أحدث المشاركات
صفحة 4 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 40 من 41

الموضوع: هل يجوز الخروج على الحاكم ..

  1. #31
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    أهلاً بالأخ الحبيب واصف

    سأعود لاحقاً بإذن الله تعالى في مناقشة هادئة جداً



    تحياتي ومودتي ..









    لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

  2. #32
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    الأخ الحبيب واصف عميره
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أقول لك أخي الكريم بأني لست إخوانياً ولا سلفياً ولا قطبياً ولا صوفياً ولا تحريرياً ولا تبليغياً .. إنني وبحمد الله ومنته مسلم ..
    ( مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا )
    وعندما كتبت هذا الموضوع لم أرجع إلا للموافقات للشاطبي لأقتبس منه عبارة ..
    ولم أنتمي أبداً لأي حزب ولا جماعة ولا جمعية ..
    أقول هذا لأننا لا زلنا لم نتخلص من عقلية التصنيف ..
    إنني يا أخي باحث ، أبحث وأنقّب ، ولا يهمني إن جاءت نتيجة بحثي موافقة لما هو عليه الإخوان أو السلفية أو الصوفية !

    قلت :
    ( أقول في الحقيقة ترددت كثيرا قبل الرد على الكاتب إلا أنني قررت أن أرد عليه لأنني ألفيت أنه يحمل من الجهل بشرع الله حمولةً جمَّة )


    ولم التردد أخي ، فأنا هنا لأتعلم ، ولا أدعي القول الفصل ، بل أنا شاكرٌ لكل من يبهني إلى أخطائي ..

    قلت :
    ( تخيل أيها القارئ الكريم يتهم علماء أهل السُنة السلفيين بأنهم يبترون النصوص لمصالحهم الشخصية وأنهم جردوها من معناها الحقيقي والأسباب التي نزلت من أجلها فهم عنده لصوص ، محتالون ولا حول ولا قوة إلا بالله، والأدهى من ذلك أنهم عنده قد ضلوا وأضلوا وهم على مسلك خطير تخيل ؟؟؟؟؟!!!! )


    لو تأملت ما قلتُه قليلاً ، لرأيت أني لم أتهم ( السلفيين ) والذين ( يحرمون الخروج على الحاكم )
    بل قلت : إن أصحاب ( الرأيين ) ، أي الذي يجيز والذي لا يجيز ..
    فلا أدري لماذا أُقحمت السلفية هنا ؟
    ومن السلفية من أجاز الخروج ، بل وشارك في الثورة وإسقاط الحاكم !

    السؤال المطروح هنا :
    إذا كان هناك حاكم لا يحفظ للناس دينهم ، ولا نفوسهم ، ولا أموالهم ، ولا عقولهم ، ولا أعراضهم ..
    هل يجوز خلعه أم لا ؟



    تحياتي ومحبتي ..












    التعديل الأخير تم بواسطة بهجت عبدالغني ; 02-06-2013 الساعة 12:14 PM

  3. #33
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ، وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعٌ فَاسْمَعُوا لَهُ، وَأَطِيعُوا مَا أَقَامَ لَكُمْ كِتَابَ اللَّه ) .
    رواه الترمذي في سننه ، وهو حديث حسن صحيح .

    شرط الطاعة :
    ما أقام لكم كتاب الله ..
    فهل أقام لنا الحكام كتاب الله .

    ثم ماذا قال علماؤنا في الخروج على الحاكم الفاسق ؟
    لنقرأ ..

    يقول الإمام ابن حجر العسقلاني في ( فتح الباري شرح صحيح البخاري ) :
    ( ونقل ابن التين عن الدَّاودِيّ: الَّذِي عَلَيْهِ الْعلمَاء فِي أُمَرَاء الْجور أَنه إِن قدر على خلعه بِغَيْر فتْنَة وَلَا ظلم وَجب، وإلاَّ فَالْوَاجِب الصَّبْر ) .

    ويقول :
    ( وَعَن بَعضهم: لَا يجوز عقد الْولَايَة لفَاسِق ابْتِدَاء، فَإِن أحدث جوراً بعد أَن كَانَ عدلا اخْتلفُوا فِي جَوَاز الْخُرُوج عَلَيْهِ، وَالصَّحِيح الْمَنْع إلاَّ أَن يكفر فَيجب الْخُرُوج عَلَيْهِ ) .

    تأمل .. هناك خلاف ..

    ويقول في ( تهذيب التهذيب ) :
    ( وقولهم كان يرى السيف يعني كان يرى الخروج بالسيف على أئمة الجور وهذا مذهب للسلف قديم لكن أستقر الأمر على ترك ذلك لما رأوه قد أفضى إلى أشد منه ) .

    تأمل .. كان الخروج مذهب السلف ..
    ويقول الإمام ابن حزم الأندلسي في كتابه ( الملل والنحل ) :
    ( فكل قرشي بالغ عاقل بادر إثر موت الإمام الذي لم يعهد إلى أحد فبايعه واحد فصاعداً فهو الإمام الواجب طاعته ما قادنا بكتاب الله تعالى وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمر الكتاب باتباعها فإن زاغ عن شيء منهما منع من ذلك أو أقيم عليه الحد والحق فإن لم يؤمن أذاه إلا بخلعه خلع وولي غيره ) .

    تأمل .. واجب الطاعة ما قادنا بكتاب الله ..
    فهل حكامنا يقودوننا بكتاب الله ؟

    ويقول في ( مراتب الاجماع ) :
    ( وَرَأَيْت لبَعض من ينْسب نَفسه للامامة وَالْكَلَام فِي الدَّين وَنصب لذَلِك طوائفه من الْمُسلمين فصولا ذكر فِيهَا الإجماع فأتى بِكَلَام لَو سكت عَنهُ لَكَانَ أسلم لَهُ فِي أخراه بل الخرس كَانَ اسْلَمْ لَهُ وَهُوَ ابْن مُجَاهِد البصرى الطَّائِي لَا الْمُقْرِئ فانه أَتَى فِيمَا ادّعى فِيهِ الإجماع أَنهم أَجمعُوا على ان لَا يخرج على أَئِمَّة الْجور فاستعظمت ذَلِك ولعمري انه عَظِيم ان يكون قد علم ان مُخَالف الإجماع كَافِر فيلقي هَذَا إلى النَّاس وَقد علم أَن افاضل الصَّحَابَة وَبَقِيَّة النَّاس يوم الْحرَّة خَرجُوا على يزِيد بن مُعَاوِيَة وَأَن ابْن الزبير وَمن اتبعهُ من خِيَار الْمُسلمين خَرجُوا عَلَيْهِ أَيْضا رَضِي الله عَن الخارجين عَلَيْهِ وَلعن قَتلتهمْ وَأَن الْحسن الْبَصْرِيّ وأكابر التَّابِعين خَرجُوا على الْحجَّاج بسيوفهم أَتَرَى هَؤُلَاءِ كفرُوا بل وَالله من كفرهم أَحَق بالْكفْر مِنْهُم ولعمري لَو كَانَ اخْتِلَافا يخفى لعذرناه وَلكنه أَمر مَشْهُور يعرفهُ أَكثر الْعَوام فِي الأسواق والمخدرات فِي خُدُورهنَّ لاشتهاره ) .

    تأمل .. يقول ابن حزم أن خروج بعض السلف أمر مشهور تعلمه حتى المخدرات في خدورهنّ !

    يقول الإمام القرطبي في تفسيره :
    ( الثالثة عشر: الْإِمَامُ إِذَا نُصِّبَ ثُمَّ فَسَقَ بَعْدَ انْبِرَامِ الْعَقْدِ فَقَالَ الْجُمْهُورُ: إِنَّهُ تَنْفَسِخُ إِمَامَتُهُ وَيُخْلَعُ بِالْفِسْقِ الظَّاهِرِ الْمَعْلُومِ، لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْإِمَامَ إِنَّمَا يُقَامُ لِإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَاسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ وَحِفْظِ أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ وَالْمَجَانِينِ وَالنَّظَرِ فِي أُمُورِهِمْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَمَا فِيهِ مِنَ الْفِسْقِ يُقْعِدُهُ عَنِ الْقِيَامِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ وَالنُّهُوضِ بِهَا. فَلَوْ جَوَّزْنَا أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا أَدَّى إِلَى إِبْطَالِ مَا أُقِيمَ لِأَجْلِهِ، أَلَا تَرَى فِي الِابْتِدَاءِ إِنَّمَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْقَدَ لِلْفَاسِقِ لِأَجْلِ أَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى إِبْطَالِ مَا أُقِيمَ لَهُ، وَكَذَلِكَ هَذَا مِثْلُهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَنْخَلِعُ إِلَّا بِالْكُفْرِ أَوْ بِتَرْكِ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ أَوِ التَّرْكِ إِلَى دُعَائِهَا أو شي مِنَ الشَّرِيعَةِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ: (وَأَلَّا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فيه برهان ) ) .

