أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: وتعطّلت لغة الكلام(مازن صالحي)

  1. #1
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي وتعطّلت لغة الكلام(مازن صالحي)

    وتعطّلت لغة الكلام
    بقلم الأستاذ : مازن صالحي

    لقد وصل الاستقطاب بين السوريين إلى مستويات غير مسبوقة من التوتر و الحدّة، بحيث بات يهدد – و بدون أي مبالغة – كيان الوطن السوري في الصميم على المدى القريب و المتوسط، و ربما حتى البعيد. و فيما توجد الكثير من التحليلات التي تتناول الأزمة من مناظير مختلفة، نريد في هذه السلسلة من المقالات أن نعالج مواضيع متعلقة بجذور التواصل و الوعي و تكوين الرأي لدى الفرد و المجموع السوري، لأنه في الجذر من كل هذا الاستقطاب عوامل نفسية و اجتماعية يمكن تشخيصها و تحليلها بشكل علمي، و أصل الدواء معرفة الداء.
    من منا لم يدخل في نقاشات حادة مع أقرب الأصدقاء، ليخرج منها دون أي فائدة، بل و ليحمل بعدها المزيد من المرارة و الغضب، و دون أن يتمكن من زحزحة الطرف الآخر عن مكانه قيد أنملة؟ من منّا لم يتساءل، أن كيف يمكن للطرف الآخر أن يكون بهذا “الغباء” و هذه “الضحالة” و تلك “السذاجة” و ذاك “العمى” و كيف يمكن لهذا الطرف الآخر أن يدعم قوى الشر الخالص التي يدعمها؟ و من منّا لم يضرب كفاً بكف حسرة على جيرة أو صداقة أو قرابة دامت عشرات السنوات، ليكتشف بعدها ما كان مخبوءاً بداخل هؤلاء الأصدقاء من “شر خالص” و “طائفية بغيضة” و “حقد أعمى” و غير ذلك من النعوت، نضعها كلها هنا ضمن علامات تنصيص لأننا لا نوافق عليها و لا نأخذ بها، و لكن نوردها كما ترد على الألسنة. طبعاً، و لا بد أن نذكر ذلك لأن هناك من قد يتناساه، فإن هذه الملاحظة تنطبق على الطرفين: طرف المؤيدين للنظام، و طرف المعارضين، المنحبكجية و العراعير، الأسديين و الأحرار، السوريين … و السوريين أيضاً.
    كيف يمكن أن تنفجر فجأة كل هذه الاختلافات و بكل هذه الحدّة؟ أين كان كل هذا الخلاف الهائل مخبوءاً؟ و لماذا نفشل في الحوار مرة بعد مرة بعد مرة؟ مع اعترافنا بالتدخل الخارجي الهائل في الأزمة السورية، إلا أنه لا بد لنا من الاعتراف أيضاً بأن هذا التدخل قد عرف كيف يحكم توجيه ضرباته إلى نقاط الضعف البنيوية الكثيرة التي يشكو منها المجتمع العربي عامّة، و السوري خاصّة، و علينا إن نحن أردنا معالجة المشكلة أن نتجه إلى جذور الآفة لا إلى أعراضها، و علينا أن نبحث في أسباب هذا الفشل في التواصل لأنه أساس المشاكل.
    تخبرنا علوم الأنثروبولوجيا أن ضخامة حجم الدماغ لدى الإنسان تطورت بهذا الشكل المميز لتمكينه من القيام بأصعب مهمة على الإطلاق. هذه المهمة الصعبة و المعقدة الموكلة بهذا العضو، لا تزال هي نفسها بعد ملايين السنين من التطور. هذه المهمة الخطيرة هي أن يفهم بعضنا بعضاً. هذا التواصل (Communication) هو عملية جد معقدة و تستهلك إمكانيات مهمة من عضو التفكير لدى الإنسان، و الذي بدوره يستهلك ربع الطاقة التي يستهلكها الجسم بشكل عام. و كأي عملية معقدة، فإنها تعتمد على سلسلة من العمليات المتشابكة التي يجب أن تعمل بتناغم لتنجح، و أيضاً كأي عملية معقدة، فإنها يمكن أن تتعرض للتخريب أو العبث بسهولة نسبية بما يحرفها و يسبب فشلها.
