من أنت يا رجلا يطوف بحزنه
فوق الأديم وكنت بين نقاء
خدعوك أن وليت نحو شـــجيرة
حتى انتبهت على لظى الحصباء
قد كنت فوق هضابها متنقلاً
والعمر طير موقن ببقاء
يحنو عليك من السماء رضاءه
ومن الخميلة نفحة الأفياء
ما كنت تدري ما الهموم ولونها
حتى أتيت مبعثر الأشلاء
الحزن حولك والسعادة خدعة
والملك زيف مورق بفناء
تخشى الممات وفي فؤادك نزقة
وعلى عيونك نظرة المستاء
العابرون من القديم هواطل
نحو البقاء بجنة الرمضاء
لا تشرب الأفراح إنك مسلب
والضعف فيك كفحّة ِالرقطاء
ما إن تقوم على فراشك مرة
إلا رجعت مضرجا بدماء
سُكبت عليك من السعادة دفقةٌ
ومن الشقاوة ضعفها بسخاء
قم صاحب النور البهي بصبحه
وعن الظلام بطلة الأضواء
القادمون من السماء نقاؤهم
طهر يزكي أنفساً بنقاء
ما خالطت أفياءهم شذر الهوى
من نفحهم أقدف بغير عناء
ومضات نورهم تخطت حفرة
وغدت تعانق نجمة الجوزاء
قد بُللت من خشية أبصارهم
فاغسل همومك مرة بصفاء
في قربهم أنس الأسير بغربة
في وحشة الوعثاء والكأداء
العقل نحوهم يسوق ركابه
والنفس في سفهٍ على استحياء
الطهر بدر والصفاء كواكب
فدع الحضيض لصاحب الأهواء