أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 15

الموضوع: أمل تحقق

  1. #1
    الصورة الرمزية فتحي العابد أديب
    تاريخ التسجيل : Sep 2009
    العمر : 59
    المشاركات : 267
    المواضيع : 81
    الردود : 267
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي أمل تحقق

    بسم الله الرحمان الرحيم
    أمل تحقق
    أحببته من أول يوم عرفته فيه، كان يدرس في الجامعة في مدينتنا وأنا تلميذة في الثانوي، ما عاد لي من أهل عداه، ولا لعائلتي من شجرة، انغرست شتلة في غابة قبيلته، أصبح لي قرابة في كلّ نخلة نبتت في سانيته، وكل ناقة تسير في صحرائه، وكل مئذنة يرفع منها الأذان في منطقته، وكل امرأة تضع الخمار لتتحدث للغرباء في قريته.. رحت أبخر أثوابي قبل أن ألقاه، وأشعل العود في تلابيب الكلمات التي أقولها له...
    اليوم ثانى أيام العيد، ولكني لم أفقد الأمل في عودة زوجي.. لقد ترك منزل والده القروي منذ ستة أشهر ثائرا حانقا، لاعنا كل شىء في الدنيا، كان يردد علي بأن طاقته وهوايته في الرسم غير مستغلة، وهو عامل حضائر منذ أن تخرج من أكادمية الرسم ثماني سنين مضت، ولم يجد من يحتضن هوايته وموهبته، كان يشكرني دائما لأني استطعت بعزمي إنقاذه من آفة التدخين، كنت أردد عليه كل مرة يشعل سيجارة: "كل سيجارة لا تشعلها، هي يوم يضاف إلى عمر حبنا، تهديني إيّاه"..
    ورغم غيابه هذه المدة الطويلة فإنني لم أستسلم لليأس، كنت أنتظره في شرفة بيتي كل يوم، أحملق في المسارب والطرقات المؤدية ناحية بيتنا علني أراه راجعا.. لقد انتظرته طويلا..
    تقف لابسة سفساريها الأبيض ومتنكرة كل أسبوع أمام المسجد الكبير حيث كان يصلي الجمعة علّها تراه.. إنها تشعر بالخوف يملأ قلبها وبالوحدة تشتت كيانها، خاصة بعد عملته التي ستبقى عارا ولعنة على لقبه..
    إنها لا تعرف ماذا يخبىء لها القدر؟.. هل سيعود زوجها يوما إليها، أم عليها البقاء مع صغيرها في دار حموها هكذا بلا رجل وبلا حماية وبلا سند؟..
    وابنها الوحيد حازم الذى يبلغ من العمر خمس سنين، ماذا تقول له؟ هل ستظل تماطله.. وإلى متى ستستمر المغالطة؟ إنه يسألها عشرين مرة فى اليوم:
    ـ متى يرجع أبي من السفر يا أمي؟
    فتقول له: بعد أسبوع يا حبيبى
    وكل يوم يسألها عشرين مرة أيضا: متى ينتهي الأسبوع يا أمي؟
    وحين ينتهى الأسبوع يعود فيسألها: لماذا لم يعد بعد أبي ياأمي؟.. إنت لاتقولين الحقيقة.. توحشته كثيرا.
    وتبكى رشيدة عند سماع هذه الكلمات البريئة القاسية، إنها تخرج من فم حازم فتمزق قلبها وكيانها.. ولا تملك عند سماعها إلا الإستسلام للبكاء.
    لقد كان لسعد بالنسبة لها نعم الزوج والرفيق والصديق تزوجته وهي في السابعة عشرة.. كانت طفلة لا تعي من أمور هذه الدنيا الكثير.. نضجت على يديه، وخبرت الدنيا بفضل توجيهاته وإرشاداته..
    كان يعاملها كطفلة حتى بعد أن تجاوز عمرها الرابعة والعشرين عاما. كان يشترى لها مرة في الأسبوع "الشكلاطة والمصاصة والبطاطا".
    لقد أحبت رشيدة هذه الأشياء وتعودت على شرائها منذ أن كانت تلميذة فى المرحلة الإبتدائية.. لذلك كان لسعد يحرص على إحضارها لها مهما كلفه ذلك ..
    وذات يوم ورشيدة منشغلة كعادتها بتنظيف الممر أمام سكناها.. إذا بها تقف لنداء إحدى صديقاتها المتجهة نحوها بسرعة، فاستغربت من ركضها خاصة إن صديقتها لم تتعود زيارتها فى هذه الساعة المبكرة من الصباح.
    وما إن وصلتها صديقتها حتى صاحت فيها بأعلى صوتها: مبروك يارشيدة.. لسعد بخير.
    وسألتها فى لهفة وهى مازالت ممسكة بالمكنسة: أين هو؟.. هل تعرفين عنوانه؟
    ردت الصديقة وهى تلوح بصحيفة أمسكت بها فى يدها: إن عنوان لسعد هنا.. فى هذه الجريدة
    خطفت منها الجريدة بعد أن رمت بالمكنسة، وأخذت تقلب صفحاتها فى عصبية وهى تقول: أين.. أين؟
    ووضعت صديقتها إصبعها على الخبر.. إنه عن معرض للرسم يقيمه زوجها لسعد في السفارة الأمريكية بالعاصمة في أول الشهر.. ومع الخبر صورة للسعد.
    وبلا شعور وجدت رشيدة نفسها تحتضن الجريدة وتضمها إلى صدرها بشدة والدموع تنحدر عن عينيها فتبلل أجزاء منها.. وأحست بيد ترتب على كتفيها وتهدأ من روعها..
    التفتت فإذا بزوجها واقف بجانبها حاملا بين يديه ولديهما الوحيد، ارتمت فى أحضانه وأخذت تقبل خصره ويديه فى حنان شديد.. واختلطت دموعها بدموع إبنها.. الذي مانفك يلوم والده ويطلب منه أن لايتركهما وحدهما بعد اليوم.. أخذ لسعد يضم ابنه الوحيد وزوجته إلى صدره بفيض من الحنان وهو يهمس لهما بصوت يشوبه الحزن والفرح معا: لن أترككما بعد الآن.. حقك عليّ ياولدي.. لقد اكتريت شقة في العاصمة وجأت لآخذكما صحبة والدي، لقد تحقق حلمي وأملي والحمد لله..
    ترجاه والده بأن يتركه في منزله القروي، فرفض بعد أم وعده بأن يأتي به إلى قريته مرة كل شهر، وذكره كيف كان يدفعه إلى الأمام ويشجعه، رغم أنه كان لايهتم بأعماله كفنان، وما هذا الإعتراف بلوحاته إلا بفضل إصراره، ومساندة أبوه له.
    إنه لا يستطيع أن ينسى حنانه وعطفه، وكل ما قدمه لوالدته في حياتها من تضحيات، كان يسهر بجوار سريرها الليالى الطوال حتى يطلع الفجر وهو يتألم لتألمها من شدة المرض، كان يرفض أن ينام ولو ساعة واحدة.. كان يخشى أن يفوته موعد إعطائها الدواء.

