رماد
عاد إلى بيته يرفل بعباءة الفرح بعدما غنمَ أرباحا غير متوقّعة في البورصة. ملأ معدته بأشهى الطّعام وحمل الحلوى ليأكلها على مهل نشوان مبتهجا على كرسيّه الفاخر أمام شاشة التّلفاز، ويتابع كعادته أخبار السّاعة السّابعة...
قصف مكثّف على الحيّ الغربيّ من مدينة...
ضغطَ على زرّ آخر من أزرار جهاز التّحكّم:
تتزايد أعداد الشّهداء والجرحى تحت أنقاض العمارات، وتشتعل النّيران...
أغاظه ما يرى ويسمع ،وتمتم متأفّفا: تبّا لكم ولهذه المشاهد التي تبثّها شاشاتكم. لقد أفسدتم عليّ طعم الحلوى !.
قلّب صوّرا عديدة حتّى استقرّت الشّاشة على عرض صور الحسناوات، والأحداث المثيرة لمسلسل "رماد الحبّ"، فانبسطت أسارير وجهه، واستلقى يرسم في مخيّلته خططا لمشاريع جديدة. وفيما هو غارق بين "رماد الحبّ" ووهج المال الكثير، عزفت موسيقا هاتفه النّقال، فتناوله بتثاقل تبعته قفزة من مكانه صائحا ولاطمًا: يا لمصيبتي... لم أجدّد عقد التّأمين... لم أجدّد... فهرعت زوجه تتلقّف الهاتف الملقى أرضا، لتتلقّى نبأ تحوّل مخازن الخشب خاصّته إلى رماد.