|
مَــا انْــفَكَّ يَــحْزُبُكَ الــهَوَى وَيُعَذِّبُ |
فَـــإِلامَ تَــرْبَــأُ بِــالــفُؤَادِ وَتَـــرْأَبُ |
تُــغْضِي عَــلَى الأَلَمِ الأَصَمِّ وَتَجْتَبِي |
أَمَــلاً عَــلَى حَــسَكِ الــجَوَى يَتَقَلَّبُ |
الــصَّدْرُ مِنْ نَزَقٍ يَذُوبُ مِنَ الأَسَى |
وَالــفِكْرُ مِــنْ قَــلَقٍ يَــجِيءُ وَيَذْهَبُ |
قَــدْ شَــفَّنِي الــحُزْنُ الــنَّبِيلُ بِــجَأْشِهِ |
فَــمَعَارِجُ الــرُّوحِ الــشَّفِيفَةِ غَــيْهَبُ |
مَـــاذَا أُرِيـــدُ بِــأُفْــعُوَانِ مَــشَاعِرٍ |
إِنْ كُــنْــتُ مِـــنْ لَــدَغَاتِهِ أَتَــحَسَّبُ |
وَعَـــلامَ أَتَّــخِــذُ الــذَّرِيــعَةَ جُــنَّــةً |
إِنْ كُــنْــتُ أُعْــضَلُ بِــالذِي أَتَــجَنَّبُ |
أَمَّــنْ يَــرَى صَــمْتَ ابْــتِهَالِيَ قَسْوَةً |
وَيَــرَى الــوَفَاءَ إِلَــى الخِيَانَةِ يُنْسَبُ |
أَمَّــنْ إِذَا سَــفَحَ الــوِئَامَ بَــكَى النَّوَى |
فَــكَــأَنَّهُ الــمَــكْلُومُ وَهْـــوَ الــمُذْنِبُ |
يَــا مَــنْ تُــبَادِرُ بِــالثُّبُورِ وَتَــشْتَكِي |
قَــلْبًا عَــلَى وَهْــمِ اتِّــهَامِكِ يُــصْلَبُ |
لَــكِ مِــنْ عَنِيدِ هَوَى اخْتِبَالِكِ بَرْثَنٌ |
يَــفْرِي الــنُّهَى وَمِنِ اخِتِيَالِكِ مِخْلَبُ |
أَبْــلَيتِ فِــي هَــرَجِ الظُّنُونِ رَزَانَتِي |
فَــكَأَنَّنِي لِــقَمِيصِ خَــوْضِكِ مِشْجَبُ |
جُــبِلَتْ عَــلَى الــعِوَجِ الــنِّسَاءُ وَقَلَّمَا |
فُــقْنَ الــرِّجَالَ وَأَنْــتِ أَكْــرَمُ أَنْجَبُ |
فَــدَعِــي الــجَهَالَةَ لا يَــحُكُّ خَــيَالَهُ |
مُــتَــوَجِّسًا إِلا الــعَــلِيلُ الأَجْـــرَبُ |
وَلَــقَدْ تِــخِذْتُ مِــنَ الــسَّمَاحَةِ خِــلَّةً |
أَعْــفُو بِــهَا عَــمَّنْ يَــعِقُّ وَيَــعْضبُ |
لَــكِنْ مَــتَى خَــدَشَ الــكَرَامَةَ قَــاهِرٌ |
فَــالــمَوتُ أَرْحَــمُ وَالــمَنِيَّةُ أَرْحَــبُ |
إِنِّـــي لَأُؤْمِـــنُ بِــالــحَيَاةِ وَطَــبْعِها |
وَطَــبَــائِعُ الأَشْــيَــاءِ لا تُــسْــتَغْرَبُ |
الــمَــرْءُ فِــيــهَا تُــرجُــمَانُ زَمَــانِهِ |
وَالــدَّهْرُ يُخْصِبُ بِالسُّرُوْرِ وَيُجْدِبُ |
فَــيَــغِيْضُ حِــيْــنًا بِــالمَعِيْنِ مُــكَدَّرًا |
وَيَــفِــيْضُ حِــيْنًا بِــالزُّلالِ وَيَــسْكُبُ |