    تأمل .. ما قلناه بأن الحاكم لا بدّ أن يحافظ مقاصد الشريعة ليست بدعة أتيناها من عندنا ، فها هو القرطبي يذكر ذلك .. لإقامة الحدود .. حفظ أموال الأيتام .. النظر في أمورهم ..
    فإذا لم يقم الحاكم بما عليه فما فائدة بقائه ؟

    ويقول الجصاص في ( أحكام القرآن ) :
    ( ومن الناس من يظن أن مذهب أبى حنيفة تجويز إمامة الفاسق وخلافته وأنه يفرق بينه وبين الحاكم فلا يجيز حكمه وذكر ذلك عن بعض المتكلمين وهو المسمى زرقان وقد كذب في ذلك وقال بالباطل وليس هو أيضا ممن تقبل حكايته ولا فرق عند أبى حنيفة بين القاضي وبين الخليفة في أن شرط كل واحد منهما العدالة وأن الفاسق لا يكون خليفة ولا يكون حاكما كما لا تقبل شهادته ولا خبره لو روى خبرا عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم وكيف يكون خليفة وروايته غير مقبولة وأحكامه غير نافذة وكيف يجوز أن يدعى ذلك على أبى حنيفة وقد أكرهه ابن هبيرة في أيام بنى أمية على القضاء وضربه فامتنع من ذلك وحبس فلج ابن هبيرة وجعل يضربه كل يوم أسواطا فلما خيف عليه قال له الفقهاء فتول شيئا من أعماله أى شيء كان حتى يزول عنك هذا الضرب فتولى له عد أحمال التبن الذي يدخل فخلاه ثم دعاه المنصور إلى مثل ذلك فأبى فحبسه حتى عدله اللبن الذي كان يضرب لسور مدينة بغداد وكان مذهبه مشهورا في قتال الظلمة وأئمة الجور ولذلك قال الأوزاعي احتملنا أبا حنيفة على كل شيء حتى جاءنا بالسيف يعنى قتال الظلمة فلم نحتمله ) .

    الإمام أبو حنيفة يرى الخروج على الحاكم الفاسق والظالم ..
    فهل أبو حنيفة جاهل بشرع الله تعالى ؟

    ويقول أيضاً :
    ( ( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) أَنَّهُ النُّبُوَّةَ وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الظَّالِمَ لَا يَكُونُ إمَامًا وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِعَهْدِ الظَّالِمِ فَإِذَا عَقَدَ عَلَيْك فِي ظُلْمٍ فَانْقُضْهُ وَقَالَ الْحَسَنُ لَيْسَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ يُعْطِيهِمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فِي الْآخِرَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ جَمِيعُ مَا رُوِيَ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي يَحْتَمِلُهُ اللفظ وجائز أن يكون جميعه مراد الله تَعَالَى وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَنَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الظَّالِمُ نَبِيًّا وَلَا خَلِيفَةً لِنَبِيٍّ وَلَا قَاضِيًا وَلَا مَنْ يَلْزَمُ النَّاسَ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي أُمُورِ الدِّينِ مِنْ مُفْتٍ أَوْ شَاهِدٍ أَوْ مُخْبِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرًا فَقَدْ أَفَادَتْ الْآيَةُ أَنَّ شَرْطَ جَمِيعِ مَنْ كَانَ فِي مَحَلِّ الِائْتِمَامِ بِهِ فِي أَمْرِ الدِّينِ الْعَدَالَةُ وَالصَّلَاحُ ....... فَثَبَتَ بِدَلَالَةِ هَذِهِ الْآيَةِ بُطْلَانُ إمَامَةِ الْفَاسِقِ وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ خَلِيفَةً وَأَنَّ مَنْ نَصَّبَ نَفْسَهُ فِي هَذَا الْمَنْصِبِ وَهُوَ فَاسِقٌ لَمْ يَلْزَمْ النَّاسَ اتباعه ولا طاعته وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ) ، وَدَلَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَكُونُ حَاكِمًا وَأَنَّ أَحْكَامَهُ لَا تَنْفُذُ إذَا وَلِيَ الْحُكْمَ وَكَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَا خَبَرُهُ إذَا أَخْبَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا فُتْيَاهُ إذَا كَانَ مُفْتِيًا ) .

    ويقول أبو حنيفة رحمه الله :
    ( وَأَيَّمَا إِمَامٍ غَلَّ فَيْئًا أَوْ جَارَ فِي حُكْمٍ، بَطُلَتْ إِمَامَتُهُ وَلَمْ يَجُزْ حُكْمُهُ )
    من كتاب : مناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه للذهبي .

    تأمل .. غلّ فيئاً .. جار في حكم .. بطلت إمامته ..
    فما بالك بمن عطل الشرع ووالى أعداء الله ودمر شعبه !

    ويعدد الماوردي في ( الأحكام السلطانية ) الأمور الواجبة التي لا بدّ للخليفة أن يقوم بها ، يقول :
    وَاَلَّذِي يَلْزَمُهُ مِنَ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ:
    أَحَدُهَا: حِفْظُ الدِّينِ عَلَى أُصُولِهِ الْمُسْتَقِرَّةِ، وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ .
    الثَّانِي: تَنْفِيذُ الْأَحْكَامِ بَيْنَ الْمُتَشَاجِرِينَ، وَقَطْعُ الْخِصَامِ بَيْنَ الْمُتَنَازِعِينَ حَتَّى تَعُمَّ النَّصَفَةُ، فَلَا يَتَعَدَّى ظَالِمٌ، وَلَا يَضْعُفُ مَظْلُومٌ.
    الثَّالِثُ: حِمَايَةُ الْبَيْضَةِ وَالذَّبُّ عَنِ الْحَرِيمِ؛ لِيَتَصَرَّفَ النَّاسُ فِي الْمَعَايِشِ، وَيَنْتَشِرُوا فِي الْأَسْفَارِ آمِنِينَ مِنْ تَغْرِيرٍ بِنَفْسٍ أَوْ مَالٍ.
    وَالرَّابِعُ: إقَامَةُ الْحُدُودِ؛ لِتُصَانَ مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى عَن الِانْتِهَاكِ، وَتُحْفَظَ حُقُوقُ عِبَادِهِ مِنْ إتْلَافٍ وَاسْتِهْلَاكٍ.
    وَالْخَامِسُ: تَحْصِينُ الثُّغُورِ بِالْعُدَّةِ الْمَانِعَةِ وَالْقُوَّةِ الدَّافِعَةِ حَتَّى لَا تَظْفَرَ الْأَعْدَاءُ بِغِرَّةٍ يَنْتَهِكُونَ فِيهَا مُحَرَّمًا، أَوْ يَسْفِكُونَ فِيهَا لِمُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهَدٍ دَمًا.
    وَالسَّادِسُ: جِهَادُ مَنْ عَانَدَ الْإِسْلَامَ بَعْدَ الدَّعْوَةِ حَتَّى يُسْلِمَ أَوْ يَدْخُلَ فِي الذِّمَّةِ؛ لِيُقَامَ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي إظْهَارِهِ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ.
    وَالسَّابِعُ: جِبَايَةُ الْفَيْءِ وَالصَّدَقَاتِ عَلَى مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ نَصًّا وَاجْتِهَادًا مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا عَسْفٍ.
    وَالثَّامِنُ: تَقْدِيرُ الْعَطَايَا وَمَا يَسْتَحِقُّ فِي بَيْتِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ وَلَا تَقْتِيرٍ، وَدَفْعُهُ فِي وَقْتٍ لَا تَقْدِيمَ فِيهِ وَلَا تَأْخِيرَ.
    التَّاسِعُ: اسْتِكْفَاءُ الْأُمَنَاءِ وَتَقْلِيدُ النُّصَحَاءِ فِيمَا يُفَوَّضُ إلَيْهِمْ مِنَ الْأَعْمَالِ وَيَكِلُهُ إلَيْهِمْ مِنَ الْأَمْوَالِ؛ لِتَكُونَ الْأَعْمَالُ بِالْكَفَاءَةِ مَضْبُوطَةً، وَالْأَمْوَالُ بِالْأُمَنَاءِ مَحْفُوظَةً.
    الْعَاشِرُ: أَنْ يُبَاشِرَ بِنَفْسِهِ مُشَارَفَةَ الْأُمُورِ، وَتَصَفُّحَ الْأَحْوَالِ؛ لِيَنْهَضَ بِسِيَاسَةِ الْأُمَّةِ وَحِرَاسَةِ الْمِلَّةِ، وَلَا يُعَوِّلُ عَلَى التَّفْوِيضِ تَشَاغُلًا بِلَذَّةٍ أَوْ عِبَادَةٍ، فَقَدْ يَخُونُ الْأَمِينُ وَيَغُشُّ .

