ليلا ، جلست مع ذاتي ، منذ مدة وأنا لست معها في سلام ، أحاورها ، أسألها ، فتشاجرت معها . ساد صمت غريب بيننا ، فانسلت مني خلسة . على التو خرجت أبحث عنها ، طفت بين الأحياء .. دروب نائمة ، وأبواب مغلقة ، قطط صامتة تقرأ جوف قمامات أكلها الصدأ ، وكلاب تطهو بعينيها ما خلفته الخلائق البشرية من فائض .. تطاولت بأعناقها كأنها رميت بحجر مباغت ، وهمت أن تحاصر الرقم الغريب .. انسحبت بخفة والخوف يجس كبدي ، سألني ضباب أبيض :إلى أين.. ؟
قلت : أبحث عن ذاتي ..
قال : مرت من هنا قبل ثوان ..
سرت وأنا أجس الأرض في توجس شديد ، وعواميد الكهرباء تعصر أنوارها بمقدار ، درب ضيق كمجرى نهــر جف ماؤه يمتد في وجه الأيام وينازع التاريخ في شموخ ، على رأسه حانة بالية تغازل الزمن ، تفاصل في لذائـــذ الدنيا ..
سبقتني ذاتي إلى هناك ، واتخذت مجلساً وثيراً ، جلست بجانبها ولم أنبس بكلمة .. فما كان مني إلا أن تركتها نهباً بين أجساد فائضة ..