    ما أريد قوله هنا بشكل مبسط هو أن عملية التواصل و التفاهم بين الأفراد ليست عملية بسيطة. ليست عملية ميكانيكية خشنة و عصية على الخلل. ليست، ربما، مثل التنفس أو بلع الطعام. بل هي عملية مرهفة الدقة و عالية الحساسية، و هذا بالضبط، ما يجعل أفراد الجماعات البشرية قادرين على التعاون الخلاق و المبدع و الذي ينتج لنا الإبداعات الجمعية للإنسان، حيث يعمل المئات و الآلاف و عشرات الآلاف معاً لبناء إنجازات الحضارة. و لا يوجد أي إمكانية للحضارة، أبداً، بدون هذا التفاهم و التواصل بين الأفراد. و كلما عظمت المنجزات الجمعية لحضارةٍ ما، كلما ارتقت و ارتفعت تلك الحضارة، و كلما ظلت ثقافتها فردانية و غير جمعية، كلما ابتعدت عن التاريخ نحو الهامش و نحو الانفراط.
    و لكن، و على الرغم من آلاف السنين من العمل على تطوير اللغات البشرية، و تطوير أساليب استخدامها، فلم تنجح كل الشعوب و لا كل المجتمعات في إتقان آليات التواصل و التعاون بين أفرادها، يمكننا تلمس فروق واضحة في سلوكيات بعض الشعوب عن بعضها الآخر في هذا الخصوص، بحيث نرى بعض الثقافات قد أتقنت آليات التواصل بين الأفراد و آليات صناعة المعرفة و القرار، و بين شعوب أخرى لم تتقن هذه الآليات و لا تزال تحبو حبواً على تلك الأصعدة. و لعل من أكثر الأمثلة سطوعاً كانت الفتوحات الأوروبية الاستعمارية للعالم، حيث كانت قوى منظمة من بضعة آلاف من الأوروبيين تتمكن من إخضاع مجموعات سكانية بالملايين، و من إدارتها و التحكم بها بنجاح. أتقن الأوروبيون تلك التقنيات التواصلية فيما بينهم، و لم تتقنها الشعوب المستعمرة التي كانت (و لا يزال الكثير منها) يعاني من ضعف مزمن على صعيد التواصل الفعال بين الأفراد.
    لماذا أفتح هذا الموضوع؟ لأنني مقتنع بأن له علاقة وثيقة جوهرية كأحد أسباب الاستقطاب الحاد بين “أفراد” المجتمع السوري، و بفشلهم في التواصل و التفاهم و الحوار، و أريد أن نستعرض بعض الآفات المستحكمة فينا اجتماعياً و التي تساهم في تكريس عجزنا عن التواصل، و بالتالي عن التفكير أو الإنجاز الجمعي.
    فلنبدأ من اللغة ذاتها. اللغة التي نستعملها. لنضعها تحت الضوء، و لننظر إلى بعض الأمثلة التي نستخدم فيها اللغة أمام جمهور كبير، مثل الخطب الدينية (1)، أو الشعر النبطي (2)، أو شعر المديح القومي (3)، أو الزجل (4) الشعبي، أو روائع مهرجان الجنادرية (5) “الثقافي”، أو مداخلات أعضاء مجلس الشعب السوري السابق المبتذلة (6). أدعو القارئ الكريم إلى متابعة الوصلات ليرى معى تجليات واضحة للآفات اللغوية التي أحاول تسليط الضوء عليها. في كل الأمثلة التي أوردتها هنا، و في الكثير الكثير غيرها، نجد تلك اللغة المتصنّعة المنمّقة المتكلفة التي لا نزال نعتمدها في الكثير من منصّاتنا العامة. نجد لغة السجع و المحسّنات البديعية، لغة التوابل و البهارات التي تزين محتويات غذائية فارغة مثلما تفعل التوابل الكاذبة في مطاعم الوجبات السريعة، فتخدع حواسنا و توهمنا بأن ما نلتهمه طعامٌ صالح للاستهلاك الآدمي، بينما هو في الحقيقة مواد مسرطنة. نجد لغةّ، تهتم بأصوات الكلمات على حساب معانيها، و بتنميقها و زخرفتها، على حساب محتواها.
