جولة في رأس الرجل
حاولت أن أجلس في هدوء كما يفعل المثقفون والمفكرون ، وأضع كفي على خدي كما يفعلون ، وآخذ نفسا عميقا ، وأنشيء أفكر ..ليس في قصيدة جديدة ، وليس في قصة جديدة وإنما لأدور بفكري في عقل إنسان مهم عند مصري في هذه الأيام ، ومهم ما يفكر فيه هو ويقرره ، وأخذت أتساءل فيما يفكر هذا الرجل وما الذي يريد أن يصل إليه لقد بلغ مبلغا من العلم يؤهله لأن يكون مهندسا عالميا يداني كبار علماء عصره ، ولا أعتقد أنه يريد مالا فهو أستاذ جامعي ومثله لو أمسك التراب لتحول في يديه ذهبا ، هل يريد لنفسه جاها ومنصبا ونفوذا ؟ لا أظن ، هل هي شهوة السلطة والهيمنة وحسب ؟ لا أظن وإلا كان قد تبين ذلك من أول مرة خاض فيها غمار السياسة وأصبح نائبا في البرلمان ـ وأنا ابن دائرته ، وأشهد أنه ـ كان مجتهدا ورقيبا أمينا على مصلحة دائرته فضلا عن مصلحة البلد العامة والتي حملها على كاهله طيلة دورته البرلمانية بكل أمانة وشرف لا يألو جهدا ، وله في ذلك المدار صولات وجولات ، ومنافح لا يشق له غبار عن أفكاره ، وسببُ قلقٍ لكل مفسدي العهد البائد ، مما اضطرهم إلى إقصائه عن الحياة السياسية بعد ما أثبت لهم أنه قادر على تقويض ملكهم ، وهدم بنيانهم من القواعد ..ـ شهادة أحاسب عليها أما الله ـ
كل ذلك وأكثر منه جعلني أستبعد مصلحة شخصية لهذا الرجل فيما يفعله أو فيما يفكر فيه ... الرجل طوال حياته داعية ومفكر وشاعر وأديب وسياسي .. فضلا عن تخصص الهندسة الذي يعمل به ، ويعمل في كل تلك الاتجاهات لا يقصر في أحدها وناجح في جميعها .
وأصبحت أتساءل أيضا .. هل أن رجلا في مثل منزلته ، وقدره ، وما لديه من مستشارين ، ومساعدين ، وأصدقاء مقربين ، وحزب ، وجماعة ليس مؤهلا أصلا لقيادة بلد في حجم مصر المحلي والإقليمي ، وليس أهلا لأن يقرر ما هو في صالح البلد ، وصالح ثورة 25 يناير المجيدة .؟ ، وهل أنه لا يفكر مليا في عواقب تلك القرارات خاصة وإن كانت ثورية كالإعلان الدستوري الأخير ؟
... صحيح الإعلان يبدو في ظاهرة تحديا سافرا لهيبة القضاء واستقلاله ، ولكن ألا يدعو ما تقدم ذكره إلى جولة في عقل الرجل لنحاول أن نؤكد للجميع حسن طويته ونيته ، وأنه ما كان ليقدم على قرار مثل ذلك إلا لأنه يعلم أن المرحلة تستوجب نوعا من الشدة والحزم ، ثم دعونا ننظر للأمر من جانب آخر .. فأنا أرى الإعلان استفزازا لك صاحب مأرب ومصلحة ومن رؤوسهم ( بطحة ) ألا ترى أن ذلك يمس مصائبهم التي أحدثوها ووارتها مناصبهم وخبأها نفوذهم .. فقد أحسوا أن تلك السلطة وذلك النفوذ يضيعان شيئا فشيئا من بين أيديهم ، وكما رأينا نجح ذلك الاستفزاز فخرجوا جميعا من جحورهم وبدأوا في استخدام وسائلهم المعهودة من بلطجة بشرية وإعلامية ، ومحاولة استمالة الرأي العام لهم والتشكيك في نوايا الرجل ، وبدؤوا يتخبطون حقا ، وينقلب بعضهم على بعض ، وينسحب الشرفاء عنه وينقسموا عليهم ويخرجوا على جمعياتهم العمومية ، وهذا ما أراده الرجل أراد أن يستخدموا وسائلهم القذرة لتكون مسمارا أخيرا في نعش نهايتهم ، وإبادتهم ، وكل يوم يمر نكتشف الجديد عنهم وتفضح مؤامراتهم ... وسبحان الله أن كان من أهم وسائل الترويج لفكر الرجل هو الإعلام نفسه الذي يستخدم ضده فتركيز اإعلام على الأحداث جعل كثيرا من الناس يفيقون لرشدهم ، ويتساءلون لم كل هذه الهجمة على الرجل ؟ وهو يعرض قرارات ثورية أصلا كان يطالب وما زال يطالب بها الثوار الحقيقيون ... فأصبح الإعلام وبدون شعور يتحدث عن القرارات وينقل كل الآراء المعارضة ويركز عليها ، مما دعى الأكثرية للوقوف إلى جانب الرجل فيما يريد ، وبدأت حقا القلوب تلتف حول القرارات ، وتؤازرها .. خاصة وأنها قرارات تشبه الطوارئ ومرحلية مؤقتية لاتلبث أن تلغى بالدستور الدائم ...
أعتقد أن الخوف نابع من أن يستخدم الرجل ما خصه لنفسه من صلاحيات استخداما مفرطا ، وهنا أسترجع ما قلته ، فهذا الشعور فقط يختلج نوعين من المصريين أولهم الفسدة ومن على رؤوسهم ( بطحة ) ، ثانيهم / من لا يعرف الرجل حق المعرفة ، ويشك في صدقه وإيمانه وأخلاقه ، وتدينه ،وكلها ـ بفضل الله ـ لن تعطيه الفرصة مطلقا للتفكير في مصلحة شخصية أو حزبية والنوع الثاني للأسف متسرع جدا في إصدار الأحكام ، ولا يعطي الفرصة للرجل ليثبت له عكس ما يتصور .. نعم نحتاج جميعا لتلك الفرصة ليفهم بعضنا بعضا ، ونقرأ تلك الوجوه الجديدة ، ونحاول التعامل معها في ظل المتغيرات التي يمر بها بلدنا ، بل وتمر بها المنطقة كلها ... ، ولا ندع الخوف يجعلنا نقف على قرار وكأنها نهاية الكون ، لقد اختارت مصر رئيسها بطريقة شرعية ، وعلينا أن نعطي الثقة للرجل ونؤمنه على مصالحنا طوال فترته الانتخابية ، ثم ننظر بعد نهايتها ونقيم المرحلة .ـ مجرد رأي ـ
كما أحب أن أوضح أنني أحب بلدي مصر أكثر من أي إنسان ، ولا ينبغي أن أقدم حب فرد على حب بلد بأسره ، وكل ما أسلفته نابع من حبي لمصر ولمصر فقط
( لك يا مصر السلامة )
وأترك المجال الآن للنقاش حول ما تقدم من مادة .
==========================================
تحيتي
محمد محمود محمد شعبان ( حمادة الشاعر )
أديب وشاعر
مصر ـ الزقازيق ـ محافظة الشرقية