لِلحَقِّ مِيثَاقٌ قَلَّ مَنْ صَدَقَهْ
كُلٌّ يَرَى الـمِيثَاقَ الذِي اخْتَلَقَهْ
وَالجَوْرُ مَا انْفَكَّ فِي الوَرَى سِمَةً
مُنْذُ اسْتَقَرَّتْ فِي رَحْمِهَا العَلَقَةْ
يَسْقِي السَّرَابُ الخِطَابَ فِي فَمِهِ
وَيُرْضِعُ الرَّأْيُ العَقْلَ مَا مَذَقَهْ
خَطِيئَةً فِي ضَمِيرِ رَبِّ هَوَى
وَخِطَّةً فِي نُفُوسِ مُرْتَزَقَةْ
تَكَالَبَ الكَوْنُ فَوْقَ هَامَتِنَا
يَسُومُنَا مِنْ ضَلالِ مَا اعْتَنَقَهْ
فِي أُمَمٍ فِي أَسْرَابِهَا اخْتَلَفَتْ
لَكِنْ عَلَينَا تَظَلُّ مُتَّفِقَةْ
تَجَرَّأَتْ يَومَ حَطَّ طَائِرُنَا
وَيَوْمَ هِبْنَا فِي العَرْشِ مَنْ سَرَقَهْ
يَظَلُّ يَهْذِي هُتَافُ ذِلَّتِنَا
إِلَى زَعِيمٍ كَأَنَّهُ يَرَقَةْ
وَنَحْتَمِي فِي قِيَادَةٍ نَفَشَتْ
فَكَيفَ تَحْمِينَا وَهْيَ مُخْتَرَقَةْ
وَكَيفَ يَنْجُو فُلْكٌ بِمَنْ أَبِقُوا
إِذَا غَدَا الرُّبَّانَ الذِي خَرَقَهْ
لَنْ يَبْرَحَ الغَرْبُ بِالأَذَى حَرَضًا
مَا دَامَ فِينَا الذِي ارْتَضَى نَزَقَهْ
حُرِّيَّةُ التَّعْبِيرِ التِي زَعَمُوا
أُكْذُوبَةٌ لِلمُلُوكِ وَالسُوَقَةْ
مَهْمَا نَمَى العُهْرُ تُوتَ دَوْلَتِهِمْ
فَالُغْصْنُ يَذْوِي وَتَسْقُطُ الوَرَقَةْ
تَهْدِي العُيُونُ السَبِيلَ ذَا رَشَدٍ
وَيَنْثُرُ الحِقْدُ الشَّوْكَ فِي الحَدَقَةْ
وَالشَّمْسُ لَمْ تَأْفَلْ مِنْ نَعِيبِ عَمَى
وَالبَدْرُ لَمْ يَكْتَرِثْ بِمَنْ سَلَقَهْ
مُحَمَّدٌ أَسْمَى الخَلْقِ مَنْزِلَةً
بِمَا تَوَلَّى بِالفَضْلِ مَنْ خَلَقَهْ
هَذَا النَّبِيُّ المَحْمُودُ مَنْطِقُهُ
وَالمُصْطَفَى بِالهُدَى فَمَا رَهقَهْ
عَفٌّ رَحِيمٌ بَرٌّ بِأُمَّتِهِ
يُهْدِي العَطَايَا وَيَرْفُضُ الصَّدَقَةْ
فَمَا يُهَانُ المَعْصُومُ مِنْ سَفَهٍ
بِذِمَّةِ الدَّيَّانِ الذِي رَزَقَهْ
وَلا يُدَانُ الذِي سَمَا خُلُقًا
مِنْ شَانِئٍ غِرٍّ شَأْنُهُ خَنَقَهْ
وَإِنَّمَا نَحْنُ مَنْ يُسَاءُ لَنَا
وَيَزْدَرِينَا الزُّنَاةُ وَالفَسَقَةْ
هُمْ قَومُ مُوسَى ضَلالَةً وَأَذْى
وَنَحْنُ فِرْعَونُ إِذْ رَأَى غَرَقَهْ
نَبْتَلِعُ القَوْلَ وَهْوَ مُحْتَقِرٌ
وَرُبَّ قَوْلٍ أَصْمَى مِنَ الطَّلَقَةْ
يُخَدِّرُ اليَأْسُ كُلَّ مُنْهَزِمٍ
وَيَحْذَرُ البَأْسُ مَنْ لَوَى عُنُقَهْ
إِنْ يَخْنَعِ السَّبْعُ فِي مُوَاجَهَةٍ
سَيَزْأَرُ الضَّبْعُ كُلَّمَا فَهَقَهْ
عَدَوْا عَلَينَا وَيَغْضَبُونَ عَلَى
مَنْ قَامَ يُبْدِي بِحُزْنِهِ قَلَقَهْ
كَسَادِرٍ صَبَّ الزَّيْتَ فِي لَهَبٍ
وَيَشْتَكِي مِنْ صُرَاخِ مَنْ حَرَقَهْ
فَإِنْ تَثُورُوا عَلَى الذِي اقْتَرَفُوا
فَلا تَخُورُوا إِذَا افْتَرَى فَرَقَهْ
لَيْلُ الخَنَا طَالَ وَالمُنَى فُرُشٌ
وَأَعَيُنُ الوَهْنِ أَخَّرَتْ فَلَقَهْ
لا يَمْنَعُ القَدْرَ دَمْعُ نَائِحَةٍ
وَالـمَجْدُ بِالسَّيفِ مَا اهْتَدَى طُرُقَهْ