    ثم يقول :
    وَإِذَا قَامَ الْإِمَامُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حُقُوقِ الْأُمَّةِ، فَقَدْ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ، وَوَجَبَ لَهُ عَلَيْهِمْ حَقَّانِ: الطَّاعَةُ وَالنُّصْرَةُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ.
    وَاَلَّذِي يَتَغَيَّرُ بِهِ حَالُهُ فَيَخْرُجُ بِهِ عَنِ الْإِمَامَةِ شَيْئَانِ:
    أَحَدُهُمَا: جَرْحٌ فِي عَدَالَتِهِ.
    وَالثَّانِي: نَقْصٌ فِي بَدَنِهِ، فَأَمَّا الْجَرْحُ فِي عَدَالَتِهِ وَهُوَ الْفِسْقُ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
    أَحَدُهُمَا: مَا تَابَعَ فِيهِ الشَّهْوَةَ.
    وَالثَّانِي: مَا تَعَلَّقَ فِيهِ بِشُبْهَةٍ، فَأَمَّا الْأَوَّلُ مِنْهُمَا فَمُتَعَلِّقٌ بِأَفْعَالِ الْجَوَارِحِ، وَهُوَ ارْتِكَابُهُ لِلْمَحْظُورَاتِ، وَإِقْدَامُهُ عَلَى الْمُنْكَرَاتِ تَحْكِيمًا لِلشَّهْوَةِ وَانْقِيَادًا لِلْهَوَى، فَهَذَا فِسْقٌ يَمْنَعُ مِنِ انْعِقَادِ الْإِمَامَةِ وَمِنِ اسْتِدَامَتِهَا، فَإِذَا طَرَأَ عَلَى مَنِ انْعَقَدَتْ إمَامَتُهُ خَرَجَ مِنْهَا، فَلَوْ عَادَ إلَى الْعَدَالَةِ لَمْ يَعُدْ إلَى الْإِمَامَةِ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ.

    تأمل .. ( فَهَذَا فِسْقٌ يَمْنَعُ مِنِ انْعِقَادِ الْإِمَامَةِ وَمِنِ اسْتِدَامَتِهَا، فَإِذَا طَرَأَ عَلَى مَنِ انْعَقَدَتْ إمَامَتُهُ خَرَجَ مِنْهَا، فَلَوْ عَادَ إلَى الْعَدَالَةِ لَمْ يَعُدْ إلَى الْإِمَامَةِ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ ) .

    ولنقف عند قوله ( إلا بعقد جديد )
    أي الإمامة عقد بين طرفين .. الإمام من جهة والشعب من جهة أخرى ..
    فماذا يفعل الشعب لو أخل الإمام بشروط العقد ؟

    يقول الشيخ محمد رشيد رضا في كتاب ( الخلافة ) :
    ( قد تقدم التحقيق في المسألة ونصوص المحققين فيها؛ وملخصه أن أهل الحل والعقد يجب عليهم مقاومة الظلم والجور والإنكار على أهله بالفعل وإزالة سلطانهم الجائر ولو بالقتال إذا ثبت عندهم أن المصلحة في ذلك هي الراجحة والمفسدة هي المرجوحة ) .


    ـ خرج الإمام الحسين بن علي رضي الله عنه على يزيد بن معاوية ، ولم يكفره ، بل خرج حفاظاً على ( مبدأ الحرية ، ودفاعاً عن أصل الشورى ، وإعطاء الناس فرصة اختيار الخليفة عن طريق الشورى ، حتى يختاروا أصلحهم ، ولكن عندما انقلب أمر الحكم من الشورى إلى الملك الوراثي ، لم يسكت ، كيف وقد تمّ الإخلال بأحد شروط صلح الحسن مع معاوية وهو أن يكون الأمر من بعد معاوية شورى بين المسلمين ؟ ) . موسوعة الحسن والحسين ، السيد حسن الحسيني ، ص309 ـ 310 .

    خرج لأن معاوية رضي الله عنه لم يلتزم ( بشرط واحد ) ، وهو جعل الأمر من بعده شورى ..
    فكيف نقيّم موقف الحسين ؟
    هل سنتهمه بالبدعة أيضاً ـ حاشاه ـ لأنه خرج على حاكم مسلم ، لأنه وصل إلى الحكم عن طريق الوراثة وليس الشورى ؟
    ألم يكن الحسين يعلم حديث جده صلى الله عليه وسلم ( إلا أن تروا كفراً بواحاً ) ؟
    ألم يكن يعلم حديث جده صلى الله عليه وسلم ( من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) ؟

    ـ خرج عبدالله بن حنظلة رضي الله عنه على يزيد بن معاوية فكانت واقعة الحرة .. وخرج عبدالله بن الزبير وطلب البيعة لنفسه .. وخرج عبد الرحمن بن الأشعث وسعيد بن جبير على الحجاج .

    فهل اتهم أحدٌ هؤلاء بأنهم ضالون مبتدعون .. لا يفقهون شرع الله ودينه ؟

    ولذلك قلت سابقاً :
    أننا نحتاج إلى دراسة شاملة في السياسة الشرعية ، نرجع فيها الجزئيات إلى الكليات والفروع إلى الأصول ، دون ممارسة القراءات الجزئية للنصوص واستقطاعها من أجل دعم الرأي والمذهب !

    فلا نستعجل في الحكم على الآخرين ..




    والله أعلم وأعظم وأجلّ ..




    تحياتي ودعائي ..













  4. #34
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    علينا أن نتخلص من آثار ثقافة تعتمد الآتي :

    1- الاعتراض على الحاكم اعتراض على منصب شرعي ..

    2- الحاكم بيده بيت المال يهب لمن شاء ويمنع عمن يشاء ..

    3- الشوكة مصدر السلطة .. التي تؤدي إلى الاستقرار ..

    4- إن أصاب الحاكم فله أجر ... وإن خطأ الحاكم : له أجران

    5- السيف له الفصل طوعًا وكرهًا ..

    6- شرعة المتغلب ... شرعية .

    7- الغدر في السياسة ليس من كبائر الشريعة ..

    /

    لله درك أستاذ بهجت .. أي مركب اخترت لتبحر بنا إلى النجاة ..
    الإنسان : موقف

  5. #35
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    أستاذنا العزيز خليل
    كل نقطة من النقاط التي ذكرتها تصلح أن تكون بحثاً مستقلاً ..
    فأين طلاب الشريعة من بكالوريوس وماجستير ودكتوراه ؟

    مفاهيم خاطئة في السياسة الشرعية ، منها ما ذكرت :
    ـ الاعتراض على الحاكم اعتراض على منصب شرعي .
    بينما يقول الصديق رضي الله عنه في أول خطبة له بعدما استلم منصب الخلافة :
    ( فَإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي وَإِنْ أَسَأْتُ فَقَوِّمُونِي ... أَطِيعُونِي مَا أَطَعْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِذَا عَصَيْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلَا طَاعَةَ لِي عَلَيْكُمْ )

    ـ الحاكم بيده بيت المال يهب لمن شاء ويمنع عمن يشاء ..
    بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة ولي اليتيم إن احتجت أخذت منه، فإذا أيسرت رددته، وإن استغنيت استعففت ..

    ـ إن أصاب الحاكم فله أجر ... وإن خطأ الحاكم : له أجران .
    قالوا ذلك لأن من شرط الحاكم أن يكون ( مجتهداً ) ! فلنتأمل !

    ـ شرعة المتغلب ... شرعية ..
    فإذا كان العلماء قديماً تعاملوا مع ( إمامة المتغلب ) من باب أنها من النوازل ، فأفتوى فيها بترجيح المصالح والمفاسد ..
    فهل بذلك ستصبح ( إمامة المتغلب ) شرعاً وديناً ، وتختفي الشورى التي هي أصل أصيل وقاعدة قرآنية ونبوية بامتياز ؟



    محبتي وتقديري ..











  6. #36
    الصورة الرمزية واصف عميره قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2011
    الدولة : أغرق في يَمِّ الحُزن
    المشاركات : 381
    المواضيع : 17
    الردود : 381
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بهجت الرشيد مشاهدة المشاركة

    الأخ الحبيب واصف عميره
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أقول لك أخي الكريم بأني لست إخوانياً ولا سلفياً ولا قطبياً ولا صوفياً ولا تحريرياً ولا تبليغياً .. إنني وبحمد الله ومنته مسلم ..
    ( مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا )
    وعندما كتبت هذا الموضوع لم أرجع إلا للموافقات للشاطبي لأقتبس منه عبارة ..
    ولم أنتمي أبداً لأي حزب ولا جماعة ولا جمعية ..
    أقول هذا لأننا لا زلنا لم نتخلص من عقلية التصنيف ..
    إنني يا أخي باحث ، أبحث وأنقّب ، ولا يهمني إن جاءت نتيجة بحثي موافقة لما هو عليه الإخوان أو السلفية أو الصوفية !

