رغم تكرر الفكرة و ابتذالها من اقلام كثيرة الا أني اصررت على كتابتها و ذلك بعد انصرافي من الكلية منذ ايام و مروري باحدى المدارس الابتدائية حيث كان عدد كبير من الأولياء في انتظار أبنائهم.
****************
كانت يداهما متشابكتان وهما تخرجان من باب المدرسة، تجاوزتا محفظات وثرثرة الصِحاب في غبطة و سعادة ارتسمت على عينيهما الصغيرتين.
في سيارة فخمة سوداوية اللون و الزجاج، كان يجلس في الخلف مُنتظرا بروز شعرها الأصفر الحريري بشغف ، بانت و بجانبها فتاة اكتسى جسدها النحيف ملابس مُشرعة أبوابها لاستقبال سهام البرد الطاعنة!.
"بابا ... بابا". و هي تسَحبهَا من يدها اتجاه سيارة والدها بسرعة لم تكن بالهائلة الا انها كانت كافية في انفلات حذائها من قدميها الصغيرتين!.
طبع على خديها قُبلتين زادتا من تورُدهما، ثم التفت الى صديقتها التي اجتهدت كاجتهادها الدِراسي في كبح غيوم عينيها المثقلتين بآلاف الدموع
- ما اسمك يا صغيرتي؟
- ليلى .
هي مجتهدة يا بابا...أجابته ابنته في حماس .
- اين هي والدتك لا اراها تنتظرك؟.
- أ...مـ...ي.
رددتها و غيوم عينيها تفصح عن مطر الحرمان السخي المنسكب على جسدها النحيف.
ـ سمعتها تقول للمعلمة انها تُوفيت بعد سنة من وِلادتها، أجابته ابنته بنبرة أقل حماسة و بحزن الطفولة بعد ان خدشت مخالب الصمت لسان ليلى
- و لماذا لا ينتظرك والدك يا حلوتي ؟.
كفكفت دموعها و قالت بنبرة مُحترقة .
ـ والدي
ـ نعم والدك؟
ـ والدي يعمل سائقا، و مديره لا يأذن له بالراحة و العودة للبيت الا اذا نفذ الطعام الذي طبخه لي و لأخوتي الأربعة لمدة يومين أو ثلاث.
ـ اذا عليك أن ترافقينا لنتغذى سويا فقد طهت لنا الخادمات أكلات متنوعة و لذيذة؟
قالها دون انحناءة شفقة و قبل أن يسمع جوابها أمر سائقه بلهجة مُتعالية نكراء أن يفتح باب السيارة الفخمة السوداء لليلى...؟؟؟.