أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: عندما يكون الكاتب تابعا

  1. #1
    الصورة الرمزية فريد البيدق أديب ولغوي
    تاريخ التسجيل : Nov 2007
    الدولة : مصر
    المشاركات : 2,698
    المواضيع : 1052
    الردود : 2698
    المعدل اليومي : 0.43

    افتراضي عندما يكون الكاتب تابعا

    عندما يكون الكاتب تابعا لشخصيته الأدبية
    (1)
    بينت في مقالات سابقة مظاهر الخلل الفني في قصة "علي مبارك" المقررة على الصف السادس الابتدائي"؛ فوضحت في مقال "تلويث القيم في المخرج التعليمي للقصص التربوية" كيف يُضلّل النشء في قيمه، وفي مقال "ظهور إخوة علي مبارك المفاجئ خلل في الحبكة" أظهرت أن حجب المعلومات غير الفني يضر بالبناء الفني، وفي مقال "المبالغة في رسم شخصية علي مبارك زمن طفولته" دللت على تعظيم الكاتب لشخصية علي مبارك الصبي الذي أوقعه في خلل فني أضر بعمله الفني، وفي مقال "العقدة المصطنعة في قصة علي مبارك التعليمية" سردت كيف تسرب الاصطناع إلى عقدة قصته.
    وفي هذا المقال أبين مظهرا خامسا من مظاهر الخلل الفني الموضوعي في هذه القصة.
    كيف؟
    إن علاقة الكاتب بشخصيات أعماله الفنية يجب أن يسودها احترام عقل القارئ المنضبط بضوابط الواقع، فإذا صادم الكاتب ذلك محاباة لشخصيته الأدبية فإن هذا يعد خللا فنيا يضر عمله.
    كيف؟
    عندما تكون مهمة الكاتب هي تسويغ مواقف شخصيته الأدبية المتناقضة من خلال تعليقه المباشر فإن ذلك يحيل عمله الفني إلى عبثية، ويجعله أضعف من شخصيته الأدبية، وتجعل عمله الأدبي ضعيفا.
    (2)
    وهل تحقق ذلك مع كاتب "علي مبارك"؟
    نعم.
    كيف؟
    في صدر ص40 في الفصل الثالث المعنون بـ"السجين المظلوم" يسوغ الكاتب طرد الكاتب لـ"علي مبارك" قائلا: "لأنه – أي علي مبارك- كان لصغره يتحدث إلى الناس ببساطة عما يأخذه الكاتب من الفلاحين، ولا يعرف خطر ذلك عليه".
    هكذا يفشي الصبي "علي مبارك" أسرار عمل رئيسه، وبدلا من أن يعترف الكاتب بخطأ "علي مبارك" يلتمس له سخيف العذر الذي ينطبق عليه القول المشهور: "عذر أقبح من ذنب".
    ولا نغادر الصفحة ذاتها حتى نفاجأ بأن "علي مبارك" الذي لم يتغير سنه لم يعد ذلك الصبي الساذج.
    كيف؟
    بعد ما أوردته بأسطر يقول الكاتب عن سبب ترك "علي مبارك" لصاحب العمل الجديد: "لكنه لم يستمر طويلا في هذا العمل؛ إذ وجد أنه يخدم هذا الكاتب بصدق وأمانة، ومع ذلك يأكل عليه أجره ولا يعطيه شيئا غير الطعام. ومكث على هذا الحال ثلاثة أشهر حتى ساءت حاله فعزم على أن يأخذ حقه بالحيلة".
    هكذا نما وعي الصبي فجأة فأدرك أنه يخدم رئيسه بصدق وأمانة، هكذا على الرغم من خيانته الآخر قبل ذلك!
    ولا يقف الأمر عند هذه الدرجة من الوعي، بل ينمو الوعي فيقرر "علي مبارك" أن ينتقم بتدبير حيلة.
    (3)