    قلت :
    ( أقول في الحقيقة ترددت كثيرا قبل الرد على الكاتب إلا أنني قررت أن أرد عليه لأنني ألفيت أنه يحمل من الجهل بشرع الله حمولةً جمَّة )


    ولم التردد أخي ، فأنا هنا لأتعلم ، ولا أدعي القول الفصل ، بل أنا شاكرٌ لكل من يبهني إلى أخطائي ..

    قلت :
    ( تخيل أيها القارئ الكريم يتهم علماء أهل السُنة السلفيين بأنهم يبترون النصوص لمصالحهم الشخصية وأنهم جردوها من معناها الحقيقي والأسباب التي نزلت من أجلها فهم عنده لصوص ، محتالون ولا حول ولا قوة إلا بالله، والأدهى من ذلك أنهم عنده قد ضلوا وأضلوا وهم على مسلك خطير تخيل ؟؟؟؟؟!!!! )


    لو تأملت ما قلتُه قليلاً ، لرأيت أني لم أتهم ( السلفيين ) والذين ( يحرمون الخروج على الحاكم )
    بل قلت : إن أصحاب ( الرأيين ) ، أي الذي يجيز والذي لا يجيز ..
    فلا أدري لماذا أُقحمت السلفية هنا ؟
    ومن السلفية من أجاز الخروج ، بل وشارك في الثورة وإسقاط الحاكم !

    السؤال المطروح هنا :
    إذا كان هناك حاكم لا يحفظ للناس دينهم ، ولا نفوسهم ، ولا أموالهم ، ولا عقولهم ، ولا أعراضهم ..
    هل يجوز خلعه أم لا ؟



    تحياتي ومحبتي ..












    بسم الله الرحمن الرحيم الذي سَمَكَ العُلا وَبِهِ أستعين

    أقول: حياك الله أخي الفاضل الباحث بهجت

    أعجبني أسلوبك الهادئ في الحوار ، وما كان ذلك ديدنًا لك ولا خُلةً في العهد القديم ؛ إلا أن أسلوبك هذا أسلوب نبوي بلى شك إن شاء الله ؛ وقد فتح شهيتي على إكمال الحوار معك مع أن الموضوع قد اكتمل بنقلي لك كلام أهل العلم فيه مع الأدلة من الكتاب والسُنة.


    إلا أن لي تعقيبًا قبل البدء

    أنت قلت أنا - أي أنت - باحثُ والباحثُ ليس من طُلاب العلم الشرعي ولا من أهله - إلا إذا كنت كذلك فأعلمني - فلا يُفتي هُوَ بنفسه لأنه ليس أهلا لذلك. ويكتفي بنقل أقوال أهل العلم مدعمة بأدلة الكتاب والسُنة فإن وجد قول بلا دليل شرعي يرتكز عليه فلا قيمة له ولا وزن عند أهل السُنة - والصوفية وغيرهم ممن ذكرت ليسوا بأهل سُنةٍ- حفظك الله.


    أقول لك أخي الكريم بأني لست إخوانياً ولا سلفياً ولا قطبياً ولا صوفياً ولا تحريرياً ولا تبليغياً .. إنني وبحمد الله ومنته مسلم ..
    ( مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا )

    والرافضة مُسلمون - هذا أحد الأقوال فيهم - فهل ترضى أن تكون منهم أو على عقيدتهم ؟!

    التصنيف هذا الذي انتقدت وأومأت إلى نبذه أصله ثابت وهو الآتي:

    قال عليه الصلاة والسلام :

    " افترقت اليهود على إحدى أواثنتين وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة . "
    203 السلسلة الصحيحة
    وهذا بحث لطيف حول هذا الحديث :

