مَدْخَلٌ //
رباَّاهُ ..
إنَّ وجهي باتَ مُتَصَحِّرًا ، وتَسْتَسقِيكَ أجْفُنِي لتُغيثَها بِقَطْرٍ منَ الدَّمْعِ ، فلا تُخَيِّبْ رَجَائِي يامَولاَي .
كنتُ ذاتَ مرَّةٍ مرآةٌ للصَّفاءِ تنعكسُ في عينيهِ , كانَ في أَعمَاقي إيمانًا أَعْمَى بِهِ , حينمَا كنتُ أميرةَ قلْبِهِ أَقْسَمَ لي بِالولاءِ وأَبْرَمْنَا الإتِّفَاقِ ، فرَسَمْتُ بورْترِيه لملامِحِه السَّهْلة الحسناء تَمتَزِجُ بمشاعري المعقَّدة ِ ،كهديةٍ باذخةٍ لهُ لبدايةِ عهدٍ جديدٍ ، فأمطرتِ الأنغامُ على عرسنَا وغازلتْ وعودَهُ أهدَابَ حلُمِي .
حينما كنتُ أميرة قلبِهِ , كنتُ أتعاركُ في ميدانِ العشقِ المرصَّفِ بشتَّى أنواعِ العذابِ ، فأصْرَعُ وأُصْرَع وأكْسِرُ وأَنْكَسِرُ ، وأفُوزُ وأُهْزَمُ .
حينما كنتُ أميرةُ قلبِهِ ,كنتُ أتعاطَى أَفْيونَ حُبِّهِ وأزيدُ منْ جُرُعَاتِ ترانيِمِهِ الشَّذِيةِ حتَّى اسْتَشْرَى سَرَطاَنَهُ بِجَسَدِي وأَصَابَنِي خَدَرٌ تَامٌّ .
كنتُ كلَّما رَأيتُه ُ,خَفَقْتُ وتسابقتْ نبَضَاتي بعَجْرَفَةٍ إليه ؛لنجلسَ ونأكلُ معًا على مَائدَةِ الهَوَى ولكنَّ أعينُ الغيرةِ أصَابَتْنَا بِحَسَدِهَا فمَا لَبِثَ أنْ شَرَعَ بمَسِيرَةِ الخِيانَةِ ، وانْسَحَبَ برويَّةِ لِيلْغِي مِيلادًا كانَ قدْ بدَأَ لتوِّه
ترَكني بينَ بقَايَا أَسْهُمِهِ المسْمُومَةِ ، جَعَلَ الألَمَ يسْتَكُّ حَولِي لأَلْتَقِمَ خَيبَةً تُلْوَ أخرى ، وأمُصُّ أصَابِعَ الوَيلاَتِ ويُزهِرُ الحُزنُ في قلبِي عنْدَ إِطْلاَلَةِ رَبيعٍ مُخْتَلِفٍ تُطَبِّلُ لمَقْدَمِهِ الجِراَح، وأخرجُ لأتَنَفَّسَ الأَنِين، منتعلةً أحذيةَ القهرِ .
مَسَاءٌ أَهْوَجٌ عَصَفَ بِي وَأَحَالَ مشَاعِرِي رُفَاتًا بَالِية ،الغربةُ تَرْمُقُنِي بِنَظَرَاتٍ تَهَكُمِيِّة فَأَرْتَعِشُ ارْتِعَاشَةُ عَصْفُورٍ حَاقَ بِهِ الأَجَل ، وأوجَاعِي تَسْنِدُ بعضَها بعضًا منَ الانزِلاقِ في هَاوِيةِ الجُنون، واكتفتْ بِرَمْيي بينَ أدْغَالِ القَلَقِ لِتَعْتَرِينِي تَسَاؤُلاتٍ تُزْجِينِي للرَكْضِ بينَ حوارِي الصمتِ الصَّاخِبَة.
كانَ عَليَّ آنَذَاكَ دَفْنُ آهَاتِي في مَقْبرَةِ الكَبْتِ ..! كانَ عليَّ أنْ أَزْدَرِدَ أَدْمُعي النَّيئَةِ وأَلْطُمَ كلَّ سخْطَةٍ منْ سخَطاَتي لئَلاَّ تعترضَ كبرياءه ُوأكتمُ لعنَاتِي الحَرَّى عليه تحتَ إبِطِ الغيظِ لاحْتِرَامِ قانونَه ُ[ اللاَّنِقَاش] الغاشِم .
وتحمِلُنِي الهموم لِتُقِلْنِي إلى حيثُ يكونُ المَنْفَى [ حيثُ خريفُ البائسينَ] وأُصْبِحُ مَحْضُ ذِكْرَى عَانَتْ شَظَفَ عَيشٍ وَحُبٍّ , كان َمَصِيري الأخيرَ أَنْ أَعْتَنِقُ دينَ البُكَاءِ وأَرْتّدُّ عنْ السَّعادَة ِ .
اضطربُ ,
أَتَشَرْنقُ ..
أنْزِفُ عّرَقٌا ..
وتتصاعد الشَّهقااتِ , لأرْقُصَ بعدهَا رقْصَةَ الموتِ الأخيرعلى أُكْذُوبَةٍ مُحْبَكَةٍ زوَّرَهَا الهِلاَلُ ، وصَدَّقَتْ أَخْبَارَها الليالي .
التَقَطْتُ أُمْنِياتِي الزَّافِرة لأَرْمِيها على سَخَافَة مَزْحَة ِالأَوهَامِ وابتسامَةٌ تعيسةٌ ساخرةٌ تمتطُّ على شفتي :
أَهُوَ الواقع ُيَرْسُمُنَا كمَا يُرِيدُ ..!
مخرج /
هي الدُّنيْا ماتَفْتَأُ عنْ إتْرَاعِنَا بِبَلاياهَا وإنَّا برغْمِ ذَلِكَ لَصَامِدُون َ.
[ براءة الجودي ]