كانت هذه أولَّ قصيدةٍ نبَضَ بها فؤادي الثائر ..عروس المجد
لم يزَلْ عزفُ نونِها يُراقص الأذنَ المشتاقة ..
لاشكَّ أنَّ الشامَ أكبرُ من كلِّ من كَتَبْ وكل ما كُتبْ .. ولكنَّ عطاءّنا هو استطاعةُ الفقيرِ أمامَ غناها .. البخيلِ أمامَ جودِها .. القاصرِ أمامَ جمالها وعزَّتها.. الأسيرِ بدونِ حُرِّيتها..
::
::
عروسَ المجدِ تيهي وانْظُرينا
نَصوغُ لكِ القصائدَ ياسَمينا
ونُحيي في ربيعِكِ عُرسَ نصرٍ
تُخَلِّــدُهُ فُصــــــــــــولُ العـــــــابرينا
مُلَوِّحَةً أيادينا لِنَسْرٍ
يُراقِصُ شهوةَ التحليقِ فينا
مُرفرِفَةً بيارِقُ كلِّ قلبٍ
مُنَكَّسةً سِهامُ الخائفينا
مُغنَّاةً مُلحَّنةً حُروفٌ
تُذيبُ الرُّوحَ .. تُشْعِلُها حنينا
مُشَكِّلَةً ورودُ الحُبِّ منَّا
معَ الزيتونِ والتفاحِ تينا
مُعَطَّرةً بِدَمْعاتِ الدوالي
مُذَهَّبةً بماءِ اليافعينا
مُوَحِّدةً بِحُبِّ الشامِ قلباً
يساراً كانَ يهوى أمْ يمينا
مُحَمَّلةً على الأكتافِ جُوداً
هدايانا .. مُرَخِّصةً بنينا
مُزَمْجِرَةً مُزلزِلَةً خُطانا
حُصونَ الخانِعينا الغادِرينا
مُحَرِّرَةً أيادي الشامِ مِنهمْ
مُكَسِّرةً قيودَ الغاصِبينا
مُهَلِّلَةً جُموعُ النَّصرِ فخراً
مُكَبِّرةً بِصوتِ الفاتِحينا
*****
عَروسَ المجدِ.. مُذْ وُلِدَتْ خُطانا
وَقَفْنا عندَ بابِكِ خاطِبينا
ونَسمَعُ صوتَكِ العالي.. قَبولاً
تُكَتِّمُهُ أيادي المُجْرمينا
و نَعلَمُ غدرَ مَنْ حرَمُوكِ حُبَّاً
وأنَّكِ ما رَضيتِ وما رضينا
كما عَلِمَتْ عُهودُ الحُبِّ عنا
بَقِيتِ على الوفاءِ .. كما بَقِينا
وَما فَتِئَ الزَّمانُ يدورُ حتى
تهاوَى الظُّلمُ مُنْكَسِراً مَهينا
وأصبَحَ كُلُّ مَنْ سَلبوكِ حَقَّاً
يَعَضُّونَ الأياديَ نادِمينا
وأَصبَحَ كُلُّ من نَصَرُوكِ دُرَّاً
على تاجِ العِظامِ مُرَصَّعينا
عَروسَ المجدِ.. والأشواقُ تبقى
مُلَهِّفَةً قُلوبَ العاشِقينا
فهيّا مثلَ ما كُنَّا زماناً
عنِ الدُّنيا الجَميلةِ حَدِّثينا
عنِ الأمجادِ .. مَنْ ماتوا فَعاشُوا
وَمِنْ قصصِ البطولةِ زَوِّدينا
دَعِينا بينَ حُسنِكِ والقوافي
نُمَتِّعُها عُيونَ النَّاظِرينا
أَلَستِ الشامَ .. شامَةَ كُلِّ حُرٍّ
و وَجهَ الأرضَ أنتِ تُزَيِّنينا
و مِنْ أيِّ الجِهاتِ عليكِ دَقُّوا
سَحَرتِ بما أجَبْتِ السَّامِعينا
*****
عروسَ المجدِ .. أيّامٌ وَتمْضي
و يَرحَلُ عنكِ ليلُ الغاشِمِينا
و يُولَدُ مِنكِ فجرُ النَّصرِ نوراً
تُبارِكُهُ سماءُ الثَّائِرينا
أَمُعتَصماً تُنادي فيكِ درعا؟
و نَحنُ بَنو الشَّآمِ الناصِرونا
و ذا التاريخُ يَشرَبُ مِنْ عُلانا
نَرُومُ المجدَ .. لا نخشى المَنونا
دَمُ الشُّهداءِ يَقْلِبُ عرشَ كِسرى
و يُغرِقُ فيهِ كيدَ الطَّامِعينا
أتينا مِنْ حماةَ وبانِياسٍ
و مِنْ مُدُنِ الشَّمالِ مُوَحَّدينا
و مِنْ حِمصَ الأبيةِ والبوادي
و مِنْ سهلِ الفُراتِ مُهَلِّلينا
و ما الشَّهباءُ إلا جيشُ فَتحٍ
يُجَهِّزُهُ كِرامُ الباذِلينا
و مِنْ بردى وريفِ الشَّامِ جئنا
لِنَغرِسَ بيرقاً في قاسيونا
مُؤَدِّينَ اليمينَ كما عَهِدْنا
مُلَبِّينَ النِّداءَ مُكَبِّرينا
تُزَيِّنُنا النُّجومُ بِدُرِّ فَجرٍ
و تَغْزِلُنا خُيوطُ الشَّمسِ لينا
و يَحْمِلُنا الرَّبيعُ إليكِ طَوْقاً
فَهَيَّا حولَ جِيدِكِ عَلِّقِــــــــــــينا
*********
*******
*****
م/ مؤيد حجازي
..
.