كَأْسٌ تَدُورُ عَلَى النُّفُوسِ كَمَا الرَّحَى |
تَــسْقِي الــوَرَى مِــمَّا يَــمَرُّ وَيَعْذُبُ |
وَلَــكَمْ دَعَــتْنِي لِلشَّرَابِ عَلَى القَذَى |
فَــنَهَيْتُ نَــفْسِيَ وَالــخَلائِقُ تَــشْرَبُ |
عَــفَّتْ وَغُــصَّ الآخَــرُونَ بِــنَخْبِهَا |
سَــكْرَى وَفِــي ثَغْرِ السَّفَاهَةِ مِذْرَبُ |
لا يَــعْرِفُونَ مِــنَ الــكَرَامَةِ وَالــنَّدَى |
إِلا كَــمَــا عَــرِفَ الــقَنَاعَةَ أَشْــعَبُ |
وَأَنَــا الذِي أُقْرِي الطُّمُوحَ إِلَى العُلا |
نَــفْــسًا تَــتُــوقُ وَمُــهْــجَةً تَــتَــوَثَّبُ |
لا أَشْــتَكِي بَــأْسَ الــزَّمَانِ وبُــؤْسَهُ |
أَوْ أُنْــكِــرُ الأَيَّـــامَ فَــيــمَا تَــكْــتُبُ |
إِنْ كَــانَ مِــنْ قَــدَرٍ عَــلَيَّ مُــسَطَّرٍ |
مَـــا كُــنْتُ يَــوْمًا بِــالذِي يَــتَهَرَّبُ |
أَوْ كُــنْتُ يَــوْمًا بِالقَنُوطِ مِنَ الوَرَى |
وَبِــأَنْ يُــزَفَّ الــحَقُّ حِــينَ يُخَضَّبُ |
لا مُــسْتَحِيلَ يَــقُضُّ مَــضْجَعَ هِــمَّةٍ |
مَــا جَــالَتِ الــرُّؤْيَا وَجَــلَّ المَأْرَبُ |
وَالــحُــرُّ يَــأنَــفُ مِــنْ حَــيَاةِ مَــذَلَّةٍ |
وَيَــضجُّ مِــنْ ظُــلْمِ الأَنَامِ وَيَغْضَبُ |
يَـــا لِــلــمَوَاطِنِ كَـــمْ تُــعَذِّبُنَا بِــهَا |
فِــي الــحَادِثَاتِ وَكَــمْ بِــنَا تَــتَعَذَّبُ |
بُــعِثَتْ لَــهَا فَوضَى الجِرَاحِ فَخَمَّنَتْ |
أَنَّ الــرِّعَاعَ هُــمُ الــرَّبِيعُ الــمُعْشِبُ |
وَاسْــتَــبْدَلَتْ حُــمُرَ الــبِلادِ بِــثَوْرِهَا |
حَــتَّى افْــتَرَى مَــوتٌ وَأُفْسِدَ مَذْهَبُ |
هَــلْ نَــشْتَكِي ظُلْمَ الزَّعَامَةِ للوَرَى؟ |
لَــلصَّمْتُ عَــنْ تِلْكَ الْمَظَالِمِ أَعْجَبُ |
أَمْ نَشْتَكِي سُمَّ العَقَارِبِ في الضُحُى؟ |
فِــي الــلَيْلِ مِنْ سُمِّ الأَقَارِبِ نُعْطَبُ |
دِنْ بِــالــحَقِيقَةِ لا تُــخَــاتِلْ بِــالهَوَى |
وَاجْــعَلْ ضَــمِيْرَكَ لِــلخَلاقِ يُــهذِّبُ |
فِــيــمَ الــتَّقَلُّبُ فِــي الــنِّفَاقِ تَــجَمُّلاً |
وَالــصِّدْقُ أَنْــجَى لِــلقُلُوبِ وَأَطْــيَبُ |
كَــيــفَ الــسَّــبِيلُ إِلَــى ثَــقَافَةِ أُمَّــةٍ |
لا الأُمُّ تَــفْــقَهُ مَــا تَــقُولُ وَلا الأَبُ |