    من الصعب، حقّاً، وصف مدى الضرر الذي ألحقته هذه الآفة بفعالية التواصل بيننا، أفراداً و جماعات. بل إنني أزعم أن إدراك ضررها قد يكون مستحيلاً على من لا يتحرّاه في المتداول من اللغة، على أن يتقن لغة أخرى إتقاناً عالياً، بحيث يمكن أن يشعر بشكل مباشر بمدى تخلف اللغة العربية المتداولة و مدى قصورها عن التعبير.
    فإذا سلطنا الضوء على الكثير من اللغة المستخدمة في الجزء الأكبر من محافلنا العامة، فإننا نجد بشكل واضح، جوائح النثر السجعي، و الطباق، و إرداف كل الجمل بكلمات إضافية مشابهة، و نجد التكرار، و الحشو، و الافتعال و المبالغة المخلّة، و التصاوير التهويلية، و المنفخة، و استخدام الألفاظ في غير معانيها، و التورية و عدم المباشرة، و علل أخرى كثيرة كلها تساهم في الإغمام و التعمية على المعنى و المحتوى، على حساب الزُخرُف. و هذه الآفة منتشرة إلى درجة يكاد ينعدم معها الإحساس بالفرق بين الحقيقي و المجاز.
    و المصيبة أننا نعتبر هذه الآفات جمالاً و فنّا. و بينما تصنع الشعوب الأخرى فنونها بأدوات الموسيقى و الرسم و التصوير و النحت، و تُحافظ على حذرها من ابتذال لغتها و شرشحتها بهذا الشكل، لأنها أداة التواصل و بناء الحضارة الأساسية، تصر ثقافتنا العربية على تعاطي الزخرف الكاذب، و على إدمانه، و لتذهب كل المعاني إلى الجحيم، و لتبتذل اللغة و لتمتهن ما دامت الزخرفة الصوتية تسحر السامعين.
    أدعو القارئ الكريم إلى التوقف قليلاً و التفكر في التراكيب التي يقرأ أو يكتب أو يسمع، مع الانتباه إلى الآفات المذكورة، و سيجدها منتشرة انتشار الوباء. انظُر بشكلٍ خاص في الخطاب الديني، و في الخطاب السياسي المطعّم بالدين، و في أي خطاب تخاطبُ فيه سُلطةٌ ما (دينية أو سياسية أو إعلامية) الجماهير، حيث تصبح خواص التعمية و التورية و الغش مطلوبةً بشغف، فستجد أن كل تلك الآفات توظّف بإصرار غريب. جرب أن تقتطع خبراً من جريدة رسمية عربية، تتحدث بهيام عن الملك أو الرئيس أو الأمير، و جرب أن تترجمه حرفياً إلى لغة أوروبية (انكليزية أو ألمانية بشكل أساسي)، و انظر علام تحصل. ستحصل على نص يدعو للرثاء، مزخرف بشكل ممجوج في كل العالم المتحضر، و هزيل المعنى. تفكّر قليلاً، عزيزي القاريء، في التراكيب التي يسبكها شعراءنا، في المرة القادمة التي تستمع فيها إلى الشعر، و تأمل كم فيها من المبالغة و التورية (أي اللف و الدوران) و التهويل و الكذب. و نحن أمةٌ شاعرة، كما نفخر، و نقول بلا حياء: أعذب الشّعرِ أكذبُه. انتبه كيف تعجبنا التصاوير المعقدة التي تحتاج إلى الكثير من الخيال لفك طلاسمها و فهم ما يريد الشاعر قوله، و كيف تتولد لدينا اللذة من فهم ما يريد الشاعر قوله بعد فك الطلاسم و حل العقد المسبوكة، و كأن فك الطلاسم هو الغاية، و كأن حل العقد هو الهدف، و كأن اللغة أداة تسليةٍ و ترف، لا أداة تواصل.