    جزء فيه ذكر من نصَّ على ثبوت حديث افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فِرقة
    الحمد لله الولي الحميد، الغفور الودود، والصلاة والسلام على رسوله المبعوث رحمة لسائر العبيد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الوعد والوعيد.
    أما بعد:
    فقد أخرج ابن ماجه ـ رحمه الله ـ في "سننه"(3993) عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ، إِلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ: الْجَمَاعَة )).
    وسيكون الكلام على هذا الحديث في أربع مسائل:
    المسألة الأولى / عن تخريجه.
    هذا الحديث قد أخرجه على اختلاف رواته من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، وألفاظهم:
    أحمد (12208و 16937و 12479و 8396) وأبو داود (4596) والترمذي (2640و 2641) وابن ماجه (3993و 3992و 3991) وابن أبي عاصم في "السنة"(2و64و65و69و71و45و63و70) وعبد الرزاق (18674) وابن أبي شيبة (37892 ) والبزار (2755و 6214) والحارث بن أبي أسامة كما في "بغية الباحث"( 706 ) والمروزي في "السنة"( 51 و 53 و 54 و 55 و56و57و58و60و61) وأبو يعلى (3938 و 4127و 3944و 5910و 6117و 5978و 3938) وعبد بن حميد في "المنتخب"( 148) والحاكم (444و 443و 445و 441و 10و 442و 3790و 6325و 8325) وابن حبان (6247و 6731) والطبراني في "الأوسط"( 7202 و 7840 ) وفي "الكبير"( 8035و 8053و 8054و 62و 3و 885و 3و 91و 129) والفسوي في " المعرفة والتاريخ "(3/387-388و2/381-382) والشاشي في "مسنده"( 772 ) والآجري في "الشريعة"( 23 و 24 و 26و27و28و21و23و 772و 111و 1860) وابن المقرئ في "معجمه"( 411) وابن بطة في "الإبانة الكبرى"( 264و 411و 263و 265و1و 267و 268و 271و 736و 266و 270و 275) واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد"( 146و 147و 145و 148و 150و 152و149) وابن وضاح في "البدع والنهي عنها"( 250) والبيهقي (20901و 16783) والخطيب البغدادي في " شرف أصحاب الحديث"(ص24) وفي "تاريخ بغداد"(15/419) وبحشل في "تاريخ واسط"(1/196وو235) وغيرهم.
    وممن رواه من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ:
    أبو هريرة وأنس بن مالك ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن عمرو بن العاص وسعد بن أبي وقاص وعوف بن مالك الأشجعي وعمرو بن عوف المزني وأبو أمامة وعبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله وأبو الدرداء وواثله بن الأسقع وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس.
    وبعض طرقه ثابتة، وبعضها ليست بثابتة.
    وقال عبد القاهر البغدادي ـ رحمه الله ـ في كتابه " الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية"(ص5):
    للحديث الوارد في افتراق الأمة أسانيد كثيرة، وقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة.اهـ
    المسألة الثانية / عن درجته، ومن نص من العلماء على ثبوته.
    هذا الحديث ثابت صحيح.
    بل نُقل عن جلال الدين السيوطي ـ رحمه الله ـ: أنه متواتر.
    فقال عبد الرؤوف المناوي ـ رحمه الله ـ في كتابه " فيض القدير شرح الجامع الصغير"( 1223):
    وعده المؤلف من المتواتر.اهـ
    وذكره الكتاني ـ رحمه الله ـ في كتابه "نظم المتناثر من الحديث المتواتر"(18).
    وقد نص على ثبوته جمع من أهل العلم، فدونكم ـ هُديتم إلى الرشد ـ الأسماء والمصادر والكلام:
    1- قال الترمذي ـ رحمه الله ـ في "سننه"(2640 ):
    حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.اهـ
    وقال أيضاً (2641) عن حديث عبد الله بن عمرو:
    هذا حديث حسن مفسَّر، لا نعرفه مثل هذا إلا من هذا الوجه.اهـ
    وقال المباركفوري ـ رحمه الله ـ في "تحفة الأحوذي"(2/334رقم:2779):
    فتحسين الترمذي له لاعتضاده بحديث الباب.اهـ
    2- قال الحاكم ـ رحمه الله ـ في "المستدرك"( 443) بعد أن أسنده من حديث أبي هريرة ومعاوية بن أبي سفيان:
    هذه أسانيد تقام بها الحجة في تصحيح هذا الحديث.اهـ
    ووافقه الذهبي.
    وقال أيضاً (441) بعد حديث أبي هريرة:
    هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وله شواهد.اهـ
    ووافقه الذهبي.
    3- صححه ابن حبان ـ رحمه الله ـ في "صحيحه"(6247و 6731) من حديث أبي هريرة.
    وقال السيوطي ـ رحمه الله ـ في كتابه "الدرر المنتثرة"(484):
    حديث: (( تفترق الأمة على ثلاث وسبعين فرقة )) أخرجه أبو داود والترمذي والحاكم وابن حبان والبيهقي وصححوه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ وغيره.اهـ
    4- قال الجوزقاني ـ رحمه الله ـ في كتابه " الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير"( 283) حين ساقه من حديث أنس بن مالك:
    هذا حديث عزيز حسن مشهور، رواته كلهم ثقات أثبات كأنهم بدور وأقمار.اهـ
    5- قال البغوي ـ رحمه الله ـ في كتابه "شرح السنة"(1/213):
    وثبت عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن بني إسرائيل تفرَّقت ... )).اهـ
    6- أخرجه الضياء المقدسي ـ رحمه الله ـ في كتابه "الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما"( 16783و 2497و 2498و 2499و 2500).
    7- قال أبو بكر ابن العربي ـ رحمه الله ـ في كتابه "أحكام القرآن"(3/432):
    وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( افترقت اليهود والنصارى ... )).اهـ
    8- قال أبو إسحاق الشاطبي ـ رحمه الله ـ في كتابه "الاعتصام"(2/698):
    صح من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.اهـ
    9- صححه عبد الحق الإشبيلي ـ رحمه الله ـ في كتابه "الأحكام الشرعية الصغرى"(1/96).
    فقد ذكره فيها من حديث معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنهما ـ.
    وقد قال ـ رحمه الله ـ في المقدمة عن أحاديث كتابه هذا:
    وتخيَّرتها صحيحة الإسناد معروفة عند النقاد، قد نقلها الأثبات، وتداولها الثقات.اهـ
    10- قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كما في "مجموع الفتاوى"(3/345):
    الحديث صحيح مشهور في "السنن" و "المسانيد".اهـ
    وقال ـ رحمه الله ـ في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم"(1/137) عن حديث معاوية بن أبي سفيان:
    هذا حديث محفوظ.اهـ
    وقال أيضاً (1/135):
    وهذا الافتراق مشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة، وسعد، ومعاوية، وعمرو بن عوف، وغيرهم.اهـ
    11- قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في "تفسيره"(4/361):
    كما جاء في الحديث المروي في "المسانيد" و "السنن" من طرق يشد بعضها بعضاً : (( إن اليهود افترقت ... )).اهـ
    وقال ـ رحمه الله ـ في كتابه " البداية والنهاية "(19/37) عن حديث أنس بن مالك:
    وهذا إسناد جيد قوي على شرط الصحيح، تفرد به ابن ماجه.اهـ
    وقال أيضاً (19/36) عن حديث عوف بن مالك:
    وإسناده لا بأس به أيضاً.اهـ
    وقال أيضاً (19/38) عن حديث معاوية بن أبي سفيان:
    تفرد به أبو داود، وإسناده حسن.اهـ
    12- قال الذهبي ـ رحمه الله ـ في "تلخيصه على المستدرك"( 443) عقب حديث أبي هريرة ومعاوية بن أبي سفيان موافقاً للحاكم:
    هذه أسانيد تقوم بها الحجة.اهـ
    وقال أيضاً (441) عند حديث أبي هريرة موافقاً للحاكم:
    على شرط مسلم.اهـ
    13- قال زين الدين العراقي ـ رحمه الله ـ في كتابه "المغني عن حل الأسفار"(1/885رقم:3240):
    الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو، وحسنه: (( تفترق أمتي ... )) ولأبي داود من حديث معاوية وابن ماجه من حديث أنس وعوف بن مالك: (( وهي الجماعة )) وأسانيدها جياد.اهـ
    وقال المناوي ـ رحمه الله ـ في كتابه "فيض القدير"( 1223):
    وكذا الحاكم والبيهقي عن أبي هريرة، قال الزين العراقي: في أسانيده جياد.اهـ
    14- قال شرف الدين الطيبي في كتابه "الكاشف عن حقائق السنن"(1/370رقم:171-172):
    والرواية الصحيحة في "سنن أبي داود": (( وإن هذه الأمة ستفترق ... )).
    15- قال ابن حجر العسقلاني ـ رحمه الله ـ في كتابه "الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف"(ص63رقم:17):
    وعن معاوية: أخرجه أبو داود وأحمد والحاكم، وإسناده حسن.اهـ
    16- قال البوصيري ـ رحمه الله ـ في كتابه "مصباح الزجاجة" (1412) عقب حديث أبي هريرة:
    هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.اهـ
    17- قال السخاوي ـ رحمه الله ـ كما في "الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية"(2/569) عن حديث أنس عند ابن ماجه:
    ورجاله رجال الصحيح.اهـ
    وقال أيضاً (2/572) عن حديث عوف عند ابن ماجه:
    ورجاله موثقون.اهـ
    وقال أيضاً (2/574) عن حديث أبي أمامة عند الطبراني:
    ورواته موثقون.اهـ
    وقال الشوكاني ـ رحمه الله ـ في كتابه "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة"(78) عن السخاوي ـ رحمه الله ـ:
    قال في "المقاصد": حسن صحيح.اهـ
    والذي في "المقاصد الحسنة"(340) للسخاوي ـ رحمه الله ـ:
    أبو داود والترمذي، وقال حسن صحيح.اهـ
    وقال الألباني ـ رحمه الله ـ في "سلسلة الأحاديث الصحيحة"( 203):
    وممن وقع في هذا التقليد مع أنه كثير التنديد به العلامة الشوكاني فإنه أورده في "الفوائد المجموعة" بهذه الزيادة، وقال (502): " قال في "المقاصد": حسن صحيح، وروي عن أبي هريرة وسعد وابن عمر وأنس وجابر وغيرهم".
    وهذا منه تلخيص لكلام "المقاصد"، وإلا فليس هذا لفظه، ولا قال: حسن صحيح، وإنما هو قول الترمذي كما تقدم، وقد نقله السخاوي عنه وأقره، ولذلك استساغ الشوكاني جعله من كلامه، وهو جائز لا غبار عليه.اهـ
    18- قال جلال الدين السيوطي ـ رحمه الله ـ في كتابه "الجامع الصغير"(1223):
    عن أبي هريرة، ( صح ).اهـ
    وقال الأمير الصنعاني ـ رحمه الله ـ في كتابه "التنوير شرح الجامع الصغير"(1218):