    وهل اقتصر هذا التحيز المباشر من الكاتب لنصرة شخصيته الأدبية بالباطل على زمن الصبا؟
    لا.
    كيف؟
    بعد أن تقدم العمر بـ"علي مبارك" وبعد أن تقلد مناصب كثيرة، وبعد خلع الخديو إسماعيل وتولية ابنه توفيق، وبعد نشوب الثورة العربية- نجد الكاتب يقول في ص109 في الفصل الثامن والأخير المعنون بـ"أبو التعليم": " ... حتى اشتعلت الثورة العرابية تطالب بالإصلاح وإنصاف المظلومين، واشترك فيها كثير من الناس من ضباط وغير ضباط".
    ماذا يفيد كلام الكاتب السابق؟
    إنه يُظهر صورة طيبة وجميلة لهذه الثورة، فهل كان هذا رأي شخصيته الأدبية علي مبارك؟
    لا.
    كيف؟
    لم يشترك علي مبارك فيها على الرغم من أنها كانت لنصرة المظلومين، والمطالبة بالحقوق.
    لماذا؟
    لأنها خالفت مزاجه.
    كيف؟
    يقول الكاتب في الصفحة ذاتها: "ولم يشترك فيها علي مبارك لا بالانضمام إلى العرابيين ولا إلى توفيق، ولزم الحياد بين الطرفين المتنازعين؛ فقد كان بطبعه هادئا متمهلا في الوصول إلى مطالبه، يسعى إليها في تأن ورفق، لا يميل إلى العنف والاندفاع، بعيد الرؤية للأحداث ونتائجها".
    هكذا عاد الكاتب فذم الثورة العربية نصرة لمزاج شخصيته الأدبية فوصفها بممارسة العنف الذي لا يحبه "علي مبارك" بعد أسطر من مدحها.
    وهل اقتصر على ذلك؟
    لا.
    كيف؟
    استمر في تسويغ موقف شخصيته فتابع في ص 109 و110 قائلا: "يعلم الجميع أنه لا يهتم إلا بخدمة وطنه والعمل على ترقيته، ولا شأن له كثيرا بالصراعات التي يضيع فيها بعض الناس أوقاتهم دون فائدة".
    هكذا بات العرابيون أناس يضيعون اوقاتهم فيما لا فائدة فيه على الرغم من أنه وصفهم قبل ذلك بمناصرة الحق ضد الظلم.
    ويبدو أنه أحس بأنه أساء إلى شخصيته الأدبية فبادر يقول في ص110: "كان يميل إلى العرابيين ويوافقهم على فكرتهم في طلب حقوقهم، ويخالفهم في الوسيلة إليها".
    هكذا كان "علي مبارك" معهم، بل كان أستاذا لهم.
    كيف؟
    يتابع الكاتب قائلا بعد الكلام السابق: "ويبين لهم الطريق الصحيح لبلوغها في هوادة".
    فماذا حدث؟
    رفض العرابيون رأيه، فجانبهم.
    كيف؟
    يتابع الكاتب قائلا: "قبيل أن يعلنوا الخروج واتخاذ القوة سبيلا إلى مطالبهم، فلما اتخذوا الطريق الذي لا يرضاه ولا تؤمن عواقبه لم يعد يناصرهم، ومضى في سبيله من الاعتدال والتوسط من غير أن يكون خصما لأحد".
    هكذا يظهر الانحياز الكامل من الكاتب لنصرة شخصيته الأدبية؛ فموقفه هو موقف التوسط والاعتدال، أما موقف العرابيين فهو موقف التطرف والإرهاب. وأظن الكاتب بهذا يؤيد من يصف هذه الثورة بأنها "هوجة عرابي".
    والسابق يجعله ضعيفا وتابعا على الرغم من كونه الأعلى والأقوى؛ لأنه المنشئ ولو كانت القصة قصة تاريخية!
    احرص على أن تنادي أشياء حياتك الإيمان وشريعة الله تعالى!