    ما النتيجة من هذه “الثقافة” كلّها؟ النتيجة أننا نخرب الأداة الأساسية اللازمة للتواصل فيما بيننا، و نخرب بالتالي فرصنا في الحوار و التواصل، و في صناعة الحضارة. إننا باعتماد هذه الثقافة اللغوية البائسة، نخرّب عملية التواصل تخريباً. ننسى أن الأصوات ليست سوى رموز للمعاني و نهيم افتتاناً بالأصوات و برقصاتها، فتتحول الرموز إلى غاية بذاتها، لننسف عملية التواصل من أساسها. تبهت الكلمات و لا يعود لها معنى، مثلما تفسد حاسة التذوق بإكثار التوابل اللاذعة في الطعام. و يغدو تواصلنا قاصراً، منحصراً في الأفكار البسيطة، و غير قادرٍ (بشكل جمعي) على تداول الأفكار العليا التي تحتاج إلى درجة عالية من التجريد. تتراجع إلى حدود الصفر، قدرتنا على النقاش، الذي يقتضي أولاً الاتفاق على المعاني. نضخّم الحدث الصغير باللغة الفخمة و نعطيه حجماً لا يستحقه، و نعرف أننا نفعل ذلك. و عندما يأتي دورنا للاستماع نعيد دوزان حواسّنا على أساس أن اللغة التي نستقبلها كلها مبالغات أصلاً، فنخفف من حساسيتنا للكلمات التي تردنا، فتنهار الأفكار قبل أن تصل إلينا عبر الكلمات. يرى المتحدث أنّه لا يصل إلى من يُحدّث، فيلجأ إلى التصعيد اللغوي الشديد، فيزيد في عيار المبالغات و التهويل، و لكن كل ما يفعله هو أنه يدفع بالطرف المستقبِل إلى صمّ أذنيه بشكل أشدّ. و و هكذا يضيع الحوار.
    لقد تعوّدنا أننا أمّة تقول ما لا تعني، و تعني ما لا تقول، و لذلك فنحن لا نثق بأقوالنا و لا بآرائنا و لا بأخبارنا، فهل نتفاجأ عندما نعجز عن الحوار عند أول مشكلة؟ حدثني أحد الأصدقاء الغربيين عن حادثة جرت مع ابنته التي يعمل معها في الشركة شاب مسلم من أصول عربية. قال ذلك الشاب أنه مستعد لقتل كل من يهين الإسلام أمامه، مما أخاف الفتاة، و أثار الغضب الشديد لدى الأب لدرجة أنه فكر بالاتصال بالشرطة. في العالم الغربي عندما يقول أحدهم (في غير مجال المزاح) كلمةً كهذه فإنها تؤخذ حرفياً، فهم قومٌ ينتقون كلامهم و يعنون ما يقولون أكثر منا بكثير. قلتُ له أن هذا الشاب لا يعني ما يقول حرفياً، فهدأ روعه. و لكن هي الحقيقة، فقيمة الكلمات عندنا تختلف عن قيمتها عند الغربيين، و لربما يمكننا تشبيهها بفرق العملة، كلمة واحدة من هناك تساوي مئة كلمة مما يعدون.
    في نظري، فإن ابتذال اللغة بهذا الشكل، و هو آفة ثقافية بحتة، لا علاقة مباشرة لها لا بنظام و لا بمعارضة، هو أحد أهم أسباب فشل الحوار فيما بيننا كسوريين نحاول أن نتحاور تحت النار و تحت الضغط الشديد و باستخدام أداة لم نهيئها لتخدمنا في الأوقات العصيبة. نحن كمن يحاول إصلاح سيارته بمفكات براغي مطعمة بالصدف و الياقوت، و محفورة بالزخارف الفارهة، إلى درجة أنها صارت خاويةً هشّة. ما أن نمسكها و نبدأ بمعالجة العطل الذي طرأ على المحرك، حتى تتهشم بين أصابعنا و تتحول إلى غبار. غبار كلمات و ليست كلمات. و لكن نحن بحاجة إلى إصلاح المحرك و الانطلاق بسرعة قبل أن يلتهمنا الطوفان القادم بقوة، إلا أن كل أدواتنا فاشلة، صنعناها للزينة و ليس للعمل.
    إن إصلاح هذا الخلل سيحتاجُ جيلاً كاملاً على الأقل، و ربما أجيال عديدة، و لكن ربما يمكننا أن نخفف من تأثيره في أن نحاول، عند كل حوار، عند كل استخدام للكلمة، أن نركز على المعنى، و أن نتفق على المصطلح، و أن نحافظ على هدوء المفردات، و ألا نبالغ و لا نهوّل، مهما كنّا متحمسين لفكرتنا. إنه لمن العار أنه يكون مستوى تواصلنا يشبه مستوى تواصل إنسان ما قبل اللغة، ذلك الذي لم تكن لديه مفردات كافية يعبر بواسطتها عن أفكاره، و لم يكن لديه غير البلطة أداةً للحوار. افهموا يا أحفاد مبتكري الأبجدية.
    الإنسان : موقف