    رمز المصنف لصحته.اهـ
    وقال المناوي ـ رحمه الله ـ في كتابه "فيض القدير شرح الجامع الصغير"( 1223):
    وعده المؤلف ـ يعني: السيوطي ـ من المتواتر.اهـ
    19- قال المناوي ـ رحمه الله ـ في كتابه "التيسير بشرح الجامع الصغير"(1/179):
    عن أبي هريرة بأسانيد جيدة.اهـ
    20- قال المقبلي ـ رحمه الله ـ في كتابه "العلم الشامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ"(ص 512):
    حديث افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة رواياته كثيرة يشد بعضها بعضاً بحيث لا يبقى ريبة في حاصل معناها.اهـ
    21- قال الأمير الصنعاني ـ رحمه الله ـ في "حديث افتراق الأمة إلى نيف وسبعين فرقة"(ص94-95):
    وهذا كله توفيق بين الأحاديث مبني على صحة قوله: (( كلها هالكة إلا فرقة ))، ولا شك أنه ثبت في كتب السُّنة كما سمعته.اهـ
    22- ابن العلقمي ـ رحمه الله ـ.
    فقد قال أحمد بن محمد الدهلوي المدني ـ رحمه الله ـ في كتابه "تاريخ أهل الحديث"(ص78):
    وقال العزيزي في "السراج المنير" نقلاً عن العلقمي: حسن صحيح.اهـ
    23- وقال سليمان بن سحمان ـ رحمه الله ـ في كتابه " الضياء الشارق في رد شبهات الماذق المارق"(ص565):
    وهم المعنيون بقوله في الحديث الصحيح: (( وستفترق أمتي ... )).اهـ
    وبنحوه في كتابه "كشف غياهب الظلام"(ص151).
    24- وقال أحمد بن محمد الدهلوي المدني ـ رحمه الله ـ في كتابه "تاريخ أهل الحديث"(ص78):
    رواه الحاكم بإسناد حسن، والترمذي قال: حسن صحيح، وأبو داود والنسائي وأحمد والبيهقي.اهـ
    وقال أيضاً (ص84) في شأن رجلٍ في أحد أسانيده:
    ويكفي هذان الوصفان في الراوي لصحة الحديث فيحتج به على المقصود، ويصح الاستدلال به، ويؤيده ما رواه ...اهـ
    وقال أيضاً (ص118):
    رواه الحاكم والترمذي وأبو داود والبيهقي، وقال الترمذي: حسن صحيح، كما تقدم تصحيحه.اهـ
    25- قال عبد العزيز ابن باز ـ رحمه الله ـ كما في "فتاوى نور على الدرب"(1/18):
    وداخلةٌ في الحديث الصحيح: (( ستفترق أمتي ... )).اهـ
    26- قال أحمد شاكر ـ رحمه الله ـ في تعليقه على "تفسير ابن جرير الطبري"( 7577) عند حديث أبي هريرة:
    وقال البوصيري في "زوائده": إسناده صحيح رجاله ثقات، وهو كما قال.اهـ
    27- قال عبيد الله المباركفوري ـ رحمه الله ـ في كتابه "مرعاة المفاتيح"(1/276رقم: 171):
    فالحديث لا ينحط عن درجة الحسن، بل هو صحيح.اهـ
    28- قال الألباني ـ رحمه الله ـ في كتابه "ظلال الجنة في تخريج السنة"(64):
    والحديث صحيح قطعاً، لأن له ست طرق عن أنس، وشواهد عن جمع من الصحابة.اهـ
    وتوسع في الكلام عليها في كتابه "سلسلة الأحاديث الصحيحة"( 204و 203و 1492).
    29- قال حمود التويجري ـ رحمه الله ـ في كتابيه "غربة الإسلام"(1/382) و "إتحاف الجماعة"(1/264) بعد أن ساقه من رواية عشرة من الصحابة، عند زيادة: (( من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي )):
    فإن قيل: إن هذ الحديث ضعيف، قيل قد تقدم ما يشهد له من حديث عبد الله بن عمرو وأنس ـ رضي الله عنهم ـ.اهـ
    30- قال ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ كما في "مجموع الفتاوى والرسائل"(1/37):
    أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه: (( أن اليهود افترقوا على إحدى وسبعين فرق ..)).اهـ
    31- قال مقبل بن هادي الوادعي ـ رحمه الله ـ في كتابه "الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين"(5/113) عقب حديث أبي هريرة:
    هذا حديث حسن.اهـ
    32- قال عبد المحسن العباد ـ سلمه الله ـ في كتابه "الانتصار لأهل السنة والحديث في رد أباطيل حسن المالكي"(ص103):
    وأما حديث افتراق الأمَّة إلى أكثر من سبعين فرقة، فقد جاء عن جماعة من الصحابة، منهم: معاوية ...، وقد حسَّنه الألباني في "السلسلة الصحيحة"(204)، وهو صحيح لشواهده التي جاءت عن أنس وعبد الله بن عمرو بن العاص وعوف بن مالك وأبي أمامة ـ رضي الله عنهم ـ.اهـ
    33- قال ربيع بن هادي المدخلي ـ سلمه الله ـ في كتابه "الانتصار لكتاب الله العزيز الجبار ولأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الأخيار رضي الله عنهم على أعدائهم الأشرار"(ص352-353):
    لأنهم الفرقة الناجية، كما جاء في الحديث المروي في المسانيد والسنن من طرق يشدّ بعضها بعضاً: (( إنّ اليهود افترقت على إحدى وسبعين فرقة، وإنّ النصارى افترقوا على اثنتين وسبعين فرقه، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة واحده، قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي )) رواه الحاكم في "مستدركه" بهذه الزيادة.اهـ
    تنبيهات:
    الأول: هذا الحديث نص على ثبوته أيضاً:
    أبو نعيم الأصفهاني ـ رحمه الله ـ.
    وقد دونته عندي منذ سنين مع أسماء من وقفت على تثبيتهم له، لكني نسيت الآن أين كتبت المرجع واللفظ، فلعل الله تعالى أن يَمن بتذكره فيما بعد أو يكرم بإرشاد أخ فاضل إليه، فألحقه مع من تقدم من أهل العلم.
    الثاني: قال ابن بهادر الزركشي ـ رحمه الله ـ في كتابه "اللآلي المنثورة في الأحاديث المشهورة"(ص216):
    أخرجه أبو داود وابن ماجة والترمذي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( افترقت اليهود ... )).
    وقال البيهقي: حسن صحيح.اهـ
    وقال العجلوني ـ رحمه الله ـ في كتابه "كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس"(1001):
    رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح، وأبو داود والحاكم وابن حبان والبيهقي وصححوه.اهـ
    وقال السيوطي ـ رحمه الله ـ في كتابه "الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة"(484):
    حديث: أخرجه أبو داود والترمذي والحاكم وابن حبان والبيهقي وصححوه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ وغيره.اهـ
    وقد يكون ذكر تصحيح البيهقي ـ رحمه الله ـ من الوهم، فيحتاج إلى مزيد تحرير.
    ووجدته ـ رحمه الله ـ قد قال في كتابه "الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد"(ص261):
    ويشبه أن يكون اختلاف هؤلاء وأمثالهم أريد بما رُوِّينا في حديث أبي هريرة، والذي يؤكده ما روي في حديث معاوية في هذا الحديث أنه قال: (( كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة )) وفي حديث عمرو بن عوف: (( إلا واحدة، الإسلام وجماعتهم )) وفي حديث عبد الله بن عمرو: (( إلا واحدة، ما أنا عليه وأصحابي )).اهـ
    وهذا قد يشعر بتقويته للحديث.
    وقد مرَّ بي هذا الحديث في كتابه "السنن الكبرى" و "دلائل النبوة" و "المدخل إلى السنن الكبرى" وغيرها فلم أجد له التصريح بالتصحيح.
    الثالث: قال الهيثمي ـ رحمه الله ـ في كتابه "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد"( 12096):
    وعن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( تفرقت بنو إسرائيل ... )).
    رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير" بنحوه، وفيه أبو غالب، وثقه ابن معين وغيره، وبقية رجال "الأوسط" ثقات، وكذلك أحد إسنادي "الكبير".اهـ
    وقال أيضاً (841):
    عن عوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( تفترق أمتي ... )).
    قلت: عند ابن ماجة طرف من أوله، رواه الطبراني في "الكبير" و "البزار"، ورجاله رجال الصحيح.اهـ
    الرابع: قال أبو العلا محمد المباركفوري ـ رحمه الله ـ في كتابه "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي"(7/333رقم:2788):
    ونقل المنذري تصحيح الترمذي، وأقره.اهـ
    المسألة الثالثة / عن منزلته.
    قال الحافظ أبو عبد الله الحاكم ـ رحمه الله ـ في كتابه "المستدرك على الصحيحين"(10):
    إنه حديث كبير في الأصول.اهـ
    ولهذا لا زال أئمة أهل السنة والحديث ـ رحمهم الله ـ يوردونه ويحتجون به في كتب السُّنة والاعتقاد، ويجعلونه أصلاً في التحذير من الفرق المنحرفة وأهلها، وبيان مجانبتهم للسنة، ومعرفة أهل الحق، وأنهم طائفة واحدة لا طوائف، وجماعة واحدة لا جماعات، وهم من كان على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ـ رضي الله عنهم ـ في الاعتقاد والقول والعمل.
    وبنى عليه كثير ممن صنف في الفِرَق كتابه، متحرياً الوصول إلى هذا العدد المُخْبَر به في هذا الحديث، مع بيان سبب خروج الفرق المنحرفة عن هدي الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة.
    و قال أبو العلا محمد المباركفوري ـ رحمه الله ـ في كتابه "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي"(7/333رقم:2788):
    قال العلقمي: قال شيخنا:
    ألَّفَ الامام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي في شرح هذا الحديث كتاباً.اهـ
    المسألة الرابعة / عن فوائده.
    قال أحمد بن محمد الدهلوي المدني ـ رحمه الله ـ في كتابه "تاريخ أهل الحديث"(ص78-79):
    والحديث نص في محل النِّزاع، فإنه يدل دلالة قطعية على ثلاثة أمور:
    الأول: أن الأمة الإسلامية بعد وفاته ـ عليه الصلاة والسلام ـ تختلف وتصبح ذات نِحَل وأراء متفرقة في الدين، بعد ما جاءت البينات الواضحات أنها كلها في النار، بسبب اختلافها في مسائل الدين بعد التنزيل من رب العالمين.
    الثاني: إلا ملة واحدة تكون ناجية بسبب اعتصامها بالكتاب والسنة، والعمل بهما بلا تأويل وتحريف.
    الثالث: عيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم الفِرقة الناجية منهم، وأنها واحدة موصوفة بصفات مخصوصة، بينها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، فلا تحتاج لتأويل وتفسير.
    فهذا الحديث عَلَم من أعلام النبوة، حيث وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم،وقد وجِد مصداقه من أزمنة كثيرة.اهـ
    وجمعه: عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.

