تقع يافع في جنوب اليمن(شمال شرق عدن) بين خطي طول 45-46 وخطي عرض 13-14 يحدها من الجنوب ساحل البحر ومن الشمال البيضاء ومن الشرق لودر(مكيراس) ومن الغرب الضالع وحالمين وبشكل عام تمثل الجهة الغربية لمحافظة أبين والجهة الشماليةالشرقية لمحافظة لحج . ويافع اسم ذو دلالتين : فهو يدل على يافع المنطقة ، ويافع القبيلة أو القبائل، وعرفت يافع قديماً باسم "دهسم" أو "دهس" وكذلك" بسرو حمير" .
لمحة تاريخية :
دلت الأثار التي تم العثور عليها في يافع على انها عرفت النشاط الانساني والحضاري في وقت مبكر من تاريخ اليمن القديم ، ويرى جواد علي المختص في تاريخ العرب قبل الاسلام ان يافع تشكل المسكن القديم للحميريين ،وذلك قبل نزوحهم منها إلى مواطنهم الجديدة قبل القرن الأول قبل الميلاد، كما أشار النقش الذي عثر عليه في صرواح إلى حروب الملك السبئي (كرب إل بين )مع بعض الكيانات اليمنية ومنها مملكة دهس في يافع في القرن السادس قبل الميلاد تقريباً. كما ان نقوش منطقة الحد في يافع قد اشارت إلى الحروب التي خاضتها قبائل ذو ريدان الحميرية ضدملوك سبأ عند بداية العهد الحميري القوي في اليمن، الذي اسفر عن قيام كيان سياسي مركزي في اليمن لاول مرة في تاريخة بل وتجاوز نفوذ ذلك الكيان الحميري إلى ان بلغ نجد والحجاز في وسط الجزيرة العربية .
وقبيلة يافع من أهم القبائل اليمنية التي هبت لنداء الاسلام وكان رجالها في طليعة الجيوش الاسلامية الفاتحة للشام ومصر ، ومن أشهرهم سراج بن شهاب اليافعي الرعيني وحسان بن زياد ،وفي ظل الدولة الاسلامية الموحدة قسمت اليمن إلى ثلاثة اقسام إدارية "مخاليف" وكانت يافع تنتمي إلى أكبر تلك المخاليف وهو مخلاف الجند الذي يضم تهامة وعدن وأبين أيضاً .
وفي الفترة التي ضعفت فيها دولة الخلافة الاسلامية وشهد فيها اليمن ظهور عدد من الدول المستقلة لعبت يافع دوراً سياسياًمهماً في معظم تلك الدول ومنها دولة علي بن الفضل الاسماعيلية والدولة الرسولية والدولة الطاهرية .وبحكم طبيعة منطقة يافع الجبلية من جهة وشحة مواردها من جهة أخرى فقد قاومت الدول الكبيرة التي حاولت ان تسيطرعليها وتجمع الضرائب منها ، فلم يستطع العثمانيون اخضاعها رغم امكانتهم الكبيرة فبعد اربع سنوات من القتال أجبر العثمانيون على مغادرة حصن الخلقة في الحد الذي حاولوا منه بسط سلطتهم على المنطقة .
وفي فترة الدولة القاسمية التي خلفت العكم العثماني في اليمن تمكنت من مد سيطرتها على المنطقة ولكن لفترة زمنية محدودة حيث القبائل والدولة في عدة مواجهات شرسة داخل المنطقة وخارجها اسفرت عن تراجع سلطة الدولة من يافع والمناطق المجاورة لها .
وعند ذلك برزت اسرتين قبليتين قويتين في يافع على حساب مقاومة القاسميين وتلك الاسرتين هما "اسرة بن عفيف " و"اسرة بن هرهرة" وانطوت تحت لواء كل اسرة ( سلطنة ) خمسة اقسام قبلية إدارية عرفت باسم "المكاتب" مازالت قائمة إلى وقتنا هذا .
والمكاتب التابعة ليافع(السفلى)هي : الكلدي _ اليهري _ الناخبي _ السعدي _ اليزيدي _ أما المكاتب التابعةليافع(العليا) فهي : البعسي _ الموسطة _ الظبي _ الحضرمي _ المفلحي . وكان دور السلطتين القبلي والسياسي خارج المنطقة قد تراجع في فترة الاحتلال البريطاني الذي تحكم في معظم الأمور أما سلطنة ابن هرهرة فقد تراجع دورها حتى داخل المنطقة وفقدت شرعية تمثيل يافع " العليا " واضطرت بريطانيا عند عقد اتفاقيات الحماية والاستشارة ابرامها بصورة منفردة مع معظم مشائخ مكاتبها .