  2. #2
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    أجاد المقال في تحديد عقم اللغة التثقيفي رغم مافيه من قسوة .. فاللغة مرآة العقل كما يقول تشومسكي
    لكن هي لغة البيئة ، كذلك فإن طريقة التفكير غير مرتهنة باللغة ، بل العكس هي تابع لها ..
    ومن الصحيح القول : أن تجديد الوعي يبدأ باللغة لكنه لايقوم بها وحدها، فلقد سقطت نظرية السبب الواحد
    وهذا يستدعي النخب إعادة كشف علاقة اللغة بالنهضة والثورة ..

    الأستاذ مازن :

    أنرتَ المكان والقلوب والعقول ..

    ننتظر منك المزيد .

    تقبل بالغ تقديري.

  3. #3
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    منذ زمن وأنا عاكف على بحث حول : اللغة كمعيق للنهضة .. وبصراحة فإن طرح مثل هكذا متون تفتقر إلى ندرة المصادر .. بل تعد من قبيل ( المسكوت عنه ) .

    للثورة وقل ( للنهضة ) معايير عدة وأدوات معرفية وغايات ومآلات .. يتفق الجميع أن اللغة هي القاسم المشترك فيها ، ولكن الهيمنة الثقافية اليوم تستند على العامل الاقتصادي وفلسفة مؤسسة الدولة الحديثة ، خذ مثلاً الأزمة النقدية في أميركا عام 2008 هي التي جاءت باوباما ورؤيته النهضوية في مجال سياسة الدولة البنكية والضمان الاجتماعي والضرائب .. الرئيس جاء بفكرة وجعلها تهيمن على الواقع .. فتعالجه

    لاحظ أن الفكرة .. واللغة الثقافية ترسم الواقع ..
    هذا في الدولة الحديثة..

    ولنقلب الصورة في بلداننا ... فقد أنفق العراق في حل مشكلة الكهرباء منذ حكومة علاوي 2004 ولحد هذه الحكومة للمالكي أكثر من عشرة مليارات .. ولكن المواطن لم يشعر بتحسن الكهرباء ..

    السبب : ليس غياب فكرة المعالجة
    بل أن الوعي النهضوي .. في بلداننا لايملك لغة ثقافية ..

    المواطن العراقي البسيط لم ينتخب أي مرشح يملك رؤية نهضوية .. علمية وواقعية

    إنه انتخب تبعاً للفراغ الثقافي الذي يستمسك به .. فهو مهتم بصورة المرشح وعشيرته وولاءه الديني والطائفي ... هكذا يفهم الناس الوطنية ..

    ففشلت حكومة التكنوقراط ..
    ونسي الناس أن يطالبوا الحكومة باصلاح الحال .. وانشغلوا بالتصفيق لهذا والمظاهرة ضد ذاك.

    اللغة يا أخي لاتخلق الواقع ... بل تشير له
    ومانحتاجه : هو الوعي .


    /

    قلبي لمودتكم : موقوف.