    انتهى كلام الأخ الجُنيد

    أقول :فالسلفيون هم ما من كانو على ما كان عليه الصحابة والتابعين وتابعي التاعين ( القرون الثلاثة المفضلة) ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. والسلفية التي تبرأت منها ليست حزبا ولا جماعة بل منهج حياةٍ سددك الله.


    لو تأملت ما قلتُه قليلاً ، لرأيت أني لم أتهم ( السلفيين ) والذين ( يحرمون الخروج على الحاكم )


    هذا جهل منك أخي الحبيب وأنا قلت لك ، أن المسألة ليست في الخروج على الحاكم (بل الحاكم الفاسق وهذا لا يجوزه أهل السنة السلفيون لأن الرسول حرمه) ويجوزون الخروج على الكافر - الأصلي أو الذي ارتد إذا توافرت الشروط وانتفت الموانع وارجع إلى ردي السابق عليك).


    ومن السلفية من أجاز الخروج ، بل وشارك في الثورة وإسقاط الحاكم !

    من أجاز ممن ينتسبون إلى السلفية ( وكذبوا في ذلك) الخروج على الحاكم المسلم الفاسق ليسوا سلفيين ورد عليهم أهل العلم.


    إذا كان هناك حاكم لا يحفظ للناس دينهم ، ولا نفوسهم ، ولا أموالهم ، ولا عقولهم ، ولا أعراضهم ..
    هل يجوز خلعه أم لا ؟


    إن كان فاسقا لا يجوز وإن كان كافر - أو مرتدا عن الإسلام - يجوز بتوافر الشروط وانتفاء الموانع وارجع إلى ردي السابق عليك

  7. #37
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    وحياك أخي الكريم وبارك فيك ..

    ( أعجبني أسلوبك الهادئ في الحوار ، وما كان ذلك ديدنًا لك ولا خُلةً في العهد القديم ؛ إلا أن أسلوبك هذا أسلوب نبوي بلى شك إن شاء الله ؛ وقد فتح شهيتي على إكمال الحوار معك مع أن الموضوع قد اكتمل بنقلي لك كلام أهل العلم فيه مع الأدلة من الكتاب والسُنة ) .


    أما ما يخصّ أسلوبي ، فأقول ولله الحمد هو نفس الأسلوب الذي اعتمده في جميع حواراتي ونقاشاتي ، وليس ذلك تصنعاً مني ولا تكلفاً ، ولكنه طبعي وطريقتي .. فلا أدري أين كان أسلوبي غير هادئ في العهد القديم ؟

    ( إلا أن لي تعقيبًا قبل البدء
    أنت قلت أنا - أي أنت - باحثُ والباحثُ ليس من طُلاب العلم الشرعي ولا من أهله - إلا إذا كنت كذلك فأعلمني - فلا يُفتي هُوَ بنفسه لأنه ليس أهلا لذلك. ويكتفي بنقل أقوال أهل العلم مدعمة بأدلة الكتاب والسُنة فإن وجد قول بلا دليل شرعي يرتكز عليه فلا قيمة له ولا وزن عند أهل السُنة - والصوفية وغيرهم ممن ذكرت ليسوا بأهل سُنةٍ- حفظك الله ) .


    الباحث هو الذي يبحث ، وطالب العلم باحث أيضاً ..
    ثم نعم .. أنا طالب علم ولله الحمد ، ودرست الشريعة في كلية ( علوم القرآن والتربية الإسلامية ) ، وكتبت في أصول الفقه ، وسينشر لي بإذن الله تعالى كتاباً في أصول الفقه من مصر ، ولي بحث آخر مشترك في أصول الفقه أيضاً ..
    ونقلت إليك أفعال وأقوال أهل العلم ، فلم تقل لنا رأيك فيها ..


    ( أقول لك أخي الكريم بأني لست إخوانياً ولا سلفياً ولا قطبياً ولا صوفياً ولا تحريرياً ولا تبليغياً .. إنني وبحمد الله ومنته مسلم ..
    ( مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا )
    والرافضة مُسلمون - هذا أحد الأقوال فيهم - فهل ترضى أن تكون منهم أو على عقيدتهم ؟!
    أقول :فالسلفيون هم ما من كانو على ما كان عليه الصحابة والتابعين وتابعي التاعين ( القرون الثلاثة المفضلة) ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . والسلفية التي تبرأت منها ليست حزبا ولا جماعة بل منهج حياةٍ سددك الله ) .


    أنا مسلم آخذ ديني وعقيدتي من القرآن والسنة على فهم سلف الأمة ( مع أن عبارة " فهم سلف الأمة " تحتاج إلى تحرير وتفصيل ليس هذا مكانه ، لأنها تستخدم في غير محلها ) .
    لكني لا أتسمّى بأي اسم سوى الإسلام ، فالله تعالى لم يأمرنا أن نعبده بالسلفية ولا الاخوانية ولا الصوفية ... بل أمرنا أن نكون مسلمين واختاره لنا وسمّانا به ( ملةَ أبيكم إبراهيم هو سمّاكم المسلمين ) ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه ) ( حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين ) ..

    ( التصنيف هذا الذي انتقدت وأومأت إلى نبذه أصله ثابت وهو الآتي:
    قال عليه الصلاة والسلام :
    " افترقت اليهود على إحدى أواثنتين وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة . "
    203 السلسلة الصحيحة )


    نعم هناك فرق ظهرت ولا زالت تظهر ، تحمل أفكاراً منحرفة بعيدة عن الإسلام ...
    بينما التصنيف الذي رفضتُه ، هو وضع الناس في خانات بسبب رأي يميل إليه أو اجتهاد يأخذ به ، مثلاً لو أني بحثت في مسألة ودرستها ثم خرجت بنتائج ، وهذه النتائج تتفق مع السلفية ، فإذا بأحدهم يقول لي مباشرة أنت سلفي ، وإذا اتفقت النتائج مع آراء الإخوان ، قال لي أنت إخواني ، من غير أن ينظر في بحثي ولا دليلي ...


    ( لو تأملت ما قلتُه قليلاً ، لرأيت أني لم أتهم ( السلفيين ) والذين ( يحرمون الخروج على الحاكم )
    هذا جهل منك أخي الحبيب وأنا قلت لك ، أن المسألة ليست في الخروج على الحاكم (بل الحاكم الفاسق وهذا لا يجوزه أهل السنة السلفيون لأن الرسول حرمه) ويجوزون الخروج على الكافر - الأصلي أو الذي ارتد إذا توافرت الشروط وانتفت الموانع وارجع إلى ردي السابق عليك ) ) .


    صحيح يا أخي .. كان عليّ أن أقول ( الحاكم الفاسق ) ، لأن الخروج على الحاكم الكافر جائز بالإجماع ، ونحن كلامنا هنا عن الحاكم الفاسق ..


    ( من أجاز ممن ينتسبون إلى السلفية ) وكذبوا في ذلك) الخروج على الحاكم المسلم الفاسق ليسوا سلفيين ورد عليهم أهل العلم ) .

    كيف تُخرج هؤلاء من ( السلفية ) وابن حجر يقول في ( تهذيب التهذيب ) أن الخروج كان مذهب السلف ؟

    ثم ماذا تقول في إجازة أبو حنيفة الخروج على الحاكم الظالم ؟
    وماذا تقول في أقوال أهل العلم التي نقلناها في المداخلة الأخيرة والتي تقول بجواز الخروج على الحاكم الفاسق الظالم ؟

    وماذا تقول في كلام الماوردي والشروط التي يجب أن يلتزم بها الحاكم وإلا فيخلع ؟

    ثم ما رأيك في :

    ـ خروج الحسين بن علي رضي الله عنه على يزيد بن معاوية ، ولم يكفره ..

    ـ خروج عبدالله بن الزبير رضي الله عنه على عبدالملك بن مروان ، بل وكان يسمى بأمير المؤمنين ، ولم يكفر عبدالله عبدالملك ؟

    ـ خروج سعيد بن الجبير على الحجاج ؟


    ( إذا كان هناك حاكم لا يحفظ للناس دينهم ، ولا نفوسهم ، ولا أموالهم ، ولا عقولهم ، ولا أعراضهم ..
    هل يجوز خلعه أم لا ؟
    إن كان فاسقا لا يجوز وإن كان كافر - أو مرتدا عن الإسلام - يجوز بتوافر الشروط وانتفاء الموانع وارجع إلى ردي السابق عليك )



    فلماذا أنزل الله تعالى الشرائع إذن وبعث الرسل ؟

    ( وقد فتح شهيتي على إكمال الحوار معك مع أن الموضوع قد اكتمل بنقلي لك كلام أهل العلم فيه مع الأدلة من الكتاب والسُنة ) .

    أولاً : لا يوجد دليل في القرآن الكريم على عدم الخروج على الحاكم الفاسق ، بل القرآن الكريم في عمومه وكلياته يؤكد على محاربة الظلم والظالمين والمفسدين ، ويدعو إلى إقامة العدل في الأرض وتحكيم شرع الله تعالى وعدم التنازل عنه أو عن جزء منه ..

    ثانياً : الأحاديث الشريفة :
    هناك من الأحاديث التي سقتها لا تدخل في نطاق بحثنا .. كقوله صلى الله عليه وسلم ( مَنْ أَطَاعَنِى فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ يَعْصِنِى فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِى وَمَنْ يَعْصِ الأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِى ) .