  2. #2
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 392
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.13

    افتراضي

    السرد ماتع والأحدث شائقة واللغة جدا أنيقة ولكن جاءت الخاتمة لاتحمل عنصر التشويق والمباغتة التي ينتظرها المتلقي دائما
    شكرا لك أديبنا الفاضل .. ودام ألقك
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    مشرف قسم القصة
    مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : May 2011
    المشاركات : 7,009
    المواضيع : 130
    الردود : 7009
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    قصّة جميلة أديبنا الفاضل..
    والمقدمة كانت رائعة.
    الطموح والرغبة من الانفلات من الواقع يدفعان الى قرارات مستعجلة، لكن بطل القصة انتصر فيه برّه لوالده وعائلته فعاد ليلتئم شملهم من جديد..
    اتفق مع ملاحظة الأستاذة آمال.. ولو انتهت القصّة باللقاء المفاجئ مع الزوجة لكان ايقاع الخاتمة أقوى..
    بوركتم أديبنا الفاضل
    .

    "خاصة بعد عملته التي ستبقى عاراً" : ما رأيك لو قلت:بعد فعلته
    " ومساندة أبوه له" : أبيه
    وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن

  4. #4

  5. #5
    الصورة الرمزية فتحي العابد أديب
    تاريخ التسجيل : Sep 2009
    العمر : 59
    المشاركات : 267
    المواضيع : 81
    الردود : 267
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    شكرا جزيلا أستاذ عبد السلام
    هذا ماأريده من أسرتنا في هذا الموقع المحترم ألا وهو النقد والتصحيح

  6. #6
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,131
    المواضيع : 318
    الردود : 21131
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    أبدعت في الوصف ونقلت المشاعر ببراعة وأوصلت الفكرة
    ولكني أؤيد أستاذة آمال بأن النهاية جاءت فاترة
    وأحبذ رأي الأستاذ عبد السلام بأن مشهد إلتقاءه
    بزوجته كان يصلح لأن يكون الخاتمة.
    بوركت ولك تقديري وتحياتي.

  7. #7
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,131
    المواضيع : 318
    الردود : 21131
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    أبدعت في الوصف ونقلت المشاعر ببراعة وأوصلت الفكرة
    ولكني أؤيد أستاذة آمال بأن النهاية جاءت فاترة
    وأحبذ رأي الأستاذ عبد السلام بأن مشهد إلتقاءه
    بزوجته كان يصلح لأن يكون الخاتمة.
    بوركت ولك تقديري وتحياتي.

  8. #8
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي

    قصّة تدعو للتّماسك والتّرابط العائلي وسمت بفكرتها وهدفها، لكنّها احتاجت المراجعة اللّغويّة لظهور بعض الأخطاء
    بوركت
    تقديري وتحيّتي

  9. #9

  10. #10
    الصورة الرمزية خلود محمد جمعة أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    المشاركات : 7,724
    المواضيع : 79
    الردود : 7724
    المعدل اليومي : 1.99

    افتراضي

    الحياة معادلة لا يمكن الربح بلا خسارة
    لكن من يجيد المعادلة يخرج باقل الخسائر
    ربما كانت النهاية اقل حرارة من فكرة الموضوع
    لكنها نهاية سعيدة
    دمت بخير
    مودتي وتقديري

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. ماذا تحقق لثورتنا حتى اللحظة؟
    بواسطة عدنان القماش في المنتدى الحِوَارُ السِّيَاسِيُّ العَرَبِيُّ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 22-02-2011, 07:05 AM
  2. اللاءات التي تحقق السعادة الزوجية ....!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 25-02-2007, 02:50 PM
  3. أتريد أن تحقق أحلامك ؟؟ تفضل إلى هنا ...
    بواسطة ليلك ناصر في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 11-11-2006, 03:17 AM
  4. بغداد.. أمل المستقبل
    بواسطة نبيل شبيب في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 10-09-2004, 05:19 AM
  5. اللاءات التي تحقق السعادة الزوجية....!!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى النَادِى التَّرْبَوِي الاجْتِمَاعِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-08-2003, 05:03 AM