  4. #4
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    مهلاً مهلاً ..
    أصبحنا أمة ( مشرشحة ) ومبتذلة اللغة وفاقدي التواصل ..
    هكذا تخبرنا هذه المقالة ..
    بينما تعتبر الشعوب الأخرى .. الغرب طبعا ! .. لأن ما في غيره عندنا .. حذرة من الابتذال والشرشحة ..
    فبالله عليكم من أين جاءنا هذا الابتدال في اللغة ؟ ومن الذي دمّر اللغة وقال للمعاني إذهبي الى الجحيم ؟

    وقفات :
    ـ ( تخبرنا علوم الأنثروبولوجيا أن ضخامة حجم الدماغ لدى الإنسان تطورت بهذا الشكل المميز لتمكينه من القيام بأصعب مهمة على الإطلاق ) .
    يعني هل حجم دماغ أبونا آدم كان أصغر من دماغنا ؟

    ـ ( إنه لمن العار أنه يكون مستوى تواصلنا يشبه مستوى تواصل إنسان ما قبل اللغة، ذلك الذي لم تكن لديه مفردات كافية يعبر بواسطتها عن أفكاره، و لم يكن لديه غير البلطة أداةً للحوار. افهموا يا أحفاد مبتكري الأبجدية ) .
    إذا كان الانسان البدائي لم يملك غير البلطة كأداة للحوار ، فأين نضع قول الله تعالى ( وعلم آدم الأسماء كلها ) و ( قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المحسنين )
    فهؤلاء كانوا البشر الأول .. فانظر إلى لغتهم وحوارياتهم .. أين تجد البلطة فيها ؟

    دعنونا من الطرق الملتوية
    السوريون يدافعون عن دمائهم !


    الحبيب الأريب خليل
    هكذا أعرفك .. منقب أفكار ..


    محبتي ..



    لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

  5. #5
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    بدأت القراءة معجبة بالفكر المطروح وذكاء الطرح، ثم وجدت الأمر يتحرك بهدوء نحو حق أريد به باطل، فلم تكن لغتنا يوما ولن تكون وراء واقعنا الرديء، ولا كانت بجمالياتها سبببا في ما نرى في المشهد السياسي من خداع، وما يمارس المتحدث على اختلاف موقعه من تلاعب والتفاف، وقد كان عصر الدولة الإسلامية الذي سادت فيها أمتنا العالم وفرضت مهابتها وسلطانها على مساحات مهولة منه عصر ازدهار أدبي كان فيه لما تعتبره المقالة عيبا مجده الذي لم يعق مجد الأمة.

    لغتنا في حد ذاتها منظومة إبداعية متفوقة، تفتح أبواب النحت الجمالي في القول ليكون أقرب للنفس وأجمل وقعا، وأطرب وأحلى، وليس يشينها أن يسيء البعض توظيف محسناتها البديعية وأدواتها الإبداعية وما تتيح من متسع للتألق تعبيرا، مما يمكن له أن يكون ميدان جمال ومتعة وتذوق، وإذا كان من عيب أسلوبي في استخدامها فإنه يعيب المستخدم ولا يعيبها.

    ولا بد أن نعترف أن كل لغة مهما كانت قابلة لتوظيفها بما يتفق ونهج المتحدث الفكري، فإن دارى نواياه ووارى ما يبطن فهو في كل اللغات فاعل ذلك، وليس أدل على زعمي من ما نرى من تصريحات زعمائنا لوسائل الإعلام الغربية ، يعيدون باللغات الأجنبية ذات الأكاذيب والترهات.

    دمتم بخير
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  6. #6
    الصورة الرمزية د. مختار محرم شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2011
    الدولة : في بيتٍ ما
    المشاركات : 3,219
    المواضيع : 139
    الردود : 3219
    المعدل اليومي : 0.67