  2. #2
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 60
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.11

    افتراضي

    الحقيقة أن معيار التقييم الحقيقي للمستوى الفني أو لمستوى الأداء العام للنصوص الأدبية إنما يعتمد على عدة عوامل أساسية مختلفة لكل منها تأثيره ودوره كما هو معلوم.

    والحقيقة أيضا أن أساس الكتابة يعتمد على أن يعبر الموضوع عموما عن وجهة نظر كاتبه ومن الطبيعي أن يكون النص تابعا لصاحبه إلا إن أراد هو أن يتجرد ليتحدث بلسان غيره سواء بما يحمد أو بما يذم.

    القضية إذًا ليست في تبعية النص للكاتب أو تبعية الكاتب للنص وإنما في مضمون النص وقيمته على أساس المقياس المطلق للقيم وللمبادئ السوية ، وللكاتب أن يتحدث عن رأيه في الحياة والناس وأن يكون نصه مؤثرا أكثر منه متأثرا ولكن بالدعوة للحق والخير والجمال وليس بالتحايل أو بالتحامل أو الطعن غير الشريف في من خلال "شخصنة" التصرف كما يفعل الكثير من الأدباء من تجنيد حرفهم للطعن فيمن يريدون أو للتهليل لمن يريدون فحسب.

    وعليه فإن منهجي في قراءة النص تعتمد على ما ذكرت من مقاربة النص أدبيا ومقارنة المضمون خلقيا ومعرفة الأرب الحقيقي ومستوى نزاهته ليس إلا.


    تحياتي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية فريد البيدق أديب ولغوي
    تاريخ التسجيل : Nov 2007
    الدولة : مصر
    المشاركات : 2,698
    المواضيع : 1052
    الردود : 2698
    المعدل اليومي : 0.43

    افتراضي

    بوركت جليلنا الحبيب!
    عندما يختار وجهة نظر الغائب لرواية قصته فلا يكون لرأيه الشخصي مكان في العمل الأدبي، ولا ينبغي أن ينحاز لشخصية من شخصيات عمله، وإلا فهناك وجهات نظر تسمه له بذلك!

  4. #4
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.42

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فريد البيدق مشاهدة المشاركة
    عندما يختار وجهة نظر الغائب لرواية قصته فلا يكون لرأيه الشخصي مكان في العمل الأدبي، ولا ينبغي أن ينحاز لشخصية من شخصيات عمله، وإلا فهناك وجهات نظر تسمه له بذلك!

    لا شئ يمنع الكاتب من تضمين العمل رأيه الشخصي ، فما يكون العمل الأدبي أصلا إلا في سبيل ذلك بشكل أو بآخر، ولو لم يكن لدى الديب ما يقول لما كان النص الذي يبدعه، غير أن المباشرة في القول أوالتناقض فيه لتسويغ تناقضات الشخصية الأدبية هي ما ينحدر بالعمل أدبيا وفكريا، ويظهر مما قرأت في مقالتك أديبنا الكريم أن الكاتب هنا وقع مكرر في غلطة التبرير غير المسوغ لمواقف شخصيته الأدبية وهي خطيئة تسقط النص ولا شك

    دمت بألق

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  5. #5

المواضيع المتشابهه

  1. هكذا يكون القضاء وهكذا يكون القضاة.
    بواسطة ناديه محمد الجابي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 24-03-2014, 07:55 PM
  2. عندما ينزف القلم ماذا يكون...؟؟؟
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 09-02-2011, 02:19 AM
  3. عندما يكتب الكاتب نفسه
    بواسطة أحمد عبدالرحمن الحكيم في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 21-03-2007, 06:17 PM
  4. الكاتب عنترنيت في ذمة الله
    بواسطة عنترنيت في المنتدى الأَدَبُ السَّاخِرُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 19-09-2004, 09:51 AM
  5. شخصية الكاتب
    بواسطة نفس مثقلة في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 29-09-2003, 01:15 AM