    وهناك أحاديث يمكن حملها على الحالات الفردية أو الحالات التي يترتب على عدم السمع والطاعة فتنة أكبر دون تحقيق مصلحة معتبرة ، أو عندما يكون فسق الحاكم لا يصل إلى إهدار مقاصد الشريعة وتعطيلها ..
    ولذلك نرى الإمام الجويني يقول بعدما تكلم عن عدم جواز الخروج على الحاكم الفاسق ، بأن المقصود بالفسق هنا ما كان من النوادر ، لا ما إذا كان متتابعاً فاشياً ، يقول في ( الغياثي ) :
    (وهذا كله في بوادر الفسوق، فأما إذا تواصل منه العصيان، وفشا منه العدوان، وظهر الفساد وزال السداد، وتعطلت الحقوق والحدود، وارتفعت الصيانة، ووضحت الخيانة، واستجرأ الظلمة؛ ولم يجد المظلوم منتصفا ممن ظلمه، وتداعى الخلل والخطل إلى عظائم الأمور، وتعطيل الثغور، فلا بد من استدراك هذا الأمر المتفاقم ، وذلك أن الإمامة إنما تُعنى لنقيض هذه الحالة.
    فإذا أفضى الأمر إلى خلاف ما تقتضيه الزعامة والإيالة فيجب استدراكه لا محالة، وترك الناس سدى ملتطمين مقتحمين لا جامع لهم على الحق والباطل أجدى عليهم من تقريرهم على اتباع من هو عونُ الظالمين وملاذُ الغاشمين وموئلُ الهاجمين؛ ومعتصَم المارقين الناجمين، وإذا دُفع الخلق إلى ذلك، فقد اعتاصت المسالك، وأعضَلَت المدارك، فليتئد الناظر هنالك، وليعلم أن الأمر إذا استمر على الخبط والخبال، والاختلال، كان ذلك لصفة في المتصدي للإمرة، وتيك هي التي جرت منه هذه الفترة، ولا يرتضي هذه الحالةَ من نفسه ذو حصافة في العقل، ودوام التهافت والتفاوت في القول والفعل مُشْعِرٌ بركاكة الدين في الأصل؛ أو باضطراب الجِبِلَّة، وهو خبل، فإن أمكن استدراك ذلك، فالبدارَ البدارَ قبل أن تزول الأمور عن مراتبها وتميلَ عن مناصبها، وتميدَ خِطة الإسلام بمناكبها ) .

    ـ حديث ( إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ )

    قال النووي في شرحه لصحيح مسلم :
    ( وَالْمُرَادُ بِالْكُفْرِ هُنَا الْمَعَاصِي ... )

    ـ رواية مسلم التي فيها ( وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ )
    مرسل ..

    قال الدراقطني :
    ( وهذا عندي مرسل، أبو سلام لم يسمع من حذيفة ولا من نظرائه الذين نزلوا العراق لأن حذيفة توفي بعد قتل عثمان (رضي الله عنه) بليال، وقد قال فيه حذيفة فهذا يدل على إرساله ) .

    ثم كيف يقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظلم ؟

    بل ان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل من جاهد هؤلاء مؤمنين ، يقول صلى الله عليه وسلم ::
    ( مَا مِنْ نَبِىٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِى أُمَّةٍ قَبْلِى إِلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُون، وَيَفْعَلُونَ مَا لاَ يُؤْمَرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ ) . صحيح مسلم .

    قال ابن رجب في ( جامع العلوم والحكم ) في شرحه للحديث : ( وهذا يدل على جهاد الأمراء باليد ) .

    وأعود لأقول :
    ليس من الإنصاف ولا العدل أن نحكم على الآخرين بالبدعة والضلالة ، لأنهم يرون الخروج على هؤلاء الحكام الذين ظلموا وفسقوا وعطلوا شرع الله ووالوا أعداء الله تعالى ، وجعلوا من شعوبهم شعوباً متخلفة تعاني الاضطهاد والفقر والجوع ..
    وخاصة وإن القول بجواز الخروج على الفاسق قديم ، قال به العلماء قديماً وحديثاً ..

    قال القاضي عياض : ( لو طَرَأَ عليه كفرٌ ، أو تغييرٌ للشرع ، أو بدعةٌ ، خرج عن حكم الولاية ، وسقطت طاعته ، ووجب على المسلمين القيام عليه ، ونصب إمام عادل إِن أمكنهم ذلك ، فإن لَم يقع ذلك إلا لطائفة ، وجب عليهم القيام بخلع الكافر ، ولا يجب على المبتدع القيام إلا إذا ظنوا القدرةَ عليه ، فإن تحققوا العجز ، لَم يجب القيام ، وليهاجر المسلم عن أرضه إلى غيرها ، ويفر بدينه .. وقال بعضهم : يجب خلعه إلا أن يترتب عليه فتنةٌ وحرب ) ..
    شرح النووي على مسلم .

    بل إن ابن عطية الأندلسي يرى أن من لا يستشير أهل العلم .. فخلعه واجب ..
    يقول في تفسير ( المحرر الوجيز ) :
    ( وَالشُّورَى مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ وَعَزَائِمِ الْأَحْكَامِ، مَنْ لَا يَسْتَشِيرُ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالدِّينِ فَعَزْلُهُ وَاجِبٌ. هَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ ) .


    فتأمل أخي العزيز أقوال أهل العلم وكلامهم ..

    فالله تعالى لم ينزل هذا الدين من أجل الحكام حتى يعيشوا في رفاهية ، وتبقى الشعوب تحت الأقدام ، بل إنه تعالى أنزل الدين ليحفظ للناس مصالحهم الدنيوية والأخروية ، ويخلصهم من الاستبداد والطاغوت ، أياً كان اسمه أو شكله ..

    أخي الكريم ..
    عندما نقرأ القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، نراهما يؤكدان على إقامة العدل في الأرض والأخذ على يد الظالم ، والتمكين للمصلحين ومحاربة المفسدين والظالمين ، وأن الصلاح لا يكون إلا بتطبيق شرع الله تعالى ، وأخذه بالكلية في جميع شؤوننا وأحوالنا ..
    والنصوص الدالة على ذلك كثيرة تشكل كليات قاطعة لا تقبل الشك ..
    فإذا جاء بعض الأحاديث يأمر بالصبر والطاعة على الحكام إذا جاروا ، فلا بد من دراسة هذه الأحاديث وفق ظروفها وملابساتها وعللها ، فليس من المعقول أن يأمر الشرع بشيئين متناقضين !


    والله أعلم وأحكم وأعظم ..










  8. #38
    الصورة الرمزية واصف عميره قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2011
    الدولة : أغرق في يَمِّ الحُزن
    المشاركات : 381
    المواضيع : 17
    الردود : 381
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    لي عودة للتعليق أخي الفاضل

    والمعذرة على تأخري الغير مقصود

  9. #39
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    اتابع بشغف ... ودقة.

    وعيدكم مباركة أيامه ..




    تقديري للجميع ..

  10. #40
    الصورة الرمزية عبدالإله الزّاكي أديب
    تاريخ التسجيل : Dec 2012
    المشاركات : 1,514
    المواضيع : 68
    الردود : 1514
    المعدل اليومي : 0.36

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بهجت الرشيد
    هل يجوز الخروج على الحاكم ..


    سوف يذهب البعض إلى جواز الخروج ، ويستدل على مذهبه بنصوص صحيحة من كتاب وسنة وأقوال العلماء ..
    وسوف يذهب البعض الآخر إلى عدم الجواز ، ويستدل على مذهبه بنصوص صحيحة من كتاب وسنة وأقوال العلماء ..
    فتصيبنا الحيرة من جانب .. وعلى جانب آخر تظهر مسألة طالما تحدث عنها العلماء وهي مسألة تعارض النصوص ..
    فهل يمكن أن تتعارض نصوص الشريعة مع بعضها البعض ؟
    والله أعلم ..

    السلام عليك أخي الكريم بهجت،

    دائما ما كان يشغلني هذا السؤال دون أن أجد له جوابا شافيا، و اليوم مع هذه الأحداث المؤلمة في الشقيقة سوريا و مصر و تونس، أرى أنّه إذا جاء الحاكم عن طريق الصناديق و بطريقة شرعية فلا بد أن يُتّم ولايته و لا يجوز الخروج عليه إلاّ بطريقة شرعية عن طريق صناديق الإقتراع و أمّا إن كان الحاكم متسلّطا بغير وجه حق فيجوز الخروج عليه متى وجب ذلك و تهيئت الظروف.

صفحة 4 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. شروط الخروج على الحاكم عند الشيخ ابن عثيمن
    بواسطة ياسرحباب في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 04-01-2016, 11:38 PM
  2. الانقلاب على الحاكم فى القرآن
    بواسطة رضا البطاوى في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 21-10-2013, 04:38 PM
  3. لماذا لا يجوز ( عندنا ) الاحتفال بالمولد النبوي؟
    بواسطة فاطمه بنت السراة في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 10-04-2006, 05:37 PM
  4. قضية للنقاش : هل يجوز للمسلم أن يشارك في حكومة غير إسلامية ؟
    بواسطة عطية العمري في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 23
    آخر مشاركة: 27-11-2005, 09:15 AM
  5. طاعة الحاكم ، ام الخروج عنه؟
    بواسطة علي قسورة الإبراهيمي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 08-03-2005, 09:55 AM