وَبِـــأَيِّ مَــجْــدٍ نَــحْتَفِي وَكَــرَامَةٍ؟ |
إِنْ كَــانَ فِــي الــخُلُقِ القَوِيمِ تَذَبْذُبُ |
وَبِــأَيِّ قَــصْدٍ نَــرْتَقِي بَــينَ الوَرَى |
إِنْ يَــخْنَعِ الــبَازِي وَيَــزْهُ الأَرْنَــبُ |
الــقَومُ لا يَــبْنُونَ صَــرْحَ حَــضَارَةٍ |
إِنْ كَـــانَ ذَا يَــلْــغُو وَذَلِــكَ يَــلْعَبُ |
وَالــجُــهْدُ لا يُــرْسِي دَعَــائِمَ دَوْلَــةٍ |
يُــهْــجَى بِــهَا لَــيثٌ وَيُــمْدَحُ ثَــعْلَبُ |
أَلْــبَــسْتُ مِــصْــرَ الــتَّاجَ دُرَّةً أُمَّــةٍ |
وَادَّارَكَــتْ مَــجْدِي دِمَــشْقُ وَإِدْلِــبُ |
وَأَهِــــيــمُ بِـــالأُرْدُنِّ دَارَ أَصَــالَــةٍ |
وَأَحِـــنُّ فَــخْرًا لِــلعِرَاقِ وأَنْــصَبُ |
وَأَتُـــوقُ لِــلــيَمَنِ الأَبِـــيِّ وَشَــعْبِهِ |
وَأُسَـــرُّ بِــالــسُّودَانِ وَهْــوَ مُــطَنَّبُ |
والأَهْــلُ فِــي أَرْجَــاءِ تُونِسَ سَاعِدٌ |
وَعُــمَانِ مَــعْ دُوَلِ الــخَلِيجِ المِنْكَبُ |
وَتَــجِلُّ فِــي عَــينِي الــجَزَائِرُ قُــرَّةً |
وَيَجُولُ فِي صَدْرِي المُحِبِّ المَغْرِبُ |
وَجَــرَتْ فِــلِسْطِينُ الحَبِيبَةُ فِي دَمِي |
وَبِــمُهْجَتِي الــبَلَدُ الــحَرَامُ وَيَــثْرِبُ |
فَــأَنَا ابْــنُ خَــيْرِ الرَّهْطِ وَابْنُ عَقِيدَةٍ |
مَــنْ بَــرَّ عَــدْنَانٌ وَأَنْــجَبَ يَــعْرُبُ |
مَــا زِلْــتَ أَحْلُمُ بِالمَحَبِّة فِي الوَرَى |
لا غَــدْرَ فِــي صَدْرٍ وَلا غَدَ يُرْهَبُ |
حَــدَّقْتُ أَبْــحَثُ فِي الوُجُوهِ لَعَلَّ فِي |
بَــعْضِ الــوُجُوهِ وَفَاءَ مَنْ لا يَكْذِبُ |
حَــتَّى إِذَا كَــادَ الــقُنُوطُ وَأَغْــمَضَتْ |
عَــيْنُ الــرَّجَاءِ أَسَى أَضَاءَ الكَوْكَبُ |
بِــكَــرِيمَةٍ مِــنْ آلِ طُــهْرٍ عَــرْشُهَا |
الشِّعْرَى وَشَمْسُ شُمُوخِهَا لا تُحْجَبُ |
نَهَضَتْ إِلَى الأَرَبِ العَظِيمِ وَرُوحُهَا |
تَــنْــأَى بِــأَجْــنِحَةِ الــوَفَاءِ وَتَــقْرُبُ |
أَهْــدَى الجَمَالُ إِلَى الجَلالِ حُرُوفَهَا |
شَــهْــدًا بِــإِبْــرِيقِ الــدَّمَــاثَةِ يُــجْلَبُ |
تَــسْــمُو لَــهَا قُــلَلُ الــنَّقَاءِ وَتَــرْتَدِي |
حُــلَــلَ الــبَّــهَاءَ وَبِــالمَكَارِمِ تَــغْلبُ |
مِــنْ بِــئْرِ مَاءِ الصِّيدِ تَنْضَحُ شَأْوَهَا |