    افتراضي

    نجد لغة السجع و المحسّنات البديعية، لغة التوابل و البهارات التي تزين محتويات غذائية فارغة مثلما تفعل التوابل الكاذبة في مطاعم الوجبات السريعة، فتخدع حواسنا و توهمنا بأن ما نلتهمه طعامٌ صالح للاستهلاك الآدمي، بينما هو في الحقيقة مواد مسرطنة. نجد لغةّ، تهتم بأصوات الكلمات على حساب معانيها، و بتنميقها و زخرفتها، على حساب محتواها.
    من الصعب، حقّاً، وصف مدى الضرر الذي ألحقته هذه الآفة بفعالية التواصل بيننا، أفراداً و جماعات. بل إنني أزعم أن إدراك ضررها قد يكون مستحيلاً على من لا يتحرّاه في المتداول من اللغة، على أن يتقن لغة أخرى إتقاناً عالياً، بحيث يمكن أن يشعر بشكل مباشر بمدى تخلف اللغة العربية المتداولة و مدى قصورها عن التعبير.
    .................................................. ......................
    هل كاتب المقال يبرئ مقاله من اللغة التي كتب بها حروفه؟؟؟
    لماذا لم يكتب مقالته باللغة الإغريقية حتى يبعد أفكاره عن الالتواء والرداءة والتخلف؟.. مقالة في باطنها الكثير من التجني ..
    اللغة تبقى آخر الحلقات التي تجمعنا بعد أن فرقتنا كل الظروف
    شكرا لمنقولك أستاذ خليل

  7. #7
    الصورة الرمزية زهراء المقدسية أديبة
    تاريخ التسجيل : Jun 2009
    المشاركات : 4,596
    المواضيع : 216
    الردود : 4596
    المعدل اليومي : 0.85

    افتراضي

    وأنا أقرأ هذا المقال الكبير والذي أفهم بواعثه بعيدا عن انتقاص
    قد يريده الكاتب من لغة القرآن الكريم ولا أحسبه كذلك

    خطر ببالي هذه الكلمات:


    إذا خسرنا الحرب لا غرابة
    لأننا ندخلها..
    بكل ما يملك الشرقي من مواهب الخطابة
    بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة
    لأننا ندخلها..
    بمنطق الطبلة والربابة ,.
    .......

    نزار قباني

    الأستاذ الكريم خليل أشكرك على إدراج هذا المقال وننتظر بحثك القيم اللغة كمعيق للنهضة
    وشكرا لفكرك المنير في سماء الواحة
    ـــــــــــــــــ
    اقرؤوني فكراً لا حرفاً...

  8. #8
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فريد البيدق مشاهدة المشاركة
    ( مقاربة فكرة )
    تتميز اللغة العربية بأنها بناء متعدد من العلوم، وتتميز هذه العلوم بأنها متراتبة متراكبة، ويؤدي هذا التراتب وهذا التراكب إلى التداخل. ما معنى التداخل؟ معناه: أن معطيات العلم الأسبق وحقائقه تدخل في تكوين العلم الألحق؛ فـ"علم الأصوات" بقسميه (الفوناتيك – الفونولوجي) يدخل في "علم الصرف". "علم الأصوات" الذي يتركز حول "الصوت" مخرجًا وصفة، مفردًا ومركبًا -يشارك في بناء "علم الصرف". والجدير بالانتباه أن أجدادنا العظام وظفوا معطيات هذا العلم في العلم الذي ينظم قراءة القرآن الكريم "علم التجويد"، وتوصلوا في هذا العلم اعتمادًاعلى التذوق "تذوق الأصوات لمعرفة مخرجها وصفاتها" -إلى ما يثبته العلم الحديث بآلاته ومعامله.
    لقراءة المقال كاملا
    https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ad.php?t=27173

المواضيع المتشابهه

  1. صام الكلام عن الكلام
    بواسطة الشاعراحمد القدومي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 05-01-2014, 12:29 AM
  2. رويدك مازن أخا كريما ..تعزية للأخ الشاعر د مازن لبابيدي بوفاة والده
    بواسطة جهاد إبراهيم درويش في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 10-10-2010, 11:48 PM
  3. وقليل الكلام خير الكلام
    بواسطة صابر ربحي ابو سنينة في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 05-08-2010, 08:13 PM
  4. الإعلام والأوهام مقالة للاستاذ مازن صالحي
    بواسطة خليل حلاوجي في المنتدى الإِعْلامُ والتَّعلِيمُ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 27-03-2008, 03:14 PM
  5. صباح الخير (74) لغة القوة ام لغة النجاح؟
    بواسطة ريمة الخاني في المنتدى النَادِى التَّرْبَوِي الاجْتِمَاعِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-03-2007, 09:13 AM