(خاطرة فيسبوكية)
على مقربة من فنائك الثاني تعفن العصر، وتطايرت منه أراجيل الذباب والسباب، حتى بلغت عنان السحاب. جلود الحضارات ذات اليمين وذات الجِمال غير مدبوغة تزكم أنفك، وإذا اقترب الليل المسيحي منك صفعت فيه خد المشرق، فأدار لك خد المغرب. لا تعرف من أين تبدأ فناءك، وأين تنهي خبرك، وفي أي تجمع ستعلن انفجارك. شارع من السخط يركض خلفك إلى يوم الدين، وأنت مازلت في ليل الدنيا تبيع وتشتري في سمعتك. ذهبت إلى أروبا كما يذهبون، ونشرت هناك بضاعتك من جلود العرب البائدة، فأزكمتَ ما تيسر من أنوف غيرك مشكوراً..صدقني، لقد شوهتَ سمعتنا هذه المرة بقدر ما تعفنت سيرتك الأولى حين كنتَ هراوةً بيد الطاغوت الحاكم. دعوتَ الأحياء هناك إلى حفل موتك، فلم يحضر منهم إلا من احتضر. بحق إبليس، عليكما اللعنة، ماذا تنتظر؟.. لا تترك شيئاً، فلسنا بحاجة إلى ما ورثته من التواريخ عن صناع الضلال من طرازك. احمل تاريخك إلى قبرك، فلقد تأخرتَ وأثقلتَ فما أفلحتَ ولا صلحتَ ولا أصلحتَ. إذا نادى منادٍ للبعث والنشور، فأرجوك أن تواصل موتك عساك ترعوي. واصل موتك أرجوك، وثق بأنك عار على البعث. مادمتَ قابلا للاشتعال يا صديقي، فلقد كان عليك أن تشتعل منذ عصرك الجليدي عسى غيرك يصطلي. ها نحن على مرمى فساد واحد من الصيف، وها أنت تشتعل فسادين مبينين من جديد، فمتى تنقرض وتريح هذا القطيع النمطي من فصول هذه السنة المتدهورة؟. حسبُك يا صديقي، وكن هذه المرة من المائتين الجادين، فلا تخرج من قبرك حتى تلفظك الأرض على سبيل القيء، فإني لا أراك إلا غثياناً يمشي على أربعة أقدام.