وَعَـــنِ اقْــتِــفَاءِ الــمَجْدِ لا تَــتَغَيَّبُ |
لَــوْلا انْــطَوَتْ لُــغَةُ الــثَّنَاءِ كَــلالَةً |
لاصْــطَفَّ مِنْ غُرَرِ المَدَائِحِ مَوكِبُ |
الــشِّعْرُ؟ يَــا لِــلشِّعْرِ! كَمْ رُزِئَتْ بِهِ |
نَــفْسِي وَكَــمْ لَــدَغَ المَشَاعِرَ عَقْرَبُ |
مَـــاذَا جَــنَيتُ مِــنَ الأَذَى؟ أَلأَنَّــنِي |
جَــمَعَ الــلآلِئَ مِــنْ بِــحَارٍ تَصْعُبُ؟ |
فَــأَجَــادَ نَــظْــمَ رَقِــيْــقِهَا وجَــلِيلِهَا |
عِــقْدًا يُــدِيرُ لَــهُ الــرُّوُوسَ ويَخْلُبُ |
نَــضَجَتْ مَــوَاسِمُ أَحْــرُفِي وَتَــفَتَّقَتْ |
أَكْــمَــامُهَا عَــمَّــا يَــلِــينُ وَيَــصْلُبُ |
أَسْــمُو مِــنَ الإِنْسَانِ، بَحْرُ قَصَائِدِي |
يَــسْخُو، وَنَــهْرُ مَقَاصِدِي لا يَنْضُبُ |
أَبْــنَــاءُ أَفْــكَــارِي غَــرَائِــسُ جَــنَّةٍ |
وَبَــنَاتُ أَشْــعَارِي السَّحَابُ الصَّيِّبُ |
أَنَــا مَــا بَــذَلْتُ مِنَ الكُنُوزِ لأَشْتَرِي |
مَــدْحَ الأَنَــامِ وَمَــا ابْــتَذَلْتُ فَأَطْلُبُ |
فَــعَــلامَ يَــلْــحَنُ فِـــي مَــقَامِ مُــقَدَّمٍ |
غِـــرٌّ يَــكِيدُ لَــهُ وَأَحْــمَقُ يَــصْخَبُ |
لا تَخْسِفُ الشَّمْسُ السَّنِيَّةُ فِي المَدَى |
إِنْ عَابَ مَجْدُوبٌ وَصَرْصَرَ جُنْدُبُ |
إِنِّــي الــمُحَدِّقُ فِــي الخُلُودِ فَلا أَرَى |
إِلا الــعَــظِيمَ إِلَــى الــعَظَائِمِ يُــنْدَبُ |
أَنَا بِالنَّدَى خُضْتُ العُبَابَ إِلَى الهُدَى |
فَــاهْتَاجَ بِــي قَوْمِي وَخَانَ الْمَرْكَبُ |
فَــأَقَلْتُ مِــنْ هَــمِّي تَــوَجُّسَ هِــمَّتِي |
بِــعَزِيْمَةٍ تُــدْمِي الــصُّخُورَ وتُــتْعِبُ |
أَخْــلَــصْتُ لِــلــحَقِّ الــمُبِينِ مُــسَدِّدًا |
لَـــمْ يُــغْرِنِي مَــالٌ يُــعَدُّ وَمَــنْصِبُ |
الــكَــفُّ غَــيْــثٌ وَالـــوِدَادُ سَــحَابَةٌ |
وَالــقَــلْبُ لَــيْــثٌ وَالــفُــؤَادُ تَــحَبُّبُ |
لا أَعْــتَــدِي إِنْ عَــقَّــنِي مُــتَــجانِفٌ |
أَوْ أَجْــتَدِي إِنْ فَــرَّ مِــنِّي الــمَطْلَبُ |
هَــذَا أَنَــا ، نَــسَجَ الــزَّمَانُ عَبَاءَتِي |
مَــنْ كُــلِّ لَــوْنٍ تَــسْتَسِيْغُ وَتَــرْغَبُ |
عِــنْدِي الْــمَبَادِئُ لا أُسَــاوِمُ مَهْرَهَا |
أَمَّــا الــمَوَاقَفُ قَــدْ تُــوَدُّ وتُــخْطَبُ |