون في القشة منقذا، فيقدرونها بما لا يقدرها الناجون السالمون.
فهل يحرص المعلمون؟
أدعو الله تعالى أن يحرصوا وينفذوا؛ فإن العلم بالتعلم، وكم غير موقف تعليمي مباشر من مصير طالب وتلميذ!