2
غربتي قرار أبدي
مليئاً كان يومي بالأحزان كيوم مأتمٍ، فارغاً كيومِ موظفٍ متقاعدٍ، منذ مدة وأنا أعيش لحظات فقد وغربة لم أعشها قبلاً.. أهيم على جرحي لأنسى ما يحدث هنا وهناك.. وأحاول أن أمضي في طريقٍ يسلكه البشر، ولكن وبعد أن اغتالتك المسافات وأرسلتك حيث الحلم الشافي ومن ثم جاءت نحوي لتقربني لشيء بات كل حنيني..! فرحت نحو تلك المقبرة أزور بها قبراً قديماً، فألقيت بروحي عندها.. وما عدْت أدري هل كنت هناك للزيارة حقاً أم تراني ذهبت أدفن جواره نفساً توهمتها..؟!
هو ذا رفيق العمر والقلب، أقف عنده بعيونٍ متجمدة، بات شبراً من التراب وفوقه لوحة رخامية، تخفي وراءها كل ما كنت أملك من مشاعر..
صدرًا حنونًا.. راحة تتكئ عليها دموعي..
عيونًا تغازلني..
طلته.. ضحكته.. حزنه.. وحبه للوطن......
أحببته كثيرًا..
ولم يكن لدي حل سوى أن أمد يدي للفاتحة...!!!
أفكر كيف نعيش أنا وأنت أصدقاء ونحن بمفكرتين متناقضتين، أنا الغريبة عن البيت وعن الأهل وعن الوطن وأنت الوجه الآخر للغربة..
وكيف لغربتي أن تلتقي مع مسافات غربتك لتغتالنا لحظة اتهام.. أننا الخيانة..؟!
كم تمنيت هذا المساء حضناً ألقي عليه جسدي، أرتمي عليه ليأخذني بعيداً عن غربتي..
فأجد أن الوطن أمي..
ها أنا ذا أمام أمي فما الذي يدعوني ألا أفعلها..!!
ألا أرتمي في حضنها..!! ألا أرغمها على تقبيلي...!
لعله الخوف الذي يحتويني..! والذي يعيدني إلى حيث أنا.. ويوقفني..!!
كم أود لو أمر بمحاذاة كل الأسئلة دون أن أجد الجواب في لحظة الغربة هذه..
ناظرتها.. وناظرتني.. دمعت عيني فمرّت عني.. هجمتُّ على يدها قبلتها، فهبطت على وجهي صفعة عنيفة نامت عليه، ارتج لها قلبي فأحدثت دويًا هائلًا في أعماقي وكتمت صرخاتي..
استيقظت من وهمي وأدركت أن لا مجال بعد اللحظة من إغتيال غربتي.. لأحتضن دمع خدي... وأقرر أن تكون غربتي قراري الأبدي..
دارين طاطور
28-01-2008
10:30